كواليس تأجيل مفاوضات أمريكا وإيران وآثار تغييرات إدارة ترامب على الملف

دونالد ترامب- منصات التواصل

نشرت صحيفة “شرق” الإيرانية الإصلاحية، السبت 3 مايو/أيار 2025، تقريرا تناولت فيه تأجيل المفاوضات الأمريكية الإيرانية، والتصريحات الرسمية للطرفين، واستمرار الالتزام بالدبلوماسية رغم العقوبات والتغيرات في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

الإعلان عن تأجيل المفاوضات والتصريحات الرسمية للطرفين

ذكرت الصحيفة أن وزارة الخارجية العمانية أعلنت يوم الخميس 1 مايو/أيار 2025، أنّ الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، التي كان من المقرر عقدها يوم السبت في العاصمة الإيطالية روما برعاية عمانية، قد تأجلت لأسباب لوجستية وفنية. 

وتابعت أن وزير الخارجية العماني أوضح أنّ “بسبب مسائل لوجستية، تأجل الاجتماع بين إيران والولايات المتحدة الذي كان مخططا له مبدئيا يوم السبت”، وتابع قائلا: “سيتم الإعلان عن المواعيد الجديدة بعد التوصل إلى اتفاق بين الطرفين”، وكانت وكالة “أكسيوس” الأمريكية قد نقلت في وقت سابق، عن مصادر مطلعة توقعها بأن المفاوضات قد تُرجأ إلى الأسبوع المقبل.

وأضافت أن تمی بروس، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ردّت على منشور وزير الخارجية العماني في منصة “إكس”، قائلة إنّ “الولايات المتحدة لم تؤكد قط موعدا أو مكانا محددا لمشاركتها في الجولة الرابعة من المفاوضات، واستنادا إلى ما ذكره ممثلنا في المحادثات، أرجّح أن يحدث تطور في المستقبل القريب، وسنبلغكم بالتفاصيل فور توافرها”. 

وأوضحت أن بروس شدّدت على أنّ الولايات المتحدة لن تناقش علنا زمان أو مكان المفاوضات، لكنها لم تستبعد انعقاد جلسة في وقت قريب.

وبينت أنه من الجانب الإيراني، كتب وزير الخارجية عباس عراقجي، على منصة “إكس”: “قررنا نحن والطرفان العماني والأمريكي، تأجيل الجولة الرابعة من المفاوضات لأسباب فنية ولوجستية، وعزمنا على التوصل إلى حل تفاوضي لم يتغير على الإطلاق، بل نحن الآن أكثر تصميما من أي وقت مضى على إبرام اتفاق عادل ومتوازن؛ اتفاق يضمن رفع العقوبات، ويعزز الثقة في سلمية البرنامج النووي الإيراني إلى الأبد، مع احترام كامل لحقوق إيران”.

وأفادت بأن إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، علّق بدوره على إعلان وزير الخارجية العماني تأجيل المفاوضات، مشيرا إلى أنّ “هذا التأجيل جاء بناء على اقتراح الوزير العماني، وسيتم الإعلان لاحقا عن موعد جديد محتمل”، ولفت إلى تمسك طهران باستخدام الوسائل الدبلوماسية لتحقيق المصالح الوطنية وإنهاء العقوبات.

كما أكدت في سياق متصل، وبالتزامن مع تأجيل الجولة الرابعة من المحادثات بين طهران وواشنطن، لم تُعقد أمس الجمعة المحادثات المقررة بين إيران والترويكا الأوروبية، وكانت وكالة “أكسيوس” قد حذّرت سابقا من أن تأجيل المفاوضات الإيرانية الأمريكية قد ينعكس سلبا على اللقاء الثلاثي بين إيران وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، والذي كان من المقرر عقده أمس في روما، ما قد يؤدي إلى تأجيله كذلك.

تغييرات في إدارة دونالد ترامب وشبهات سياسية

ذكرت الصحيفة أنه تزامنا مع الإعلان عن تأجيل المفاوضات، طرأت تغييرات لافتة في الفريق الأمني والسياسة الخارجية ضمن إدارة ترامب، ما أثار تكهنات بشأن صلتها المحتملة بتأجيل المحادثات، وأفادت شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية بأن مستشار الأمن القومي مايك والتز ونائبه أليكس وونغ تمّت إقالتهما يوم الخميس. 

