- يسرا شمندي
- 4 Views
ترجمة: يسرا شمندي
نشرت صحيفة اعتماد الإصلاحية، في 12 مايو/أيار 2025، تقريرا أفادت فيه بأن إيران قد شهدت في السنوات الأخيرة أزمة اقتصادية عميقة أثرت بشكل مباشر على سلة الغذاء لدى الأسر، وقد أدى الارتفاع الجنوني في أسعار السلع الأساسية، خاصةً البروتينات الحيوانية مثل اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان، إلى تغييرات جوهرية في نمط استهلاك الغذاء لدى الإيرانيين.
وأضافت الصحيفة أنه وفقا للإحصاءات الرسمية، انخفض متوسط استهلاك الفرد من اللحوم في إيران من 12 كيلوغراما في السنة إلى نحو 6 كيلوغرامات، بل أشارت بعض التقارير إلى أنه تراجع إلى أقل من 8 غرامات يوميا. وقد دفعت هذه الحالة المقلقة الأسر الإيرانية، خاصةً الفئات ذات الدخل المنخفض، إلى البحث عن بدائل أرخص مثل البقوليات والمعكرونة.
وتابعت أن هذه البدائل نفسها شهدت أيضا ارتفاعا ملحوظا في الأسعار، حيث تجاوز سعر الكيلوغرام الواحد من الفاصوليا البيضاء أو الرومي 500 ألف ريال (نحو 10 دولارات أمريكية).

اللحم الأحمر.. سلعة فاخرة للفئات ذات الدخل المنخفض
أكّدت الصحيفة أن سعر اللحم الأحمر في السوق الإيراني وصل إلى مستوى غير مسبوق. ووفقا للتقارير الميدانية، يُباع لحم ظهر العجل بسعر 690 ألف ريال (نحو 5.8 دولار أمريكي) للكيلوغرام، في حين يُعرض لحم فخذ الغنم بسعر مليون و159 ألف ريال (نحو 9.8 دولار أمريكي) للكيلوغرام. مع ارتفاع أسعار اللحوم، باتت البقوليات تُعتبر مصدرا بديلا للبروتين النباتي وتحظى باهتمام متزايد، إلا أن أسعارها أيضا شهدت ارتفاعا حادا.
وأوضحت أنه على سبيل المثال، ارتفع سعر عبوة 500 غرام من الفاصولياء الرومي من 220 ألف ريال (نحو 1.85 دولار أمريكي) إلى 270 ألف ريال (نحو 2.3 دولار أمريكي)، ما يعادل 540 ألف ريال (نحو 4.6 دولار أمريكي) لكل كيلوغرام، كما ارتفع سعر اللوبيا المقشّرة من 227 ألف ريال (نحو 1.9 دولار أمريكي) في مارس/آذار 2025 إلى 290 ألف ريال (نحو 2.4 دولار أمريكي) في شهر مايو/أيار 2025.
أما المعكرونة، التي تُعد بديلا رخيصا يعتمد على الكربوهيدرات في موائد الإيرانيين، فقد شهدت هي الأخرى زيادة في الأسعار.
انخفاض حاد في القدرة الشرائية للأسر
أوردت الصحيفة أنه وفقا لأحدث الإحصاءات الرسمية، بلغ خط الفقر المطلق، حسب حسابات مركز بحوث البرلمان، في عام (2023-2024)، نحو 3 ملايين و798 ألف ريال (نحو 76 دولارا أمريكيا) للفرد الواحد، وبالاستناد إلى متوسط حجم الأسرة، قُدّر خط الفقر المطلق لأسرة مكوّنة من ثلاثة أفراد في العام نفسه بنحو 8 ملايين و356 ألف ريال (نحو 167 دولارا).
وواصلت الصحيفة قولها إنه في عام (2024-2025)، ومع تسجيل نمو بنسبة 34.2%، بلغ خط الفقر لأسرة مكوّنة من ثلاثة أفراد نحو 11 مليونا و214 ألف ريال (قرابة 224 دولارا)، فيما يُقدّر خط الفقر المطلق لعام (2025-2026) بنحو 30 مليون ريال (نحو 600 دولار أمريكي).
زيادة الأسعار
بسبب السياسات النقدية
صرَّح الخبير الاقتصادي الإيراني آلبرت بغوزيان، حول زيادة أسعار السلع الأساسية، خاصة في قطاع البقوليات في شهر مايو/أيار 2025، في حديثه لصحيفة اعتماد: هناك نقاط جديرة بالاهتمام في هذا المجال، لأنه منذ تنفيذ سياسة تعويم العملة وإلغاء سعر 4200 ريال (نحو 0.08 دولار أمريكي) للعملة، واستبداله بالسعر التوافقي للسلع الأساسية والمدخلات الحيوانية، ارتفعت بالطبع تكلفة استيراد هذه السلع.
وأضاف بغوزيان: حتى المنتجات التي يتم إنتاجها داخل البلاد، أصبحت أكثر تكلفة بسبب الاعتماد على المدخلات المستوردة مثل البذور والأسمدة الكيميائية والمواد الأولية الأخرى. ومن ناحية أخرى، كانت صادرات بعض المنتجات أيضا مؤثرة في زيادة الأسعار، وكل هذه العوامل تضاف معا لرفع أسعار البقوليات، التي تُعد من أهم البدائل للحوم والبروتين.
