- يسرا شمندي
- 19 Views
ترجمة: يسرا شمندي
نشر موقع عصر إيران تقريرا بتاريخ 6 مايو/أيار 2025 أفاد فيه أنه في خضم التجاذبات الدبلوماسية والضغوط الداخلية، استؤنفت المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة مرة أخرى؛ وهذه المرة مع حكومة وعدت بالتفاوض وتمسكت به.

وفي حوار صريح، يكشف عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام سيد محمد صدر، عن المسار المتعرج للمحادثات، والألاعيب الخفية للبيت الأبيض، والدور التخريبي لتل أبيب، وتغير مواقف العواصم العربية.
كيف تقييم مستقبل مسار المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة في ظل التطورات الأخيرة، مثل العودة إلى طاولة الحوار؟
تمثّل انخراط إيران في المفاوضات خطوة إيجابية، لا سيما في ظل تصريحات رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب التي قال فيها إنه لا يريد سوى منع إيران من امتلاك سلاح نووي، رغم أن هذا الأمر لم يكن أصلا ضمن الاستراتيجية الدفاعية لإيران، ومن هذا المنطلق، كان من الطبيعي بدء المفاوضات وعلى خلاف الجولة السابقة التي استغرقت قرابة عام وثمانية أشهر وكان يمكن تسريع وتيرتها، فقد انطلقت هذه الجولة من المفاوضات بوتيرة أسرع وأكثر فاعلية.
ومن جانبهم، يشدد الأميركيون على ضرورة عدم امتلاك إيران للسلاح النووي، وهو أمر تحقق فعليا على أرض الواقع، في حين تطالب إيران برفع العقوبات المفروضة عليها، وبهذا، تشكّلت معادلة واضحة تقوم على: رفع العقوبات مقابل الالتزام بعدم امتلاك السلاح النووي.
وقد تمت جولتان من المفاوضات شهدتا تقدما إيجابيا، لكن في الجولة الثالثة بدأ الأمريكيون في التلاعب وأجروا تغييرات في المواقف التي ذكرتها، ومع ذلك، أعتقد أن هناك تقدما جيدا قد تحقق.
وفي الواقع أن تغيير مواقف الولايات المتحدة يعكس وجود اختلافات كبيرة داخل فريق ترامب، حيث نشهد تحولات ملحوظة، مثل إقالة مستشار الأمن القومي الذي كان يُعتبر شخصية متشددة وكان يُقال إنه من المقربين لنتنياهو وإسرائيل.
ونظرا لأن موقف إسرائيل تجاه إيران واضح تماما، وهي تسعى جديا للحرب والهجوم العسكري على إيران، يمكن تقييم مثل هذه التحولات إلى حد ما بشكل إيجابي، ومع ذلك، يجب أن نرى في النهاية ماذا سيحدث.
وبشكل عام، في المفاوضات، يتم طرح قاعدة مفادها أن الدبلوماسية تشبه معادلة موجهة، متعرجة أو مليئة بالصعود والهبوط؛ لذلك، لا ينبغي القلق من هذا التوقف المؤقت. وأعتقد أن المفاوضات ستستأنف مجددا.
ما تقييمك للفريق الحالي المفاوض؟ خاصة وأن الرئيس الإيراني مسعود بزشکیان كان قد شدد خلال الانتخابات على أهمية استئناف المفاوضات ووفى بهذا الوعد.
الجدير بالذكر أن التأثير الذي أحدثته المفاوضات في المدى القصير يبرز آثارها الإيجابية، فمجرد ملاحظة التغيير في سعر العملة وانخفاضه، إلى جانب موضوع البورصة والتفاؤل الذي تم خلقه في المجتمع، يعد إجراء إيجابيا للغاية ويجب أن يستمر.
وبالمجمل، تقييمي حتى الآن إيجابي، ولكن لا يمكن التنبؤ به بنسبة 100%، وموقف إيران واضح وثابت على عكس موقف ترامب والأمريكيين الذين يشهدون تقلبات وتذبذبات بسبب الخلافات الشديدة بين أعضاء فريق ترامب. ولكن بشكل عام، أعتقد أن هذا المسار سيستمر وسيسفر عن نتائج إيجابية.