وتابعت أنه بالمقابل، نقلت شبكة “سي بي إس” أن والتز وونغ سيغادران منصبيهما طوعا، وكتبت: “من المقرر أن يستقيل مستشار الأمن القومي مايك والتز ونائبه أليكس وونغ من منصبيهما”.

وأضافت أن وكالة “بوليتيكو” الأمريكية ذكرت أن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب، مرشح محتمل لخلافة والتز في منصب مستشار الأمن القومي، وكتبت: “ويتكوف قد يكون البديل المنتظر لوالتز”، لكن في نهاية المطاف، تولّى وزير الخارجية ماركو روبيو، مؤقتا، مهام مستشار الأمن القومي، ونشر ترامب عبر منصاته في وسائل التواصل الاجتماعي قائلا: “ماركو روبيو مذهل، كلما واجهت مشكلة أتصل به، فيجد لها حلا”.

موقف إيران من المفاوضات والعقوبات

ذكرت الصحيفة أنه في الوقت ذاته، أعلنت الولايات المتحدة عن حزمة جديدة من العقوبات على خلفية انفجار وقع في ميناء الشهيد رجائي، ما أدى إلى تصعيد التوترات وأضفى مزيدا من الغموض على مستقبل المفاوضات، وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية يوم الثلاثاء عقوبات على 12 كيانا وفردا في إيران والصين بحجة دعم البرنامج الصاروخي الإيراني.

وتابعت أن وزارة الخارجية الأمريكية أعلنت يوم الأربعاء عقوبات أخرى استهدفت سبع مؤسسات وسفينتين إيرانيتين، وكتب ترامب عبر منصة “تروث سوشال” (منصة تواصل اجتماعي أطلقها ترامب): “يجب وقف جميع مشتريات النفط والمنتجات البتروكيماوية الإيرانية فورا”، وهذه العقوبات قوبلت بإدانة من طهران، التي اعتبرتها دليلا على غياب الجدية الأمريكية في انتهاج الحلول الدبلوماسية.

واضافت أن وزارة الخارجية الإيرانية أصدرت بيانا أدانت فيه “إصرار الولايات المتحدة على الاستمرار في العقوبات غير القانونية وتصعيدها”، وأكدت التزامها بالمسار الدبلوماسي، وجاء في البيان: “بعد رسالة رئيس الولايات المتحدة إلى المرشد الأعلى وإعلان الاستعداد لاختيار طريق الدبلوماسية لحل الأزمة غير الضرورية حول البرنامج النووي السلمي الإيراني، دخلت الجمهورية الإيرانية بحسن نية في حوار غير مباشر مع واشنطن”.

وأوضحت أن البيان أضاف: “خلال ثلاث جولات من الحوار، قدّم المفاوضون الإيرانيون مواقفهم استنادا إلى إطار مبني على القانون الدولي بشأن الاستخدام السلمي للطاقة النووية وإنهاء العقوبات الجائرة، وبذلوا جهدا للوصول إلى تفاهم عادل”.

وأكدت أن طهران رأيت في استمرار فرض العقوبات مؤشرا على عدم جدية الولايات المتحدة في التعامل الدبلوماسي، وأعلنت أنّ “مواصلة هذه السياسات غير القانونية لن تغيّر شيئا في المواقف العقلانية والمشروعة لإيران، وإعادة اختبار أساليب ثبت فشلها سابقا لن تؤدي إلا إلى تكرار الخسائر ذاتها”. 

تصريحات المسؤولين الأمريكيين وإطار المفاوضات

ذكرت الصحيفة أنه عقب التغييرات الأخيرة في البيت الأبيض، صدرت مواقف جديدة من المسؤولين الأمريكيين بشأن المفاوضات والبرنامج النووي الإيراني، وخلال مشاركة  ترامب، في مراسم “اليوم الوطني للصلاة” في البيت الأبيض، تطرق إلى العقوبات الجديدة على قطاعات النفط والبتروكيماويات في إيران.

وتابعت أنه صرّح قائلا: “كل من يشتري النفط من إيران لن يُسمح له بالتجارة مع الولايات المتحدة”، وزعم أن إيران تعاني من أوضاع صعبة بسبب العقوبات، وتواصل تقديم الدعم المالي لجماعات كحماس وحزب الله.

