حقوقي إيراني: العدوان الإسرائيلي جريمة دولية صريحة.. وخيانة بعض الإعلاميين في الخارج صدمة

Ad 4nxfnkcueboqeabeiftwuktmvtwsldaucg8ucry08xefegw3acjten7vpiqoyfe0puveeejaovpsi9fife0gamwt4nbeci5ak7tcsgkyn46iwylfhahbwezv6sxywvmeik uab5gnbqkeyioqgwl9h0h5nl6 pqjmsrq


ترجمة: شروق حسن

نشرت وكالة أنباء خبر أونلاين، يوم الجمعة 20 يونيو/حزيران 2025، حوارا خاصا مع الحقوقي والمتحدث السابق باسم السلطة القضائية، حسين مير محمد صادقي، تناول فيه الأبعاد القانونية والسياسية للهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران، وأكد مير محمد صادقي أن هذا الهجوم يُعدّ عدوانا صارخا بموجب القانون الدولي، داعيا إلى دعم القرارات الكبرى للنظام والحفاظ على التماسك الوطني.

نص الحوار:

 في الظروف الراهنة، تتحدث بعض الشخصيات عن ضرورة دعم الشعب للقرارات الكبرى للنظام والقوات المسلحة، ما تقييمكم لهذا؟

إذا أردنا الحديث عن الإجراءات التي اتخذها الكيان الإسرائيلي في هجومه على إيران، وما الأساس الذي يمكن أن تستند إليه هذه الإجراءات في القانون الدولي، فلا بد من القول إن التوصيف الإجرامي الأهم والأساسي الذي يمكن إطلاقه على هذه الأفعال هو “العدوان على الأراضي”، وهو ما يُعرف اليوم بهذا الاسم، وكان يُشار إليه سابقا في المحاكم التي أُنشئت بعد الحرب العالمية الثانية في نورنبرغ وطوكيو بجرائم ضد السلام.

وبشكل عام، فإن استخدام القوة ضد الدول الأخرى، من منظور القانون الدولي، غير جائز على الإطلاق، ولا يُستثنى من ذلك سوى حالتين فقط يمكن ذكرهما.

 الحالة الأولى هي في إطار الدفاع المشروع، ومن ذلك الإجراءات التي اتخذتها إيران بعد الهجوم الأول للإحتلال الإسرائيلي، ويجب أن تتوافر شروط معينة ليُعتبر هذا الدفاع مشروعا، وهو ما يُعد جائزا وفقا لمعايير القانون الدولي.

 ومن الجدير بالذكر أن هذا الدفاع المشروع لا يبقى مشروعا إلا إلى الحد الذي لا تُتخذ فيه إجراءات من قبل المجتمع الدولي لمعاقبة المعتدي.

أما الحالة الثانية التي يجوز فيها استخدام القوة، فهي عندما يلجأ مجلس الأمن إلى ممارسة صلاحياته المنصوص عليها في الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بهدف حفظ السلم والأمن الدوليين، كما شهدنا ذلك في حالة العراق، حيث كان هناك على الأقل مرة واحدة تم فيها استخدام القوة بترخيص من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

كيف يمكن لبعض الدول أن تغض الطرف عن هذا العدوان الصارخ؟

ربما يمكن القول إن العدوان على الأراضي يُعد من الجرائم الدولية الجسيمة التي تضاهي في شرّها وبشاعتها كثيرا من الجرائم الدولية الأخرى.

 فمن خلال العدوان الإقليمي قد تقع جرائم حرب مثل قصف المناطق السكنية والثقافية، وقد تُرتكب جرائم من قبيل الجرائم ضد الإنسانية، كما حدث في العدوان الذي شنّه الإحتلال الإسرائيلي على غزة، حيث وقعت جرائم من قبيل التجويع وما شابه، وهي من الأمثلة التي يمكن إدراجها ضمن الجرائم ضد الإنسانية.

وقد تقع حتى جريمة خطيرة مثل الإبادة الجماعية، وهي الأفعال التي تُرتكب بهدف القضاء على واحدة من الفئات الأربع: القومية أو الإثنية أو العرقية أو الدينية. 

ولذلك، واستنادا إلى ما ورد في الوثائق الدولية المختلفة، ومن بينها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن العدوان الإقليمي يُعرّف بأنه تصميم وتهيئة وبدء أو تنفيذ عمل عدواني ضد دولة ما.

وقد نصّت المادة (8 مكرّر) من النظام الأساسي للمحاكم الجنائية الدولية، في الفقرة الثانية، على أن العمل العدواني يتمثل باستخدام دولة ما للقوة المسلحة ضد سيادة دولة أخرى أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي، أو بأي شكل آخر يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة. 

وقد صدرت قرارات من الأمم المتحدة، ومنها الجمعية العامة، ذكرت مثلا في 14 ديسمبر/كانون الأول 1974، ثمانية أمثلة تُعدّ مصاديق للعمل العدواني، والتي يمكن أن تشكل أساسا لتحقّق جريمة العدوان الإقليمي.

وتشمل تلك الحالات الثمانية، على سبيل المثال، هجوم القوات المسلحة لدولة ما على الأراضي البرية أو الجوية أو البحرية لدولة أخرى، وهو المثال البارز الذي ينطبق على الإجراء الذي اتخذه الإحتلال الإسرائيلي ضد إيران.

 ومن المُستغرب كيف يمكن لبعض الدول أن تغض الطرف عن هذا العدوان الصارخ، وتصمت، بل وتذهب أحيانا إلى حد الدفاع عن المعتدي ودعمه؟ فبعد وقوع العدوان قد تُرتكب أيضا جرائم حرب أخرى، وقد شهدنا أمثلة على ذلك في هذا السياق.

 بالنظر إلى أن إيران تمر الآن بمرحلة حساسة، وأن الدفاع عنها أمر بالغ الأهمية، إلى أي مدى ينبغي الاصطفاف خلف القرارات الكبرى للنظام؟

أحيانا ألاحظ أن بعض الأطراف تستغل هذه الظروف لتوجيه الضربات إلى خصومها السياسيين، أو لانتقاد قرارات معينة تم اتخاذها، أو أن هذا الطرف يردّ على ذاك الطرف بطرح قضايا مشابهة. 

موقف بعض القنوات الأجنبية واضح، ولكن ما يثير استغرابي هو أن بعض المذيعين أو المحاورين، الذين يبدو أنهم من أصول إيرانية، قد تحولوا إلى أبواق دعائية للاحتلال الإسرائيلي، حتى إن المرء ليظن أنه لو أراد راديو وتلفزيون إسرائيل إنشاء قناة تلفزيونية موجهة ضد إيران في هذه الظروف الحربية، لما كان بإمكانها أن تؤدي دورا أفضل من هذه القناة الخاصة.

 أُعرب عن دهشتي من هذا القدر من الخيانة للوطن لدى بعض المذيعين الإيرانيين في القنوات الخارجية، من المؤسف أن يصل بعض الأشخاص إلى هذا المستوى من خيانة الوطن، بحيث يتحولون إلى أبواق دعائية لبلد ونظام آخرَين، من الواضح أنهما معتديان. 

بعد الحرب العالمية الثانية، حدثت حالات مماثلة، مثلا شخص بريطاني عمل في محطة إذاعية أنشأها النازيون باللغة الإنجليزية ضد الحلفاء، وكان يروج فيها لخطابات دعائية.

وبعد الحرب، جرت ملاحقته بتهمة الخيانة العظمى ضد بلده، هذا مثال واضح على الخيانة، وأُعرب عن دهشتي من هذا القدر من خيانة الوطن.

 على كل حال، في الظروف الحربية، عندما تُشن حرب على بلادنا، من الطبيعي، بغض النظر عن اختلاف الأذواق والآراء السياسية التي قد تكون لدى الأفراد أو المجموعات، أن يتحد الجميع ويقفوا صفا واحدا، ويُدينوا ذلك العدوان، وأن يبذل كل منهم ما في وسعه دفاعا عن وطنه، وأن يؤجلوا خلافاتهم إلى ما بعد الحرب، ويركزوا على ما تقوله السلطات في البلاد. 

هذا من أهم الأمور التي يجب مراعاتها، لأن هذا التعاضد هو الذي يمكن أن يؤدي إلى انتصار البلاد، وإفشال النظام المعتدي في عدوانه.

إلى أي مدى يجب أن تُقترن المقاومة القائمة في وجه عدوان الكيان الصهيوني على بلادنا بسلسلة من القرارات الدبلوماسية؟

لا شك أنه يجب أن يكون ذلك، فإلى جانب كل قضية أو نزاع مسلح، لا بد أن ترافقه دبلوماسية قوية جدا، وهذان العنصران يدعمان بعضهما البعض، وليس أن يُضعف أحدهما الآخر.

 فالنجاح مرهون بوجود جناحي القوة: القوة العسكرية والمفاوضات الدبلوماسية، ويجب أن يتولى تنفيذ هذا العمل دبلوماسيون محترفون، ومن خلال المزج بين هذين الجناحين، وبدعم شامل من الشعب لكليهما، يمكننا أن نبلغ النصر.

ما هو دور الإعلام الوطني في الحفاظ على التماسك الوطني والتعاطف والوحدة؟ وإلى أي مدى قد تكون عمليات التضليل التي كثّفها العدو في الأيام الأخيرة مؤثرة؟

لا شك أن جميع وسائل الإعلام، لا سيما الإعلام الوطني، تلعب دورا فاعلا في تعزيز الوحدة الوطنية.

 وأحد السبل لتحقيق ذلك هو إجراء مقابلات مع أشخاص ذوي توجهات سياسية مختلفة، حتى وإن كانت لديهم انتقادات تجاه الحكومة والنظام، وسماع آرائهم.

 ومن الطبيعي أن هؤلاء جميعا، لما لهم من حبّ لوطنهم، يدعمون الإجراءات التي تقوم بها البلاد ضد المعتدي، إن مجرد دعوة مجموعة متنوعة من الأشخاص ذوي التوجهات المختلفة إلى التلفزيون والراديو، بحد ذاته، يُسهم في تغطية الطيف السياسي الواسع، للأسف، لم أرَ في الأيام القليلة الماضية أن هذا قد حدث في هيئة الإذاعة والتلفزيون، لكن من المؤكد أن هذا الإجراء يمكن أن يكون فاعلا جدا في توحيد الجميع.

أما في ما يتعلق بعمليات التضليل التي يقوم بها العدو، فإنه إلى جانب الانتصارات العسكرية، فإن الدولة التي تملك اليد العليا في مجال الإعلام والتأثير على الرأي العام، غالبا ما يكون لها دور كبير في تحقيق النصر.

 إن الكيان الإسرائيلي يمتلك وسائل إعلام متعددة في مختلف أنحاء العالم، وقد استخدمها لسنوات طويلة في الترويج لنفسه، وفي الوقت ذاته لإضعاف معنويات أعدائه وخصومه.

 لذلك، لا بد من الالتفات جيدا إلى هذه القضية، وهي أن مثل هذه الحملات الإعلامية تُنفَّذ من قبل العدو، وإذا قمنا نحن بنقلها وترويجها في المجموعات الاجتماعية دون الانتباه، وحتى من دون أن نُعلّق عليها، فإن كل ذلك، بطبيعة الحال، قد يتحول عن غير قصد ودون وعي إلى مساعدة للعدو وخيانة للوطن.