وبالنظر إلى الضغوط الداخلية في إيران وحملات بعض التيارات المتشددة ضد مسار المفاوضات، كيف تقييم الوضع الداخلي؟ هل تعتقد أن الخلافات في الولايات المتحدة أكبر منها في إيران؟
أعتقد أن الخلافات داخل الحكومة الأمريكية أكبر من تلك الموجودة في إيران. أما بالنسبة لبعض التيارات المتشددة الداخلية، فيجب القول إنه ليس من الواضح تماما ما الذي يريدونه، لأنهم يبدو أنهم يعانون من نوع من الجهل المقدس، وهؤلاء الأشخاص لا يفهمون معنى التفاوض، والاتفاق، والدبلوماسية، ولا يدركون تأثير الأزمة الاقتصادية والبطالة على الناس، وهم ببساطة يطلقون التصريحات ويعتقدون أنهم يسيرون في مصلحة الإسلام والثورة، بينما هم في الواقع أسرى لهذا الجهل المقدس.
وعليه، آمل أن يدركوا الحقائق مع مرور الوقت، فعندما يرون كيف انخفض سعر العملة بشكل كبير في غضون أسبوع أو أسبوعين، وكيف أسعد ذلك الناس، ربما يدفعهم ذلك تدريجيا لفهم الوضع الحقيقي في إيران.
وبالنظر إلى الاختلاف في الأجواء السياسية بين فترة الاتفاق النووي وفريق التنفيذ آنذاك، وفترة الحكومة الحالية، هل هناك اختلاف جوهري بين المفاوضات التي تسعى حكومة بزشکیان لتحقيقها والمفاوضات التي جرت خلال فترة الاتفاق النووي في عهد روحاني؟
في الحقيقة، كان وزير الخارجية الأسبق والنائب الاستراتيجي السابق محمد جواد ظريف هو من يدير مفاوضات الاتفاق النووي، واليوم يتولى زملاؤه الرئيسيون، مثل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، ونائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية تخت روانجي، المسؤولية عن المفاوضات، وهما من الأشخاص الذين كانوا حاضرين في جميع المفاوضات المتعلقة بالاتفاق النووي، لذلك، لديهما الخبرة الكافية، وأعتقد أنهما يتحركان في اتجاه مصلحة إيران.
والنقطة المهمة هي أن المشكلة الرئيسية حاليا تكمن في أمريكا، وليست في إيران، بل في ترامب الذي يسعى لإثبات في منافساته الداخلية أنه حقق في المفاوضات أكثر من الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن والاتفاق النووي، باعتبار أنه هو من ألغى تلك الاتفاقية وقال إنها كانت في مصلحة إيران وليس أمريكا.
وتجدر الإشارة إلى أن ترامب الآن يسعى لترويج هذه الفكرة قائلا إنه يحصل على امتيازات أكثر، في الواقع، هذا هو التناقض الذي يوجد في شخصية ترامب؛ فهو من جهة يقول إن هدفه الرئيسي هو منع إيران من الحصول على السلاح النووي، ومن جهة أخرى يسعى للحصول على امتيازات أكبر، هذه المطالب المتناقضة تخلق مشكلة، وبالتالي، المشكلة ليست في الجانب الإيراني، بل في الجانب الأمريكي.
وبالنظر إلى تعقيد المصالح الإقليمية والدولية، إلى أي مدى تعود هذه الوقفة في المفاوضات إلى ضغوط أو تدخلات من دول أخرى؟ هل هذه الدول مجرد متفرجة أم هي جزء من لغز التوقف؟
من المؤكد أن إسرائيل لها دور سلبي ومدمر في هذا السياق، حيث تبذل كل جهدها لعرقلة المفاوضات و إفشالها، ولكن هناك فرق كبير مقارنة بفترة الاتفاق النووي، ففي ذلك الوقت كانت المملكة العربية السعودية وبعض الدول العربية الأخرى في الخليج الفارسي معارضة للاتفاق ولم تكن ترغب في تشكيله، أما الآن، تشير التقييمات إلى أن المملكة العربية السعودية لديها نظرة أكثر إيجابية تجاه المفاوضات، بالإضافة إلى أن دولا مثل عمان وقطر تلعبان دورا جادا في تعزيز الحوار.
وحتى وقت قريب، كان الأوروبيون يتبنون موقفا سلبيا إلى حد ما، حتى أن وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو أدلى بتصريحات غير دبلوماسية، وهو أمر كان من غير المتوقع أن يصدر عن مسؤول أوروبي بهذا المستوى، لكن اليوم، شاهدنا أن مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي أخيرا اتخذ موقفا إيجابيا وأبدى دعما ضمنيا لاستمرار المفاوضات.
