- محمود شعبان
- 6 Views
ترجمة: يسرا بشندي
أجرت صحيفة اعتماد الإصلاحية، السبت21 يونيو/حزيران 2025، حوارا مع رحمان قهرمان بور، الخبير في الشؤون السياسية الخارجية، حول تطورات التوتر بين إيران وإسرائيل، ومواقف الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة من مسار المفاوضات، إلى جانب رؤيته لدور الدبلوماسية إلى جانب المواجهة الميدانية في ظل التصعيد الراهن.
وفي ما يلي نص الحوار:
كيف تقيّمون الاجتماع الذي عُقد في جنيف بطلب من الترويكا الأوروبية في ظل الحرب المفروضة على إيران، وإلى أي مدى يمكن أن يُبرز هذا الاجتماع القدرات الميدانية والدبلوماسية الإيرانية؟
الواقع هو أن الوضع صعب بالنسبة لنا كما هو صعب بالنسبة لإسرائيل، مع فارق أساسي يتمثل في أن ما يجعل الوضع أكثر صعوبة بالنسبة لإيران هو أن إيران، في النظام الدولي الحالي، لا تملك حليفا موثوقا يمكن الاعتماد عليه.
في المقابل، الغرب والدول الأوروبية تعلن صراحة دعمها لإسرائيل، أما الولايات المتحدة فتدعمها بشكل أكثر وضوحا، وكذلك حلفاؤها كأستراليا وهولندا ونيوزيلندا وكندا، الذين يقفون جميعا في صفّ داعمي النظام الإسرائيلي.
وفي المقابل، فإن روسيا والصين، اللتين تعتبران تقليديا أقرب إلى إيران، لم تتخذا أي خطوة ملموسة لدعم إيران خلال الأسبوع الماضي.
لذلك، الحقيقة المُرّة التي يجب مواجهتها هي أن إيران في هذا الميدان تقف تقريبا وحدها، وكل توصية أو استراتيجية يتم طرحها، ينبغي أن تستند إلى واقع ميداني ملموس. ومن هنا، لا يمكن توقّع المعجزات من الجهاز الدبلوماسي في إيران، تماما كما أن توقّع المعجزات من القوات العسكرية ليس واقعيا.
ومع ذلك، لطالما أكّدت أدبيات دراسات الشرق الأوسط على قاعدة ثابتة، وهي أن السياسة القطعية للولايات المتحدة تقوم على الحفاظ على التفوق العسكري لإسرائيل في المنطقة. وهذه من الثوابت في السياسة الخارجية الأمريكية.
ولذلك، حتى عندما تكون هناك دول أخرى في المنطقة مستعدة لدفع مبالغ أكبر مقابل الأسلحة، ترفض الولايات المتحدة تزويدها بتقنيات حساسة مثل طائرات F-35، في حين أنه خلال الأيام الأخيرة، دخلت 14 طائرة عسكرية محمّلة بالأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل. وهذه حقائق لا يمكن تجاهلها.
ما القدرات المتاحة للدبلوماسية الإيرانية والتي ينبغي التركيز عليها في ظل الرد الميداني على عدوان النظام الإسرائيلي؟
لا يمكن توقّع أن يُقلب الوضع رأسا على عقب من خلال خطوة استثنائية مفاجئة، وأن يصبح التفوّق من نصيبنا. فإسرائيل قوة نووية، إذ تشير التقديرات إلى امتلاكها نحو 200 رأس نووي، إضافة إلى أنواع من الأسلحة الاستراتيجية شبه النووية والمتطورة، وكذلك طائرات التزود بالوقود جوا وغيرها من المعدات المتطورة التي حصلت عليها من الولايات المتحدة أو قامت بإنتاجها بنفسها.
لذلك، لا يمكن الاكتفاء بنظرة عاطفية أو شعارات حادّة لتحقيق النتائج. ويجب الحفاظ على المسار الدبلوماسي مفتوحا، وفي الوقت ذاته، ينبغي التصرف على نحو قوي ومحسوب في الميدان العسكري. وعلى الأقل، يجب العمل على ألا تتكوَّن صورة هزيمة إيران في الرأي العام. وأُأكد أن التوقعات من الجهاز الدبلوماسي وقدرته على التفاوض في هذه الظروف، لا يمكن مقارنتها بالظروف العادية، لأن إيران تمرّ حاليا بظرف خاص للغاية.
إن بعض الأشخاص في هذا السياق يستخدمون مفردة الاستسلام، لكن برأيي علينا أن نبتعد عن اللغة العاطفية والحماسية، ونتعامل بواقعية مع ما يجري في ساحة السياسة والميدان. فالحفاظ على إيران، وأمن المواطنين، والاستقرار العام، كلها متغيّرات شديدة الأهمية لصانع القرار السياسي، ولا يمكن تجاهلها أو تقديم توصيات بزيادة حدة التصعيد الميداني دون أخذها بالحسبان.
وصحيحٌ أن بعض ردود الأفعال العاطفية تُعتبر من ضرورات الحرب، لكن اتخاذ القرارات على المستويين الدبلوماسي والاستراتيجي يجب أن يستند إلى العقلانية والحساب الدقيق.
كيف تقيّم دور الجهاز الدبلوماسي الإيراني في هذه الفترة الزمنية؟
الدبلوماسي مُكلّف بأن يتصرف بمنطق وحساب في جميع الظروف. وبرأيي، رغم أن بعض الأشخاص يرون أنه لا ينبغي خوض المفاوضات في مثل هذه الظروف، فإن مهمة الدبلوماسي الأساسية هي التفاوض والمساومة، وليست القتال، بل التواصل وفتح قنوات للحوار والتفاهم.
