المرأة الحديدية.. سحر إمامي مذيعة إيرانية تتحدى القصف الإسرائيلي على الهواء مباشرة.. من تكون؟ (بروفايل)

كتب: ربيع السعدني 

سحر إمامي هي مذيعة إيرانية تعمل في هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني، اكتسبت شهرة واسعة بسبب شجاعتها في أثناء تغطيتها الإخبارية.

في 16 يونيو/حزيران 2025، تعرضت لموقف خطير عندما قُصف مبنى التلفزيون الإيراني في أثناء بث مباشر، مما اضطرها إلى الهروب من الاستوديو للنجاة بحياتها، لكنها عادت لاحقا لمواصلة البث من استوديو آخر، مُظهرة صمودا وشجاعة، حيث أشاد بها زملاؤها ووصفوها بـ”المرأة الحديدية”، بينما وصفها الجمهور على وسائل التواصل بـ”الزينبية” و”صوت الحقيقة”.

إمامي، المذيعة التي أصبحت رمزا للصمود والالتزام المهني، تركت بصمة مميزة في عالم الإعلام، من خلفية أكاديمية في الهندسة إلى واجهة الشاشة، تجسد إمامي قصة شغف وتحدٍّ.

من الهندسة إلى الإعلام

وُلدت سحر إمامي عام 1985 في طهران، ودرست الهندسة الزراعية بتخصص علوم الأغذية، لكن شغفها قادها إلى مسار مختلف تماما في عام 2008، اجتازت اختبار أداء للانضمام إلى هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني، دون خبرة مسبقة في الإعلام. 

بدأت مسيرتها الإعلامية في برنامج “نعود إلى الوطن” على قناة طهران نتورك، حيث قدمت فقرات معرفية، ثم انتقلت إلى القناة الإخبارية في يونيو/حزيران من العام نفسه، تتذكر إمامي توترها خلال اختبار الأداء في رمضان، وتحكي عن تفاصيل ذلك اليوم، فتقول: “تجربة أداء روتينية، حيثُ أتحدث وأُلقي شعرا، ثم يختارون موضوعا، وعليك التحدث عنه، وكنتُ متوترة للغاية لكن نصيحة بسيطة من مخرج: (تخيلي أنك تؤدين لنفسك)، ساعدتني على التألق فخضعتُ لتجربة الأداء، ومرت ثلاثة أشهر، ولم أتوقع قط أن أُقبَل، وأن يكون هناك أي خبر!”.

وأضافت: “لكن تم قبولي، وقدمتُ أوراقي للمجموعة الاجتماعية وبدأتُ، كان أول برنامج لي برنامجا مباشرا عادة، يحصل من يدخل هذه المهنة على برنامج إنتاجي أولا أول ما يفعلونه إذا واجهت أي مشاكل هو حذفه، هكذا دخلتُ مهنة أحببتها كثيرا، أحاول أن أستعيد ذكريات شغفي”.

شغف البث المباشر

كانت بدايتها في برنامج “نعود إلى الوطن”، الذي وصفته بأنه الأقرب إلى قلبها لأنه كان أول تجربة بث مباشر لها، رغم تحديات حفظ النصوص والتحدث دون الاعتماد عليها، طورت إمامي أسلوبا هادئا وسلسا مع الوقت لاحقا، قدمت برنامج “صبح بخبر”، وأثبتت قدرتها على التأقلم مع متطلبات الإعلام الإخباري وخضعت لاختبارات صارمة للانضمام إلى شبكة الأخبار، شملت تقييم ردود الفعل والأداء الحي، مما عزز مكانتها كمذيعة محترفة.

تقول سحر إمامي عن أول أداء تلفزيوني لها: “أول عمل بث مباشر قدمته كان “نحن قادمون إلى المنزل”، والذي كنت متحمسة له للغاية”.

وعن البرنامج الذي استمتعت به أكثر تحكي إمامي عن ذلك، فتقول: “برنامج سنعود إلى المنزل، كانت أول وظيفة لي، كانت بث مباشرة، وكنت أقول أشياء لا أعرفها، كان عليّ أن أذكر الحجم والكمية، وكنت أحاول حفظ الكلام والأرقام، لكن عدم الاعتماد على النص وحده يُشعرني بالتوتر ولكن بالطبع، مع مرور الوقت، يصبح الأمر أسهل، الآن أؤدي بسهولة وهدوء شديدين، حتى لو ارتكبت أخطاء”.

