- يسرا شمندي
- 10 Views
نشرت صحيفة كيهان الأصولية، مساء السبت 7 يونيو/حزيران 2025، تقريرا أكدت فيه أن المرشد الإيراني علي خامنئي استعرض، في الذكرى السنوية لرحيل قائد الثورة الإيرانية الإمام الخميني، كافة المؤامرات والمكائد التي مارستها الولايات المتحدة الأمريكية ضد الشعب الإيراني منذ انتصار الثورة الإيرانية 1979 وحتى اليوم، مشيدا بثبات الإمام الخميني في مواجهة الولايات المتحدة. ووصف الصناعة النووية بأنها الصناعة الأم، مشددا على أن تخصيب اليورانيوم يمثل المفتاح الأساسي لهذه الصناعة.
وأضافت الصحيفة أن المرشد الأعلى رد على الطرح الأمريكي خلال مفاوضات عُمان، وعلى تصريحاتهم الوقحة التي تزعم أنه لا ينبغي لإيران امتلاك صناعة نووية، طرح الخميني هذا السؤال: “من تكون أمريكا؟! وما شأنها في أن تمتلك إيران التخصيب أو لا تمتلكه؟!”، مؤكّدا بحزمٍ أنهم لن يستطيعوا ارتكاب أي حماقة في هذا الشأن أيضا! وهو موقف مستمدّ من التصريحات القاطعة للإمام الخميني، الذي قال إن أمريكا لن تستطيع ارتكاب أي حماقة.

كما فسّر المرشد الأعلى مصطلح الاستقلال الوطني بأنه عدم انتظار الضوء الأخضر أو الأحمر من أمريكا، واعتبر أن الطرح الأمريكي في الملف النووي يعارض بالكامل شعار نحن نستطيع.
وأوضحت الصحيفة أن هذه التصريحات الأساسية والمفصلية للمرشد تتضمن عدة نقاط هامة تستحق التوقف عندها:
1- منذ 46 عاما، تقف الولايات المتحدة بسياساتها المعادية لإيران في مواجهة الشعب الإيراني، وإن السلوك المناهض لها من قبل الشعب الإيراني ليس إلا ردّ فعل طبيعي على سلوك الولايات المتحدة نفسه. فمشكلتها مع إيران على مدى 46 عاما لم تكن تتعلق بالملف النووي، ولا بحقوق الإنسان، ولا بأي قضية أخرى، بل تدور فقط حول مسألة الأوامر والنواهي. أي أن أمريكا تريد أن تُملي على إيران ما يجب عليها فعله، وما يُمنع عليها القيام به!

وتابعت أن المرشد الأعلى وصف هذا النهج بأنه سياسة فاشلة حتما، مشيرا إلى محاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض نموذج يقوم على أن دول المنطقة لا تستطيع البقاء أكثر من عشرة أيام دون أمريكا.
2- وقّع ترامب أربعة أوامر لتنمية الطاقة النووية الأمريكية وبناء مفاعلات جديدة وتطوير تخصيب اليورانيوم، بينما أعلنت الولايات المتحدة عن قنبلة نووية جديدة (B61-13) أقوى بـ24 مرة من قنبلة هيروشيما، وهب مخصصة لتدمير الأهداف تحت الأرض!
وأكَّدت الصحيفة أن ترامب يدّعي أن إيران يجب ألّا تصنع قنبلة نووية، ويجب أن توقف التخصيب على أراضيها، ويجب أن نتمكن من الدخول مع المفتشين، وأن نأخذ ما نشاء، وندمر ما نشاء. ويمكننا تدمير المنشآت النووية الإيرانية وتفجير المختبرات!

وأضافت أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، أقرَّ أولا في تصريح حديث له بأن الإيرانيين يعتبرون برنامج التخصيب جزءا من كرامتهم واعتزازهم الوطني، وتخصيب اليورانيوم بالنسبة لهم عامل ردع، ثم قال أن أساس مفاوضاتنا مع الإيرانيين هو تفكيك برنامج تخصيبهم لليورانيوم.
وأفادت بأن هذا يعني صراحةً أن أمريكا تريد، من خلال التفاوض، كسر كبرياء الإيرانيين الوطني، حتى تتمكن من أن تملي عليهم ما يجب عليهم فعله وما يجب عليهم تركه!
وذكرت أن الدبلوماسي السابق في وزارة الخارجية الإيطالية روبرتو نِتشا، حذّر في مقابلة مع BBC وقال أن الولايات المتحدة تسعى من خلال خدعة التفاوض إلى فرض الشروط، لا إلى التوصل لاتفاق.
