الناشط الإصلاحي محمد عطريانفر: استجواب وزراء بزشكيان طبيعي فالحكومة اعتُمدت دون رضا الأصوليين

في حوار خاص مع وكالة “خبر أونلاین”، يوم السبت 3 مايو/أيار 2025، تحدث محمد عطريانفر، الناشط السياسي الإصلاحي والعضو البارز في حزب “كوادر البناء”، عن التوتر المتصاعد بين البرلمان الإيراني وحكومة بزشكيان. 

حيث يعتقد عطريانفر، في حواره مع الوكالة المحسوبة على مكتب علي لاريجاني مستشار المرشد الإعلى الإيراني علي خامنئي، أن البرلمان الذي تراجع عن تصويته الفئوي على أعضاء حكومة بزشكيان بسبب تذكير خفي وغير مكتوب من المرشد، قد وصل الآن إلى نقطة التعويض، ويريد أن ينقض التصويت السابق.

وتابع أن عددا من نواب البرلمان قد شرعوا في طرح استجواب لوزيرة الطرق والتنمية الحضرية بإيران، قليلون كانوا يتوقعون أن تكون فرزانه صادق ثاني وزيرة تُطرح مسألة استجوابها. 

ففي آخر يوم من شهر يوليو/تموز 2024، عندما ذهب بزشكيان إلى البرلمان للدفاع عن وزرائه المقترحين، شدد بشأن الوزيرة الوحيدة في حكومته قائلا: «السيدة صادق مالواجرد تم ترشيحها بتوصية من السيد (المرشد) نفسه».

وتابع أنه من بين المحاور الثمانية لهذا الاستجواب، يرتبط محور واحد فقط بحادثة انفجار ميناء الشهيد رجائي، أما باقي المحاور فتشمل: إغلاق منظومة تسجيل طلبات الإسكان وحرمان المواطنين من حقوقهم القانونية، عدم تنفيذ الالتزامات القانونية بما يتناسب مع قانون دعم الشباب والأسرة.

 الأداء الضعيف جدا للوزارة في تنفيذ القوانين المنظمة لسوق الإسكان، والتخبط الشديد وغياب التخطيط في التعيينات والإقالات المتكررة، والانتهاكات القانونية المتكررة، وإلى جانب وزير الطرق، بدأ بعض النواب أيضا التحرك لاستجواب عباس علي آبادي، وزير الطاقة. وتابع الموقع بالتساؤل: إلى أي مدى تُعدّ هذه التحركات فنية، وإلى أي مدى سياسية؟ 

إلى نص الحوار:

بينما لم يمضِ عام بعد على تولي حكومة بزشكيان السلطة، قام المجلس الحالي باستجواب وزير واحد وبدأ منذ أيام في استجواب وزيرين آخرين. كيف تُحلِّل هذا الموضوع؟

المجلس الحالي هو مجلس أصولي راديكالي، الأغلبية القوية من النواب يتبنون خطابا راديكاليا سائدا، تصرفات الراديكاليين السياسية عادة ما تكون متطرفة؛ إما أنهم على وفاق تام مع الشخص أو على خلاف تام معه، مفهوم النسبية والتوازن ليس له مكان في رؤاهم أساسا.

مرشح انتخابات الرئاسة من هذا المجلس الأصولي، في الظروف المعتادة، كان السيد جليلي، وفي ظروف أخرى، مع بعض الانتقاد، كان السيد قالیباف.  على أي حال، لم يتمكن الخياران المفضلان لديهم من النجاح ووصل إلى السلطة شخصية أخرى، والتي كانت أهليته في وقت ما مرفوضة من قبل مجلس صيانة الدستور ولم يكن قد حصل على تأييد في انتخابات الرئاسة.

حكومة السيد بزشكيان، أولا، وصلت إلى السلطة بدعم ومساندة شخصية من القيادة، تأكيد أهليته جاء بتوصية وإصرار من القيادة عبر مجلس صيانة الدستور.  وصل بزشكيان إلى السلطة رغم إرادة القوى الراديكالية المهيمنة في المجلس، هذه القوى كانت غاضبة بشدة من هذا النجاح.


كيف انعكست هذه العصبية في سلوك البرلمان تجاه الحكومة؟

في الخطوة الأولى، خلال مرحلة تأييد صلاحيات الحكومة، كان من المفترض، استنادا إلى الالتزامات والانتماءات السياسية، التنظيمية، الحزبية والفئوية للنواب، أن يتعاملوا مع هذه الحكومة وتشكيلتها الوزارية وفق تلك الخطوط.

 وكان من المحتمل أن يُستبعد نحو 50 بالمئة من أعضاء الحكومة، وبطبيعة الحال كان سيتم تأييد أشخاص كان اختيارهم خارجا إلى حد ما عن سيطرة رئيس الجمهورية أو أن جهات أخرى كان لها تأثير كبير في قرار ترشيحهم.

لكن ما حدث هو أن الحكومة نالت الثقة الكاملة، وكان ذلك بسبب تذكير جاد من المرشد، مفاده أن البلاد ليست في وضع يسمح للبرلمان بأن يتلاعب بالحكومة أو أن يسعى إلى فرض بعض رغباته الحزبية، التنظيمية أو الفئوية.  هذا التذكير الخفي وغير المكتوب من المرشد أدى إلى أن يمنح البرلمان، وبصورة موحدة، الثقة القاطعة لأولئك الذين رشحهم رئيس الجمهورية لتشكيلة الحكومة، وهكذا تأسست وتشكّلت الحكومة في خطوتها الأولى.


لكنهم الآن لجأوا إلى الاستجواب!

