وفاة الملياردير الإيراني علي أكبر أنصاري مؤسس بنك “آينده” وصاحب “إيران مال” المتبرع بـ10 آلاف سجادة للعتبات المقدسة

في أروقة المراقد المقدسة، حيث تتعانق الروحانية مع الجمال، يبرز اسم “علي أكبر أنصاري”، الملياردير الإيراني الذي لم يكتفِ ببناء إمبراطورية اقتصادية، بل نسج خيوطا من البر والإحسان والولاء لآل البيت، مفروشة على سجاد كاشاني فاخر يحمل توقيع التاجر الإيراني المعروف بتبرعه بـ10 آلاف سجادة فاخرة من معامل كاشان لصالح العتبات الشيعية المقدسة ويُعد من أبرز الداعمين للأماكن الدينية في إيران والعراق.

توفي صباح الجمعة 30 مايو/أيار 2025، علي أكبر أنصاري الملياردير الإيراني الشهير علي أنصاري صاحب بنك المستقبل “آينده”، والمالك الرئيسي لشركة تات القابضة، التي تستثمر في سوق الأثاث، وإيران مال، وكان قد دخل أحد مستشفيات طهران بسبب المرض.

اللحظات الأخيرة

وتم نقل جثمانه إلى مسقط رأسه مدينة دانصفهان للدفن، وأقيمت مراسم الجنازة وتم دفنه السبت في مسقط رأسه دانصفهان، إحدى ضواحي مدينة بوين زهرة، بعد تشييع جنازته في طهران، وهو شخصية معروفة ومشهورة في محافظة قزوين.

كل خطوة تخطوها الأقدام المباركة على سجادة في مراقد أهل البيت، تحكي حكاية رجل كان قلبه معلقا بالعتبات الطاهرة، ويده ممدودة لخدمة المؤمنين،  وجعل من ثروته جسرا إلى الروح، ومن إرثه شاهدا على الوفاء.

أنصاري كان رجل ذا جذور عميقة في ثقافة “تات”، الشركة القابضة الرائدة في سوق الأثاث المالك لها، وقلب مليء بالحب للخدمة، كان من هؤلاء الأشخاص الذين كانوا هادئين ولكن بقلب مشرق، وكانوا نشطين في البناء ومساعدة الآخرين بدون أي ادعاء، وبدأ أيضا بالبناء البسيط، وانتهى به الأمر إلى بناء المساجد والعمل في الصناعة وكأن تقاليد البناء موروثة في هذه العائلة، واستمر علي أكبر على نفس النهج بكل تواضع وربى أولاده على ذلك الأساس.

أبناء علي أكبر أنصاري

كان لديه سبعة أبناء وبنت واحدة، أحد أبنائه، محمد أنصاري، يتولى الآن مسؤولية مدرسة الإمام علي للقرآن الكريم في قم، كما سار مصطفى وعلي أنصاري على خطى والدهما في المجال الاقتصادي وأصبحا من الشخصيات المؤثرة ويعد ابنه الملياردير علي أنصاري مالك مجمعات تجارية كبيرة مثل بنك المستقبل “آينده” وإيران مال، وبازار یافت آباد للأثاث وموبيلز بازار، أحد أبرز المستثمرين في إيران وإلقاء نظرة سريعة على إنجازات أبناءه يظهر أن إرث علي أكبر أنصاري لا يعيش فقط على الأرض، بل أيضا في عقولهم ومسار حياتهم.

أنصاري، الأب كان رمزا للتوازن بين الطموح الدنيوي والالتزام الروحي، اشتهر بكونه مؤسس إمبراطورية اقتصادية ضخمة، تضم بنك المستقبل “آينده”، و”إيران مال”، أكبر مركز تسوق تجاري في العالم، و”موبايلز بازار”، المنصة الرائدة لتجارة الأجهزة الإلكترونية في إيران، لكن ما جعل أنصاري مختلفا لم يكن فقط نجاحه التجاري، بل كيف وظف ثروته الهائلة لتعزيز الروابط الروحية والاجتماعية داخل نسيج المجتمع الإيراني، خاصة في خدمة أهل البيت.

بدأ أنصاري حياته من نقطة متواضعة، لكنه بفضل ذكائه الحاد ورؤيته استطاع أن يبني إمبراطورية اقتصادية تمتد جذورها إلى مختلف القطاعات ويعد بنك “آينده”، الذي أسسه، رمزا للابتكار المالي في إيران، حيث قدم خدمات مصرفية حديثة ساعدت في تمكين الاقتصاد المحلي.

أما “إيرانمال”، فلم يكن مجرد مركز تسوق تجاري، بل صرحا حضاريا يعكس طموح إيران الحديثة، حيث يجمع بين الفخامة والثقافة، وفي “موبايلز بازار”، أتاح أنصاري منصة رقمية ثورية جعلت التكنولوجيا في متناول الجميع، مما عزز من مكانة طهران في سوق التجارة الإلكترونية.