وفي الوقت ذاته، يجب أن يُظهر الجيش الإيراني قدراته وإمكاناته على أرض الواقع، حتى تنخفض الضغوط الخارجية على إيران، ويرتفع وزن الدبلوماسية في المعادلات التفاوضية.
كيف تفسّرون تغيّر موقف الترويكا الأوروبية، التي كانت سابقا مُبعَدة عن مشاورات طهران وواشنطن غير المباشرة، واليوم، في ظل استمرار اعتداءات إسرائيل على إيران، دخلت على الخطّ ساعية إلى خفض التوتر باستخدام أدوات دبلوماسية؟
في الحسابات الكبرى على مستوى السياسة العالمية والقوى العظمى، يدرك الأوروبيون أن استمرار عدم الاستقرار في الشرق الأوسط سيؤدي تدريجيا إلى تراجع مكانة أوروبا وقوّتها. فعندما اندلعت أزمة سوريا، نزح ملايين السوريين، واتجه جزء كبير منهم نحو ألمانيا. وعندما انهارت ليبيا، هاجر قسم كبير من سكانها أيضا إلى أوروبا.
واليوم، تواجه القارة الأوروبية تبعات موجات الهجرة، من انعدام الأمن إلى تنامي التيارات اليمينية المتطرفة التي نشأت كرد فعل مباشر على أزمة الهجرة.
وفي هذا الإطار، أكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن الأوروبيون يشعرون بقلق بالغ من احتمال حدوث حالة عدم استقرار جديدة في دولة كبيرة وذات كثافة سكانية مثل إيران، وهي حالة قد تكون تبعاتها أشدّ بكثير مما شهده الأوروبيون سابقا في سوريا أو العراق أو أفغانستان.
ومن ناحية أخرى، فإن أوروبا أقرب جغرافيا إلى الشرق الأوسط من الولايات المتحدة، وبالتالي، فإن أي أزمة إنسانية أو حالة فوضى شاملة في المنطقة ستنعكس بسرعة وعمق أكبر على أوروبا.
وفي هذا السياق، صحيح أن الأوروبيين يدعمون إسرائيل إلى جانب أمريكا، لكنهم ـ كما صرّحوا مرارا ـ لا يسعون إلى تغيير النظام في إيران ولا يؤيدون زعزعة استقرارها. فهم يخشون من أن تؤدي حالة عدم الاستقرار الواسعة في إيران إلى موجات هجرة تشمل ملايين الإيرانيين نحو أوروبا، ما قد يعرض حدود القارة العجوز لمخاطر أمنية واجتماعية جسيمة.
ما مدى احتمال دخول الولايات المتحدة في هجوم عسكري مباشر ضد إيران في ظل التصريحات المتضاربة لترامب وأعضاء إدارته وتزايد الحديث عن تنسيق مزعوم مع إسرائيل؟
إن الادعاءات حول احتمال دخول الولايات المتحدة في الحرب بين إيران وإسرائيل بدأت بعد مغادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قمة مجموعة السبع؛ ففي تلك المرحلة، كانت تهديدات ترامب جدية للغاية، لدرجة أنه جرى الحديث عن ضرورة إخلاء طهران.
لكن بعد ذلك، شهدنا تراجعا نسبيا في لهجته. وقد يكون لهذا التغير في الخطاب عدة أسباب، من بينها احتمال أن ترامب بات مطمئنا إلى أن إسرائيل قد استهدفت بالفعل بعض المنشآت النووية الإيرانية، أو ربما هو بصدد الإعداد لخطة أكبر ستُنفّذ خلال أيام أو في غضون أسبوع على الأكثر.
وبحسب ما نقلته وسائل إعلام أمريكية موثوقة، فإن ترامب وافق مبدئيا على الخطة العامة للهجوم على إيران، لكنه طلب منح مهلة قصيرة لطهران، لعلّ حلا دبلوماسيا يُمكن التوصّل إليه. ومع ذلك، يُعدّ تهديد ترامب حقيقيا وجادا، ولكنه يندرج ضمن سياسة الدبلوماسية القسرية التي يتبناها، والتي تقوم على التهديد باستخدام القوة العسكرية في حال فشل المسار التفاوضي.
وبناء على ذلك، يرى أن ترامب، إذا توصّل خلال الأيام المقبلة إلى قناعة بأن الحل الدبلوماسي غير مُجْد، فقد يُقدِم على التدخل العسكري.
هل هذا التدخل الأمريكي المحتمل يُعدّ انتهاكا لتعهدات ترامب الانتخابية بإنهاء الحروب التي لا تنتهي؟
إن التجربة الأمريكية في حربي العراق وأفغانستان علّمت واشنطن أن عليها تجنّب الانخراط البري. ومن ثمّ، فإن أحد السيناريوهات المحتملة هو أن تكتفي الولايات المتحدة بدعم إسرائيل بالسلاح والمعدات لمواصلة هجماتها على إيران.
كما أن منشأة فوردو لم تعد ذات أهمية استراتيجية حاليا، إذ إنها تعاني من انقطاع الكهرباء وعدم توفر إمكانيات التخصيب، رغم ادعاء إسرائيل أنها أنجزت مهمتها بقصفها. لذلك، من المرجح أن تفضل أمريكا تدخلا غير مباشر عبر تزويد إسرائيل بالطائرات والمعدات، بدلا من التدخل المباشر.
لكنه يكرر أن أحد السيناريوهات المحتملة يبقى هو التدخل العسكري، وإذا توصّل ترامب إلى قناعة بأن الدبلوماسية قد فشلت. ولا يمكن تحديد نطاق هذا التدخل بدقة في الوقت الحالي، فقد يشمل فوردو أو عمليات أخرى، لكن من المبكر الحكم على حجم التدخل الأمريكي المحتمل.