- دنيا ياسر
- 10 Views
تناولت صحيفة “فرهيختكان” الإيرانية الأصولية، في تقرير لها الجمعة 9 مايو/أيار 2025، تفاصيل التصعيد العسكري الأخير بين الهند وباكستان، موضحا طبيعته المحدودة وأبعاده السياسية. كما حللت مكاسب وخسائر الطرفين، ويقيّم مواقف الدول الإقليمية والدولية تجاه نزاع بين قوتين نوويتين.
ذكرت الصحيفة أن ما كان متوقعا قد تحقق أخيرا، حيث شنت الهند عملية عسكرية ضد باكستان أطلقت عليها اسم “سيندور”. وبحسب المصادر العسكرية الهندية، فقد استهدفت العملية تسعة مواقع داخل الأراضي الباكستانية.
وأضافت أن هذا الهجوم جاء بعد توترات سياسية عميقة بين البلدين على خلفية الهجوم الإرهابي في منطقة “بهلجام” الواقعة في جامو وكشمير الخاضعة لسيطرة الهند، والذي أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى. وقد حمّلت نيودلهي المسؤولية المباشرة عن الهجوم لباكستان.
وتابعت أنه في المقابل، ردّت إسلام آباد من خلال استهداف بعض المناطق الواقعة ضمن كشمير الهندية، في خطوة فسّرها كثيرون بأنها رد على العمليات الهندية. ومن هنا، يتساءل المراقبون عن المسار الذي ستتخذه هذه المواجهة في المستقبل، خاصة في ظل الترقب الإقليمي والدولي لمآلات التصعيد.
وأشارت إلى أن موقف الدول الأخرى من هذا النزاع بين قوتين نوويتين يحمل أبعادا مهمة، خاصة من حيث المخاوف والمصالح التي يمكن أن تدفع كل طرف لاتخاذ موقف محدد من هذا التصعيد.
وأكدت أن هذا الصراع، رغم خطورته، لن يتطور إلى حرب شاملة. واستندت في ذلك إلى آراء العديد من المحللين السياسيين والعسكريين الذين استبعدوا منذ البداية تحوّله إلى مواجهة كبرى.
وبيّنت الصحيفة أن سلوك الحكومة الهندية، سواء على مستوى العمليات أو التصريحات السياسية، يعكس رغبة واضحة في عدم تصعيد الأزمة. فعلى المستوى الميداني، ركّزت العمليات الهندية على مناطق محددة في كشمير، إضافة إلى بعض المناطق المحدودة في البنجاب، دون أن تشمل المدن أو المراكز الحيوية الباكستانية، وهو ما يدل على نية نيودلهي في تنفيذ عملية محدودة ومدروسة.
كما أوضحت أن تصريحات المسؤولين الهنود أكدت هذا التوجه، حيث وصف وزير الدفاع الهندي العملية بثلاث صفات رئيسية: “مركزة”، “مدروسة”، و”غير تصعيدية”.
وفي السياق ذاته، أشارت الصحيفة إلى بيان صادر عن السفارة الهندية في الولايات المتحدة، أكدت فيه أن العملية لم تستهدف منشآت مدنية أو اقتصادية أو عسكرية، وأن الأهداف اقتصرت على مراكز توصف بالإرهابية داخل باكستان.
كما شدد البيان على أن العملية قد انتهت، وهو ما أكدته قيادة الجيش الهندي بقولها: “لقد وجهنا ضربة دقيقة إلى القواعد الإرهابية، وقد تحقق العدل”.
وتابعت أن الرد الباكستاني جاء بدوره ضمن الإطار ذاته؛ إذ ركزت الهجمات الانتقامية على كشمير الخاضعة للهند، وحرص الإعلام الباكستاني على تسليط الضوء على الجوانب الدفاعية، خصوصا إسقاط الطائرات الهندية المخترِقة للمجال الجوي.
كما نقلت الصحيفة عن وزارة الدفاع الباكستانية إعلانها استعداد إسلام آباد للحوار مع الهند في حال توقفت الأعمال العدائية. وبناءً على مجمل المؤشرات الميدانية والسياسية، خلصت الصحيفة إلى أن المرحلة العسكرية من النزاع قد انتهت في الوقت الراهن، مع احتمال انتقال التوتر إلى مجالات أخرى.

من قرأ عقل الآخر بدقة أكبر؟
وفي محاولة لتقييم نتائج المواجهة، تساءلت الصحيفة عن الطرف الذي خرج منتصرا في هذا الصراع. ورأت أن الهند تكبدت خسائر سياسية، أبرزها إعادة قضية كشمير إلى واجهة الاهتمام العالمي، إلى جانب التناقض بين خطابها حول تجاوز عصر الحروب ولجوئها في المقابل إلى العمل العسكري.
لكنها استدركت بالقول إن نيودلهي لا تزال تملك أوراقا قوية، مثل ورقة مياه نهر السند، التي تمثل أداة ضغط محتملة بعد تعليق المعاهدة المائية من جانبها.

وعلى الجانب الآخر، أوضحت الصحيفة أن باكستان، وتحديدا رئيس أركان جيشها “عاصم منير”، خرجت بمكاسب أكبر، منها إعادة قضية كشمير إلى الواجهة، وتعزيز موقع الجيش داخليا، ووضع حركة طالبان في موقف سياسي حرج، إضافة إلى إعادة اهتمام العالم الإسلامي– خاصةً الدول العربية- بباكستان، وإمكانية الحصول على مساعدات إضافية، إلى جانب خلق تماسك داخلي ولو مؤقتا.
واختتمت الصحيفة تحليلها بالإشارة إلى أنه لو كانت قراءة نيودلهي ومودي لتحركات “عاصم منير” أدق، لما وجدا نفسيهما في مواجهة عسكرية مع باكستان، في لعبة سياسية تشبه رقعة شطرنج معقدة.