بين تفاؤل المفاوضات وتشدد الداخل الإيراني.. صراع مستمر حول مستقبل الاتفاق النووي

في الوقت الذي تشير فيه بعض التقارير إلى اقتراب إيران والولايات المتحدة من التوصل إلى اتفاق جديد، تشهد الساحة السياسية الإيرانية انقساما حادا بين مؤيدين لهذا المسار ومعارضين له من التيارات المتشددة، سلطت صحيفة “آرمان ملي” في تقرير لها يوم  الأحد 8 يونيو/حزيران 2025، الضوء على استمرار المحادثات بين الجانبين، مؤكدة أن هذا الملف يُدار بشكل أساسي تحت إشراف المرشد الأعلى، بعيدا عن التجاذبات الداخلية. 

ذكرت الصحيفة في تقريرها، أن مسار المحادثات والمفاوضات بين إيران والولايات المتحدة ما يزال مستمرا، ويبدو أن الطرفين باتا أقرب من أي وقت مضى إلى التوصل إلى اتفاق.

وأضافت أن التجارب التي شهدناها في السنوات الأخيرة أظهرت أن التحركات في مجال السياسة الخارجية لا ترتبط كثيرا بالسياسة الداخلية، وأن القرارات في هذا المجال تُتخذ تحت إشراف المرشد الأعلى بإيران.

وتابعت أن ذلك لا يمنع من استمرار بعض الأصوات في الداخل – ممن لديهم سجل سابق في التشدّد تجاه الاتفاق النووي – في تكرار مواقف سبق طرحها، وهي ليست فقط مكررة، بل يمكن أن تُضعف وحدة الصف الداخلي في مواجهة الولايات المتحدة، وتؤدي إلى انقسام في الصوت الوطني الموحد.

وفي هذا السياق قال كمال‌ الدين بير مؤذن، المحلل السياسي والنائب السابق في البرلمان الإيراني، في ردّه على تحركات المتشددين لمراسل «آرمان ملي»، إن المتشددون قد أظهروا دوما أن المنابر الرسمية والإذاعة والتلفزيون في متناول أيديهم، وهم في مثل هذه الظروف يسعون إلى تعكير أجواء السياسة الخارجية، وقلب الأوراق لصالحهم.

وأضاف أن التيار المتشدد سبق أن أحرق هذه الاتفاقية داخل قاعة البرلمان، والآن، إذا تم توقيع اتفاق ما، فليس من المستبعد أن يُقدموا مرة أخرى على مثل هذه التحركات تحت شعار مكافحة الاستكبار.

وذكر أن “الوضع الراهن في المجتمع، حيث ننحدر كل يوم أكثر تحت خط الفقر، هو نتيجة السياسات المتطرفة لهذا التيار السياسي، هذا التيار لا يسمح لأي حكومة بالتفاوض، حتى لو كانت حكومة إبراهيم رئيسي قد قررت التفاوض مع الغرب، فإنهم كانوا سيعزفون اللحن المعارض مجددا، ولن يسمحوا بفك عقد السياسة الخارجية”.

وتابع مشيرا إلى سيناريوهات المتشددين تجاه التفاوض مع أمريكا التيار المتشدد سعى دوما إلى خلق أجواء ضبابية، وهو الآن أيضا يضع هذا الأمر ضمن أولوياته.

 إنهم، من خلال سيناريو، مفاده أنه إذا لم ينجح مسعود بزشكيان في المفاوضات، فعلينا اعتباره فاشلا؛ يسعون إلى الحيلولة دون توقيع أي اتفاق».

وأردف أن هذه الوجوه المتشددة تسعى باستمرار إلى خلق ثنائية الاستقطاب في الساحة السياسية الإيرانية، وإذا كانت الحكومة إصلاحية، فإنهم يزيدون من معارضتهم وتضادهم، من دون أن يفكروا بالمصالح الوطنية أو تكون لديهم نظرة مستقبلية.

وأوضح أن هؤلاء، من خلال الضغوط التي مارسُوها، تمكنوا من إقصاء محمد جواد ظريف، أهم ركيزة دبلوماسية في الحكومة، من مبنى رئاسة الجمهورية، وهم الآن أيضا يسعون إلى ضرب مصداقية الحكومة.

وتابع بالقول: “يجب على الجميع أن يبذلوا جهدهم كي نتمكن من رفع العقوبات بطريقة ما، كي يتمكن المجتمع من التنفس، لكن يبدو أن هذا الأمر لا يهم المتشددين”.

هدف أمريكا من المفاوضات

قال محمود نبويان، النائب عن طهران في البرلمان الإيراني، يوم الجمعة 6 يونيو/حزيران 2025، خلال المؤتمر الوطني لمكتب الاتصالات الثقافية بعنوان «امتداد خطاب الإمامين القائدين»: «إن أمريكا طلبت صراحة من إيران أن تُوقف تخصيب اليورانيوم بالكامل، وأن تُفكّك البنى التحتية النووية، وأن تتخلّى عن التقدّم في مجال التكنولوجيا الدفاعية، لكن هذه المطالب لن تُقبل أبدا”.

وأضاف أن التخصيب النووي هو رمز الاستقلال العلمي والاقتدار الوطني للبلاد، ونحن نواجه الضغوط الغربية في وقت يسعى فيه الغرب إلى نزع السلاح الاستراتيجي لإيران، بينما ايران لا تواجه هذه التهديدات من موقع ضعف، بل من موقع قوة.

وتابع أن القيادة صرّحت بوضوح بأن هدف أمريكا من التفاوض ليس حلّ الخلاف، بل فرض الإرادة وإذلال الشعب الإيراني، وأن الأمريكيين لا يستهدفون البرنامج النووي فقط، بل القدرات الدفاعية، وتكنولوجيا الطائرات المسيّرة، والقوة الإقليمية لإيران أيضا.

المسألة هي رفض إيران

قال حميد رسائي، النائب عن طهران، خلال برنامج “الحوار الإخباري الخاص”، إن الجواب هو أن إيران، خلال فترة الاتفاق النووي (برجام)، نفذت كل ما طلبه الطرف المقابل، لكن، هل تم رفع العقوبات؟ في ذلك الوقت، قلت للسيد ظريف داخل البرلمان: أنت مثل حارس مرمى لا يحمي سوى ربع المرمى، وقد دخلت فيه عدة أهداف، بينما تركت الثلاثة أرباع الأخرى مفتوحة تماما لأي أحد ليسجّل الأهداف.

وأضاف أن أسباب العقوبات المفروضة على إيراني تعود إلى أربعة عوامل رئيسية: أولا، القضية النووية؛ ثانيا، البرنامج الصاروخي؛ ثالثا، مسألة حقوق الإنسان التي يُثار الحديث عنها؛ ورابعا، دور العسكريين.

وتابع أن المسألة الجوهرية هي في رفضنا لهم، اليوم، لدى السعودية سجل واضح في قضايا حقوق الإنسان، ومع ذلك لا تُفرض عليها عقوبات ولا تتعرض لأي ضغوط؛ بينما تُفرض العقوبات على إيران بذريعة تلك القضايا ذاتها.

وتابع بالقول: “حتى إذا تحدثنا اليوم مع بعض الأشخاص الذين لديهم تحفظات على أصل الثورة، فإنهم أيضا لا يقبلون بهذه المزاعم”.