- دنيا ياسر
- 8 Views
أجرت صحيفة “آرمان ملي” الإيرانية الإصلاحية، الثلاثاء 3 يونيو/حزيران 2025، حوارا مع رضا أكـرمي، النائب السابق في البرلمان الإيراني لخمس دورات، حول تقييمه لأهداف وآمال الإمام الخميني بعد مرور 37 عاما على وفاته، ومدى تحقق تلك الأهداف، لا سيما في ما يخصّ دور الشعب، والاستقلال، والعدالة الاجتماعية، وعلاقة الجيل الجديد بفكر الإمام.
وفي ما يلي نص الحوار:
بعد مرور37 عاما على رحيل الإمام الخميني… إلى أي مدى تحققت أهدافه؟
عندما اعتقلت سلطات نظام الشاه الإمام الخميني في أثناء انتفاضة 5 يونيو/حزيران 1963 واقتادته إلى المنفى، سأله أحد عناصر السافاك: “أين أتباعك؟”، فأجابه الإمام بجملة خالدة: “أنصاري في مهود أمهاتهم”. وقد تحقق هذا القول فعلا، إذ تحققت الثورة الإسلامية عام 1979 بدعم من هؤلاء الرضع الذين أصبحوا شبابا مفعمين بالحماسة في ذلك العام.
غير أن أهداف الثورة لم تكن مطلقة، بل ينبغي أن ننظر إليها بنظرة نسبية. بعضها تحقق في حياة الإمام، وبعضها الآخر استمر بعد رحيله. من أهم تلك الأهداف، الاستقلال الوطني، وهو هدف تحقق بالفعل، إذ أصبحت إيران، اليوم، دولة مستقلة تتخذ قراراتها المصيرية بنفسها، ولا يستطيع أحد أن يفرض عليها إرادته. صحيح أن الاستقلال لا يعني انعدام أي تبعية تماما، ولكن لا أحد اليوم يستطيع أن يملي علينا قراراتنا، بل نحن من يقرر ويعمل، حتى لو شابت هذا العمل بعض الأخطاء، وهو أمر طبيعي في كل دول العالم. ولهذا أقول إن الإمام حقق أهدافه ورحل عن الدنيا مطمئنا.

ما العقبات التي واجهت تحقيق أهداف الإمام الخميني؟
كان الإمام يسعى لتمكين المحرومين والمستضعفين، وإزالة الفوارق الطبقية، وبناء مجتمع قائم على التعليم والتزكية والنمو والمساواة. غير أن العقبات الداخلية من المعارضين المحليين، والتحديات الخارجية من الأعداء، حالت دون تحقق النظام الفكري الذي أراده الإمام في إيران بالكامل.
أعتقد أنه لو طُبِّقت أفكار الإمام السياسية والاجتماعية كما كان يريدها، لما شهدنا هذا القدر من الانقسامات والنزاعات الطبقية اليوم. ولهذا، رغم أن الإمام لم يكن يتدخل بشكل مباشر في نتائج الانتخابات بعد الثورة، إلا أنه في بعض الحالات النادرة، ولضمان الوحدة الوطنية ومنع الفتنة، كان يتدخل ويحدد الموقف.
السؤال الآن: هل كان بالإمكان خلال 37 عاما بعد وفاته تحقيق كل أهداف الثورة؟ برأيي، نجحنا في بلوغ الأهداف المعقولة. من أبرز ما دعا إليه الإمام هو إشراك الناس في اتخاذ القرار. رغم رؤيته ملايين الناس في الشوارع يؤيدون الثورة، إلا أنه أصرّ بعد الانتصار على عرض نظام إيران على الشعب للاستفتاء.
لقد كانت مشاركة الناس في كافة شؤون الدولة من ابتكارات الإمام، ما يدل على اهتمامه الكبير بالشعب. علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أيضا، أن الحرب المفروضة لثماني سنوات عقب الثورة، ثم العقوبات الظالمة، فرضت واقعا اقتصاديا صعبا حال دون تحقيق كل الأهداف، بغض النظر عن طبيعة النظام أو الحكومة التي كانت موجودة.
كيف يمكن للجيل الجديد أن يتواصل مع أهداف الإمام الخميني؟
أفكار الإمام خالدة ولا تبلى مع الزمن، وهي موجهة لكل الأجيال. على الجيل الجديد أن يراجع أهداف الإمام وطموحاته. أنصحهم بقراءة وصية الإمام المكونة من 29 صفحة، فهي كافية لتوضيح أبعاد شخصيته وفكره.
من المهم أن يعرف الجيل الجديد وضع إيران قبل عام 1979 وما أصبحت عليه اليوم. مقارنة بسيطة بين هذين الزمنين تكفي لاستخلاص الدروس. برأيي، أي شخص حر، أيا كان مذهبه أو توجهه، ينبغي أن يحترم حرية الفكر التي جسدها الإمام الخميني. لقد كان يؤمن أن الشعب لا يحتاج إلى وصي، وأن الناس يفكرون جيدا، وأنهم شجعان ويجب التفاعل معهم بأخلاق محمدية وتوعيتهم بصدق.
كما دعا الإمام الشباب إلى التمسك بالقيم الإنسانية، وبمفاهيم الاستقلال والحرية، وكان يولي أهمية كبيرة ليقظة الشباب، وخصوصا في الجامعات، التي كان يعتبرها مصانع لبناء الإنسان.

إلى أي مدى التزم المسؤولون بأهداف الإمام؟ وما التحديات؟
هناك أمران ينبغي أخذهما بالحسبان: أولا، الإنصاف في تقييم أداء المسؤولين، وثانيا، عدم النظر إلى الأمور من منظور مثالي. لا بد من الاعتراف بوجود فجوة بين الواقع الحالي والطموحات المنشودة، وعلينا العمل لسد هذه الفجوة.
الإمام لم يطرح توصيات مطلقة، بل كان يرى الأمور نسبيا، فكما أن للمسؤولين إيجابيات، لديهم أيضا سلبيات. وهذا أمر طبيعي في جميع أنحاء العالم.
لكن ما كان الإمام يؤكد عليه هو أن يكون المديرون من الشعب، يخدمون الشعب. الاستراتيجية التي كان يعتمدها في الإدارة هي كسب ثقة الناس ورضاهم. ولهذا كان يحذر المسؤولين دائما من ظهور حالات سخط شعبي في المؤسسات أو الوزارات التابعة لهم.
الإمام لطالما نبه رجال الدولة إلى أنهم خُدّام للشعب، وليسوا فوقه، وأن عليهم الابتعاد عن الانحرافات والفساد وجمع المال، والعمل بصدق وإخلاص من أجل الأمة.