هل يمكن تفسير هذا التحول في موقف أوروبا كإشارة لإحياء المفاوضات مجددا، أم أنه مجرد خطوة استعراضية لتجنب التأخر في المنافسات الجيوسياسية؟
نعم، يبدو أن الأوروبيين في النهاية فهموا أنه إذا لم يتخذوا موقفا إيجابيا، فقد يخرجون من الساحة وقد يتوصل إيران وأمريكا إلى اتفاق دون حضورهم، وهذا عكس تماما ما حدث في الدورة السابقة، حيث استبعد ترامب أمريكا وتم التوصل إلى اتفاق بين إيران وأوروبا، ومع ذلك، لم تلتزم أوروبا بأي من تعهداتها.
وحاليا، باستثناء إسرائيل التي تلعب دورا سلبيا وخطرا وتسعى لدفع ترامب إلى مواجهة عسكرية مع إيران، لا توجد دول إقليمية أخرى تتبنى هذا الموقف.
وبالنظر إلى المواقف الأخيرة لترامب، التي تبدو أكثر توازنا مقارنة بفترة انسحابه من الاتفاق النووي، ما مدى قدرة إسرائيل على لعب دور في تغيير أو تدمير مسار المفاوضات؟
من الواضح تماما أن ترامب اليوم يختلف عن ترامب في السنوات الماضية، فالشخص الذي انسحب من الاتفاق النووي في ذلك الوقت، هو الآن يقول إنه يريد فقط منع إيران من الحصول على السلاح النووي ويرغب في سماع تصريحات المسؤولين الإيرانيين بشأن تخصيب اليورانيوم، ونلاحظ من ذلك أن هذا التغيير في النغمة والنظرة يظهر وجود اختلافات في موقفه.
لكن كما قلت، هذه التحولات تتناقض مع مصالح إسرائيل، فإسرائيل لا ترضى عن هذا المسار بأي حال من الأحوال، وهي تبذل قصارى جهدها لتدمير مسار المفاوضات ومنع الوصول إلى اتفاق، وهذه الجهود مستمرة، ويجب ألا نغفل عن تأثيرها السلبي.
في الداخل الإيراني، وعلى الرغم من الدعم المتكرر الذي أبدته القيادة لمسار المفاوضات والفريق الحالي، لا تزال بعض التيارات المتشددة تهاجم هذا المسار وتتجاهل عمليا مواقف القيادة، كيف يمكن تحليل هذا التناقض؟ هل يمكن اعتبار هذا السلوك استغلالًا انتقائيًا للقيادة؟
إن بعض الأشخاص والتيارات المتشددة في الداخل يبدون التزاما بالقيادة طالما كانت مواقفها تنسجم مع مطالبهم، لكنهم لا يلتزمون بها فعليا عندما لا تتحقق تلك المطالب، كما ظهر في تجارب سابقة، وبحسب معلومات دقيقة وموثوقة، فإن فريق المفاوضات الحالي، الذي يضم بزشكيان، لا يتخذ أي خطوة دون العودة إلى القيادة والتشاور معها.
وبالطبع، من الواضح أن المتشددين في الوقت الحالي صامتون وقد أدركوا أن موقف القيادة من هذه المفاوضات غير مباشر ولكنه إيجابي، وبالتالي لا يستطيعون لعب دور مؤثر في هذا السياق.
هل حان الوقت لتجاوز المسارات غير المباشرة والدخول في محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة؟ ومن وجهة نظرك، ما تأثير المفاوضات المباشرة على تسريع عملية التوصل إلى اتفاق وتقليل التوترات؟
إن كل دولة لها بروتوكولها الخاصة في هذه الفترات التاريخية، وبالنظر إلى سوابق ترامب وخروجه من الاتفاقية والقضايا الأخرى من هذا القبيل، فإن القرار الحالي هو إجراء المفاوضات بشكل غير مباشر، ومع ذلك، من المحتمل في المستقبل، إذا أظهرت الولايات المتحدة مواقف إيجابية وعقلانية، أن يتم السماح بالمفاوضات المباشرة أيضا.
هل يمكن تقييم هذه التحركات المتعلقة بتقدم ملف FATF ولوائح CFT كجزء من التحضير لفتح الأفق الاقتصادي والتفاعل بشكل أكبر مع النظام المالي الدولي؟
إن المشروع الآن في مراحله النهائية، وبعد عدة جلسات في اللجان والبرلمان من المتوقع أن يتم النظر في المراجعة الأخيرة خلال جلسة البرلمان يوم الأربعاء الموافق7 مايو/أيار 2025 ويبدو أن احتمالية الموافقة على المشروع مرتفعة.