- شروق حسن
- 40 Views
ترجمة: شروق حسن
في مقابلة أجراها الموقع الإيراني الأصولي “ديدهبان إيران” يوم الأربعاء 7 مايو/أيار 2025، حذّر فؤاد إیزدي، محلل الشؤون الدولية الايراني ، من التعويل على ما وصفه بـ”البستان الأخضر” الذي يلوّح به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حال التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران.
وفقا للموقع الإيراني “ديده بان إيران”، فقد أكد إیزدي أن البستان الأخضر الذي يلوّح به دونالد ترامب بخصوص اتفاق محتمل مع الإيرانيين ليس إلا كذبة.
وأضاف إيزدي أن التيارات المعادية لإيران في أمريكا، قد بذلت خلال السنوات العشر الماضية، جهودا كبيرة في الكونغرس والسلطة التنفيذية كي لا تتكرر تجربة الاتفاق النووي (برجام)، وحتى إذا تم التوصل إلى اتفاق جديد، فإن إيران لن تحصل على الانفراجات المحدودة التي تحققت بعد برجام.
عقوبات على إيران
أوضح إيزدي في حواره كذلك، أنه في السنوات الأخيرة، تم تمرير قوانين جديدة في أمريكا، وبموجبها فُرضت عقوبات على المؤسسات المصرفية والنفطية الايرانية، ليس فقط بسبب الملف النووي، بل أيضا لأسباب أخرى؛ لذلك، حتى وإن تم التوصل إلى اتفاق نووي جديد، فإن العقوبات التي فرضها الأمريكيون بذريعة قضايا أخرى ستمنع رفع العقوبات النفطية والمصرفية عن إيران.
شن الحرب على إيران
وتابع بالقول إنه إذا جلس أحد إلى طاولة المفاوضات فقط لإبعاد شبح الحرب، فإنه يرتكب خطأ استراتيجيا، لأنه لا علاقة بين الحرب والمفاوضات.
وأضاف أن المسؤولين الأمريكيين متى ما شعروا بأن مهاجمة إيران لا تكلّفهم الكثير، فقد يشنّون هجوما حتى أثناء المفاوضات أو قبلها أو بعدها، تماما كما فعلوا مع ليبيا.
فأساس القرار بشنّ الحرب أو عدمه بالنسبة لأمريكا هو تقدير التكاليف المحتملة، وليس كونها تفاوض الطرف المقابل أم لا.
نحن نتعامل مع طرف إذا شعر بأن تكلفة الهجوم على إيران منخفضة، فقد يشنّ الهجوم حتى في خضم المفاوضات».
المفاوضات تتعثر
وأضاف إيزدي أن إيران والولايات المتحدة بدأتا خلال الأسابيع الأخيرة، بوساطة سلطنة عمان، مسار مفاوضات غير مباشرة، وبينما كان من المتوقع أن تُعقد الجولة الرابعة من هذه المفاوضات يوم السبت 3 مايو/أيار 2025 في العاصمة الإيطالية، أعلن بدر البوسعيدي، وزير الخارجية العُماني، يوم الخميس 1مايو/أيار 2025، أن انعقاد هذه الجولة قد تأجل.
ورغم أن البوسعيدي أرجع سبب التأجيل إلى «أسباب لوجستية»، فإن التقديرات تشير إلى أن القضايا السياسية والخلافات حول التفاصيل الفنية قد ألقت بظلالها على فرص توصل الطرفين إلى اتفاق.
اتفاق نووي جديد
في هذا السياق، يرى بعض المحللين أن الخلاف الأكبر بين إيران والولايات المتحدة، والذي قد يُعيق توصلهما إلى اتفاق نووي جديد، يتمثل في مسألة التخصيب.
إذ إن بعض المسؤولين الأمريكيين يطالبون بإزالة كاملة لمنشآت التخصيب الإيرانية، فيما يصرّ آخرون على أن إيران يجب أن تستورد الوقود النووي المخصب من دول أخرى، في حين يرى فريق ثالث أنه في حال فُرضت رقابة صارمة، يمكن لإيران تخصيب اليورانيوم بنسبة لا تتجاوز 3.67%.
