- يسرا شمندي
- 10 Views
ترجمة: يسرا شمندي
أجرت صحيفة “أرمان ملي” الإصلاحية حوارا بتاريخ 7 مايو/أيار 2025، مع أستاذ الجامعة والمحلل السياسي غلام علي دهقان، لتحليل ومناقشة التغييرات الأخيرة في حكومة ترامب وآفاق المفاوضات المقبلة، وفي ما يلي نص هذا الحوار:
ما سبب الخلاف في حكومة ترامب بشأن إيران؟ وما هو تأثيره على سير المفاوضات بين إيران وأمريكا؟
قال دهقان إن الاختلافات في حكومة ترامب بشأن إيران من بداية ولايته الثانية، وهي مستمرة حتى الآن، تُظهر أن الأمور قد وصلت إلى مرحلة متقدمة، على الرغم من تأجيل الاجتماع بين إيران وأمريكا يوم السبت 3 مايو/أيار 2025، فإن الانتقاد الجاد والمفهوم من قبل الابن الأكبر لترامب دونالد ترامب جونيور، تجاه المتشددين في حكومة ترامب، قد يعكس أيضا وجهة نظر ترامب نفسه.
وأضاف أن إقالة مستشار الأمن القومي ونائبه مايكل والتز أثارت ضجة إعلامية كبيرة، والجدير بالملاحظة أن الخلافات في أمريكا بشأن إيران ليست جديدة، فقد ظهرت هذه الاختلافات في الأيام التي سبقت انتصار الثورة الإيرانية في عام 1979، عندما برز الانقسام بين الواقعيين والمتشددين الأمريكيين، وأدى ذلك إلى فوز جناح فينس-ساليڤان.
وتابع دهقان مؤكدا أنه في تلك الفترة، كان زبيغنيو بريجينسكي يُعتبر من أبرز المتشددين في البيت الأبيض، وبعد سنوات، في فترة حكم الرئيس رونالد ريغان من 1981 إلى 1989، تكرر الاختلاف نفسه بين التيارات المختلفة، حيث كان مستشار الأمن القومي الأمريكي في إدارة ريغان من 1983 إلى 1985، روبرت مكفارلين، يمثل الجناح الواقعي، بينما كان وزير الدفاع كاسبر واينبرغر من الشخصيات البارزة التي تمثل الجناح الآخر.
وأشار دهقان في هذا السياق إلى أنه، حتى في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن (2001–2009)، حين كانت التيارات المحافظة الجديدة (النيو-كون) صاحبة نفوذ واسع، لم تُقدم هذه المجموعة على مهاجمة إيران، بل اختارت استثمار الزخم الناتج عن هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في استهداف طالبان في أفغانستان، قبل أن تتوجه عام 2003 إلى غزو العراق وإسقاط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
وأفاد بأنه في الوضع الحالي، وبناءً على تصريحات وإجراءات ترامب ورغبته في التوصل إلى تسوية، يُتوقع أن تكون الأوضاع أكثر ملاءمة لهذا الجناح الواقعي والمصالحي في أمريكا مقارنة بالفترات السابقة.
وصرّح بأن قرارات دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة بشأن إيران قد تحمل تبعات إيجابية وسلبية كبيرة على كل من أمريكا وإيران. ولتوضيح ذلك، يكفي أن نأخذ مثالا تاريخيا واحدا وهو قضية تأميم صناعة النفط في إيران، حيث كان محمد مصدق يسعى للدفاع عن حقوق الشعب الإيراني في استغلال موارده النفطية بوصفه رئيسا للوزراء.
كما واصل دهقان حديثه قائلا إنه في تلك الفترة، أظهرت حكومة الرئيس الأمريكي هاري ترومان، الذي تولى المنصب في عام 1945، رغبة في التوسط بين إيران وبريطانيا، وكانت إلى حد ما ملتزمة بمبادئ العدالة.
وأوضح أنه مع ذلك، بعد صعود الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت آيزنهاور الذي تولى الرئاسة بين عامي 1953 و1961 لفترتين من الحزب الجمهوري، الذي يحظى حاليا بدعم ترامب، اتخذت الحكومة الأمريكية قرارا خاطئا بالتعاون مع الحكومة البريطانية بقيادة ونستون تشرشل الذي تولى رئاسة الوزراء مرتين (1940–1945 و1951–1955) للإطاحة بالحكومة الوطنية والشعبية في إيران بقيادة محمد مصدق.
وأكد أن هذا القرار أدى إلى استمرار سيطرة القوى الأجنبية على صناعة النفط الإيرانية، بدلا من أن تظل تحت إدارة إيرانية.
وقال إنه على الرغم من أن الأمريكيين استفادوا من الحصول على حصة 40% من النفط، فإن هذا التدخل الأمريكي سبب كراهية كبيرة بين الإيرانيين والأمريكيين، وقد تجسد هذا الاستياء بعد 26 عاما عندما قام الإيرانيون بالاستيلاء على السفارة الأمريكية في طهران.
ما مدى احتمالية أن يتأثر ترامب بشأن إيران بتأثير المتشددين؟
وشدد دهقان قائلا إن ترامب إذا قرر منع إيران من الاستفادة من حقوقها الطبيعية في الطاقة السلمية وأخذ بنصائح المتشددين الأمريكيين، فإنه سيؤدي إلى تصعيد الموقف الإيراني، وربما يفكر الإيرانيون في طرق أخرى قد لا تكون مريحة للأمريكيين.