وشدّدت الصحيفة على أنه مع مرور الوقت، تزداد قناعة الرأي العام الإيراني بأن التفاوض مع الولايات المتحدة لا يمثل مخرجا لمشكلات إيران، بل يشكّل مسارا خاطئا، إذ يتعامل الجانب الأمريكي مع المفاوضات كأداة لإضعاف إيران ودفعها نحو الاستسلام، لا كمسار جادّ لحلّ الخلافات.
وأشارت إلى أن الهدف الحقيقي من هذه المفاوضات هو ترسيخ سياسة الضغط الأقصى وتثبيت العقوبات، بالرغم من الأجواء المضللة التي يسعى الأمريكيون إلى تسويقها.
٣- تعتمد طريقة ترامب في تحقيق أهدافه خلال هذه الدورة الرئاسية على إذلال الأطراف الأخرى لفرض نفسه وابتزازهم، مع بثّ فكرة أن لا أحد في العالم قادر على الاستمرار في الحياة دون الولايات المتحدة!
أبرزت الصحيفة أنه في تصرّف ينمّ عن إساءة وتجاوز للأعراف الدبلوماسية، هاجم ترامب نظيره الجنوب أفريقي ماتا ميلا سيريل خلال لقائهما في البيت الأبيض، مستندا إلى صور ومزاعم تتحدث عن إبادة جماعية للبيض. ورد ميلا سيريل على هذا الهجوم برد ذكي وساخر وقال أشعر بالأسف لأننا لا نملك طائرة نهديها لك!
وذكرت أنه قبل ذلك، قام ترامب بتصرفات مهينة مماثلة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس وزراء كندا جاستن ترودو وغيرهم. واليوم، يحاول من خلال تصريحاته المتغطرسة أن يقدّم نفسه كقائد للعالم، ويوحي للإيرانيين والعالم بأنه هو من يُملي على إيران ما يجب وما لا يجب عليها فعله.

وذكرت أن المرشد الأعلى في إيران، بحنكة وتوقيت مناسب، وبموقف شجاع وحكيم، ردّ على ترامب مستخدما عبارات مثل:
- ترامب كذب حين قال إنه يريد استخدام القوة من أجل السلام.
- تصريحات ترامب خلال زيارته للمنطقة لا تستحق الرد.
- مستوى هذه التصريحات منخفض جدا لدرجة تثير الخجل والعار لقائلها وللشعب الأمريكي.
- على الأمريكيين ألّا يطلقوا هراء وادعاءات فارغة!
وأبرزت أن هذا الرد كان تحقيرا صريحا لترامب، ورسالة واضحة مفادها أن الشعب الإيراني أوعى من أن يُفرض عليه نموذج فاشل.

وأضافت أنه بهذا الموقف الحاسم، وقف المرشد إلى جانب الفريق الإيراني المفاوض، وساهم في شلّ تكتيكات ترامب ومحاولاته لخلق ضغط على إيران وانتزاع تنازلات من الفريق المفاوض، كما أفشل حملته النفسية ومحاولة تحميل إيران مسؤولية فشل المفاوضات.
وأكَّدت أن المواقف الحازمة للمرشد، وتأكيده أن الشعب الإيراني لا يستأذن أحدا ليقرر ما يفعله أو لا يفعله، وأدت إلى إرباك ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وتابعت أن المحللين الدوليين ووسائل إعلام عالمية، بل وحتى بعض أبرز المحللين السياسيين في أمريكا، مثل غارلند نيكسون، أقرّوا بالواقع وقالوا صحيح أن الولايات المتحدة تريد أن تملي على إيران ما تفعله وتفرض عليها الشروط، لكنها ببساطة عاجزة عن ذلك! فإيران اليوم قوية عسكريا إلى درجة أن واشنطن لا تستطيع مواجهتها أو فرض شروطها عليها.
٤- للأسف، وبموجب الفقرة الثانية من ديباجة اتفاقية فيينا النووية (برجام)، تم عمليا نفي حق إيران في الحصول على الطاقة النووية السلمية، حيث قامت أمريكا والدول الغربية، وبعد مفاوضات طويلة وحصولهم على تنازلات غير مسبوقة، بمنح إذن لإيران فقط من أجل برنامج تخصيب محدود وفي أماكن محددة مع شرط بناء الثقة!
