- دنيا ياسر
- 40 Views
نشرت صحيفة “همشهري” الإيرانية، في تقرير لها الأحد 1 يونيو/حزيران 2025، رد كاظم غريب آبادي، نائب وزير الخارجية الإيراني، على تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، منتقدا ما اعتبره إعادة إحياء لادعاءات قديمة بغرض الضغط السياسي على إيران. كما سلّط الضوء على حجم تعاون طهران مع الوكالة ونفيها أي انحراف في برنامجها النووي.
أوضح غريب آبادي أن المدير العام للوكالة اعتمد في تقريره الجديد على قرار مجلس المحافظين الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وهو القرار الذي تم تبنيه دون إجماع، بدفع من ثلاث دول أوروبية والولايات المتحدة، متجاهلين نتائج زيارة المدير العام إلى إيران آنذاك. تابع قائلا إنه من المؤسف أن التقرير لم يتطرق إلى هذه التجاوزات في مهمة المدير العام.
الاعتماد على بيانات مزيفة من إسرائيل
شدّد غريب آبادي على أن التقرير بأكمله يركّز على وجود كميات محدودة من المواد النووية تعود لأكثر من عقدين، في أربعة مواقع مزعومة، استنادا إلى معلومات مزيفة قدمها الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف أن التقرير لا يشير إلى أي غموض في الأنشطة النووية الجارية في إيران، ولا إلى أي انحراف في استخدام المواد النووية.
وأشار إلى أن جميع الادعاءات السابقة بشأن البرنامج النووي الإيراني تم اعتبارها مغلقة بموجب قرار نوفمبر/تشرين الثاني 2015 بعد توقيع الاتفاق النووي (برجام)، وبالتالي فإن إعادة إثارتها تتناقض مع ذلك القرار وتُعد خطوة سياسية لإحياء مزاعم قديمة غير مثبتة.
تابع غريب آبادي موضحا أن الوكالة ذكرت في تقريرها، أن موقعين من بين الأربعة، وهما “لويزان شيان” و”مريوان”، لم يعودا يُعتبران قضايا عالقة، لكن التقرير لا يزال يسلّط الضوء عليهما بشكل غير مبرر. أضاف أن الهدف من هذا التهويل هو تجميع ملف ضخم من القضايا القديمة لاستخدامه سياسيا ضد إيران.
وحول الموقعين الآخرين، “ورامين” و”تورقوزآباد”، شدّد على أن إيران قدّمت للوكالة جميع الإيضاحات والمستندات اللازمة، بما في ذلك خلال زيارتين حديثتين لنائب مدير الضمانات.
أكد غريب آبادي أن إيران لم تُخفِ أي نشاط أو مواد نووية، مشيرا إلى أن جميع أنشطتها تخضع لإشراف وتحقق الوكالة، ولا توجد أدلة على أي انحراف.

التقرير يناقض نفسه بشأن وجود برنامج نووي غير معلن
قال غريب آبادي إن الوكالة تزعم من جهة أن المواقع الثلاثة كانت جزءا من برنامج نووي غير معلن في أوائل العقد الأول من الألفية، استخدم فيه مواد نووية غير مصرّح بها، لكنها في موضع آخر من التقرير تقرّ بعدم وجود أي دلائل موثوقة على وجود برنامج نووي غير مُعلن حاليا في إيران.
وأضاف أن التقرير يعترف بتصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين حول تعارض استخدام الأسلحة النووية مع الشريعة الإسلامية، مشيرا إلى أن هذا التناقض في التقرير يدل على خضوع الوكالة لضغوط سياسية من بعض الدول.
تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% تحت المجهر
لفت غريب آبادي إلى أن التقرير تطرق أيضا إلى تخصيب إيران لليورانيوم بنسبة 60%، رغم أن هذه المسألة ليست ضمن المهام الموكلة للوكالة بموجب القرار المشار إليه.
وبيّن أن الوكالة اعترفت بأن التخصيب بحد ذاته لا يُعد خرقا للضمانات، لكن أعربت عن “قلق جدي” كون إيران الدولة الوحيدة غير الحائزة على أسلحة نووية التي تخصّب اليورانيوم حتى هذا المستوى.
في هذا السياق، شدّد غريب آبادي على أن ما دامت الأنشطة النووية تحت إشراف الوكالة، فلا يوجد مبرر للقلق، ولا يوجد في وثائق الوكالة ما يحدد سقفا لمستوى التخصيب، بل المعيار هو عدم الانحراف عن الأغراض السلمية.
أضاف أن وصف المدير العام للنشاط القانوني المشروع بأنه “مصدر قلق” يُعد تدخلا سياسيا يخدم أجندات دول معينة، وعليه أن يجيب عن ذلك.

