كورونا يعاود الظهور مرة أخرى في إيران

رغم مرور أكثر من أربع سنوات على بدء جائحة كوفيد 19، المعروف بفيروس كورونا، تشير البيانات الصحية الأخيرة في إيران إلى عودة ملحوظة لانتشار فيروس كورونا، ولو بنطاق محدود، ما دفع الجهات الصحية إلى رفع درجة التحذير دون إعلان حالة طوارئ، وتأكيد مواصلة الإجراءات الوقائية، خاصة للفئات الأكثر عرضة للإصابة. وتأتي هذه التطورات في وقت كانت فيه البلاد قد شهدت استقرارا نسبيا في معدلات الإصابة، بالتزامن مع انحسار موسم الإنفلونزا.

مؤشرات ارتفاع الإصابة بكورونا

فوفق ما أعلنه الدكتور قباد مرادي، رئيس مركز إدارة الأمراض المعدية في وزارة الصحة الإيرانية، خلال تصريحات له الاثنين 12 مايو/أيار 2025، قال: “بحسب نظام الرصد التنفسي التابع لوزارة الصحة، فقد ارتفعت نسبة حالات الإصابة بفيروس كوفيد-19 بين مجمل حالات العدوى التنفسية بنسبة 2% خلال الأسبوعين الماضيين، لتصل إلى نحو 4% من مجموع الإصابات التنفسية”.

آمار کرونا در کشور در حال افزایش است

وأضاف مرادي أنه حتى الآن لم تكتشف سلالة جديدة من فيروس كورونا، والحالات الحالية ناتجة عن السلالات المعروفة سابقا، والتي لا تُعد خطيرة بدرجة تستدعي إعلان حالة طوارئ.

كما أوضح رئيس مركز إدارة الأمراض المعدية بوزارة الصحة أن أخذ العينات التنفسية يتم أسبوعيا من المرضى الخارجيين، مشيرا إلى أن نسبة النتائج الإيجابية لاختبارات كورونا ارتفعت من نحو 2.5% إلى 4%، في حين أن انتشار الإنفلونزا شهد تراجعا خلال الأسابيع الماضية، وتابع قائلا: “مع ارتفاع درجات الحرارة، تقل الظروف المناسبة لعيش وانتشار كثير من الفيروسات التنفسية مثل الإنفلونزا ونزلات البرد، لكن فيروس كورونا يُعد استثناء، إذ يمكنه الانتشار في درجات حرارة مختلفة”.

كما أكد مرادي أن السنوات الماضية شهدت أيضا زيادة في العدوى التنفسية خلال الفترة من أواخر مارس/آذار وحتى مايو/أيار، ومع ذلك فإن أرقام هذا العام، مقارنة بالعام الماضي، أقل فيما يخص كوفيد-19 والإنفلونزا، إلا أن الحذر لا يزال ضروريا.

واختتم قائلا: “ننصح الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة بتجنب التجمعات غير الضرورية أثناء انتشار الأمراض المعدية، مع الحرص على ارتداء الكمامة والاهتمام بغسل اليدين بانتظام”.

هذا وكان محمد رضا صالحي، عضو اللجنة الوطنية العلمية لمكافحة كورونا، قد أوضح خلال تصريحات ألقاها الأحد 11 مايو/آيار 2025، بخصوص رسالة وزارة الصحة التي تؤكد ضرورة تشديد الإجراءات الوقائية ضد الأمراض التنفسية الحادة، خاصة كوفيد-19 والإنفلونزا، أن الرسالة الدالة على زيادة معدلات الإصابة قد وصلت فعلا إلى الجامعات الطبية، حيث تشير التحليلات إلى أن الإصابات التنفسية قد شهدت ارتفاعا نسبيا في الأسبوعين الأخيرين، وكان هذا الارتفاع أوضح خلال الأسبوع الماضي.

وأضاف صالحي: “من خلال تحليل اتجاهات العدوى التنفسية في مستشفى الإمام الخميني، نلاحظ أن عدد المراجعين والمصابين بكورونا قد ازداد، ففي حين كانت حالات المراجعة بسبب كورونا تقتصر على حالة أو حالتين أسبوعيا، وكانت قد وصلت إلى صفر، فإن الأعداد ارتفعت حاليا لتتراوح بين 5 و8 حالات يوميا في الأيام الأخيرة”.

وتابع: “رغم أن وتيرة الزيادة تبدو بطيئة، فإن إصدار حكم نهائي يتطلب مزيدا من المراقبة، والمعلومات المتوافرة لدي لا تشير إلى ظهور سلالة جديدة، لكن على زملائنا في علم المناعة فحص الوضع؛ لمعرفة ما إذا كنا نواجه سلالة جديدة أو عودة نشاط السلالات القديمة”.