وقال دهقان إنه حتى الآن، تمكن ترامب من الحفاظ على توازنه في هذا المجال، ولكن عليه أن يظل حذرا من تأثير المتشددين الأمريكيين حتى التوصل إلى اتفاق، وفي هذه الظروف، من الأفضل أن يلتزم ترامب بحقوق الشعب الإيراني في استخدام الطاقة النووية السلمية، وألا يدخل قضايا غير مرتبطة بالملف النووي في المفاوضات.
وتابع أن التهديدات الداخلية من داخل إدارة ترامب، هناك تهديدات خارجية أيضا، وعلى سبيل المثال، الهجوم الذي شنه اليمن على مطار بن غوريون في تل أبيب كان من بين الأحداث المثيرة في المنطقة.
إلى أي مدى يمكن أن تؤثر العوامل الخارجية على سير مفاوضات إيران والولايات المتحدة؟
أوضح دهقان أن هناك وجهتا نظر في هذا السياق، الأولى تعتبر أن إيران هي الملامة وتطالب باتخاذ إجراءات ضدها، بينما أعلنت القوات اليمنية مرارا أنها ستستمر في سلوكها حتى يتم حل مشكلة غزة من قبل إسرائيل، لذلك، وفقا لهذا الرأي، فإن المسؤول عن الوضع هو إسرائيل التي جعلت القضية الفلسطينية في غزة قضية طويلة الأمد، بينما يعتبر البعض أن إدخال إيران في هذا الصراع هو مجرد ذريعة.
وأخبر بأنه على الرغم من أن الأمريكيين قد يطلبون من إيران التدخل، فإن هذا الرأي يظل على أن المسؤولية تقع على عاتق إسرائيل.
وتابع دهقان بالقول إن الرأي الآخر يرى أن إطلاق الصواريخ من اليمن يظهر مدى ضعف إسرائيل، حتى إن نظام الدفاع الجوي “ثاد” لم يكن كافيا للرد عليها، وبالتالي، يجب على إسرائيل أن تتجنب التدخل في الشؤون الإيرانية وأن تسعى إلى التوصل إلى اتفاق، فإذا كان اليمن قادرا على هذا الهجوم بأدوات بسيطة، فإيران بقدراتها الصاروخية يمكن أن تضر إسرائيل بشكل أكبر، وبناء على ذلك، لا أعتقد أن قضية اليمن ستؤثر على سير المفاوضات.
ومن جهة أخرى، يشير مستقبل المفاوضات إلى أنه يمكن العودة إلى منطق “الربح-الربح” في الملف النووي، فقد أعرب ترامب عدة مرات عن رغبته في منع إيران من امتلاك الأسلحة النووية. ومن جهة أخرى، فإن إيران لا تسعى حاليا إلى تطوير قنبلة نووية بموجب فتوى القيادة العليا، وبناء على ذلك، يمكن للولايات المتحدة أن تقبل بحق إيران في تخصيب اليورانيوم في إطار الاتفاق النووي مع الحفاظ على احتمالية نجاح المفاوضات.
بناء على الظروف الحالية، ومع عدم عقد الجولة الرابعة من المفاوضات بعد، ما أبرز التحديات التي تراها أمام المفاوضات؟
ذكر دهقان أن الرویکرد الصائب والمنطقي في هذا السياق هو أن يتم إظهار الضوء الأخضر في المفاوضات، بدلا من استخدام الترهيب والتهديد لتحقير الطرف الآخر، فمن الواضح سياسة الترهيب التي اتبعها ترامب في ولايته الأولى لم تؤت ثمارها، ومن غير المتوقع أن تحقق النجاح في الظروف الحالية.
وأكد دهقان في هذا الإطار، أن إدارة مستوى التوتر بات أمرا حاسما في المرحلة الراهنة، غير أن إمكانية التوصل إلى تفاهم من خلال الحوار لا تزال قائمة. ففي عهد الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، ورغم عدم التوصل إلى اتفاق رسمي، نجحت إيران في تصدير نفطها بشكل ملحوظ، وظل مستوى التصعيد مضبوطا إلى حد كبير، كما يبدو أن استمرار الهدوء في المنطقة قد يُسهم في ضبط النزاع بين إيران والولايات المتحدة بشكل أكثر فاعلية.
وقال إن إسرائيل تواصل تهديدها المتكرر لإيران بشن هجوم عسكري، وهو ما يُعد طبيعيا أن يُقابل بردٍّ إيراني، مما قد يُفاقم الأوضاع ويقود إلى أزمة. أما في ما يخص رفع العقوبات، فلا يزال من المبكر إصدار حكم نهائي.
واختتم حديثه موضحا أن بعض هذه العقوبات صادرة بقرارات من الكونغرس ولا يمكن رفعها بسهولة، بينما توجد عقوبات أخرى تندرج ضمن صلاحيات الرئيس ترامب، ورغم وجود نقاط خلافية بين الطرفين، فإن هناك أيضا أرضيات مشتركة يمكن البناء عليها للوصول إلى تفاهم.