الألوان والحجاب 

تتميز إمامي بأسلوبها الفريد في اختيار الملابس، مفضلة الألوان الزاهية مثل الأحمر والأخضر الفاتح، بعيدا عن الألوان الداكنة التقليدية في برامج الأخبار، ترى أن الألوان المبهجة تعزز مزاج المشاهد وتضفي جوا إيجابيا وتلتزم بقواعد الحجاب والآداب الإعلامية الصارمة، مع الحفاظ على لمسة شخصية كما تؤكد أن المكياج يقتصر على الإخفاء لإزالة العيوب، دون استخدام مستحضرات بارزة مثل الكحل أو أحمر الشفاه.

وعن الألوان المفضلة لها تقول سحر إمامي، تقول: “نادرا ما أرتدي ألوانا داكنة في البرنامج، وأنا ضدها تماما وأستخدم الأحمر أو الأخضر الفاتح لتغطية العباءة والحجاب، وهذا جيد، كما أستخدم الألوان المبهجة؛ لأنني أعتقد أنه إضافة إلى الشعور بالسعادة، قد يُغير لون الفرح مزاج المشاهد، إضافة إلى مشاهدة البرنامج الاجتماعي للشبكة الإخبارية مع ذلك، يُمنع استخدام المكياج مثل محدد الشفاه، وكحل العيون، والماسكارا، وأحمر الشفاه، وأحمر الخدود، ويُنصح بوضع مكياج خفيف فقط على الوجه”.

طموح سياسي

سحر إمامي متزوجة منذ سنوات وزوجها صحفي ولديها ابن، لكنها تحافظ على خصوصية حياتها الأسرية، ورغم عروض عمل أكثر ربحية، اختارت إمامي الإعلام بدافع الشغف، مؤكدة أن الراتب ليس أولويتها.

وفي مقابلة سابقة، أعربت إمامي عن رغبتها في العمل بالمجال السياسي والإخباري، وعند سؤالها عن التمثيل، لم تستبعد الانضمام إليه مستقبلا، لكنها أكدت تمسكها بالإعلام. تظل إمامي ملهمة لكثيرين، خاصة النساء في الإعلام، بفضل قدرتها على الجمع بين المهنية والشجاعة.

آخر ما قالته قبل القصف

حين تعرض مبنى التلفزيون الإيراني الرسمي لقصف إسرائيلي في 16 يونيو/حزيران 2025، خلال بث مباشر للمذيعة سحر إمامي عبر شبكة تلفزيون خبر، وسط الغبار الكثيف الذي غمر الاستوديو، وجهت  هذه الكلمات قبل القصف: “صوت المعتدي على تراب الوطن هو صوت ضد الحق والحقيقة”، وأضافت، وهي تكافح لمواصلة البث: “ما سمعتموه كان من أجواء الاستوديو الملبدة بالغبار”، قبل هروبها للنجاة بحياتها، رددت “الله أكبر” ثلاث مرات معبرة عن صمودها.

إمامي، التي عادت لاحقا للبث من موقع آخر، أظهرت شجاعة استثنائية،  بثباتها وجرأتها، عززت مكانتها كأيقونة إعلامية تجمع بين المهنية والتحدي في مواجهة الأزمات.

سحر إمامي ليست مجرد مذيعة، بل رمز للإصرار والشغف، من استوديوهات طهران إلى لحظات الخطر، أثبتت أن الإعلام رسالة تتطلب قلبا جريئا بأسلوبها المميز وصوتها الهادئ، تواصل تقديم رسالتها للجمهور بثبات وشجاعة ومهنية، تاركة إرثا من الالتزام والتأثير.

وتُعد إمامي رمزا للشجاعة والالتزام المهني، حيث واصلت تقديم الأخبار رغم التهديدات والمخاطر والقصف الإسرائيلي المتواصل، حتى استحقت ألقابا مثل “الزينبية” و”صوت الحقيقة”، مما يعكس تقدير الجمهور لدورها الكبير والخطير في مواجهة التحديات.