الكود المعدل 3.1 ليس التزاما قانونيا
تطرق غريب آبادي أيضا إلى ما ورد في التقرير حول الكود المعدل 3.1، مشيرا إلى أن إيران أوقفت تنفيذ التزاماتها الطوعية بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وامتناع الدول الأوروبية الثلاث عن الوفاء بتعهداتها.
أوضح أن هذا الكود يتعلق بالإبلاغ المبكر عن المنشآت النووية، وهو ليس جزءا من التزامات الضمانات الملزمة قانونا، وتكرار الوكالة له لا يضفي عليه شرعية قانونية.
وعلّق على ادعاء الوكالة بأن إيران قامت بإلغاء تعيين مفتشين ذوي خبرة، بما يضر بقدرة الوكالة على تنفيذ مهامها، موضحا أن تقرير تنفيذ الضمانات لعام 2024 أشار إلى وجود 274 مفتشا يعملون في إيران، منهم 120 في مكتب التحقق داخل البلاد.
أضاف أن إلغاء إيران لتعيين بعض المفتشين من دول أوروبية كان بعد إجراءاتهم السياسية ضد إيران، ويُعد من الحقوق السيادية المنصوص عليها ضمن الضمانات، ولا يدل على تراجع قدرة الوكالة.
وأعرب عن أسفه لتجاهل المدير العام لمساهمة 120 مفتشا من جنسيات متعددة، والتركيز فقط على المفتشين من ثلاث دول أوروبية.

تعاون إيران الواسع مع الوكالة في عام 2024
أردفت الصحيفة أن غريب آبادي أشار إلى أن التقرير نفسه يعترف باستمرار تعاون إيران في تنفيذ الضمانات، وأن الوكالة بذلت جهودا كبيرة للتحقق من برنامج إيران النووي.
أضاف أن تقرير تنفيذ الضمانات لعام 2024 ذكر أن المواد النووية المصرّح بها في إيران، إلى جانب 30 دولة أخرى، ظلت ضمن الأغراض السلمية.
أشار إلى أن من بين 32 دولة لديها اتفاق ضمانات دون البروتوكول الإضافي، تضم إيران وحدها 21 منشأة من أصل 100 منشأة خاضعة للضمانات، كما جرى تنفيذ 493 عملية تفتيش من أصل 682 عملية فقط في إيران.
كما بيّن أن 144 عملية تحقق من تصميم المنشآت جرت 126 منها في إيران، وبلغت أيام التفتيش في إيران 1260 من أصل 1895 يوما.
أوضح كذلك أن نحو 24.5 مليون دولار من الميزانية العادية للوكالة صُرفت في إيران، إضافة إلى 4.8 مليون دولار من التمويل الطوعي، من أصل 31 مليون دولار .
سأل غريب آبادي: ماذا يعني هذا الحجم من التفاعل والتفتيش إن لم يكن دليلا على التعاون الإيراني البنّاء؟
وتابع قائلا إن تركيز الوكالة على مواضيع قديمة مغلقة وتجاهل التحقق الجاري دليل على وجود أجندة سياسية وراء التقرير.
ازدواجية المعايير تجاه إسرائيل ودول أخرى
اختتم غريب آبادي تصريحه، بالإشارة إلى أن إيران شهدت عبر تاريخ الوكالة العديد من السلوكيات السياسية داخل هذه المؤسسة الدولية، مؤكدا أن الصمت الغربي والأمريكي إزاء الترسانة النووية الإسرائيلية هو أبرز مثال على هذا التسييس.
وأضاف أنه سبق أن أغلقت ملفات لدولتين أخريين عضوين في الوكالة، رغم وجود نشاطات تخصيب غير مصرّح بها لديهما، دون اتخاذ أي إجراء ضدهما. ورأى أن ما تتعرض له إيران هو استمرار لسياسات الكيل بمكيالين، وليس عملا تقنيا مهنيا من قبل الوكالة.