بين الأمس واليوم.. “كيهان الأصولية” توثق كيف غيّر الخميني وجه إيران

نشرت صحيفة “كيهان” الإيرانية الأصولية، الثلاثاء 3 يونيو/حزيران 2025، تقريرا استعرضت فيه الذكرى الـ36 لرحيل الإمام الخميني وكيف بقي نهجه مصدرا للعزة والإلهام، كما سلط الضوء على إنجازات إيران العلمية والعسكرية وصمودها أمام التحديات والمؤامرات الغربية.

ذكرت الصحيفة أن الشباب اليوم يتقدمون الصفوف في المسيرة الحضارية نحو تحقيق الحضارة الإسلامية وظهور الإمام المهدي، مؤكدة أن نهج الإمام الخميني لا يزال حيا، ويمنح الأمة العزة، ويوجهها نحو السبيل الصحيح، ويجسد آمال الثورة الإسلامية، في ظل أفق مشرق ينتظرها.

أردفت أن إحدى الليالي الحزينة شهدت ورود نبأ تدهور الحالة الصحية للإمام  الخميني  مما أدخل الحرس الثوري في حالة استنفار قصوى. تابعت أن القلوب كانت مشدوهة من القلق، والعيون مغرورقة بالدموع، والأكف مرفوعة بالدعاء، لكن البكاء حال دون تمامه.

وأضافت أن مهمة متابعة الأخبار، وخصوصا تقارير وكالات الأنباء الأجنبية، أُوكلت إلى مديرها آنذاك، في وقت لم تكن فيه وسائل الاتصال الحديثة كالهاتف المحمول أو الإنترنت متوفرة، بل مجرد خطوط هاتف محدودة وجهاز تلكس بسيط.

أكدت أن الاتصال كان دائما مع قوات الحرس الثوري المتواجدين في بيت الإمام ، حيث كانت الأخبار الواردة مشوبة بالحزن والأسى. وفي حدود الساعة العاشرة مساء، وقع النبأ الجلل، حيث نقل أحد الإخوة من بيت الإمام الخبر قائلا وهو يغالب دموعه: الإمام رحل.

أشارت إلى أن هذه العبارات الموجعة مأخوذة من ذكريات مدير كيهان عن ليلة الرحيل واليوم الذي تلاها.

“أسوشيتيد برس”: الخميني أشرق من جديد بعد الغروب

بحسب ما روته الصحيفة، فإن الاتصال جاء بعد دقائق يُفيد بتأجيل إعلان خبر الوفاة إلى اليوم التالي. وفي صباح 4 يونيو/حزيران1989، حين بثّ الراديو الخبر: “الإمام قد التحق بالله”، بدا المشهد كما لو أن يوم القيامة قد حلّ. خرجت الجماهير الغفيرة، من كل الأعمار، إلى الشوارع، فعمّ الحزن وارتدت إيران السواد.

وأردفت الصحيفة أن الأعداء في الخارج، الذين طالما انتظروا هذا اليوم، عبّروا عن فرحهم، ونشرت وكالة أسوشيتد برس تقريرا قالت فيه: “نهاية حياة الخميني تعني بداية انهيار إيران إلا أن المفاجأة، كما تقول الصحيفة، جاءت لاحقا، إذ عادت الوكالة نفسها لتنشر تقريرا أشارت فيه إلى الحشود المليونية ودموعها، مؤكدة: الخميني بعد غروبه قد أشرق من جديد”.

الإمام الذي أحيا الروح في الأمة

أكدت الصحيفة أن قلوب العاشقين للخميني باتت اليوم أكثر ارتباطا به من أي وقت مضى، معتبرة أن خلود ذكرى الإمام ونهجه لا يزال نابضا بالحياة وملهما للأجيال. تابعت أن صوت الإمام كان يخترق أعماق الشعوب، داعيا إلى الوثوق بالله والقيام لله.

وأضافت أن الإمام أسس مدرسة فكرية وسياسية واجتماعية إسلامية متكاملة، مستنهضا عبرها قدرات الشعب الإيراني، ليقدم نموذجا جديدا للإنسان المعاصر. ورغم التراجع الأخلاقي العالمي، أعاد الإمام إحياء الروحانية.

