نائب وزير الخارجية الإيراني: نتنياهو نسف الاتفاق المحتمل مع أمريكا عمدا

Ad 4nxfa62khfxa7zdzpbo8zjlyida3y06s2puybklymapet5m6wmdoz741tlz jsjvks4byeapt01a oiyan9nkrpn8ybzgybg5angqyzkvwgiasgi mpuqdhh wllaxirnivaitx8gowkeyfzqfdybdgmufwyfoy lkbw

ترجمة: يسرا بشندي

نشرت وكالة أنباء تسنيم الأصولية، يوم الجمعة 20 يونيو/حزيران 2025، حوارا أجرته شبكة “بي بي سي”، مع سعيد خطيب‌ زادة، نائب وزير الخارجية ورئيس مركز الدراسات السياسية والدولية بوزارة الخارجية الإيرانية، حول أبعاد الهجوم الذي شنّه النظام الإسرائيلي على الأراضي الإيرانية.

وفي ما يلي نص الحوار:

هل صحيحٌ أن ترامب لم يحسم قراره بعد بشأن الانضمام إلى عملية عسكرية ضد طهران، وماذا تتوقعون في طهران؟

أنتم تعلمون أننا تعرضنا لهجوم. لقد تم الاعتداء على إيران، وفي خضم مسار دبلوماسي. أنتم شخصيا تتذكرون أننا كنا نتحدث في أوسلو قبل يوم واحد فقط من الهجوم، وأنتم كنتم هناك أيضا، حيث كنا نُخطط للجولة التالية من المفاوضات في مسقط. وفي الواقع، كنا قريبين جدا من التوصل إلى اتفاق، عندما قامت إسرائيل فجأة بعدوان عسكري ضد إيران بهدف تقويض المسار الدبلوماسي بالكامل وإفشاله.

وبالطبع هناك تحليلات وآراء مختلفة داخل إيران بشأن ما جرى، لأن الأميركيين، بمن فيهم كبار المسؤولين، يرسلون لنا عبر قنوات غير علنية رسائل مفادها أنهم لم يكونوا طرفا في هذا الهجوم، ولا هم متورطون فيه الآن، ولا يريدون أن يكون لهم دور فيه مستقبلا. 

لكن في المقابل، الرسائل العلنية التي تصدر عنهم من خلال تغريدات وتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ـ المتناقضة في مضمونها ـ توحي بوضوح بأن الأميركيين لم يدعموا هذا الهجوم فحسب، بل شاركوا فيه أيضا.

هل صحيحٌ أنكم تواصلتم مع البيت الأبيض وأبلغتموه أنكم مستعدون للتوصل إلى اتفاق؟

جميع المسؤولين والقيادات العليا في إيران أكدوا بشكل واضح وصريح، أنهم لم يُجروا أي اتصال أو يُرسلوا أي رسالة إلى البيت الأبيض. على العكس من ذلك، فمنذ الساعات الأولى للهجوم، بعث البيت الأبيض، عبر قنوات متعددة ومن خلال زعماء في المنطقة وبعض القنوات الأوروبية، برسائل إلى طهران ينفي فيها أي دور له في هذا العدوان العسكري.

هل يرسلون رسائل توضّح سُبل الخروج من هذا الوضع بشكل صريح؟

إن ما حدث كان عدوانا سافرا وواضحا.

هل تعتقدون أن الاستمرار في تبادل الضربات والهجمات، الذي مضى عليه أسبوع حتى الآن، يمكن أن يفتح طريقا نحو الحل؟

أنتم تستخدمون الكلمات بشكل غير دقيق. لا، نحن لا نقوم بهجمات متبادلة؛ بل تمّ الاعتداء علينا، ونحن نمارس حقنا المشروع في الدفاع ونقوم بالرد على العدوان.

أنتم من يشنّ الهجمات، فأنتم اليوم تحديدا استهدفتم مستشفى، كيف تردّون على ذلك؟

تمهّل قليلا، دعنا نتحدث بهدوء. على الأقل، حاولوا أن تكون تعليقاتكم أقل انحيازا. للأسف، وسائل الإعلام الغربية الرئيسية تتواطأ في التغطية على الجرائم والوحشية التي يرتكبها النظام الإسرائيلي القائم على الإبادة. 

