- شروق حسن
- 13 Views
في حوار مع صحيفة «مهر» الإيرانية، الثلاثاء ، 3 يونيو/ حزيران 2025، شرح حسين راغفر، أستاذ الاقتصاد بجامعة الزهراء، التحديات التي تواجه صناعة السيارات في إيران نتيجة التسعير الإجباري، ويناقش راغفر أيضا أسباب استمرار الحكومة في فرض هذا التسعير رغم خطوات الخصخصة والخسائر الكبيرة الناتجة عن فجوة الأسعار وتكاليف الإنتاج.
وفي ما يلي نص الحوار:
لماذا تُصر الحكومة على التسعير القسري في صناعة السيارات رغم الخصخصة والخسائر الناتجة عن فجوة الأسعار وتكاليف الإنتاج؟
في المقام الأول، يجب أن أقول إن التسعير القسري في الاقتصاد الإيراني ليس إلا شعارا، شعار استهدف فقط أسس الإنتاج وأصاب المنتج الحقيقي في مقتل.
إذا نظرتم إلى التاريخ الاقتصادي للتسعير القسري، فستلاحظون أنه منذ الحرب وحتى الآن، كلما فُرض سعر قسري على سلعة ما، لم يؤدِّ ذلك إلى تهدئة السوق، بل تحولت السلعة من سلعة استهلاكية إلى سلعة استثمارية، واستمرار هذا النهج لن تكون نتيجته إلا نهب الممتلكات والطاقة والموارد العامة.
لقد استحوذ عدد من المنتفعين على السوق، بينما يبتعد الناس العاديون يوما بعد يوم عن الحصول على الإمكانيات، ومافيا صناعة السيارات، كما عارضت الخصخصة على مدى سنوات، ستواصل عرقلة مسار خصخصة هذه الصناعة.
ومن أهم نتائج التسعير القسري في صناعة السيارات، على الرغم من الخصخصة، تقليل دوافع القطاع الخاص للاستمرار في النشاط، فتقييد الأسعار قد يؤدي إلى انخفاض أرباح المنتجين، وبالتالي تراجع حافزهم لتحسين الجودة وزيادة الإنتاج، إن الخصخصة تكتسب معناها عندما يُطرح المنتج المُصنّع بجودة أعلى وسعر أنسب للمستهلكين مقارنة بالسابق.
ما تأثير التسعير القسري على نظام العرض والطلب؟
يؤدي التسعير القسري إلى عجز المنتجين عن تغطية تكاليف الإنتاج، ما يؤدي بدوره إلى انخفاض عرض السيارات في السوق وظهور طوابير طويلة من المنتظرين.

هذا الأمر تحديدا يفسح المجال أمام المنتفعين، ويزدهر معه مناخ السمسرة، وفي عدة مراحل، لم تسفر برامج مثل تسجيل السيارات بسعر المصنع والمخططات المماثلة إلا عن فسح المجال أمام المنتفعين للتلاعب في سوق السيارات، وتراجع مستوى الربحية في هذه الصناعة، يجب أن يتوافق العرض والطلب مع احتياجات السوق، لا أن يُفرض على السوق واقعٌ يُحدد فيه السعر قسرا، والعرض قسرا، بل وحتى الإنتاج قسرا.
أشرت في حديثك، إلى وجود المنتفعين في السوق؛ هل يؤدي التسعير المفروض أيضا إلى اتساع السوق السوداء؟
يظن البعض أن السوق السوداء تنشأ بسبب نقص الإنتاج، في حين أن جذر المشكلة يكمن في أن السوق السوداء تنشأ تحديدا بسبب التدخل المباشر للدولة في شؤون الصناعات.
فعندما تُجبر الصناعة على طرح منتج ما في السوق بسعر قسري، يختل التوازن بين الدخل والتكاليف في مستوى الإنتاج، وهو ما يُحدث خللا في توازن العرض والطلب، وفي هذه الحالة تتاح فرصة ذهبية للمنتفعين، فتتشكل السوق السوداء على نطاق واسع.
تُعدّ السيارة من الحاجات الاستهلاكية للأسر، لكنها، بفعل السياسات الخاطئة خلال السنوات الأخيرة، تحولت إلى سلعة استثمارية، وهو ما أدى إلى حرمان شريحة كبيرة من سكان البلاد من حياة طبيعية.
ومع ذلك، وتحت شعار دعم الإنتاج، أصبحوا هم أنفسهم العقبة الكبرى أمامه، ويتضاءل نصيب القطاع الخاص في اقتصاد البلاد يوما بعد يوم بفعل هذه التدخلات المباشرة، بينما تزداد حصة السماسرة والناهِبين.
رغم انطلاق مسار خصخصة صناعة السيارات في الأشهر الأخيرة، لا تزال الأسعار خاضعة للتسعير الحكومي الإجباري، ما الآثار السلبية التي يخلّفها هذا النهج على مسار الخصخصة وجدواها الاقتصادية؟
بعد الحرب، تشكلت مرحلة طويلة من التفاوتات في اقتصاد البلاد، إذ ازداد يوما بعد يوم نصيب القطاع الحكومي من الاقتصاد، وتقلّص نصيب القطاع الخاص، وفي هذا السياق، أصبح التسعير الاجباري، بسبب كونه غير قائم على أسس علمية أو فنية، تجليا عينيا لعدم المساواة في الاقتصاد.
فقد طرحت جميع الصناعات الحكومية منتجاتها في السوق بأسعار قسرية تحت مظلة الاقتصاد الموجّه، مستفيدة من الدعم الحكومي، بينما فقد القطاع الخاص القدرة على المنافسة وخرج من الحلبة.
فعلى سبيل المثال، عندما يتجاوز سعر الدولار في السوق الحرة 82 ألف تومان، لا تزال الصناعات الحكومية تتلقى الدولار بسعر 600 ألف ريال، في حين أن الدولار بـ 820 ألف ريال ليس متاحا للقطاع الخاص.
هنا تتجلى اللا مساواة بشكل واضح، وعندما نتحدث عن خصخصة شركات صناعة السيارات، فإننا نعني أن هذه الصناعة لم تعد تتمتع بالدعم الحكومي، وبالتالي، ينبغي أن تنتج وتوزع المنتج وفق نموذج السوق.
لكن كيف يمكن تغطية جميع تكاليف المنتج بالدولار بـ820 ألف ريال، بينما يُباع المنتج في السوق بسعر دولار يعادل 400 ألف ريال؟ كيف يمكن تعويض هذا الفارق السعري؟ هذا الإجراء هو بالضبط بمثابة محاربة لخصخصة هذه الصناعة وإيقاف لمسار تحرير الاقتصاد.
وقد أسهمت قرارات ونفوذ المافيا في الصناعة، وردود الفعل الضعيفة من وزارة الصناعة والمناجم والتجارة ووزارة الاقتصاد تجاه هذه القضايا، في زيادة حدة التفاوتات الاقتصادية في إيران يوما بعد يوم.
لسنوات، أدّى التسعير الإجباري إلى خفض أسعار السيارات عن مستواها الحقيقي، مما سبّب طوابير شراء وفجوة سعرية بين السوق الرسمي والحُر.
وبما أن عامة المجتمع لا يمكنهم الوصول إلى المنتجات منخفضة السعر، فإن نصيب المنتفعين من السوق يزداد مرة أخرى.
ما أثر التسعير الإجباري على توازن سوق السيارات؟
من الصعب أن تتماشى الأسعار القسرية مع التغيّرات في تكاليف الإنتاج، وسعر الصرف، وسائر العوامل الاقتصادية، ما يؤدي إلى خسائر مالية للمنتجين وخلق حالة من عدم التوازن في السوق.

إن الفجوة السعرية بين سعر المصنع والسوق الحرة هي نتيجة مباشرة للتسعير القسري، هذا الفارق في الأسعار مهّد الطريق أمام أنشطة السماسرة والوسطاء، وأدى إلى توزيع ريوع ضخمة داخل السوق.
فعلى سبيل المثال، خلال عامي2020–2021، أسفرت هذه الفجوة السعرية عن خلق ريوع تقدَّر قيمتها بنحو 1100 إلى 1200 ألف مليار ريال.
تُقدَّر الخسائر المتراكمة لدى شركتي صناعة السيارات الحكوميتين الكبيرتين بنحو 2500 ألف مليار ريال، فيما تبلغ ديونهما الجارية 4500 ألف مليار ريال وتصل قيمة الديون المؤجلة وغير المسوّاة لشركات صناعة السيارات الحكومية والخاصة تجاه سلسلة التوريد إلى 450 ألف مليار ريال.
وتعود هذه الخسائر إلى الفارق الكبير بين تكاليف الإنتاج وأسعار البيع المحددة بشكل قسري.
ففي حين تُحسب تكاليف الإنتاج وفقا للأسعار العالمية، يُحدَّد سعر بيع السيارات في المصنع بشكل قسري، وهو الخلل الذي أدى إلى تكبّد شركات صناعة السيارات للخسائر.