ذكرت أن الإمام أطاح بنظام الحكم الوراثي الذي ساد في إيران لآلاف السنين، وأسس نظاما يقوم على الإسلام المحمدي الأصيل، في إنجاز غير مسبوق منذ صدر الإسلام. واستشهدت الصحيفة بكلام القائد الأعلى، خامنئي: الإمام الخميني أخرج الإسلام من غربته.

ثلاثية الروحانية والعقلانية والعدالة

أشارت الصحيفة إلى أن الأبعاد الثلاثة التي قامت عليها مدرسة الإمام الخميني هي الروحانية والعقلانية والعدالة، مؤكدة أن سلوكه ونهجه كانا متجذرين في هذه المبادئ. وأردفت أن الإمام ركّز على خدمة المحرومين، داعيا المسؤولين إلى تجنّب حياة الترف.

أوضحت نقلا عن المرشد الأعلى، أن محور فكر الإمام كان يتمثل في الإسلام والشعب، حيث استمد ثقته بالشعب من روح الإسلام نفسه. وأكدت ضرورة الاطلاع على كلمات الإمام لفهم الثورة، لأنه لا يزال يخاطبنا بها.

وأضافت أن قضايا من قبيل “الشعب”، “الاستقلال”، “القيم الإسلامية”، “مناهضة الاستكبار”، “القضية الفلسطينية”، “معيشة الناس”، و”الاهتمام بالمستضعفين”، كلها تشكل ركائز الثورة. ومن خلالها، تُرسم “هندسة الثورة الإسلامية”، كما يصفها قائدها الحالي.

استمرار النهج بقيادة خلف الإمام الصالح

أوضحت الصحيفة أن مراكز الدراسات الغربية وصفت قيادة الإمام الخميني بـ”الكاريزمية”، استنادا لنظرية ماكس فيبر، مدّعية أن غيابه سينهي الثورة. لكن الصحيفة ردت بأن القيادة الإلهية تستمد جاذبيتها من الله، وأن الإمام كان مجرد واسطة لهداية الناس.

وأضافت أن رسالة الإمام لم تنتهِ برحيله، بل ازدادت إشراقا وتأثيرا، وواصلها خلفه الصالح، قائد الثورة  خامنئي، بكل حكمة وثبات، حافظا على جوهر مدرسة الإمام وقوتها.

تابعت الصحيفة أن انتخاب مجلس خبراء القيادة لسماحة السيد القائد في يوم رحيل الإمام، كان قرارا إلهيا بارزا ضمن مسار استمرار هذا الطريق المبارك.

القيادة الذكية ومواجهة التحديات الكبرى

أكدت الصحيفة أن قيادة خامنئي واجهت أزمات معقدة من حروب أمنية واقتصادية وإعلامية، ومع ذلك خرجت الثورة مرفوعة الرأس، وقد تحققت الكثير من آمال الإمام الراحل.

وأشارت إلى أن إيران تحولت إلى أقوى دولة في المنطقة، ذات تأثير دولي كبير، مع ترسيخ جذور الثورة الإسلامية وولادة “محور المقاومة”.

أردفت أن العدو حاول إخراج سوريا من محور المقاومة، لكنه مني بهزيمة تاريخية. كما أشارت إلى الفتن التي شهدتها البلاد في أعوام 1999، 2009، 2017، 2019، و2022، مدعومة من قوى كبرى كالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، والتي فشلت جميعها أمام القيادة والشعب.

إنجازات علمية تضع إيران في مصاف الدول المتقدمة

ذكرت الصحيفة أن قيادة الخميني وغرس روح “نحن نستطيع” في وجدان الشعب الإيراني، أفضيا إلى تحقيق قفزات علمية مدهشة، وضعت إيران في موقع متقدم على الساحة العالمية رغم الحصار والضغوط.