دعمه للمراقد المقدسة

كان علي أنصاري مؤمنا بشدة بالعقيدة الشيعية، وتجلى هذا الإيمان في دعمه اللافت للمراقد المقدسة لأهل البيت، قبل أعوام، أهدى آلاف السجادات الكاشانية الفاخرة، التي تُعد تحفا فنية بذاتها، لتزيّن أروقة المراقد المقدسة في إيران والعراق، هذه السجادات، التي تحمل توقيعه “واقف علي أكبر أنصاري”، لم تكن مجرد هدايا مادية، بل رمزا للتفاني والولاء. 

السجاد الكاشاني هو نوع من السجاد الإيراني اليدوي الذي يُصنع في مدينة كاشان ومحيطها، وهي إحدى أقدم مراكز صناعة السجاد في إيران، يعود تاريخه إلى العصر الصفوي بين عامي (1501-1736)، حيث ازدهرت صناعة السجاد كفن ملكي، وكانت كاشان مركزا رئيسيا لإنتاج السجاد الفاخر للقصور والمساجد. يتميز السجاد الكاشاني بجودته العالية، تصاميمه المعقدة، واستخدامه لمواد فاخرة مثل الحرير والصوف عالي الجودة.

خيوط المحبة والوفاء

حين تطأ قدماك عتبات المراقد المقدسة لآل البيت، حيث يتعانق الخشوع مع الجمال، تجد تحت أقدام الزائرين سجادات كاشانية فاخرة، تحمل في طياتها توقيعا خالدا: “واقف علي أكبر أنصاري“، هذا الاسم ليس مجرد كلمات منقوشة على نسيج، بل قصة رجل جعل من ثروته جسرا إلى السماء، ومن إيمانه شعلة تضيء دروب المؤمنين، علي أكبر أنصاري، الملياردير الإيراني الذي لم يكتفِ ببناء إمبراطوريات من المال، بل زرع في قلوب المراقد أنوار العطاء، ليبقى ذكره عطرا يفوح مع كل زائر يسجد على سجاده.

كل خيط في تلك السجادات يروي قصة إيمان، وكل زخرفة تعكس حبا عميقا لآل البيت، هذه المبادرة لم تكن الأولى ولا الأخيرة، فقد عُرف عن أنصاري دعمه المستمر للمشاريع الدينية، سواء من خلال تمويل ترميم المراقد، أو دعم المؤسسات الثقافية الشيعية، أو مساعدة الفقراء والمحتاجين في المناسبات الدينية.

يُذكر أن علي أنصاري هو مؤسس مجموعة تات هيلدينج، ومساهم وأحد مؤسسي بنك آينده ومالك مشروع إيران مول الضخم ويتمتع بحضور بارز في اقتصاد البلاد منذ سنوات، حيث يستثمر في قطاعات البناء والخدمات المصرفية والتجارة، كان يرى في خدمة أهل البيت رسالة حياة، فلم يقتصر دعمه على الجانب المادي، بل كان يشارك بنفسه في المناسبات الدينية، يزور المراقد، ويحرص على التواصل مع العلماء والمؤمنين، مواقفه كانت تعكس رجلا يؤمن بأن الثروة ليست هدفا بحد ذاته، بل هي وسيلة لتحقيق الخير والبركة والانتماء، عُرف عنه تواضعه رغم ثروته الهائلة، وكان يُشار إليه بالبنان كمثال حي للرجل الذي جمع بين الدين والدنيا.

يوم الرحيل.. إرث محفور في السجاد

في يوم الثلاثين من مايو/أيار 2025، أُعلن عن وفاة علي أكبر أنصاري، تاركا وراءه إرثا عظيما من العطاء والإنجاز، رحيله لم يكن خسارة لإيران فحسب، بل لكل من آمن بأن الثروة يمكن أن تكون جسرا للروح في كل زاوية من زوايا المراقد المقدسة، حيث تفترش السجادات الكاشانية الأرض، سيبقى اسمه خالدا، يُذكّر الزائرين بأن الإيمان الحقيقي لا يكتمل إلا بالعمل الصالح.

علي أكبر أنصاري لم يكن مجرد ملياردير، بل كان رجلا نسج من ثروته وإيمانه قصة خالدة، سجاداته التي تزين المراقد ليس سوى جزء من إرثه، لكنها تحمل في طياتها روح رجل أحب آل البيت، وعاش لخدمتهم في كل خطوة يخطوها زائر على تلك السجادات، يتردد صدى دعاء: “اللهم ارحم عبدك علي أكبر أنصاري، الذي جعل من دنياه جسرا إلى آخرته”.