حلقة مفرغة لزيادة الرواتب والأسعار
واصل بغوزيان حديثه قائلا: في هذه الظروف، بدلا من أن تتحكم الحكومة في أسعار هذه السلع أو تخفضها، تكتفي بتقديم وعود بالدعم؛ الدعم الذي يكون إما على شكل بطاقات تموينية أو زيادة في الدعم النقدي. بينما لا يتم تقديم أي خطة لخفض تكلفة إنتاج هذه السلع أو مراقبة فعالة للسوق. ومن ناحية أخرى، يتم حذف أنواع أخرى من الدعم تدريجيا، وتُحرم العديد من الأسر حتى من الحصول على البطاقة التموينية.
وتابع: في مثل هذه الظروف، يُضطر الناس إلى تحمل تكاليف إضافية لتلبية احتياجاتهم، ولتعويض ذلك، يقومون برفع أسعار الخدمات التي يقدمونها. فالميكانيكي، والجزار أو أي قطاع آخر يرفعون أسعارهم، مما يؤدي إلى دخول هذه العملية في حلقة مفرغة من زيادة الأجور والأسعار، التي تكون نتيجتها فقط المزيد من الغلاء وتدهور رفاهية الناس.
وأكّد أن أحد البدائل الأخرى التي يلجأ إليها الناس هي المعكرونة. ولكن الآن هناك همسات بشأن زيادة أسعار الدقيق، وهو ما قد يهدد سلة الغذاء للفئات الضعيفة بشكل خطير. وفي الوقت الذي كان فيه الناس يطهون المعكرونة مع اللحوم أو الفطر، فإنهم اليوم قد يكتفون بإضافات بسيطة من الصلصة لتناول المعكرونة، وإذا زاد سعر الدقيق، فحتى هذه الوجبة البسيطة قد تختفي من موائدهم.
وأفاد بأنه في هذه الظروف، لا تقتصر الحكومة على عدم وجود رقابة فعالة على السوق، بل إنها ترفع أسعار بعض السلع التي تحت سيطرتها، ويبدو أن السياسات الاقتصادية للحكومة قد ساهمت في زيادة الأسعار. في النهاية، الأمل الوحيد الذي يبقى هو تحسين الوضع المالي للحكومة من خلال الاتفاقات الاقتصادية واستخدام هذه الموارد لاستيراد السلع وتقديم دعم حقيقي للفئات الضعيفة.
الناس ليس لديهم خيار سوى استبدال السلع
قال الخبير الاقتصادي الإيراني مصطفى شريف، في حديثه لصحيفة اعتماد حول ارتفاع أسعار السلع الأساسية خلال الأشهر الثلاثة الماضية: في جميع أنحاء العالم، تم تحديد كمية السعرات الحرارية في الأطعمة التي يتم استهلاكها، وقد تم الإعلان عدة مرات في وسائل الإعلام عن الكميات التي يحتاجها كل فرد من اللحوم، والخبز، والخضراوات، والألبان وغيرها من السلع في الشهر.
وأضاف شريف أنه عندما يحدث خلل اقتصادي وترتفع أسعار بعض السلع الأساسية، يُضطر الناس إلى استبدال السلع؛ أي إنهم يستبدلون السلع التي لا يستطيعون تحمُّلها بسلع أرخص. لكن هذه البدائل عادة لا تحتوي على الخصائص والمميزات الكاملة للسلع الأصلية.
وتابع: على سبيل المثال، عندما لا يتمكن الناس من شراء اللحم الأحمر، يتحولون إلى استهلاك البقوليات، ومع زيادة الطلب على البقوليات، يرتفع سعر هذه السلعة أيضا، وفي حين أن البقوليات ضرورية بكمية محددة في النظام الغذائي، إلا أنه بسبب عدم وجود بدائل مناسبة، يصبح استهلاكها أكثر من اللازم.
لا توجد آلية مناسبة لتنظيم السوق
واستطرد شريف قائلا: في هذه الظروف، يُستخدم الدجاج كبديل للحوم الحمراء لأنه أرخص، والحل الرئيسي لهذه المشكلة هو خلق توازن في السوق والتخطيط السليم لإنتاج واستيراد السلع الأساسية.
وتابع بالقول إنه في حال كانت هناك حاجة للاستيراد أو إذا كان يجب دفع الدعم، يجب أن يتم ذلك وفقا لبرنامج منظم وهادف لضمان الأمن الغذائي للشعب. ويفيد شريف بأنه في إيران، لا توجد آلية مناسبة لتنظيم السوق، والدعومات الحكومية ليست كافية بالنسبة للاحتياجات الفعلية.
وفي الختام أكد أنه حتى السلع المدعومة تواجه تكاليف إضافية قبل أن تصل إلى المستهلك، مما يجعلها مكلفة لكل من الحكومة والشعب. وبالتالي، المشكلة الرئيسية تكمن في جانب العرض، حيث إن مسار العرض من الإنتاج أو الاستيراد إلى المستهلك النهائي، ليس فعالا من الناحية الهيكلية أو من حيث التكلفة، ويحتاج إلى إصلاح جذري. ويجب على مؤسسات مثل وزارة الزراعة أن تتخذ خطوات أكثر جدية في هذا المجال.