وأضافت أن وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، قال في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الأمريكية: “إذا كانت إيران ترغب فعلا في برنامج نووي سلمي، فهناك طريقة لتحقيق ذلك: يمكنهم بناء مفاعلات واستخدام اليورانيوم المخصب المستورد كوقود لتشغيلها، والدول الوحيدة التي تقوم بتخصيب اليورانيوم هي تلك التي تسعى للحصول على أسلحة نووية.”

وأوضحت أن روبيو تابع حديثه قائلا: “إذا امتلكت إيران القدرة على التخصيب بنسبة 3.67%، فلن تحتاج سوى بضعة أسابيع للوصول إلى نسبة 90%”، وترامب رجل يسعى إلى السلام، وليس إلى الحرب”.

نموذج الاتفاق: “برجام 2” أم وثيقة جديدة؟

ذكرت الصحيفة أنه رغم أن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة لم تفضِ بعد إلى اتفاق رسمي، فقد نقلت وكالة “رويترز” عن ثمانية مصادر مطلعة أن الإطار الأولي للمحادثات يحافظ على جوهر الاتفاق النووي المبرم عام 2015 (برجام)، لكن مع بعض التعديلات، مثل تمديد مدته إلى 25 عاما، وتشديد آليات الرقابة، وتمديد ما يُعرف بـ”بنود الغروب”. 

وتابعت أن المصادر أوضحت أن إيران ستقوم بتقليل تركيز مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، أو تصديره أو وضعه تحت ختم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مع خفض مستوى التخصيب إلى 3.67% فقط، وفي المقابل، ستحصل طهران على تخفيف للعقوبات المفروضة عليها. 

وأضافت أن أحد المسؤولين الإيرانيين قال لـ”رويترز”: “تتحول هذه المفاوضات بشكل ما إلى نسخة ثانية من برجام، مع إضافات تمكّن ترامب من تقديمها بوصفها نصرا سياسيا”، وأكدت طهران أنها تطالب بضمانات تحول دون انسحاب أمريكي جديد من الاتفاق.

وبينت أنه من جهة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، أوضح في حديث لموقع “يو إس نيوز” الأمريكي، أن الاتفاق الجديد سيختلف عن “برجام”، وقال: “لا أعتقد أن ترامب وماركو روبيو يسعيان إلى نسخة أخرى من برجام، ما يُطرح الآن هو شيء جريء وشفاف وصريح”. 

وأكدت أن غروسي تابع: “حين يتراكم هذا الحجم من اليورانيوم عالي التخصيب من دون غرض سلمي واضح، فإنه يبعث على القلق، ويمكن نقل هذه المخزونات إلى الخارج”، وأكد غروسي أن ملف التخصيب يُعد محورا رئيسيا في المفاوضات الجارية.

عزلة نتنياهو والضغوط الداخلية في الولايات المتحدة

ذكرت الصحيفة أن وكالة “أسوشيتيد برس” الأمريكية ذكرت أن رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كان من أبرز المعارضين للاتفاق النووي عام 2015، التزم الصمت حيال المفاوضات الجارية حاليا، وأشار نتنياهو خلال تصريحاته في القدس إلى أنه نقل شروطه بشأن أي اتفاق نووي إلى ترامب، ومن بينها تفكيك البنية التحتية النووية الإيرانية بالكامل ومنع تطوير الصواريخ الباليستية. 

وأشارت إلى أنه بشكل عام، أدى تأجيل المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، وإمكانية تأخير المحادثات بين إيران وأوروبا، إلى تعقيد المشهد الدبلوماسي، خاصة في ظل التغييرات التي طرأت على فريق السياسة الخارجية في إدارة دونالد ترامب. 

وتابعت أنه رغم أن التصريحات الصادرة عن مسؤولين إيرانيين وأمريكيين وعُمانيين تؤكد التزامهم بالمسار الدبلوماسي، فإن العقوبات الجديدة والصراعات الداخلية في البيت الأبيض شكلت عقبات حقيقية، ولا يزال الإطار المقترح للمفاوضات، الذي يجمع بين عناصر من الاتفاق النووي السابق مع رقابة أكثر صرامة، قيد البحث، فيما يبقى توقيت استئناف المباحثات غير واضح. 

وأضافت أن تزامن تأجيل المحادثات مع تغييرات في الفريق الرئاسي الأمريكي أثار تكهنات بشأن تأثير السياسات الداخلية في واشنطن على مستقبل الدبلوماسية.