انشروا الحقيقة كما هي: إسرائيل هي التي بادرت بالهجوم على إيران، استهدفت منشآت مدنية، ومدنيين، ومستشفياتنا. لقد أودت بحياة المئات من مواطنينا الأبرياء، واغتالت قادتنا العسكريين الكبار، وها هي اليوم تُهدد رئيس الحكومة الإيرانية.

وكل هذا حدث بينما كنا في خضم مسار دبلوماسي، ومع ذلك تُستخدم عبارات تُقلب الحقائق وتُشوّه الواقع بشكل واضح.

نحن نخوض مقاومة مشروعة، وندافع عن أنفسنا استنادا إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وسنواصل هذا الدفاع حتى يدرك المعتدي الدرس أنه لا يمكن لأي جهة أن تهاجم بلدا مستقلا وتنتهك سيادته من دون تبعات. إن ما تقومون به يُشبه تقديم نسخة جديدة وخطيرة من القانون الدولي، تُبيح لنظام إجرامي أن يشن هجوما وقتما شاء على أي دولة مستقلة.

هل من المحتمل أن تقرر الولايات المتحدة التوجّه نحو المسار الدبلوماسي أم الانخراط في هذه الحرب؟

كنّا نتابع المسار الدبلوماسي، لكن طالما أن هذه الاعتداءات مستمرة، وطالما أن هذا القصف الوحشي والهمجي على إيران متواصل، فمن المؤكد أن المفاوضات لن تكون مطروحة في الوقت الراهن. بطبيعة الحال، إذا توقفت هذه الاعتداءات، فإن الدبلوماسية ستكون خيارا مطروحا.

وحاليا، هناك تصريحات تشير إلى أن الولايات المتحدة قد تنضم إلى هذا العدوان على إيران. وينبغي على الأميركيين أن يدركوا أن هذه الحرب ليست حربهم، ولكن إذا انخرطت الولايات المتحدة فيها، فسيُذكر ترامب دائما في التاريخ على أنه الرئيس الذي جرّ بلاده إلى حرب لم تكن حربها. ولا شك أن هذه الحرب ستتحوّل إلى مستنقع للولايات المتحدة، وجحيم حقيقي للمنطقة بأسرها.

ألا تعتقدون أن دخول إيران في صراع عسكري مع قوة أكبر منها بكثير يُشكّل مخاطرة كبيرة؟

عندما يحدث اعتداء من طرف دولة أجنبية، فإن الوحدة والتماسك الوطني في الداخل يبلغان ذروتهما، وهذا هو تماما ما نشهده الآن بين الإيرانيين، داخل إيران وخارجها. وفي هذه اللحظة، لم يعد السؤال حول مَن الأقوى عسكريا، بل أصبح الأمر متعلّقا بموقف وطني للمقاومة في وجه المعتدي. ونحن عازمون على الصمود والمقاومة.

وبالطبع، الدبلوماسية كانت وستظل دائما خيارا مطروحا. فترامب يعلم أكثر من أي طرف آخر إلى أي مدى كنّا نتابع المسار الدبلوماسي وكنا قريبين جدا من اتفاق. وهناك فعلا من يعتقد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعدما أدرك أن الاتفاق بات وشيكا، لم ينتظر وأقدم على الاعتداء على إيران.

أنا لا أريد إصدار أحكام بهذا الشأن، لكن ما هو واضح أن فريق ترامب، مثل المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، قد زوّده حتما بكامل التقارير. فعندما كنا في أوسلو، وصلتنا رسالة من فريقه تُفيد بأنهم يستعدون للقاء في أوسلو ومسقط، لكن فجأة، رأيتم ما الذي حدث.

ترامب يدّعي أن اتفاقا كان في المتناول وأنه قُدِّم لكم، لكنكم رفضتموه.. ما ردّكم على ذلك؟

كانت هناك مفاوضات جارية، لا اتفاق. فالاتفاق هو عملية ثنائية تتضمّن حزمة من التنازلات والمكاسب، وهذا لم يكن متوفرا بعد. وما طُرِح كان مجرد أفكار، ولم يكن هناك اتفاق نهائي أو مقبول. وبالطبع، لست هنا اليوم للكشف العلني عن تفاصيل تلك المحادثات — ربما في وقت لاحق.