وأوردت الصحيفة أنه في الحقيقة، يُعتبر برجام تنازل رسمي عن حق التخصيب المنصوص عليه في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) وقبل بسيطرة عدد قليل من الدول. لكن التخصيب وفق معاهدة NPT هو حق قانوني لإيران وليس إذنا من أمريكا أو الدول الغربية! وبالتالي، لا حاجة أصلا للتفاوض أو تقديم تنازلات للاعتراف بهذا الحق، وليس من المفترض أن تتكرر فرضيات برجام التي فُرضت سابقا.
٥- لا ينبغي السماح لأمريكي تم طرده من الباب أن يدخل من النافذة. أولا، فالسماح بدخول المفتشين الأمريكيين إلى المنشآت النووية في حال أي اتفاق أو تحالف سياسي يُعد تجسيدا دقيقا لهذا المبدأ. ثانيا، إن وجود المفتشين الأمريكيين لا يعزز الثقة، بل يفتح لهم باب النفوذ ويزيل الحرج من وجودهم الرسمي داخل إيران، مما قد يؤدي إلى أحداث لا يُرغب بها.
ثالثا، هذا يُسهّل عمليات التجسس، واغتيال العلماء، والتخريب في المنشآت النووية. رابعا، وجود المفتشين الأمريكيين في إيران يحقق الهدف النهائي لأمريكا من مفاوضات الطاقة النووية التي استمرت 24 سنة.
وذكرت الصحيفة بعد أن أدركت أمريكا أنها لا تستطيع مواجهة إيران بالحصار أو التهديد أو الخيار العسكري، بدأ الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش في استراتيجية جديدة للسيطرة على إيران عبر النفوذ والحضور داخل إيران، فوكل إلى مركز ويلسون مهمة إيجاد طريق للتسلل إلى إيران. وبعد اجتماعات مكثفة مع مراكز فكر أمريكية أخرى، توصلوا إلى أن القضية النووية يمكن أن تكون طريقا لتمكين النفوذ الأمريكي في إيران.
وأشارت إلى أنه بالتزامن مع مفاوضات الاتفاق النووي في عام 2015، كشفت شخصيات ووسائل إعلام أمريكية مثل صحيفة ديلي بيست، ونيويورك تايمز، وشبكة CNN، ورئيس معهد روكفلر فيليب زيليكو، ونائب وزير الخارجية في حكومة بوش مايكل جونز، ومدير مجلة صراع الحضارات، والسيناتور الديمقراطي المعروف آلان ستيوارت فرانكن، عن هذه الاستراتيجية الأمريكية.
وأكدوا أن الاتفاق النووي يشبه قضية إيران-كونترا-مكفارلين، مما يعكس استمرار إيمان السياسيين الأمريكيين بقدرتهم على النفوذ داخل إيران، وأن بوش الجمهوري من خلال صياغة المفاوضات النووية قد وضع أمريكا في مسار السيطرة والنفوذ في إيران، مشيرين إلى أن الاتفاق النووي يمثل أكثر الوسائل فعالية لتحقيق ذلك.
وأضافت أن المرشد الأعلى بحنكة ووعي حذر من النفوذ النووي وقال سنسد الطريق أمام سوء استخدام الملف النووي للنفوذ الأجنبي. لذا، من الحكمة أن نكون مستعدين لمواجهة هذا المخطط المبرمج.
٦- يجب أن يزول الخوف من فشل المفاوضات. لقد استمرت المفاوضات لمدة 24 عاما، وكانت أحادية الجانب بالكامل حيث خضعت إيران للتحقق والتفتيش، ولم تُحقق أي نتائج بل سببت خسائر كبيرة.
أفادت الصحيفة بأنه بعد انكشاف نوايا ترامب، المتطابقة مع سياسات الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، ووزير الخارجية الأسبق مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي الأسبق جون بولتون، يجب على إيران أولا الخروج من الموقف الدفاعي والتخلي عن وهم الثقة والمفاوضات، والدخول في مرحلة مواجهة مباشرة مع أمريكا وأوروبا ترتكز على خطاب التهديد لا الحوار
ثانيا، يجب من الآن فصاعدا أن يتم دفع الطرف المقابل إلى الوراء بتهديدات متنوعة، مع التأكيد على أنه لا ضمان لمصالح أوروبا وأمريكا ما لم تُراعَ جميع مصالح إيران بالكامل، ويجب توجيه تحذير لأمريكا مثل كوريا الشمالية: إذا كنتم تريدون الأمن فعليكم أن توقفوا التهديد العسكري للدول!
ثالثا: يجب إنهاء لعبة التهديد-المفاوضة-الفرض التي تلعبها أمريكا وأوروبا وإسرائيل والوكالة، وأي قضية فنية نووية يجب حلها من خلال الحوار مع الوكالة فقط.