وأوردت قائمة بأبرز هذه الإنجازات، مؤكدة أن إيران باتت:

ثاني دولة عالميا في صناعة صمامات القلب، وفي علاج الثلاسيميا بزراعة نخاع العظم

ثالث منتج لأبراج الكهرباء، وثالث دولة في بناء السدود

ثاني دولة في إنتاج أدوية النانو، وفي تصنيع الطائرات المسيّرة الشبحية

عاشر دولة في تكنولوجيا الليزر، وتاسع دولة تمتلك دورة تكنولوجيا الفضاء

رابع منتج عالمي للإيثانول، ورابع قوة صاروخية وبحرية في العالم

أول دولة في إنتاج الزرعات الصناعية الحيوية، ومحركات الطائرات في غرب آسيا

خامس دولة في تصنيع الإنسان الآلي

من بين الدول العشر الأولى في صناعة الغواصات، والطاقة الشمسية

مكتفية ذاتيا في إنتاج البنزين، ومنتجة لأسرع طوربيد شبح في العالم

وأكدت الصحيفة أن هذه المؤشرات العلمية تمثل مصدر اعتزاز لكل الإيرانيين ومحبي الثورة الإسلامية، لا سيما أنها تحققت في ظل عداء غربي ممنهج وحصار متعدد الأوجه.

العدو يخشى من التقدم العلمي الإيراني

أشارت الصحيفة إلى ما قاله المحلل الإسرائيلي “إليف صباغ” لقناة 24i: “القضية ليست القنبلة النووية، بل التقدم العلمي الإيراني”، معتبرا أن هذا ما يخيف تل أبيب حقا.

وأضافت أن مجلة “نيو ساينتست” نقلت عن موقع Web of Science أن إيران تحقق أسرع معدل نمو علمي في العالم، يتجاوز 11 ضعف المعدل العالمي.

تابعت أن مجلة Science أشادت بقدرة إيران على التقاط أول صورة للكون عبر تلسكوبها المحلي، ووصفت المشروع بالإنجاز الهندسي العظيم، رغم ظروف العقوبات.

القيادة الواعية والشعب البصير.. سر الفشل الأمريكي

وأكدت أن القيادة الواعية والبصيرة الشعبية أسقطتا مخططات العدو، وأدت إلى فشل سياسة “الضغط الأقصى” والمشروع الأمريكي للشرق الأوسط الجديد، كما أجبرته على الانسحاب من العراق وأفغانستان.

أوضحت الصحيفة أن محور المقاومة اليوم يستلهم من الثورة الإسلامية، ويظهر ذلك من خلال ما حققته حركات المقاومة كحماس والجهاد الإسلامي من ضربات موجعة للعدو “الاحتلال الإسرائيلي”.

أردفت أن حزب الله، الحوثيين، والمقاومة العراقية، وجهوا ضربات للولايات المتحدة وإسرائيل، مما يثبت فعالية المدرسة التي بناها الإمام.

استشهدت بكلمة قائد الثورة في مراسم تخريج ضباط القوات المسلحة  بتاريخ 3 أكتوبر/تشرين الأول 2022 حين قال:الأعداء لا يعادون إيران  فقط، بل يعادون إيران القوية المستقلة. إنهم يريدون إيران زمن الشاه؛ البقرة الحلوب التي تنتظر أوامر السفير الأمريكي!.

Oplus_0

الشعب الإيراني لا يخضع ولا يستسلم

ذكرت الصحيفة أن الشعب الإيراني القوي لا يخضع ولن يستسلم، فهو شعب مناصر للحق، مناهض للباطل، لا يرضخ للطغيان أو للشيطان الأكبر، ولا للاحتلال المجرم.

وأكدت أن مظاهر التلاحم الشعبي في محطات مفصلية، مثل ملحمة التاسع 30 ديسمبر/كانون الأول 2009، وتشييع المدافع عن المراقد محسن حججي، والمراسم المليونية لوداع قائد فيلق القدس الشهيد قاسم سليماني، والرد الصاروخي على قاعدة “عين الأسد” الأمريكية في العراق، وتشييع الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، كلها تجسّد مشاهد ساطعة للعزة الوطنية وروح المقاومة المتجذرة في الوعي الجمعي الإيراني.

تابعت أن الإنجازات العلمية، إسقاط الطائرات الأمريكية، والعمل الجهادي لخدمة المحرومين، كلها تجليات لثبات الثورة. أما الإخفاقات، فهي نتيجة ابتعاد بعض المسؤولين عن مبادئ الإمام ووصايا القائد.

وختمت الصحيفة بأن هذا النضال الذي استمر 46 عاما شهد حالات ضعف أمام إغراءات الدنيا، لكن كثيرين ثبتوا على العهد، واليوم تزداد جاذبية الثورة الإسلامية بين شباب الأمة.