لكن المهم هو أن ترامب وويتكوف كلاهما يعلمان تماما كيف قام نتنياهو بتخريب المسار الدبلوماسي. وهذا الشخص المجرم، ومنذ عام 1996، يكرّر الأكاذيب ذاتها ويزعم بأن إيران على وشك امتلاك قنبلة نووية، وهي مزاعم دائما ما كانت ملفقة وتفتقر إلى أي دليل.

وحتى اليوم، أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بوضوح أنه لا توجد أي مؤشرات على انحراف البرنامج النووي السلمي الإيراني نحو إنتاج سلاح نووي. 

لكنكم تقومون بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، وهي نسبة لا تُستخدم عادة في الأغراض السلمية ويمكن رفعها بسهولة إلى 90%، كيف تردّون على ذلك؟

لا يجوز أن تبدأوا حربا استنادا إلى تصوّرات وافتراضيّات نظرية فقط.

أليست هذه الأمور تُعدّ مصدرا مشروعا للقلق؟

هذا ادعاء لا معنى له على الإطلاق. لا يحق لأي طرف أن يشنّ هجوما على دولة ذات سيادة لمجرد وجود مخاوف، ومن دون أي تفويض صادر عن مجلس الأمن. والواقع هو أن النظام الإسرائيلي، رغم أنه ليس عضوا في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) ويمتلك عشرات الرؤوس النووية، يهاجم إيران، التي تُعدّ عضوا في المعاهدة ولا تمتلك أي سلاح نووي.

ولا يقتصر الهجوم على منشآت عسكرية، بل يشمل أيضا مواقع نووية خاضعة لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحت رقابتها. وهذا تصرف في غاية الخطورة والسوء.

والأسوأ من ذلك، أن الأوروبيين والأميركيين وحتى المنظمات الدولية المعنية مثل الوكالة، لا يدينون هذه الاعتداءات. ويبدو أنهم لا يدركون أن هذا يُرسّخ سابقة خطيرة جدا وهو أن يُصبح من المسموح لأي جهة أن تهاجم المنشآت النووية لدولة أخرى، وهو ما قد يُفضي بسهولة إلى نزاع إقليمي واسع.

هل تتلقون رسائل تدعو إلى لقاء وإنهاء هذه الأزمة؟

لقد تلقّينا رسائل من الأوروبيين على مستوى وزراء الخارجية، وكذلك من الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، تدعونا إلى عقد لقاء في جنيف. وأنا شخصيا أرحّب بأن الأوروبيين قرروا أخيرا العودة إلى المسار الدبلوماسي والجلوس إلى طاولة الحوار.

أما فيما يخص الأميركيين، فقد كان ردّنا دائما واضحا طالما أن العدوان والجرائم بحق إيران وشعبها مستمران، فلن تكون هناك أي مفاوضات. وطالما أن مستشفياتنا ومواطنينا الإيرانيين يتعرضون للهجوم، فلن يُعقد أي اجتماع.

هل تتوقعون خروج نتائج من اجتماع جنيف المقرّر غدا؟

نحن ملتزمون بالمسار الدبلوماسي، وقبولنا باقتراح الأطراف الأوروبية لعقد لقاء في جنيف يُعدّ دليلا واضحا على هذا الالتزام. وآمل أن يمضي هذا المسار قدما بشكل إيجابي، لكنني أُشدّد في الوقت نفسه على أن هذا المسار مختلف تماما عن دفاعنا المشروع والشامل ضد المعتدي. فنحن سنواصل المقاومة، لأنها مقاومة وطنية ومقدسة في مواجهة عدوان وظلم المعتدي المتوحّش.

ما رسالتكم لسكان الأراضي المحتلة الذين ينامون في الملاجئ ويشعرون بالقلق من تصريحات قيادتكم وبرنامجكم النووي؟

مع كامل الاحترام لشخصكم، ما قلتموه هو مجرّد كلمات من طرفكم، ولا علاقة له بتصريحات المرشد الأعلى الإيراني. فتصريحات المرشد واضحة جدا؛ فقد أكّد صراحة أن إيران لم تكن بصدد القيام بأي عمل عسكري أو تصعيدي ضد أحد عندما تعرّضت لهذا الهجوم.

