إعلام إيراني: ابتسامة نتنياهو.. وعود كاذبة ودماء حقيقية

Ad 4nxfq11fteobkhegrlv kbyqdedqxm5bpinpgkl pojdouzav9jo4i5uhpgkdwvxgf3ubaqcbfvzmiynozq prbqyurxtdqjsixhqwyomxtrkbsfjreh vcd2p8groeqm8cc9 mmvkeyba5ismzdmbugxffblfbaoa

ترجمة : يسرا بشندي

نشرت وكالة أنباء خبر أونلاين الإيرانية المحسوبة على مكتب علي لاريجاني، السبت 21 يونيو/حزيران 2025، تقريرا أفادت فيه بأنه خلال السنوات الأخيرة، وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رسائل مباشرة إلى شعوب غزة ولبنان وإيران، ساعيا من خلالها إلى تصوير إسرائيل كدولة داعمة للسلام والرفاه. 

وأضافت أن نتنياهو حاول في هذه الرسائل التفريق بين شعوب فلسطين ولبنان وإيران وبين الجماعات أو الحكومات الحاكمة، مثل حماس وحزب الله وإيران، مدّعيا أن التخلص من هذه الأطراف سيقود إلى حياة أفضل لتلك الشعوب.

وتابعت أن الحقائق الميدانية، لا سيما الخسائر الواسعة الناجمة عن الحرب في غزة ولبنان، تُظهر تناقضا صارخا مع هذه الوعود. فقد أكّد نتنياهو مرارا، في رسائله إلى سكان غزة، خصوصا بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أن هدف إسرائيل هو حركة حماس وليس المدنيين. ودعا السكان إلى الابتعاد عن حماس والانتقال إلى مناطق أكثر أمانا في جنوب القطاع، واعدا بأن القضاء على حماس سيؤدي إلى السلام والأمن. 

وأردفت أن تلك المناطق التي وُصفت بالآمنة تعرضت بدورها لهجمات متكررة، وهو ما جعل وعوده تتناقض بوضوح مع الواقع الأليم للحرب.

وصرّحت بأنه في ما يتعلّق بلبنان، وجّه نتنياهو في أكتوبر/تشرين الأول 2024، رسالة مصوّرة دعا فيها اللبنانيين إلى تحرير بلدهم من سيطرة حزب الله، محذّرا من أن لبنان قد يلقى المصير نفسه الذي واجهته غزة. لكنه زعم في الوقت نفسه أن القضاء على حزب الله سيؤدي إلى عودة الازدهار والاستقرار. 

وأوردت أن هذا الخطاب قد جاء في وقت كانت فيه الهجمات الإسرائيلية تستهدف جنوب لبنان، وتطاول المدنيين، متسببة في موجات نزوح واسعة ومعاناة إنسانية كبيرة.

وأبرزت أن الرسائل الموجّهة إلى الشعب الإيراني تتبع النمط ذاته أيضا. فمنذ عام 2013، دأب نتنياهو، في مقابلاته وخطاباته، على التمييز بين الشعب الإيراني والنظام الحاكم، محاولا استحضار الروابط التاريخية بين اليهود والفرس لإثارة مشاعر التعاطف.

وذكرت أن هذه الرسائل تتشارك في سمات واضحة وهي الفصل بين الشعب والحكام، والوعد بحياة أفضل بعد التخلص من الجماعات المسلحة أو النظام الحاكم، وتحفيز الشعوب ضد قادتهم. كما أن استخدامها لإشارات ثقافية – مثل الإشارة إلى كورش الكبير في رسالته للإيرانيين – يأتي كمحاولة لاستمالة مشاعر الجمهور.

وأبلغت أن هذه الرسائل لا تبدو مجرد تعبير عن حسن نية، بل تبدو جزءا من استراتيجية أعمق تهدف إلى زعزعة الجبهة الداخلية للخصوم.


خسائر الحرب في غزة ولبنان
أوضحت الوكالة أن الوقائع الميدانية في غزة ولبنان ترسم صورة مغايرة تماما لوعود نتنياهو. ففي غزة، تحوّلت الحرب بعد أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى كارثة إنسانية، حيث أفادت التقارير بمقتل أكثر من 53,762 شخصا، من بينهم 16,500 طفل، وتشريد أكثر من 1.5 مليون نسمة. 

وبيَّنت أن البنية التحتية الحيوية مثل المستشفيات والمدارس والمنازل قد تعرضت للدمار، فيما أدّى الحصار المفروض على غزة، إلى جانب القيود على إيصال المساعدات، إلى تعرض المدنيين لخطر الجوع والمرض. 

وواصلت أنه في مارس/آذار 2024، وبعد فشل مفاوضات وقف إطلاق النار، كثّف نتنياهو العمليات العسكرية متوعّدا بـنصر كامل على حماس، غير أن هذا الهدف لم يتحقق، بل أسفر عن تفاقم معاناة المدنيين. حتى حلفاء إسرائيل، مثل المملكة المتحدة وفرنسا، وصفوا هذه الإجراءات بأنها غير متناسبة.

وأضافت أنه في لبنان، أسفرت الهجمات الإسرائيلية، بذريعة مواجهة حزب الله، عن مقتل مئات المدنيين وتشريد عشرات الآلاف. كما طالت الغارات البنى التحتية المدنية، من جسور ومناطق سكنية، مما ساهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان. وبينما حمّل نتنياهو المسؤولية لحزب الله، رأى منتقدون—استنادا إلى تجربة غزة—أن هذه المزاعم تفتقر إلى المصداقية.