وتابع أن إيران التي تمتلك حاليا نحو 275 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% وفقا للتقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تؤكد أن الحفاظ على برنامج التخصيب داخل البلاد يُعد من أهم خطوطها الحمراء في المفاوضات النووية.
من جهة أخرى، يبدو أن تصاعد المواجهة بين اليمن من جهة، والولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي من جهة أخرى، قد ألقى بظلاله أيضا على المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة.
فبينما يجلس الطرفان إلى طاولة الحوار، يتهم المسؤولون الأمريكيون، بالتنسيق مع المسؤولين الإسرائيليين، إيران بأنها الداعم الرئيسي للحوثيين في اليمن (حركة أنصار الله)، ويحملون إيران مسؤولية استمرار الهجمات الصاروخية التي يشنها الحوثيون، ويهددون طهران بردٍّ عسكري.
وفي هذا الإطار، يرى بعض المحللين أنه ما لم يتم خفض مستوى التوترات في اليمن بشكل ملموس، فلن تكون هناك إمكانية لتوقيع اتفاق بين إيران والولايات المتحدة.
استئناف المفاوضات
في ظل هذه الظروف، سألنا فؤاد إيزدي، محلل السياسة الخارجية وخبير الشؤون الدولية، عن أسباب تأجيل الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، فأوضح في حديثه لمراسل “دیدهبان إيران”:
يبدو أن المشكلة الرئيسية ناجمة عن الخلافات داخل إدارة ترامب، ومن خلال المقابلة الأخيرة للرئيس الأمريكي مع شبكة NBC، يتبيّن أنهم يسعون لحل مشكلاتهم الداخلية، ومن المرجح أن يعودوا إلى طاولة المفاوضات.
وتابع إيزدي بالقول إنه لا يمكن الوثوق بمواقف السياسيين الأمريكيين، خاصةً ترامب، لكن يبدو أن الجولة الرابعة من المفاوضات ستُعقد قريبا.
وأشار إلى أن الفريق المفاوض الإيراني كان مستعدا للتوجه إلى مدينة روما يوم السبت من هذا الأسبوع، وإذا كان الطرف المقابل جاهزا، فهناك احتمال بأن تُستأنف المفاوضات الأسبوع المقبل.
تكرار تجربة الاتفاق النووي
وفي معرض ردّه على سؤال حول احتمال توصّل إيران والولايات المتحدة إلى اتفاق جديد، أجاب إيّزدي بالقولِ أن السؤال الرئيسي حاليا ليس ما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق في النهاية أم لا، فبكل الأحوال، الطرفان توصلا إلى اتفاق سابقا وقد يفعلان ذلك مجددا؛ الأمريكيون أثبتوا أنه إذا حصلوا على الامتيازات الكافية، فإنهم سيوقّعون على اتفاق.
السؤال الحقيقي هو: ما الفائدة التي سيجنيها الشعب الإيراني من هذا الاتفاق؟
وأضاف أنه يجب الانتباه إلى أن قرابة عشرة أعوام مضت على توقيع الاتفاق النووي (برجام)، وخلال هذه الفترة أتيحت للتيارات المعادية لإيران في الولايات المتحدة فرصة لاتخاذ خطوات تضمن عدم تكرار حتى الانفراجات الطفيفة التي تحققت لإيران بعد الاتفاق النووي.
لأن هذه التيارات كانت منزعجة حتى من تلك الانفراجات المحدودة، وكانت تريد استمرار الضغط على إيران، حتى في حال توقيع اتفاق مع الولايات المتحدة”.
التيارات المعادية لإيران في أمريكا
أكد الخبير في الشؤون الدولية أن التيارات المعادية لإيران في الولايات المتحدة تملك نفوذا واسعا، كما تملك موارد مالية وبشرية كبيرة.
وأضاف أن هذه التيارات، وخلال السنوات العشر الماضية، بذلت جهودا مكثفة داخل الكونغرس والسلطة التنفيذية الأمريكية لمنع تكرار تجربة الاتفاق النووي (برجام).
