- دنيا ياسر
- 18 Views
ترجمة: دنيا ياسر نور الدين
أجرت صحيفة “فرهيختكان” الإيرانية الأصولية، الأحد 1 يونيو/حزيران 2025، حوارا مع إحسان كياني، خبير الشؤون الدولية، حول تصريحات ترامب بشأن قرب الاتفاق النووي مع إيران بهدف كسب نقاط سياسية داخلية، وقدم كياني تحليلا لأهداف هذه التصريحات وتداعياتها السياسية والإعلامية.
ذكرت الصحيفة أن دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، واصل تصريحاته المتكررة حول الملف النووي الإيراني والمفاوضات غير المباشرة الجارية، وأكد مؤخرا أنه يرى الاتفاق قريبا. وقد رد عليه عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، معتبرا هذا الطرح بعيدا عن الواقع، مشددا على ضرورة رفع جميع العقوبات عن إيران، ومحذرا واشنطن من الاستمرار في المناورة الإعلامية.
ترامب في حاجة إلى إنجاز خارجي قبل الانتخابات
ذكر كياني أن ترامب، في هذا التوقيت، بحاجة إلى تقديم إنجاز في مجال السياسة الخارجية. وأوضح أن هذا يمكن فهمه في ضوء خطوتين سابقتين له: أولهما المفاوضات غير المباشرة مع حركة حماس لإطلاق سراح أسير أمريكي-إسرائيلي، والثانية التوصل إلى هدنة مع أنصار الله وإنهاء المواجهات في البحر الأحمر.
تابع أن ترامب يريد تقديم نفسه على أنه الزعيم القادر على إنهاء النزاعات، واستعادة مكانة الولايات المتحدة ، ومنع تضرر مصالحها. وبما أنه لم يتمكن من تحقيق نتائج في ملفين أساسيين، وهما حرب غزة التي انتهت بتدخل نتنياهو، وحرب أوكرانيا التي لم تنتهِ بسبب رفض بوتين، فإنه يرى في الملف الإيراني فرصة لتعويض الفشل.
وأشار إلى أن تصريحات ترامب الأخيرة، خاصةً تحذيراته لبوتين، تحوّلت إلى مادة للسخرية من قبل معارضيه على تويتر، الذين رأوا أن تحذيراته لا تؤخذ على محمل الجد، وأن بوتين لا يعيره اهتماما، ما جعل اسمه من بين الموضوعات الأكثر تداولا في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي.

استمرار الأجواء الإعلامية مستبعد لأسباب داخلية ودولية
رأى كياني أن استمرار الأجواء الإيجابية الحالية المحيطة بالاتفاق النووي يبدو غير مرجّح، مرجعا ذلك إلى جملة من الأسباب؛ في مقدمتها اقتراب موعد انتهاء صلاحية آلية “الزناد” خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وهي الآلية التي يتطلب تفعيلها تنسيقا أميركيا-أوروبيا مشتركا.
وأضاف أن عاملا آخر يُهدد هذا المسار يتمثل في تصاعد الضغوط من داخل التيار المتشدد في الحزب الجمهوري على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لا سيما من قبل مراكز بحثية ووسائل إعلامية محافظة، تنتقده بشدة بسبب ما تعتبره تهاونا في التعامل مع جماعة الحوثيين، وانخراطه في حوار مع حركة حماس، فضلا عن استمراره في المفاوضات مع إيران.
وذكر أن دینيس روس، مستشار أوباما السابق وأحد مؤسسي معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، نشر مقالا انتقد فيه ترامب، محذرا من أنه يبتعد تدريجيا عن إسرائيل في سياساته تجاه الشرق الأوسط.
وأضاف أن هذا النقد يعكس صراعا داخل الحزب الجمهوري بين جناح معتدل مقرب من ترامب، مثل جي دي فانس، وآخر متشدد مثل ماركو روبيو. ويتوقع أن يتضح الموقف النهائي قبل تفعيل آلية الزناد.
الضغط على الرأي العام الإيراني عبر الأجواء الإعلامية
أوضحت الصحيفة أن بعض التحليلات تشير إلى أن هذه التهيئة الإعلامية تهدف لطرح اتفاق جديد في الجولة المقبلة من المفاوضات، مع استخدام الضغط الإعلامي لدفع إيران للقبول به.
علّق كياني بأن هناك احتمالا كبيرا بأن تكون هذه الأجواء موجهة للرأي العام الإيراني، بهدف خلق انطباع إيجابي عن نوايا واشنطن، وبالتالي، إذا فشلت المفاوضات، يتم تحميل الفريق الإيراني مسؤولية التعطيل، ما يجبره على التراجع بفعل الضغط الشعبي.
وأشار إلى أن هذا التلاعب الإعلامي لا يستهدف فقط الداخل الإيراني، بل يمتد إلى أطراف فاعلة مثل روسيا والصين، في محاولة لإعادة تشكيل حساباتهم بما يخدم المصالح الأمريكية، خاصة إذا قررت واشنطن تفعيل كل عقوبات مجلس الأمن لاحقا.
تصريحات عراقجي الصريحة وردّ إيران بالمثل
أشارت الصحيفة إلى أن عراقجي هذه المرة تحدث بصراحة غير معهودة عن وجوب رفع كل العقوبات، وهو مطلب غالبا ما يُطرح من قبل مسؤولين آخرين. وعلّق كياني بأن هذا المطلب لا يُعتبر حتى مطلبا متشددا، إذ إن إيران طالبت خلال فترة الاتفاق النووي برفع العقوبات المرتبطة بالبرنامج النووي فقط، حيث كانت معظم العقوبات حينها ضمن هذا الإطار.
وتابع أن العقوبات المفروضة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق عام 2018، شملت مؤسسات اقتصادية وعسكرية تحت ذرائع غير نووية كحقوق الإنسان والإرهاب، ولذلك تطالب إيران اليوم برفع هذه العقوبات أيضا، كونها ناتجة بشكل غير مباشر عن انسحاب ترامب من الاتفاق.
وأضاف أن هذا الطرح من جانب إيران يأتي ردا على المطالب القصوى التي تطرحها الولايات المتحدة، مثل وقف كامل لتخصيب اليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية، مشيرا إلى أن المفاوض الإيراني يرفع سقف مطالبه لإرباك حسابات واشنطن داخليا.
هل يمكن رفع العقوبات الأمريكية عمليا؟
أشارت الصحيفة إلى أن إيران تعتبر أي عقوبة غير قانونية وظالمة، حتى ولو كانت رمزية. غير أن كياني أوضح أن العقوبات التي تم فرضها عبر الكونغرس الأمريكي من الصعب جدا إلغاؤها، لأن الأمر يتطلب تصويتا لا يمكن ضمانه في ظل رفض عدد من الجمهوريين للتقارب مع إيران.
ولفت إلى أن بعض أعضاء الكونغرس الجمهوريين أبلغوا الخارجية الأمريكية أن مجرد كون الإدارة جمهورية لا يعني أن الكونغرس سيوافق تلقائيا على أي اتفاق مع طهران.

الرسائل المتناقضة الأمريكية ليست موجّهة لإسرائيل
تابعت الصحيفة أن عراقجي، في تعليقه على بعض الأخبار المزيفة حول العلاقات الأمريكية-الإيرانية، أشار إلى أن استخدام اسم إيران لتصفية الحسابات مع الخصوم داخل الولايات المتحدة أمر لا قيمة له حتى بالنسبة لإسرائيل.
أوضح كياني أن هذه الرسائل المتناقضة ليست موجهة لإسرائيل، لأن الأخيرة ليست بعيدة فعليا عن مجريات التفاوض، بل تجري محادثات أمنية مع الجانب الأمريكي بشكل غير معلن. وأضاف أن الهدف من هذه الرسائل هو دفع إسرائيل لتجنّب أي تحركات قد تؤدي إلى إفشال المفاوضات بشكل كامل، ما سيمنح إيران مبررا للانسحاب ويحرم الولايات المتحدة من فرصة تحميل طهران مسؤولية الفشل.