لم يمضِ وقت طويل، أقل من سبعة أو ثمانية أشهر على تولي رئيس الجمهورية لمنصبه. يخطط النواب، بحسب اعتقادي، لا سيما الوجوه المؤثرة في تلك المجموعة، لنكث العهد، في تلك اللحظة، وصلت الحكومة إلى السلطة بدعم من المرشد، واضطر البرلمان، على مضض، إلى الامتثال، أما الآن، فهم يريدون تعويض ما مضى.

بمعنى أنهم يريدون التعامل مع الحكومة، بشكل عام، من منظور سياسي، وكانت أولى خطوات هذا التعامل مع السيد همتي، فقد تم استجواب السيد همتي وكُسر تصويته دون أي مبرر أو منطق مقبول قانونيا. 

وإلا، فالجميع يعلم أن لو كان موضوعهم هو سعر الدولار، فإن دور وزير الاقتصاد في تحديد سعر صرف الدولار مقابل الريال يُعد ضئيلا للغاية، في الحقيقة، كان التعامل الذي حصل سياسيا بحتا.

 برأيكم، هل سيقتصر الاستجواب السياسي على همتي، أم أن استجواب فرزانة صادق، وزيرة الطرق والتنمية الحضرية بإيران، سياسي أيضا؟

برأيي، كل تعامل آخر في هذه الفترة الزمنية القصيرة، حيث لم تمضِ مدة طويلة على بدء عمل الحكومة، له تفسير سياسي بحت تجاه الحكومة الحالية، لا سيما حين نرجع إلى تفاصيل الاستجواب، يتضح هذا الأمر بجلاء. 

فقد رأينا في التفاصيل، في البنود، وفي الشروحات الواردة في نص استجواب السيد همتي، أن الأمور لم تُطرح بصواب أو دقة، بل كانت في الغالب ذات توجهات سياسية.

هل يمكن تحميل وزير واحد مسؤولية أزمة الإسكان المستمرة منذ 40 عاما في إيران؟


في ما يخص السيدة صادق التي أشرتم إليها، نرى أن البنود الستة أو السبعة التي طرحوها تتضمن تعميمات غير مقبولة، هل من المعقول أن تُحمَّل أزمة الإسكان في إيران، التي تمتد لأربعين عاما، بكاملها على عاتق وزير واحد فقط؟!

أو مثلا قضية توفير مأوى للشباب في البلاد، أو موضوع الموانئ الذي أشاروا إليه، هذه قضايا لا تعود إلى أداء هذه الحكومة أو شخص هذا الوزير أو هذه الوزيرة بالتحديد.  بل إنها ذات خلفية طويلة، تعود أساسا إلى تقصير بعض المسؤولين في الماضي، ولكنها ناجمة بالدرجة الأولى عن الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.

من هذا المنطلق، أعتقد أن حتى بندا واحدا من المفاهيم المطروحة كأسباب لاستجواب السيدة الوزيرة يمكن الطعن فيه ورفضه، ويمكن اعتباره تعاملا سياسيا بحتا. لا يوجد أي طرح إيجابي أو حجة مقنعة قانونيا في هذا الشأن، ومن المحتمل أن تمتد هذه المسألة لاحقا لتطال وزراء آخرين، حيث يتم وضعهم تحت الضغط تحت غطاء الاستجواب.


ما الذي ينبغي للحكومة فعله الآن؟

الحكومة، بما أنها ملزمة بالقانون على أية حال، فعليها أن تتخذ موقفا مسؤولا ومُجيبا تماما في مواجهة الاستجواب، ويجب ألا تتجه نحو صفقات أو مساومات مع النواب ليتم التصويت لصالح الوزير أو ضده.

على الحكومة، وكذلك الجهات المرتبطة برئيس الجمهورية والتي يقع على عاتقها الدفاع عن أداء السيدة الوزيرة- سواء كانت شخصها أو الكوادر البرلمانية الداعمة لها- أن ترد بطريقة ذكية، دقيقة ومنطقية للغاية، ويجب أن تعتبر الرأي العام للشعب الإيراني هو المخاطب الأول لها.


لماذا يجب أن تكون الرسالة موجهة إلى الرأي العام وليس إلى النواب؟

من الأساس، لا ينبغي أن تُشغل الحكومة ذهنها بهؤلاء النواب، الغالبية الساحقة من هؤلاء النواب هم ممن يتظاهرون بالنوم، ولا نية لديهم للاقتناع. فأي توجه نحو إقناعهم هو في الواقع كمن يرمي حجرا على جدار؛ الحجر سيرتد ولن يصيب الهدف، من هذا المنطلق، أرى أن عليهم أن يوجّهوا خطابهم إلى الرأي العام، ففي هذه المسألة، أعتقد أن الرأي العام هو من يمكنه أيضا أن يدفع النواب إلى التراجع.

 وإذا تجاوزنا هذه القضية، ففي ظل الظروف الخاصة التي نمر بها، من وجود العقوبات والمفاوضات الجارية، ينبغي أن تكون الحكومة قادرة ومتمكنة في أداء مهامها.  والواقع أن المؤسسات المؤثرة، التي بإمكانها كبح البرلمان عن التصرفات القبلية وغير المنطقية، يجب أن تتحرك وتُفَعَّل.

الحكومة حكومة وطنية، وليست حكومة فئوية أو حزبية، لا يمكننا اليوم أن نقول إن حكومة بزشكيان إصلاحية، ولا يمكننا أن نقول إنها أصولية.  هذه حكومة جاءت إلى السلطة في لحظة زمنية خاصة، وبدافع من هواجس المرشد، وتسعى إلى اتخاذ خطوات فعالة في سبيل تحقيق الأهداف وتحمُّل المسؤوليات.