رابعا: يجب تبني موقف، مفاده أن الدولة التي تملك القنبلة النووية واستخدمتها بشكل إجرامي لا تملك حق التصريح أو التفاوض في الملف النووي، وتحذير من أن أي تهديد قد يغير موقف الشعب الإيراني تجاه السلاح النووي.
خامسا: يجب تأكيد أنه طالما أن إسرائيل تمتلك القنبلة النووية وليست طرفا في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، فإن أي ادعاءات حول النشاطات النووية السلمية لإيران تفتقر إلى الشرعية والقيمة، وإذا كانت الوكالة وأمريكا وأوروبا صادقة، فعليهم أولا طرح ملف إسرائيل النووي على الطاولة.
سادسا: مع إصرار الأمريكيين على مطالب مثل التخصيب الصفري يجب اعتبار المفاوضات منتهية، وإذا قام الأمريكيون بمقاطعة المفاوضات بطريقة غير لائقة، يجب إنهاء المفاوضات فورا وعدم استئنافها إلا بعد اعتذارهم.
سابعا: يجب تغيير مسار المفاوضات والإعلان بأن أولويات المفاوضات هي مطالب الشعب الإيراني مثل رفع العقوبات، ثم القضايا الفنية النووية.
ثامنا: يجب إعلان نهاية الاتفاق النووي والخروج من معاهدة NPT قبل اجتماع مجلس المحافظين، والتحذير بأنه في حال عدم صدور قرار ضد إيران وتفعيل آلية سناب باك قبل انتهاء الاتفاق في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2025، ستعود إيران إلى معاهدة NPT.
تاسعا: يجب أن يكون الرد حاسما لإزالة تهديد الغرب عن الشعب الإيراني، لأن قبول أي قيود على التخصيب، أو أي اتفاق مؤقت، أو دخول المراقبين الأمريكيين، أو تشكيل أي اتحاد سياسي للتحكم بالتخصيب، أو تعليق البرنامج، أو تأجيل استخدام الأوراق القوية لإيران، سيزيد من حدة التهديد والعقوبات.
عاشرا: يجب عرض شجاعة ووضوح الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئیسي على الطاولة، حيث قال لصحفي غربي لا، فالشجاعة في قول لا وترك المفاوضات يمكن أن تكون ورقة رابحة في هذه الجولة من المفاوضات.
٧-يجب أخذ هذا التحذير على محمل الجد، فلا أظن أن المفاوضات ستؤدي إلى نتيجة! فالمصالح الوطنية لإيران لن تتحقق عبر التفاوض مع أمريكا، خصوصا وأن الهدف الحقيقي من المفاوضات هو مجرد دراسة تأجيل بعض العقوبات الحالية ضد طهران.
أكَّدت الصحيفة أنه يجب التخلي عن وهم رفع العقوبات واستثمار أمريكا في الطاقة النووية الإيرانية، والتعلم من تجارب الاتفاق النووي الفاشلة، وشركة توتال الخائنة، وتجارب اتحاد أوروديف قبل الثورة، واتحاد الماء الثقيل ومفاعل أراك في الاتفاق النووي.
وأضافت أن تجربة رفع تخصيب اليورانيوم من 3.5% إلى 20% كشفت: أولا، أن رئيس أمريكا يحتفظ بنسخة من الاتفاق تسمح له بتدمير ما يشاء داخل إيران، وهو هدف أوباما أيضا، ثانيا، أن الحزبين الديمقراطي والجمهوري قدما مشروع قانون لفرض عقوبات دائمة على إيران في الكونغرس، ومن المتوقع إقراره قريبا.
ثالثا، أعلنت أمريكا صراحة حتى في حال أي اتفاق، ستظل معظم العقوبات قائمة. رابعا، وحتى مع رفع أو تعليق بعض العقوبات، لا يوجد مستثمر أو بنك مستعد للعمل مع إيران بسبب العقوبات المتبقية، لذلك يجب استغلال الفرصة مع بريكس، وشانغهاي، وأوراسيا بتفعيل العملات المحلية وتوسيع العلاقات الإقليمية لتحييد العقوبات.
وفي الختام شددت الصحيفة على ضرورة عدم تكرار الأخطاء التي حدثت في الاتفاق النووي وحكومة الرئيس الإيراني الأسبق روحاني، والتي أظهرت ضعفا في مواجهة الالتفاف والتحييد للعقوبات، خاصة بسبب الاتفاق النووي واتفاقية باليرمو.