- شروق حسن
- 17 Views
حذّرت صحيفة ستاره صبح الإيرانية الإصلاحیة، في تقرير شامل لها يوم الجمعة 30 مايو/أيار 2025K من تدهور غير مسبوق يضرب أركان الدولة، نتيجة تضافر أزمات داخلية خانقة مع ضغوط خارجية متصاعدة.
ذكرت الصحيفة أن انقطاع التيار الكهربائي وشحّ المياه، إضافة إلى التضخّم وتراجع القدرة الشرائية، قد أزال الحدّ الأدنى من مستوى معيشة الأسر، وزاد من فجوة انعدام الثقة بالحكومة.
وأضافت أن رأس المال الاجتماعي قد تآكل، ولم تعد الحكومة قادرة على إعادة بنائه، معتبرةً أن هذا نمط خطير من الأزمات.
وتابعت أن ترميم هذا الوضع يحتاج إلى سنوات، ولا يمكن تعويضه بالمواجهة أو بالدعاية، وأوضحت أن انعدام الثقة يؤدي فعليًا إلى انخفاض المشاركة في الانتخابات، وتراجع دفع الضرائب، وعدم الالتزام بالقانون، بل وحتى الامتناع عن التعاون في أوقات الأزمات، مثل ترشيد استهلاك الطاقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن التضخّم دمّر الحياة اليومية للمواطنين، محذّرةً من أنه إذا لم يُكبح جماحه، فسيخنق الحكومة كما لو كان كابوسًا جاثمًا على عنقها.
وقالت إن الاقتصادي الشهير جون ماينارد كينز أكد، أن التضخم يقوّض الأسس والبنية الهيكلية للنظامين الاقتصادي والسياسي للدول.
التضخم
وانتقدت الصحيفة الحكومات السابقة والحالية، قائلة إنهم، كما لو أنهم أنتجوا التضخّم من أجل استمرار بقائهم، وإنهم لم يدركوا هذه التحذيرات المهدّدة، وما زالوا متمسكين باتخاذ سياسات مؤدية للتضخم.
ولفتت إلى أن الحكومات، خلال أكثر من أربعة عقود، قد خصّصت ما يقرب من 2000 مليار دولار من العائدات النفطية لأمور غير اقتصادية ذات أهداف سياسية وأيديولوجية، ولم تستثمر في إنشاء البنى التحتية الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من المجالات الأساسية.
وأكدت أن النفقات العسكرية والأيديولوجية قد حلّت محلّ الاستثمار في البنية التحتية. وبيّنت الصحيفة أنه وبسبب العقوبات والسياسات الخاطئة، جرى تبديد الثروة الوطنية، وأصبحت البلاد في مواجهة خزينة فارغة.
وبدلًا من إيجاد حل علمي وموثوق للسيطرة على حالات الاختلال، ومنها أزمة الكهرباء والماء، لجأت الحكومة إلى تقييد الاستهلاك اليومي للمشتركين من الأفراد والكيانات القانونية بفرض الغرامات، فضلًا عن قطع المياه والكهرباء لساعات عدة، ما أدى إلى إلحاق أضرار نفسية واقتصادية، وسلب راحة المواطنين.
وتابعت بالقول إن المفارقة تكمن في أن الحكومة تدعو الناس إلى العودة لنمط الحياة القديمة، وتمنعهم من استخدام الوسائل الحديثة للراحة، مضيفةً أن توصية المواطنين باستخدام المراوح اليدوية، التي يتم استيرادها من الصين أيضًا، هي سخرية مريرة توصف في القرن الحادي والعشرين، وتشكل إهانة لذكاء شعب بأكمله.
ضغوط العقوبات
قالت الصحيفة الإيرانية “ستاره صبح”، إنَّ تزامن الأزمات مع ضغوط العقوبات التي فرضها دونالد ترامب، وسعيه لجرّ ايران إلى طاولة المفاوضات بشأن وقف مشروع التخصيب والصواريخ الباليستية وغيرها من القضايا، قد وضع إيران في مواجهة تحديين داخلي وخارجي في آنٍ واحد.
وتابعت أنه بعد أربع جولات من المفاوضات، يبدو أن تباعد المواقف بين الطرفين قد ازداد، وأشارت إلى أن ترامب، خلال زياراته لثلاث دول عربية في الشرق الأوسط، صرّح مرارا وبشكل واضح عن ضرورة تفكيك مشروع تخصيب اليورانيوم الإيراني.
واعتبرت أن هذا المطلب الذي انتشر عالميًا بشكل واسع، يمثل موقفا لن يتغير، لا سيما وأن فيتكاف المبعوث الخاص لترامب، دعم هذا التوجه بقوله إنّه لا يقبل حتى بنسبة 1% من التخصيب داخل ايران.
وأوضحت أن عراقجي وسائر المسؤولين الإيرانيين قد أبدوا ردّ فعل جماعي، معتبرين التخصيب حقًا مشروعًا لايران، وأكدوا استمراره.
وترى الصحيفة أن إيران، لتفادي وقوع هجوم عسكري، تواصل متابعة خيار التفاوض، لكن يبدو أنها تفعل ذلك بهدف إدارة الوقت لا من أجل التوصّل إلى اتفاق قد ينتهي بالفشل.
ولفتت إلى أن الفريق الأمريكي، من جانبه، ينظر إلى المفاوضات كأداة “للاستسلام”، وليس للتسوية، تنفيذًا لتوجيهات ترامب.