وحول الأعراض، قال صالحي إن الجهاز التنفسي العلوي يتأثر بالمرض، وتظهر أعراض مثل التهاب الحلق، والصداع، وسيلان الأنف، والعطاس، والسعال الجاف، كما أن كبار السن، والمرضى المصابين بأمراض مزمنة، والمصابين بزراعة الأعضاء يعانون من إصابة رئوية أيضا.

جدير بالذكر أنه وخلال رسالة رسمية، كان قد حذر الدكتور عليرضا رئيسي، معاون الشؤون الصحية بوزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي في إيران، من ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا، مشددا على ضرورة تكثيف الإجراءات الوقائية ضد الأمراض التنفسية الحادة، خاصة كوفيد-19 والإنفلونزا.

علیرضا رئیسی معاون بهداشت وزارت بهداشت شد

وقد جاء في رسالته التي خرجت يوم الجمعة 9 مايو/أيار 2025، أن البيانات المستخلصة من أنظمة المراقبة الرسمية وغير الرسمية تشير إلى تزايد حالات الإصابة بكورونا خلال الأسابيع الأخيرة، رغم إعلان منظمة الصحة العالمية انتهاء حالة الطوارئ، كما طلبت وزارة الصحة من معاوني الشؤون الصحية في الجامعات والكليات الطبية تنفيذ التدابير الوقائية والتوعوية، مع رفع تقارير دورية بالأداء إلى الجهات المختصة.

تحذيرات الخبراء

بهذا الشأن، حذر الدكتور مرتضى إيزي، عضو الهيئة التدريسية بكلية الطب في جامعة بقية ‌الله، خلال تصريحات أدلى بها لصحيفة هم ميهن الإثنين 12 مايو/أيار 2025 من تراجع الدعم التأميني في مجال مكافحة كورونا، رغم أن العالم خرج من حالة الطوارئ الوبائية، وقال: “كورونا لم يختفِ بعد، وما زال يتحور ويغير سلوكه، مما يؤدي إلى تغيّرات سريرية لدى المصابين”. وأضاف أن المناعة المجتمعية الجزئية أدت إلى تغيّر شدة المرض، لكنه لا يزال يختلف عما كان عليه سابقا.

A group of people in protective suits

AI-generated content may be incorrect.

كما شدد على أهمية مواصلة استخدام الكمامة وغسل اليدين في بعض الحالات، داعيا صناع القرار في المجال الصحي إلى دعم التعليم المستمر والتشخيص والعلاج في الوقت المناسب، ومعربا عن أسفه لتقليص الدعم التأميني، معتبرا أن التشخيص المبكر أساسي للعلاج الفعّال.

من جانبه أشار الدكتور مسعود مرداني، اختصاصي الأمراض المعدية، في مقابلة صحفية في اليوم نفسه، إلى أن عودة تفشي كورونا في إيران ترجع إلى أن الفيروس لم يُمحَ من العالم بعد، مبينا أن حالات الإصابة آخذة في الازدياد رغم حملات التلقيح، وأن اللقاحات المستخدمة غير فعّالة ضد متحور أوميكرون المنتشر حاليا.

A person in a white coat

AI-generated content may be incorrect.

وأكد مرداني أن وزارة الصحة مطالبة بتطوير لقاح فعال لهذا المتحور، مبديا استياءه من عدم اتخاذ إيران خطوة لصنعه، في حين أن دولا أخرى، كالولايات المتحدة، تصنعه وتطعّم به مواطنيها. وأوضح أن سبب التأخر ربما يعود إلى قلة حالات أوميكرون في إيران سابقا، مما دفع السلطات إلى عدم الاهتمام بإنتاج اللقاح.

كما أشار إلى أن المسافرين الإيرانيين العائدين من دول مثل أستراليا وكندا وأمريكا خلال عطلة نوروز، العيد القومي الأكبر في إيران والذي يتزامن مع فترة انتشار الفيروس، كانوا ناقلين للفيروس، ما ساهم في انتشاره، ووجّه نصيحة للأشخاص المصابين بأمراض مزمنة أو من يعانون من أعراض مثل السعال وفقدان حاسة التذوق، بضرورة فحص كورونا والعزل عن الآخرين.

وأوضح أن المتحور الجديد يظهر غالبا لدى من لديهم ضعف في المناعة، مثل مرضى السرطان، ويكون المرض أشد وأطول، وتشمل أعراضه الحمى، آلام الجسم، السعال الجاف، وفي الأسبوع الثاني قد ينتقل إلى الرئتين وتظهر آثاره في الصور الإشعاعية.

كلمات مفتاحية: