- دنيا ياسر
- 18 Views
ترجمة دنيا ياسر نورالدين
أجرت صحيفة “آرمان ملي” الإيرانية الإصلاحية الثلاثاء 6 مايو/آيار 2025 حوارا مع الخبير في العلاقات الدولية مرتضى مكي، حول مستقبل المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحده في ظل التغييرات داخل إدارة ترامب وتصاعد التوترات الدولية.
ذكرت الصحيفة أنه مع تأجيل الجولة الرابعة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، وإقالة والتز من منصبه كمستشار للأمن القومي الأمريكي، أصبحت آفاق المفاوضات النووية غامضة إلى حدّ كبير.
وتابعت أنه في الوقت نفسه، تتزايد التكهنات حول المستقبل السياسي ويتكوف، ومن جهة أخرى، فإن سلوك غروسي والوكالة الدولية للطاقة الذرية يُظهر دورهما التخريبي في مسار المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة. كل هذه العوامل جعلت مستقبل هذه المفاوضات ضبابيا.
وقال مرتضي مكي في هذا السياق: حين دخل ترامب البيت الأبيض، أعلن أنه سيحل أزمة أوكرانيا سريعا. إلا أن هذه الوعود تحوّلت اليوم إلى تشاؤم، بعد مرور أكثر من مئة يوم على بدء ولايته الثانية. في الأيام الأخيرة، أشار بعض المسؤولين الأمريكيين إلى احتمال عدم إعلان وقف إطلاق النار في أوكرانيا.
وتابع أنه في ظل هذه الظروف، يحتاج ترامب إلى إنجاز مهم على الساحة الدولية. ونظرا إلى المأزق في أزمة أوكرانيا، والأوضاع الكارثية في غزة، ليس من المستبعد أن يسعى ترامب إلى التوصل إلى اتفاق مع إيران على المدى القصير، ويقدّمه بوصفه إنجازا دوليا مهما. الظروف الآن مهيأة لأن يكون الاتفاق مع إيران أكثر سهولة من أي إنجاز آخر، ولهذا السبب يسعى ترامب لتحقيق ذلك سريعا.

وفيما يلي نص الحوار:
تصاعد الخلاف بين المتشددين والمعتدلين في حكومة ترامب أثّر على مسار المفاوضات مع إيران. هل يمكن أن يُحدث هذا الانقسام تغييرا في مسار المفاوضات بين البلدين؟
منذ تشكيل حكومة ترامب، كانت هناك تيارات متعددة تحيط به، تحاول التأثير على قراراته بطرق مختلفة، وهذا ينطبق على المحافظين الجدد أو المتشددين من حوله. في المقابل، هناك مجموعة أخرى توصف بالمعتدلة، تسعى إلى إدارة الأزمات وتجنّب التصعيد. في الواقع، هذان التياران يشكلان النواة الرئيسية في عملية اتخاذ القرار داخل حكومة ترامب.
والتز ونائبه، إلى جانب روبيو وزير الخارجية، كانوا من المحافظين الجدد الذين يحملون مواقف حادة تجاه العديد من القضايا الداخلية والدولية، بما في ذلك الملف الإيراني. في المقابل، كان ديفيد فانس، نائب الرئيس، و ويتكوف يتبنيان مواقف أكثر اعتدالا، وكانا يحرصان على تجنّب المواجهة العسكرية مع إيران.
عندما اختار ترامب ويتكوف كمفاوض مع إيران، بدلا من اختيار شخصية متشددة، دلّ ذلك على رغبته في تجنّب التوتر والسعي إلى حل دبلوماسي. هذا الاختيار أوجد أملًا بتخفيف التوتر بين إيران والولايات المتحدة، بل وإمكانية التوصل إلى اتفاق بينهما. المراحل الثلاث من المفاوضات بين الطرفين، والتقارير الإيجابية المتداولة، كانت تشير إلى أن المسار التفاوضي كان يسير في اتجاه إيجابي، ما عزز الأمل في التوصل إلى اتفاق يُجنّب الطرفين الصدام.
ما مدى تأثير إقالة والتز على المعادلة بين إيران والولايات المتحدة؟
إقالة والتز تشير إلى أن ترامب لا يميل كثيرا إلى المتشددين، رغم أنه لا يمكن تجاهل تأثيرهم. حدثت تغييرات مشابهة في ولايته الأولى، حيث بقي أول وزير خارجيته نحو عام فقط قبل أن تتم إقالته، والأمر ذاته تكرر مع جون بولتون.
