ناشط سياسي إصلاحي إيراني: جبهة بايداري تحاول عرقلة حكومة بزشكيان واسقاطها 

ترجمة: شروق حسن

عاد شبح الاستجوابات ليخيم من جديد على أروقة البرلمان الإيراني مع إدراج وزيري الطرق والطاقة في حكومة مسعود بزشكيان على قائمة المساءلة البرلمانية، بعد أشهر قليلة فقط من استجواب وزير الاقتصاد، وهو ما ناقشه حوار وكالة ” خبر أونلاين” الإيرانية المعتدلة المحسوبة على مكتب علي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني، مع علي صوفي الناشط السياسي الإصلاحي الإيراني يوم الأربعاء 7 مايو/أيار 2025.

إلى نص الحوار: 

ما تحليلكم لاستجواب وزير الاقتصاد وإدراج وزيري الطرق والطاقة على قائمة الاستجواب رغم مرور أقل من عام على تولّي الحكومة؟

من الواضح تماما أن البرلمان، الخاضع لهيمنة جبهة بايداري، يعارض  بزشکیان ويسعى لعرقلة نجاحه.

 وقد قوبل أول استجواب لهم بقدر من الترحيب الشعبي، ذلك أن همتي، وزير الاقتصاد السابق ارتكب خطأ في إدارة سوق العملات، وتصرف على عكس الشعارات التي كان يرفعها. 

فقد رفع سعر الصرف بتهور، وكان يكرر دوما أن السعر سينخفض، لكن هذا لم يحدث، وأدى ذلك إلى تداعيات عليه.

وكان الناس مستائين بشدة من الغلاء، ولا سيما غلاء العملات الأجنبية الذي أدى إلى ارتفاع أسعار سائر السلع، ولذلك استقبلوا هذا الاستجواب بإيجابية.

 غير أن استمرار الاستجوابات بذريعة أمور كهذه لا يدل على أن البرلمان يتبنى نهجا شعبيا أو أنه يسعى إلى تلبية مطالب الناس أو يعمل لصالح دوائرهم الانتخابية، بل إنهم يترصدون الفرصة لإسقاط حكومة بزشکیان.

 وقد بذل بزشکیان حتى الآن جهودا كبيرة للتفاهم مع البرلمان، إلا أن الواضح أن هذا التيار يشكّل خطرا حقيقيا، والتعامل معه يتطلب دقة وحنكة تبدو خارج نطاق قدرات الحكومة.

ويبدو أن من الضروري التفكير في حل لمنع استمرار الأضرار التي ألحقها هذا التيار حتى الآن بالمصالح الوطنية.

 فهناك بصمات مروّعة في ملفات مثل “كريسنت” التي أدت إلى خسارة 54 مليار دولار للبلاد، وكانت على يد  جليلي، أو إدخال ملايين من الأفغان إلى البلاد، وهو ما حدث أيضا بفعل هذا التيار في خراسان، وكلها تشير إلى أن هذا التيار تيار مشبوه، يرتبط بنفس جمعية “حجتیه” التي كانت قائمة قبل الثورة.

ما رأيكم في تأثير وزير الاقتصاد على سعر العملة، وما تعليقكم على ترشيح مدني‌زاده لخلافة همتي وطرح مسألة مزدوجي الجنسية من جديد؟

من الطبيعي أن الحكومات قد ترتكب أخطاء، وهمتي بالتأكيد ارتكب بعض الأخطاء. لكن التيار القائم هو تيار يبحث عن الذرائع.

 يكفي أن يقع حدث مثل ما جرى في ميناء رجائي، والذي لو جرى التحقيق فيه، فقد تظهر فيه آثار لبعض التيارات أيضا، لكن هؤلاء لا يهتمون بتلك القضايا؛ ما إن يجدوا ذريعة ما، حتى يسعون إلى استخدامها كوسيلة لإيصال حمولتهم إلى وجهتها ومواصلة طريقهم.

على أي حال، فإن الاقتصاد، لا سيما في هذه المرحلة الزمنية، يتمتع بحساسية خاصة، ومن بين الشعارات المحورية لرئيس الإيراني بزشکیان كان حل مسألة معيشة الناس، وهي قضية مرتبطة بسعر العملة وغيرها من القضايا ذات الصلة.

 ولذلك، ينبغي على بزشکیان أن يكون شديد اليقظة في اختيار وزير الاقتصاد القادم، وأن يختاره من بين أولئك القادرين على كبح هذا التيار، والحفاظ على قيمة العملة الوطنية على وجه الخصوص.

ما تقييمكم لمبررات النواب الذين يطالبون باستجواب وزيرة الطرق بشأن مشاريع الإسكان والخطط الوطنية للسكن؟

الجميع يعلم أننا نواجه حاليا أزمات عديدة، وبعضها يُعدّ أزمات فائقة، خصوصا في مجال الإسكان، مع النمو السكاني الذي شهدناه في العقود الماضية، فإن أولئك الشباب الذين كبروا اليوم وبلغوا سن العمل والزواج، يُشكّل السكن مسألة حاسمة بالنسبة لهم.

 للأسف، أدّى ارتفاع الإيجارات، وخروج أسعار المساكن عن السيطرة، وعجز الحكومة عن تأمين الموارد حتى لإيجار مساكن الموظفين، إلى بروز هذه الأزمة، مما تسبب في إحباط الأزواج الشباب على وجه الخصوص.

حلّ هذه المسألة مرتبط بالنمو الاقتصادي، والاستثمار، وزيادة القدرة الشرائية للمواطنين.

 ولم تعد القدرة الشرائية تُعالج حتى من خلال قروض إسكان كبيرة؛ إذ إن الفجوة بين قدرة الناس الشرائية وأسعار المساكن أصبحت كبيرة إلى حدّ لا يبدو معه أن الدورة التاريخية والدورية المعتادة لسوق الإسكان، والتي تشمل فترات من الرواج والركود، قادرة على إخراجه من حالة الجمود هذه. 

فالأزمة موجودة، وحلّها مرتبط بحلّ القضايا الكبرى في البلاد، ومنها رفع العقوبات، ودفع عجلة المفاوضات، وزيادة الاستثمارات.

وهذه القضايا لا ترتبط بوزير الإسكان والتعمير، لأن تأمين الموارد ليس من مهام وزارة الطرق، بل هو من مسؤوليات الفريق الاقتصادي الحكومي ككل.

 وبالتالي، فهذه أيضا ذريعة يستخدمونها لاستدعاء الوزيرة إلى منصة الاستجواب، وفي رأيي، لا يملكون حججا قوية يمكن أن تُدين وزيرة الطرق والإعمار، ربما يمكنهم الحديث في ما يخص ميناء رجائي، لكن في هذه المسألة، لا، لا يمكنهم توجيه اتهام وجيه.

لماذا يُتوقع أن يواجه علي آبادي، وزير حكومة رئيسي، استجوابا برلمانيا رغم قرب حكومته من البرلمان؟

المسألة لا تتعلق بعلي‌آبادي على الإطلاق، بل تتعلق بالسيد بزشکیان، حتى لو كان هذا الشخص نفسه وزيرا في حكومة رئيسي، فهذا الشخص، بمجرد أن يتولى وزارة في حكومة بزشکیان، وبنفس الكفاءات والسياسات، تُنسب إليه فجأة جميع المشكلات. 

الهدف ليس هو، بل الهدف هو بزشکیان نفسه، إنهم يريدون أن ينسبوا اختلال التوازن في قطاع الطاقة، والانقطاعات الكهربائية التي حدثت مؤخرا، إلى حكومة بزشکیان. 

هذا أمر له سوابق، وهو واضح تماما، إذ يكشف أي تحليل فني أن هذه المشكلة هي إرث من الحكومة السابقة، وأن بزشکیان يتعامل الآن مع آثارها.

 وهذه القضية لا علاقة لها بوزيره، ولا ببزشکیان نفسه، إنها من ضمن اختلالات التوازن التي ينبغي حلها على مستوى رؤساء السلطات، وعلى مستوى النظام ككل.

برأيكم، هل سينجح الرئيس بزشكيان في تجاوز موجة الاستجوابات الحالية، أم سيضطر إلى التخلي عن أحد وزرائه كما حدث مع وزير الاقتصاد السابق؟

أعتقد أن واحدا على الأقل من هذين الاستجوابين سيحصل على تصويت بالموافقة، أما أن يُصوّت عليهما معا، فهذا أمر مستبعد. 

كما أنه من المستبعد أيضا ألا يحصل أي منهما على التصويت، في رأيي، سيُصوّت على واحدة منهما، لأن البرلمان قد قرر أن يُقصي على الأقل أحد الوزراء، وإذا لم يتمكنوا من إقالة الوزيرين معا، فسيتوصلون إلى توافق حول إقالة أحدهما.