فعلى سبيل المثال، بعد توقيع الاتفاق النووي، تم تعليق العقوبات المفروضة على شركة النفط الوطنية والبنك المركزي الإيراني لفترة مؤقتة؛ نظرا إلى أنها كانت مفروضة على خلفية الملف النووي.
أما اليوم، فقد تم إقرار قوانين جديدة في الولايات المتحدة تفرض العقوبات على هذه المؤسسات الإيرانية ليس فقط لأسباب نووية، بل لأسباب أخرى أيضا؛ ولذلك، حتى لو تم التوصل إلى اتفاق نووي جديد، فإن العقوبات الأمريكية المفروضة تحت ذرائع أخرى ستبقى قائمة، وهو ما سيحول دون رفع العقوبات النفطية والمصرفية عن إيران.
وأوضح أن وجود هذه القوانين والأنظمة متعددة الطبقات، التي تم تثبيتها خلال السنوات الأخيرة عبر مشاريع قوانين ومقترحات صادق عليها الكونغرس ومجلس الشيوخ، إضافة إلى أوامر تنفيذية صادرة عن الرئيس الأمريكي، تُلزم الإدارة الأمريكية بعرض أي اتفاق محتمل مع إيران على الكونغرس للتصويت عليه.
وأضاف أن التوصل إلى اتفاق جديد مع الولايات المتحدة والاستفادة– ولو بشكل محدود– من مكاسبه الاقتصادية ليس بالأمر السهل، ولا ينبغي أن نعتقد أننا اليوم في ظروف شبيهة بما كانت عليه الأمور عام 2015″.
رفع جميع العقوبات
أكد إيزدي، في تصريح لـ«ديدهبان إيران»، أن “الوعد الكاذب” الذي يلوّح به ترامب للإيرانيين بشأن اتفاق محتمل، لا يمتّ إلى الحقيقة بِصلة.
وأضاف أن تصريحات ترامب التي يزعم فيها أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق مع إيران، فإنها ستصبح دولة متقدمة وستُحلّ مشاكلها، غير صحيحة إطلاقا، لأن رفع جميع العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران ليس بيد الرئيس الأمريكي نفسه”.
وأضاف أن ترامب أطلق في قضايا أخرى أيضا كثيرا من التصريحات الفارغة؛ فعلى سبيل المثال، قال في حملته الانتخابية إنه سينهي حرب أوكرانيا خلال يوم واحد، لكنّ أكثر من مئة يوم مرّت على عودته إلى السلطة، ولم تُحلّ قضية أوكرانيا، بل لا تزال بعيدة جدا عن الحل”.
وأوضح محلل الشؤون الخارجية، مشيرا إلى أن دخول إيران في مفاوضات غير مباشرة مع أمريكا لا علاقة له بمحاولة إبعاد شبح الحرب، بالقوا أنه إذا جلس أحد على طاولة المفاوضات من أجل إبعاد شبح الحرب، فإنه يرتكب خطأ استراتيجيا، لأن الحرب والمفاوضات لا علاقة بينهما على الإطلاق.
وتابع أن الأمريكيين قد يشنّون هجوما في أي وقت يشعرون فيه بأن تكلفة الهجوم على إيران ليست باهظة، حتى وإن كان ذلك أثناء المفاوضات، أو قبلها، أو بعدها، تماما كما فعلوا مع ليبيا؛ حيث توصلوا أولا إلى اتفاق مع هذا البلد، ثم شنّوا عليه هجوما، لأن تكلفة الهجوم على ليبيا لم تكن مرتفعة.
لذلك، فإن السبب وراء عدم شنّ أمريكا هجوما على إيران هو إدراكها أن مثل هذا الإجراء سيكون مكلفا جدا بالنسبة لها”.
وتابع أنه “يجب على الناس ألا يظنوا أننا نتفاوض من أجل الحيلولة دون وقوع الحرب، لأن معيار بدء الحرب أو عدم بدئها بالنسبة لأمريكا هو تقييمها لتكاليفها المحتملة”.