يبدو أننا سنشهد تغييرات مماثلة في حكومته الثانية. ترامب، رغم حديثه عن إنجازات تاريخية، إلا أنه ذو ذهنية بسيطة. البعض يظنه معقّد التفكير، لكن هذا غير صحيح، فمواقفه متناقضة في كثير من القضايا.
بالنسبة للمفاوضات، فإن ويتكوف أكد مرارا أن مسارها إيجابي، رغم استمرار فرض العقوبات من قِبل ترامب خلال تلك الفترة.
الحقيقة أن ترامب لا يتّبع سياسة التصعيد، بل سياسة إدارة التوتر. هذا ما فعله أيضا مع بنما وكندا وكولومبيا، حيث يسعى لتحقيق أهدافه من خلال إدارة الأزمات، وليس إشعالها. لقد أدرك أن التصعيد مع إيران لا يُجدي، لذا غيّر نهجه. من جهة أخرى، اختارت إيران كذلك طريق الدبلوماسية، وهذا ما يمكن أن يمهّد لتقدم في المفاوضات.
في ظل الغموض المحيط بمستقبل المفاوضات، وعدم وضوح مصير ويتكوف، كيف تقيّمون مستقبل هذه المحادثات؟
عند دخول ترامب البيت الأبيض، وعد بحل أزمة أوكرانيا سريعا. الآن، وبعد أكثر من مئة يوم من بدء ولايته الثانية، تحوّلت تلك الوعود إلى تشاؤم، وهناك حديث بين المسؤولين الأمريكيين عن احتمال عدم حدوث أي وقف لإطلاق النار هناك.
في مثل هذه الظروف، يحتاج ترامب إلى إنجاز مهم على الساحة الدولية. ونظرا إلى انسداد الأفق في أوكرانيا، والأوضاع المعقدة في غزة، فمن المحتمل أن يضع ترامب التوصل إلى اتفاق مع إيران كأولوية على المدى القصير، لتقديمه كإنجاز دبلوماسي.
الظروف الراهنة تجعل التوصل إلى اتفاق مع إيران أسهل من أي ملف آخر، ولهذا يسعى ترامب لتحقيق هذا الهدف بسرعة. بل يمكن النظر إلى إقالة والتز كإشارة إيجابية على هذا المسار.
التغييرات المفاجئة في حكومة ترامب، إلى جانب شخصيته غير المتوقعة، كلها عوامل تغذي التكهنات بشأن مستقبل المفاوضات. ومع ذلك، لا أعتقد أن ترامب سيترك طاولة التفاوض مع إيران في هذه المرحلة.
ومن جهة إيران، هناك إرادة جادة للتوصل إلى اتفاق. هذه الإرادة لم تكن موجودة في حكومة الرئيس رئيسي، ولهذا واجهت المفاوضات الكثير من العقبات. لكن الوضع تغير اليوم، وإيران أصبحت أكثر جدية في الوصول إلى اتفاق.
النقطة الأساسية هنا أن إيران تمرّ بمرحلة حساسة، واتخذت القرار الأفضل، وهو الحوار والدبلوماسية.
– في الأيام الأخيرة ظهرت تكهنات حول الدور التخريبي لرافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة. ما مدى واقعية هذه التكهنات؟
منذ انتخاب غروسي مديرا عاما للوكالة، كانت هناك مخاوف من نهجه تجاه إيران.
أعتقد أن على إيران اليوم أن تتكيّف مع واقع المؤسسات الدولية. فمقاربة الوكالة خلال السنوات الأخيرة كانت سياسية، وشهدنا في بعض الأحيان كيف استغلت الولايات المتحدة تقارير الوكالة لإحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن.
علينا أن نقبل بأن الوكالة هي الجهة الوحيدة المخوّلة بمراقبة شفافية البرنامج النووي الإيراني.
تحرّكات غروسي الأخيرة، وسفره إلى الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، تشير إلى أنه ربما يسعى لخلق مناخ يعطّل المفاوضات ويعيد تفعيل آلية الزناد.
ومع ذلك، فإن مواصلة المفاوضات، والنهج الدبلوماسي الإيراني في الملف النووي، يمكن أن يعزز الشفافية ويدفع باتجاه مزيد من التعاون مع الوكالة.
الوقت لا يسير في صالح إيران، ويجب ألا تضيّعه. ومن هنا، فإن الوكالة تمثل نقطة محورية، يمكن لإيران من خلالها – عبر التعاون والإقناع أن تهيئ الأرضية لتحقيق أهدافها في استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية.