خبير سياسي: التحوّل في أدوات الضغط لا يعني تخلي ترامب عن سياسة عدم التدخل

Ad 4nxeij v4u2bwxlndpjj4uxjp6a9pop5agim8bkpmogbspn0nmwcqfxd2myct5azls jxiw9kkg6ubmundavxa4mfulkh95kfyzlawsk8yob7ctxb92haee49njebkym7dbv32e r3wkeyduzu7c8dqdt9dx27wec aa

ترجمة: يسرا بشندي

نشرت وكالة أنباء خبر أونلاين الإيرانية المحافظة، المحسوبة على مكتب علي لاريجاني، يوم الجمعة 20 يونيو/حزيران 2025، حوارا مع حيدر علي مسعودي، الخبير في الشؤون الدولية، حول التناقضات في مواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه الأزمة المتصاعدة بين إيران وإسرائيل.

وفي ما يلي نص الحوار:

ما تفسيركم للتصريحات المتناقضة الأخيرة لترامب بشأن الحرب بين إسرائيل وإيران؟

برأيي، يجب أولا أن نُحدد ما المقصود بـالتناقض. فترامب، حتى خلال ولايته الرئاسية الأولى، كان يُصرّح بوضوح على أهمية عنصر عدم القدرة على التنبؤ في السياسة الخارجية. فقد كان يرى أن الولايات المتحدة، منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، تتبع نهجا يمكن التنبؤ به في سياساتها الخارجية، مما أدى إلى استغلال بعض الدول، وخصوصا الحلفاء في أوروبا ومناطق أخرى، لهذا النمط.

ولهذا السبب، حاول ترامب كسر هذا النموذج وجعل السياسة الخارجية الأميركية غير قابلة للتنبؤ.

فإذا فهمنا التناقض في هذا السياق، فإن الأمر في الحقيقة يُعد جزءا من سياسة ترامب المُعلنة، وليس ضعفا أو اضطرابا في مواقفه. ولكن إذا نظرنا إلى الموضوع من زاوية أخرى، فإن سياسة ترامب تجاه إيران كانت منذ البداية تقوم على الدبلوماسية القسرية، أي المزج بين التهديدات والحوافز لدفع إيران إلى التفاوض أو التراجع أو قبول المطالب.

كيف تُقيّمون اختلاف سياسات ترامب تجاه إيران بين ولايتيه الرئاسية الأولى والثانية؟

في الولاية الأولى لترامب، كنا نواجه نوعا من الدبلوماسية القسرية الناعمة تجاه إيران؛ بمعنى أنه لم يكن هناك مهلة زمنية محددة لطهران، ولا تهديد عسكري علني وحقيقي. أما في ولايته الثانية، وخصوصا خلال الأشهر الأخيرة، فنشهد تحوّلا نحو الدبلوماسية القسرية الصلبة حيث باتت هناك مهلة زمنية مُعلَنة مثل ادعائه منح إيران 60 يوما، إلى جانب تهديدات عسكرية صريحة وواضحة.

وبناء على ذلك، فإن سياسة ترامب في ولايته الثانية ما تزال قائمة على نفس المنطق، لكن بحدة ووضوح أكبر. ومن هذا المنطلق، فإن ما قد يبدو تناقضا في الظاهر، هو في الحقيقة جزء من السلوك المعلن لترامب وتكتيك لزيادة الضغط على إيران.

هل يمكن القول إن ترامب قد تراجع عن سياسته السابقة التي كانت تقوم على عدم التدخل في حروب الشرق الأوسط؟

يبدو أن الدبلوماسية القسرية الصلبة تُعدّ، من وجهة نظر ترامب، بديلا عن الحروب الاستنزافية والطويلة الأمد. فالولايات المتحدة ما زالت لا تدخل الحرب بشكل مباشر، بل تؤدي دورا داعما من خلال المساندة، وتوفير الغطاء والدرع لحليفها الرئيسي، إسرائيل. وبالتالي، يمكن القول إن سياسة ترامب ما تزال – من حيث المبدأ – ضمن إطار عدم التورط المباشر في حروب الشرق الأوسط، لكن أدواتها وأشكالها قد تغيّرت.

هل من المحتمل أن تدخل الولايات المتحدة في حرب مباشرة مع إيران في المستقبل؟

يبدو أن هدف ترامب في المرحلة الراهنة هو تحقيق نصر ملموس لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مثل تدمير منشآت فوردو النووية، لخلق وضع يُجبر كلا من إيران وإسرائيل على التوجّه نحو وقف إطلاق النار أو التوصل إلى اتفاق. وبعبارة أخرى، لا يُعتبر مسار التصعيد والضغط الحالي تمهيدا ضروريا لحرب شاملة، بل يُعد وسيلة للوصول إلى اتفاق يمكن لترامب لاحقا تقديمه كإنجاز كبير في سجلّه السياسي.

ترامب أعلن أنه كلّف مساعديه بتهيئة الظروف لبدء مفاوضات مع إيران. ما رأيكم في هذا التصريح؟

يمكن تفسير هذا الإجراء أيضا ضمن إطار الدبلوماسية القسرية؛ أي الجمع بين تصعيد الضغوط العسكرية مع إبقاء باب التفاوض مفتوحا في الوقت نفسه. والهدف من هذه الاستراتيجية هو دفع إيران إلى طاولة المفاوضات من أجل قبول شروط محددة، مثل الوقف الكامل لعمليات التخصيب. ويبدو أن ترامب يشعر بأن إيران، في ظل الضربات الأخيرة التي تعرضت لها، قد أصبحت في وضع يجعل احتمالية قبولها بهذه الشروط أكبر مما كانت عليه سابقا.

هل ستُبدي إيران مؤشرا إيجابيا تجاه مطالب ترامب؟

الموقف الرسمي لوزارة الخارجية الإيرانية حاليا هو أن إيران منفتحة على الوساطات والمفاوضات. لكن ما إذا كانت الضربات الأخيرة والضغوط الحالية قد غيّرت فعليا من حسابات طهران، فذلك لا يزال غير واضح. ويبدو أن تحليل المسؤولين الإيرانيين يشير إلى أن الولايات المتحدة، بشكل أو بآخر، انزلقت في المسار الذي رسمه نتنياهو، ولهذا فإن التفاوض قد يُعتبر وسيلة لتفادي الوقوع في الفخ الذي صمّمته إسرائيل لكل من إيران وأميركا.


هل ستكون الولايات المتحدة مستعدة لإشراك أوروبا في المفاوضات أيضا؟

يبدو أن الأوروبيين، وخاصة فرنسا وألمانيا، قد توصّلوا إلى قناعة بأن الدبلوماسية الثنائية وغير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة وصلت إلى طريق مسدود. وهم يرون أن النموذج المتعدد الأطراف، الذي بدأ عام 2003 وأفضى لاحقا إلى الاتفاق النووي (برجام)، يُمكن أن يُشكّل نموذجا أكثر فاعلية.

من جهة أخرى، يبدو أن هناك ميلا من جانب إيران أيضا للعودة إلى هذا النموذج، لأن ترامب يتحرك بشكل واضح وفقا لمصالح إسرائيل، وبالتالي فإن إشراك أوروبا قد يساهم في تحقيق نوع من التوازن داخل مسار التفاوض.