- يسرا شمندي
- 25 Views
ذكرت وكالة أنباء “إيلنا” بتاريخ 3 مايو/أيار 2025، أن السفير الإيراني السابق لدى ألبانيا علي بمان إقبالي زارج، تحدث في حديث لها، عن اختيار مدينة روما لعقد الجولة الرابعة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، وأسباب تأجيل هذه الجولة التي كانت من المقرر أن تُعقد في مسقط.
والجدير بالذكر أن اختيار روما كمكان للمفاوضات تم بشكل طبيعي بناء على اتفاق الطرفين، ومن المؤكد أن وصول الوفد الأمريكي إلى أوروبا أسهل ويتطلب مسافة أقصر. كذلك، فإن هذا الاختيار تم بموافقة الجانبين وقد يحمل فوائد أخرى، من بينها أن بعض الدول الأوروبية قد تجري مشاورات مع الوفد الإيراني قبل أو بعد المفاوضات.

التأجيل جاء بطلب من الطرف الأمريكي
وأضاف إقبالي زراج: “على أي حال، في مثل هذه المفاوضات، وعلى الرغم من أن الطرفين الرئيسيين في التفاوض هما الوفدان الإيراني والأمريكي، فإن طريقة دعم واستقبال وتشاور الدول الكبرى في العالم تلعب دوراًفي الوصول إلى الاتفاق وتنفيذه، ونحن نعلم أن الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وخصوصا تلك التي تملك حق النقض (الفيتو)، سيكون لها بالتأكيد دور في استمرار وتنفيذ الاتفاقات التي قد تُبرم مستقبلا بين إيران وأمريكا”.
وتجدر الإشارة إلى أن تأجيل الجولة الثالثة من المفاوضات، أو الجولة الجديدة التي كان من المقرر أن تُعقد في روما، أثار تعليقات وآراء متباينة، ولكن ما هو مؤكد أن هذا التأجيل تم باتفاق الطرفين، ويعود بالدرجة الأولى إلى الجانب الأمريكي، وبالنظر إلى التغييرات الجارية في البيت الأبيض، وما يُثار بشأن تعيين المبعوث الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف في منصب جديد، فمن المحتمل أن يكون هذا العامل الأهم في تأجيل المفاوضات، ومن المؤكد أن التأجيل جاء بطلب من الطرف الأمريكي، ليُعقد اللقاء في وقت لاحق يتم الاتفاق عليه من قبل الجانبين.

إيران والولايات المتحدة قد استعدّتا للتوصل إلى اتفاق
أشار إقبالي إلى أن هناك تصريحات وآراء مختلفة تُطرح حاليا، وقال إن بعض هذه التصريحات تُظهر أن الطرف الأمريكي قد طرح مطالب جديدة، لكن ما هو واضح هو أن الطرفين استنادا إلى التفاهمات السابقة والمفاوضات التي أُجريت، قد دخلا في حوار حول موضوع محدد، وهو البرنامج النووي السلمي الإيراني، وكان هناك قدر من التفاؤل لدى كلا الجانبين.
أما ما إذا كانت قضايا جديدة قد طُرحت أم لا، فلا يزال حجمها وطبيعتها غير واضحة تماما، ويجب التحلي ببعض الصبر لمعرفة ما سيحدث في الأيام المقبلة، وما هو واضح حتى الآن هو أن كلا الطرفين قد أبدى إرادة واضحة وصريحة للتوصل إلى اتفاق، وكما ذُكر سابقا، فإن هذا الاتفاق قد يحمل منافع متبادلة.
وبطبيعة الحال، لا ينبغي أن نغفل عن وجود أطراف وجهات مختلفة تسعى إلى عرقلة هذه المفاوضات ومنعها من الوصول إلى نتيجة، لكن ما يهم كما أُشير إليه، هو الإرادة التي أظهرها الطرفان، والتي تشكلت خلال المفاوضات التي جرت في عمان وإيطاليا، حيث أعدّ الجانبان أنفسهم للوصول إلى اتفاق.
نوعية التعامل مع الصين ستكون بالغة الأهمية في تنفيذ أي اتفاق
قال الدبلوماسي المخضرم إن “روسيا، باعتبارها جارتنا وأكبر دولة في العالم، تربطها بإيران علاقات وثيقة جدا في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والدفاعية والأمنية”، وأضاف أن هذه العلاقات شهدت في السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا أيضا في مجالات العلوم والتكنولوجيا والثقافة.
ومن جهة أخرى، فإن الصين، باعتبارها عضوا في مجلس الأمن وأكبر مصدر في العالم، تلعب دورا مهما في التفاعلات الصناعية والاقتصادية والتجارية على الساحة الدولية، ومن المؤكد أن نوعية التعامل مع الصين ستكون بالغة الأهمية في تنفيذ أي اتفاق، كما أن العلاقات بين إيران والصين في السنوات الأخيرة كانت في اتجاه تصاعدي وإيجابي، وهناك رغبة متبادلة لدى البلدين في تعزيز التعاون الثنائي المثمر والمفيد.
كانت إيران وأوروبا دائما راضيتين عن نوع علاقاتهما وتفاعلاتهما
أكد الخبير البارز في مجال السياسة الخارجية أن القارة الأوروبية تمتلك سجلا جيدا في علاقاتها مع إيران خلال العصر الحديث، موضحا أنه بعد فترة عصر القاجاريين، كانت العلاقات بين إيران وأوروبا في تطور مستمر، ورغم ما شهدته من تقلبات، إلا أن الطرفين باستثناء السنوات القليلة الماضية، كانا دائما راضيين عن طبيعة علاقاتهما وتفاعلاتهما، كما أن الرأي العام في كلا الجانبين كان يرحب بهذا النوع من العلاقات.
وأشار إلى أن أوروبا كانت سوقا ممتازة للسلع الإيرانية المهمة وذات الميزة التنافسية، مثل السجاد والفستق والنفط، ومن المؤكد أن هناك إمكانية لإحياء هذا التعاون في المستقبل، كما أن جزءا كبيرا من الصناعات الخفيفة في إيران، وضمن ذلك صناعة النسيج والصناعات التحويلية والغذائية، قد تم استيراده من أوروبا، ومن الطبيعي أن الصناعيين والمنتجين الإيرانيين يولون اهتماما كبيرا لاستخدام الآلات الأوروبية، خاصةً تلك القادمة من مثلث ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وسيظل هذا الاهتمام قائما في المستقبل أيضا.
التشاور مع الدول المهمة في المنطقة والعالم سيكون له دور مؤثر في نجاح المفاوضات
وفي ما يتعلق بتأثير المشاورات والتشاورات بين إيران ودول العالم في مجالات الدبلوماسية المختلفة، أكد قائلا: في موضوع التشاور والتشاور مع الدول، ومن الطبيعي أنه بالنظر إلى أهمية مفاوضات إيران وأمريكا وتأثيرها على التفاعلات الإقليمية والدولية، فإنه من مصلحة جميع الأطراف أن يكون هناك تشاور بين الدولتين اللتين تتفاوضان مع دول مهمة في هذا المجال.
كما أظهرت التجارب السابقة أن التشاور مع الدول المهمة في المنطقة والعالم، خاصة مع الجيران مثل دول الخليج الفارسي، وتركيا، وروسيا، وأيضا مع باقي الجيران، سيكون له دور مؤثر في نجاح المفاوضات، خصوصا في فترة ما بعد الاتفاق، فإن تنفيذ الاتفاق وضمانات تنفيذه ستكون أمورا بالغة الأهمية، ويمكن لكل دولة أن تلعب دورها بناء على وزنها ومكانتها.
تم الإعلان على أعلى مستوى أن إيران لن تتجه نحو السلاح النووي
في ضوء ذلك، اعتبر إقبالي أن الخطوط الحمراء لإيران واضحة وقال: “إن الاتفاقيات الدولية في المجالات المختلفة والمبادئ المعترف بها في الساحة الدولية، مثل الاحترام المتبادل وعدم التدخل، من الخطوط الحمراء لإيران التي يجب أخذها بعين الاعتبار، كما أن في هذه المفاوضات، سيكون من المهم جدا مراعاة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT)، لأن إيران عضو في هذه المعاهدة”.
وبصدد ذلك تشير تجربة العقود الثلاثة الأخيرة إلى أنه على الرغم من الحملات الإعلامية التي يشنها أعداء إيران، بما في ذلك النظام الإسرائيلي والدعاية الكاذبة والمتكررة، فإن إيران قد التزمت دائما بالمعايير المنصوص عليها في معاهدة NPT في أنشطتها النووية السلمية، وقد تمت عمليات التفتيش. والمسألة المهمة هنا هي أنه إذا كان الهدف الأهم أو القلق الرئيسي في هذه المفاوضات، بناء على تصريح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، هو منع إيران من الحصول على السلاح النووي، فقد تبيّن الآن خلافا لما كان يُقال في مطلع الألفية بأن إيران لم تكن قريبة من امتلاك هذا السلاح، كما أنها لم تتخذ أي خطوة في هذا الاتجاه، وقد أُعلن على أعلى المستويات أن إيران لن تسعى إلى امتلاك السلاح النووي.
ترامب بحاجة إلى هذا الاتفاق وهو يسعى للحصول على جائزة نوبل للسلام
أوضح إقبالي بخصوص اللاعبين الذين يسعون لخلق عقبات أمام الوصول إلى اتفاق شامل بين إيران وأمريكا قائلا: “في موضوع العرقلة، يبدو أن أكبر العوائق تأتي من النظام الإسرائيلي، لأنه من الطبيعي أن الإسرائيليين سيتضررون من أي اتفاق أو تقليص للتوترات في المنطقة وتحسن العلاقات بين طهران وواشنطن، لذلك لن يترددوا في اتخاذ أي خطوات، ولكن يبدو أن من مصلحة إيران وأمريكا أن يتخذوا خطوات نحو الاتفاق”.