تناقض الوعود مع الواقع
أكَّدت الوكالة أن المقارنة بين رسائل نتنياهو ونتائج الحرب تُظهر فجوة عميقة. ففي غزة، أدّت وعود السلام والأمن إلى دمار شامل وأزمة إنسانية. فالمناطق التي وُصفت بـالآمنة تعرّضت مرارًا للقصف، ولم يُلاحظ أي تحسّن في حياة السكان. وفي لبنان، اصطدمت وعود استعادة الازدهار بواقع دمار البُنى التحتية وتشريد المدنيين، ما يتناقض كليا مع تلك الوعود.

ونوَّهت إلى أن هذا النمط المتكرّر يثير شكوكا جدّية بشأن صدق رسائل نتنياهو. أما في ما يخص إيران، فإن ما جرى في غزة ولبنان يوضح أن الوعود المماثلة بـالحرية والازدهار قد تفضي إلى نتائج عكسية. وقد وصف مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي، لا سيما في إيران، رسائل نتنياهو بأنها كاذبة وجزء من استراتيجية تضليل تهدف إلى خداع الرأي العام.

حرب نفسية أم دبلوماسية عامة؟

أشارت الوكالة إلى أن العمليات النفسية تشير إلى أساليب تستهدف التأثير على أفكار وسلوك الجمهور من خلال معلومات منتقاة أو مشوَّهة. 

وأوردت أن رسائل نتنياهو تتميز بعدّة سمات تتوافق مع طبيعة العمليات النفسية. أولا، من خلال التفريق بين الشعوب والحكام، يسعى إلى تقليص الدعم الشعبي لحماس وحزب الله وإيران. ثانيا، الوعود غير القابلة للتحقيق، كالحياة الأفضل، صُممت لكسب الثقة وتقليل المقاومة. ثالثا، التوقيت الاستراتيجي لنشر هذه الرسائل، كإصدارها في خضم الحرب أو التوترات الإقليمية، يزيد من فعاليتها. 

رابعا، استخدامه للرموز العاطفية والثقافية، مثل شعار امرأة، حياة، حرية أو الإشارة إلى تاريخ الفرس، يهدف إلى إثارة مشاعر الجمهور المستهدف.

وأوضحت أنه لا يمكن اعتبار هذه الرسائل عمليات نفسية فقط، فقد تكون جزءا من الدبلوماسية العامة لإسرائيل، تهدف إلى كسب التأييد الدولي أو تخفيف الانتقادات الموجهة لأعمالها العسكرية. وتُظهر ردود فعل الجمهور المختلفة، بما في ذلك دعم بعض الجماعات الإيرانية لرسائله، إن هذه الرسائل لم تكن دائما ذات تأثير سلبي. ومع ذلك، فإن تجربة غزة ولبنان تضع مصداقية هذه الوعود موضع شكّ كبير.

هدف نتنياهو من التقرب إلى الرأي العام الإيراني

أفصحت الوكالة أن رسائل نتنياهو الموجّهة إلى شعوب غزة ولبنان وإيران، وبالنظر إلى التناقض الصارخ بينها وبين الوقائع الميدانية، تُظهر بوضوح أنها أداة تخدم الأجندة السياسية والعسكرية لإسرائيل، أكثر من كونها تعبيرا عن نوايا سلمية صادقة. ففي غزة ولبنان، استُبدلت وعود السلام والرفاه بسقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، والنزوح الجماعي، وتدمير البنى التحتية. 

وبيَّنت أن هذا بدوره يثير الشكوك حول الرسائل الموجهة إلى الإيرانيين أيضا. فالتحريض ضد النظام السياسي، في ظل التجربتين المأساويتين في غزة ولبنان، قد يكون جزءا من استراتيجية أوسع تهدف إلى إضعاف خصوم إسرائيل من خلال التأثير على الرأي العام.

وسلّطت الوكالة الضوء على محدودية فعالية هذه الرسائل. ففي غزة ولبنان، لم تؤد إلى كسب التأييد بل واجهت موجة من الغضب والرفض. أما في إيران، فقد تلقاها بعض الجماعات مثل الملكيين بإيجابية، لكن شريحة واسعة من المجتمع، وبسبب التاريخ المعروف لنتنياهو، ترى هذه الرسائل غير موثوقة. كما أن نبرة الرسائل ومضامينها، التي غالبا ما تفتقر إلى الفهم الثقافي العميق، ساهمت في تقليص تأثيرها.

وأبرزت أن رسائل نتنياهو الموجَّهة إلى شعوب غزة ولبنان وإيران، والمزيَّنة بوعود السلام والحرية والرخاء، تبدو في ظاهرها محاولة لكسب التعاطف وتقليل المقاومة، إلا أن المقارنة مع حجم الدمار الذي خلّفته الحرب — أكثر من 53,000 قتيل و1.5 مليون نازح في غزة، وخسائر بشرية ونزوح واسع في لبنان — تُبيّن أن هذه الوعود لم تتحقق، بل أسفرت عن نتائج عكسية.

وأكَّدت أن عدة خصائص مثل التوقيت المدروس، واستخدام العواطف، ومحاولة الفصل بين الشعوب والأنظمة، تجعل هذه الرسائل قريبة من عمليات التأثير النفسي التي تهدف إلى خدمة أجندة إسرائيل السياسية والعسكرية. 

وفي الختام أقرَّت الوكالة بأن الردود السلبية وغياب المصداقية قللت بشدة من فعالية هذه الرسائل. وعلى الشعب الإيراني، في ضوء تجارب غزة ولبنان، أن يتعامل مع هذه الرسائل بحذر ونقد، إذ يكشف التاريخ أنها تتسم بفجوة عميقة بين الأقوال والأفعال.