وسكان الأراضي المحتلة يعلمون جيدا أن من بدأ هذه الحرب غير المبرّرة هو نتنياهو، وهو من أمر باعتداء مفاجئ ضد الشعب الإيراني، مما أدى إلى مقتل عشرات الأطفال الأبرياء. وعليهم أن يدركوا أن إيران لم يكن أمامها أي خيار سوى الرد والدفاع في وجه العدوان. وأريد أن أؤكد بوضوح هنا أننا لم نستهدف سوى المواقع العسكرية، ومراكز المعلومات، والمقرات التي تُوجّه وتدير هذا العدوان.

لكن المدنيين يُقتلون على الجانبين.. كيف تردّون على ذلك؟

هذا غير صحيح، نحن لم نهاجم أي مدنيّ على الإطلاق، فرجاء لا تتحدثوا بانحياز!

أليس ما نقوله يستند إلى حقائق ووقائع فعلية وليس انحيازا؟

إذا كنتم مهتمّين فعلا بالحقائق، فالحقيقة هي أن النظام الإسرائيلي يمتلك عشرات الرؤوس والأسلحة النووية، وليس عضوا في معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)، وقد بدأ عشرات الحروب في المنطقة ويرتكب جرائم إبادة. وهذا النظام هو من بدأ الحرب ضد إيران، وفي المقابل، إيران تمارس فقط حقها المشروع في الدفاع عن النفس. وعلى سكان الأراضي المحتلة أن يدركوا بأنهم يدفعون الآن ثمن مغامرات نتنياهو الإجرامية.

الجميع ينتظر نهاية هذه الحرب، فهل تقولون إنكم تسعون إلى حرب طويلة الأمد؟

إن تصريحاتي واضحة ففي اللحظة التي يتوقف فيها هذا العدوان، واللحظة التي يتحمّل فيها المعتدي مسؤوليته، واللحظة التي يعاقب فيها المجتمع الدولي المعتدي ويضع حدا لحالة الإفلات من العقاب التي يتمتع بها النظام الإسرائيلي — وتُوجِد ضمانة بأن هذا المعتدي لن يُقدم مرة أخرى على شن عدوان — عندها فقط يمكن التفكير في مرحلة ما بعد الحرب.

هل يمكنكم أن تقولوا بشكل واضح، إن إيران ليست لديها أي رغبة في امتلاك قنبلة نووية أو برنامج نووي عسكري؟

لو كانت إيران تنوي امتلاك قنبلة نووية، ولو كان لديها هذا القرار، لكانت قد صنعتها منذ زمن. إيران لم تسعَ قط إلى امتلاك سلاح نووي، ولن تتجه نحو ذلك في المستقبل أيضا.

ولقد سألتم عن سبب تخصيب إيران لليورانيوم بنسبة 60%، والإجابة ببساطة هي أن هذا التخصيب لم يكن بهدف إنتاج قنبلة. يجب على مشاهديكم أن يعلموا أن إيران وقّعت في عام 2015 اتفاقا نوويا التزمت بموجبه بتخصيب لا يتجاوز 3.67%. ولكن عندما جاء ترامب إلى الحكم، انسحب من الاتفاق بشكل أحادي، وبدأ بمعاقبة كل من التزم به، وفرض عقوبات شاملة وغير قانونية وعابرة للحدود ضد إيران.

إن ردّ إيران لم يكن إلا نتيجة مباشرة لهذا الضغط، فقررت رفع نسبة التخصيب. لذلك، يجب أن يُنظر إلى هذا الموضوع ضمن سياقه الكامل، ومن ثم يُحكم عليه بشكل عادل. وأود أن أقول هنا، وبشكل واضح وصريح وعلى الهواء مباشرة، إن السلاح النووي لم يكن يوما على جدول أعمال إيران، ولن تتّجه إيران نحوه أبدا. فإيران تسعى فقط إلى برنامج نووي سلمي — هذا كل ما في الأمر.