وأشار إلى أن الرئيس ترامب بحاجة إلى هذا الاتفاق، ويسعى من خلاله إلى الحصول على جائزة نوبل للسلام. ومن اللافت أن من بين أربعة ملفات دولية رئيسية اعتبرها أولويات في سياسته الخارجية خلال حملته الانتخابية وبداية ولايته، واجه ثلاثًا منها بعقبات: ففي قضية أوكرانيا، ورغم تعهّده بإيجاد حل خلال 24 ساعة، لم يُحرز أي نتائج ملموسة؛ وفي أزمة غزة، لا يزال الوضع غامضا؛ أما في ملف التعريفات الجمركية، فاضطر إلى التراجع وسط تغيّر مستمر في قراراته، ومن ثم، تُعدّ مسألة الاتفاق مع إيران من بين الملفات القليلة التي قد تمكّنه من تحقيق إنجاز قابل للتقديم، وهو ما سيدفعه لبذل أقصى جهوده في هذا الاتجاه.
وفي الوقت ذاته، لطالما رحبت إيران بمفاوضات قائمة على المساواة والاحترام المتبادل لحقوق الأطراف، وهذا يمكن أن يساعد في تحقيق نتائج إيجابية في المفاوضات المتعلقة بالعقوبات.
رفع العقوبات المشددة سيستغرق فترة طويلة
رسم إقبالي العقوبات الأمريكية ضد إيران على شكل مثلث وقال: أحد أضلاع هذا المثلث هو العقوبات التي يجب على الكونغرس اقتراح إلغائها، ومن المحتمل أن تستغرق إزالة العقوبات الصارمة وقتا طويلا ومن غير المحتمل أن يتم اتخاذ أي خطوة في هذا المجال قريبا، إضافة إلى ذلك، هناك انتخابات نصفية قريبة، والكونغرس حاليا تحت سيطرة الجمهوريين وبالتنسيق مع الرئيس، وإذا حدثت تغييرات في ذلك، فسيكون العمل أصعب. وبعض العقوبات تنتمي إلى ما يُعرف بـ”الطبقة الثانية”، والتي يتطلب رفعها تقديم مقترح من الرئيس إلى الكونغرس، وفي هذا السياق، تبدو فرص إلغاء هذه العقوبات أكبر، نظرا لسيطرة الجمهوريين على كلا المجلسين، وبفضل التنسيق مع الرئيس ترامب، ما قد يُسرّع العملية ويتيح اتخاذ خطوات قبل الانتخابات النصفية.
أما “الطبقة الثالثة” من العقوبات، فهي الأسهل تنفيذا، وتشمل تلك التي فُرضت عبر مراسيم رئاسية، وبالتالي يمكن إلغاؤها بقرار مباشر من الرئيس أو رئيس البيت الأبيض، وفي هذا الإطار، يمكن التعويل على إمكانية معالجة جزء من هذه العقوبات في المستقبل القريب.
الاتفاق المبدئي بين الطرفين
أوضح إقبالي قائلا: “يجب أن نقر بأن الموافقة المبدئية بين الطرفين على نوع من التوافق سيعود بفائدة كبيرة لكلا الطرفين، خاصة في مجالات التعاون بين الدول في المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية، وخاصة في مجال الاستثمار”.
أضاف أنه من جهة أخرى، يمكن أن يكون الاتفاق إطارا لاستمرار التعاون بين الطرفين في الوصول إلى توافقات في مواضيع أخرى هامة، مما يمكن أن يخلق مجالات اقتصادية وثقافية هامة وخاصة في العلاقات الشعبية، كما ستُسهل الظروف الاستفادة بشكل أكبر، من الخدمات القنصلية لملايين من الإيرانيين الذين يقيمون في الولايات المتحدة.
يجب أن نعمل في مجال توضيح الرأي العام لدعم فريق المفاوضات على جميع المستويات
أشار إقبالي إلى أن “إيران تتمتع بقدرات عالية جدا في مجالات التعاون الاقتصادي، والتكنولوجيا، والاستثمار، وتعزيز وتحسين قدرات الإنتاج وصادرات النفط والغاز والمعادن وغيرها، وكل ذلك يمكن أن يحقق تعاونا يعود بالفائدة على كلا الطرفين، ويجب أن نعمل في مجال تحفيز وتوضيح الرأي العام لدعم فريق المفاوضات على جميع المستويات، لأن هذا سيبعث برسالة واضحة ومباشرة للطرف الآخر في المفاوضات”.
أضاف :” في الوقت نفسه كما يقول الرياضيون ولاعبو كرة القدم يمكن للمشجعين والمؤيدين أن يضخوا طاقة إيجابية، وفي هذه الحالة، يمكن لشعبنا أن يقدم طاقة إيجابية بنصائحهم ودعواتهم الطيبة لنجاح فريق المفاوضات”.