عواقب فشل المفاو ضات
واعتبرت الصحيفة أن النتيجة المتوقعة هي طريق مسدود، قد ينتهي بالحرب، ما سيؤدي إلى تبعات تمسّ كلا الطرفين.

فمن جهة، ستكون لذلك عواقب دبلوماسية وعسكرية باهظة بالنسبة لترامب، ما قد يضعف مكانته أمام دافعي الضرائب الأمريكيين؛ ومن جهة أخرى، فإنّ ايران ستكون أمام تهديدات لا تطال الاقتصاد فحسب، بل تطال الأمن القومي أيضًا.
وتابعت الصحيفة بالقول إن ترامب وفريقه، وهم على دراية تامة بالخطوط الحمراء لايران، يسعون تحديدًا إلى دفع إيران إلى لحظة خيار تاريخي، حيث سيكون كل من الاحتمالين مطروحًا – لكن كلاهما سيضع النظام أمام تحدّ وجودي.
الاستقرار الاقتصادي

وقالت الصحيفة الإيرانية “ستاره صبح”، إن اندلاع الحرب سيزيد من حدة حالات الاختلال ويجعل الأوضاع أكثر صعوبة.
وأضافت أنه حتى في حال التوصل إلى اتفاق، وهو أمر غير مرجح، فإن النتيجة ستكون الإفراج التدريجي عن الودائع الإيرانية المجمّدة، ومع ذلك، فإن مشكلة نقص الموارد اللازمة للسيطرة على حالات الاختلال والأزمات ستظل قائمة.
وأوضحت أن معالجة هذا الاختلال تتطلب ما لا يقل عن 200 إلى 300 مليار دولار من الموارد المالية، في حين أن ظروف البلاد ليست جاذبة للاستثمارات الأجنبية.
وأشارت الصحيفة إلى أن السوق الإيرانية التي تضم 85 مليون نسمة، بمستوى استهلاك مرتفع، وموقع جغرافي استراتيجي، ووفرة الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز والمعادن، إلى جانب اليد العاملة الشابة والمتعلّمة، يمكن أن تخلق جاذبية أولية للشركات متعددة الجنسيات في حال التوصل إلى اتفاق نووي ورفع العقوبات؛ لكن الموانع أكثر جدية.
ولفتت إلى أن ارتفاع مخاطر الاستثمار في إيران، الناجم عن غياب الاستقرار في السياسات الخارجية والداخلية، واحتمال عودة العقوبات لأي سبب، والتغير المستمر في القوانين الاقتصادية والتجارية، يجعل جذب الاستثمارات الأجنبية أمرًا مستحيلًا.
ورأت الصحيفة أن المقترح الذي تقدّمت به ايران بشأن استثمار أمريكي بقيمة 1000 مليار دولار في البلاد، هو تصور وهمي، إذ إنّ مثل هذا الرقم لا ينسجم مع منطق الاقتصاد ولا مع الواقع الجيوسياسي.
وأكدت أن لا مستثمر سيُقدم على ضخّ أمواله في بلد يعاني من عدم الاستقرار الاقتصادي، لأن الاستثمار الحقيقي والمستدام يتطلب:
- ضمان حقوق المستثمرين الأجانب
- رفع العقوبات المصرفية والدولارية
- الانضمام إلى مجموعة العمل المالي (FATF) والاتفاقيات ذات الصلة
وقالت الصحيفة الإيرانية “ستاره صبح”، إن إصلاح النظام القانوني، والحد من الفساد، وضمان حقوق الملكية من الشروط اللازمة للاستثمار، وهي غير متوافرة في ايران.
وأوضحت أنه ربما، في حال التوصل إلى اتفاق على المدى القصير، قد يكون من الممكن دخول استثمارات أمريكية “محدودة”، وبهدف تصدير السلع أو الخدمات الفنية فقط، لكنها شددت على أن جذب الاستثمارات الكبرى ليس سوى وهم. وتابعت أن حالات الاختلال لن يتم احتواؤها، بل ستتفاقم.
وأضافت أن المفارقة تكمن في أن نظاما جديدا قد بدأ يتشكل في منطقة الشرق الأوسط، ولم تعد إيران لاعبًا رئيسيًا فيه، بل إن السعودية وتركيا ومصر وإسرائيل هي التي تقوم بتشكيل المعادلات الجديدة بدعم من الولايات المتحدة والصين.
ولفتت إلى أن ايران تقف الآن في موقع دفاعي، ومن المحتمل أن ترد على تحركات إسرائيل الهجومية بسياسات مضادة تتسم بالإزعاج والتصعيد الإقليمي، وهي سياسات قد تؤدي، بدلًا من الردع، إلى مزيد من العزلة ومنح الشرعية لمشروع “التخويف من إيران”.
ورأت الصحيفة أن في مثل هذا الوضع، سيتدهور الاقتصاد أكثر، وسيتفاقم الفقر، وستدخل البلاد مرحلة حرجة لا يمكن علاجها بمسكنات مؤقتة.
وختمت بالقول إن الأمل في السيطرة على حالات الاختلال وإنقاذ البلاد مرهون فقط بتحول جذري في نهج الحكم تجاه السياسات الخارجية والداخلية، وإصلاح البنية الاقتصادية، وإعادة بناء الثقة العامة، باعتبارها شروطًا أساسية لبقاء أي دولة.