وأضاف أنها ليست مسألة كونها في حالة تفاوض مع الطرف المقابل أم لا؛ ولهذا السبب، حتى لو لم تُفضِ المفاوضات إلى نتيجة، فإن الحرب لن تندلع بالضرورة، لأننا نواجه طرفا إذا شعر بأن تكلفة الهجوم على إيران منخفضة، فإنه سيشن الهجوم دون أن يعنيه ما إذا كان في حالة تفاوض معنا أم لا، بل قد يهاجم حتى في منتصف المفاوضات.
وأكد أنه “لا وجود لأي ارتباط بين الحرب والمفاوضات، بل إن تقييم تكلفة الحرب المحتملة لدى الولايات المتحدة هو ما يرتبط بشكل مباشر بقرارها بشنّ الهجوم على إيران أو الامتناع عنه”.
استعداد إيران للتفاوض
وردا على سؤال حول السبب في دخول الحكومة الإيرانية في مفاوضات مع أمريكا إذا لم يكن هناك خوف من اندلاع الحرب، أوضح إیزدي أن السبب الأول هو أن رئيس الجمهورية قدّم وعودا خلال حملته الانتخابية بشأن الحوار مع الدول الأخرى، وهو، بصفته رئيسا للسلطة التنفيذية في البلاد، يريد أن يُظهر أنه اتخذ خطوات نحو تنفيذ هذا الوعد.
أما السبب الثاني لبدء المفاوضات، فهو أن ترامب كتب رسالة إلى المرشد الأعلى بإيران وطلب التفاوض، ونحن نريد أن نظهر للرأي العام العالمي أننا أهل للحوار.
وأكد الخبير في الشؤون الدولية أن “إيران، وعلى مدى السنوات الـ46 الماضية، كلما أبدى الأمريكيون رغبة في التفاوض، وكان هناك احتمال ولو ضئيل لنجاح المحادثات، جلست إلى طاولة الحوار.
في الواقع، هذا جزء من تاريخ العلاقات بين إيران والولايات المتحدة بعد انتصار الثورة، وقد أثبتت إيران أنها، رغم تمسكها بمبادئها وخطوطها الحمراء، قادرة على التحلي بالمرونة عند الضرورة”.
تحقيق أهداف أمريكا في اليمن
وردا على سؤال حول تأثير تصاعد التوتر بين اليمن من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، على المفاوضات الجارية بين إيران والولايات المتحدة، قال ایزدی لموقع «ديدهبان إيران» أن خطة الهجوم على اليمن كانت من إعداد مايك والتز، الذي تمّت إقالته مؤخرا من منصبه كمستشار للأمن القومي في البيت الأبيض.
وأضاف أن المسؤولين الأمريكيين قد شنّوا، بمساعدة البريطانيين، خلال الشهرين الماضيين، أعنف الهجمات على اليمن، إلا أن عملياتهم لم تُكلَّل بالنجاح.
وقد شهدنا في الآونة الأخيرة قدرة اليمنيين في الهجوم على مطار بن غوريون، أو في استهداف السفن والطائرات المسيّرة الأمريكية خلال الأسابيع الماضية.
وأضاف أن نتيجة فشل خطة الهجوم على اليمن كانت طرد والتز، مستشار الأمن القومى السابق من البيت الأبيض”.
وختم حديثه بالقول أن لو كان الأمريكيون قد نجحوا في تحقيق أهدافهم في اليمن، لزاد احتمال شن هجوم عسكري على إيران، لأنهم حينها كانوا سيقولون لأنفسهم:
لقد تمكّنا من القضاء على أصدقاء إيران في اليمن، وحان الآن وقت توجيه الضربة لإيران نفسها”.
ولكن إذا لم تتمكن الولايات المتحدة من بلوغ أهدافها في اليمن، وفشل هذا المشروع، فإن بعض الشخصيات داخل إدارة ترامب، ممن لا يميلون إلى الحرب، سيقولون: لم ننجح في اليمن، وهو أضعف من إيران، فبالتأكيد ستكون تكلفة مهاجمة إيران باهظة جدا”.
وأضاف إن تأثير قضايا اليمن على العلاقات الإيرانية-الأمريكية يتمثل في أن فشل أمريكا في اليمن هو الذي يبعد شبح الحرب عن المنطقة، لا نجاح أو فشل المفاوضات.