تحركات “المتشددين” في البرلمان الإيراني.. مساعٍ لإضعاف الحكومة والتنافس على رئاسة البرلمان

ترجمة: دنيا ياسر نور الدين 

تناولت صحيفة “آرمان ملي” الإيرانية الإصلاحية، في تقرير لها الثلاثاء 6 مايو/أيار 2025، تحركات المتشددين في البرلمان الإيراني ضد الحكومة، وضمن ذلك محاولاتهم لتقويض أداء الحكومة الحالية عبر استجواب الوزراء والإطاحة بهم، إضافة إلى سعيهم لتغيير تشكيل هيئة رئاسة البرلمان والتنافس على منصب رئيس المجلس.

ذكرت الصحيفة تقرير تحليلي لها أن التيار المتشدد في إيران لا يتوقف عن إثارة الجدل وتأجيج التوترات، مؤكدة أنه لم تمر فترة لم يسعَ فيها هذا التيار لاتخاذ خطوات تتعارض مع المصلحة الوطنية ومصالح المواطنين.

وأشارت إلى أن مساعي هذا التيار كانت دائما موجهة نحو فرض رؤيته الخاصة على الأوضاع العامة، بعيدا عن الاعتبارات الوطنية الأوسع.

سیناریو المتشددين الفاشل لرئاسة البرلمان 

أضافت الصحيفة أن ما يُعرف بـ”القلقين” (الدلوابسان) لا يتوانون عن مهاجمة كل ما لا يتطابق مع معاييرهم الخاصة، فيشنون حملات تشويه وتخريب.

وأكدت أن التاريخ السياسي الإيراني مليء بأمثلة على هذه السلوكيات، خاصة خلال الحكومات ذات التوجهات المختلفة عنهم مثل حكومتي الإصلاحات برئاسة محمد خاتمي، والتدبير والأمل بقيادة حسن روحاني، والوفاق الوطني بقيادة مسعود بزشكيان.

وتابعت أنه كما كان الحال في السابق، حيث أطلقوا مشروع “أزمة كل تسعة أيام” في عهد خاتمي، وحملات مستمرة ضد حكومة روحاني، فإنهم الآن يتبعون النهج ذاته ضد حكومة بزشكيان، لكن بخطوات أكثر هدوءا وتدريجا.

وأكدت أن المتشددين يعدّون خططًا محكمة لعرقلة عمل الحكومة، ويزرعون العراقيل خطوة بخطوة لإرهاقها وشلّ قدرتها على تنفيذ برامجها، وهو ما ظهر جليًا من خلال تحركات نواب التيار المتشدد في البرلمان، الذين لم تمر ستة أشهر على تشكيل الحكومة حتى قاموا بإقالة وزير الاقتصاد بحجج واهية ذات طابع سياسي.

وأشارت إلى أن الهجوم على الحكومة لم يتوقف عند هذا الحد، بل امتد إلى مساعي استجواب وزير الطرق والإعمار، الذي يُعد من الوزراء الناجحين، في محاولة لتعويض ما وصفوه بـ”الثقة الزائدة” بالحكومة، كما أن خطط استجواب وزير الطاقة ما زالت على الطاولة، وكانت استجوابات وزيري النفط والعمل مطروحة العام الماضي أيضًا.

وتابعت أن المتشددين يسيرون وفق خطة منهجية تمتد من البرلمان إلى وسائل إعلامهم، بهدف إسقاط حكومة بزشكيان أو على الأقل إضعافها، رغم أن المرشد الأعلى للجمهورية كان قد أكد في مناسبتين أن نجاح الحكومة هو من نجاح النظام، ودعا إلى دعمها. إلا أن التيار المتشدد لم يُعر هذه التوجيهات اهتمامًا، وواصل التحرك وفق أجندته الخاصة، في تحدٍّ صريح لتوجيهات القيادة.

وفي سياق متصل، تناولت الصحيفة التنافس المرتقب على رئاسة البرلمان، مشيرة إلى أن أقل من شهر يفصل عن انتخابات هيئة رئاسة الدورة الثانية للبرلمان الإيراني، وأن المتشددين يعدّون العدة للفوز بمقاعد الهيئة، وعلى رأسها كرسي رئاسة البرلمان.

سعي محموم نحو كرسي رئاسة البرلمان 

أكدت الصحيفة أن التيار المتشدد تجاوز محمدباقر قاليباف، الرئيس الحالي للبرلمان، ويسعى لإيجاد بديل عنه، خصوصا بعد مواقفه المتقاربة نسبيا مع الحكومة في ملفات مثل قانون الحجاب، حجب الإنترنت، وFATF، والتي لم ترق للمتشددين.

وأشارت إلى أن الجبهة المتشددة، وعلى رأسها جبهة الصمود “بايداري”، أصبحت ترى في قاليباف خصما، وتنتظر اللحظة المناسبة لإزاحته.

وأفادت بأن من أبرز الأسماء التي قد تنافس على رئاسة البرلمان كلّ من مرتضى آقاتهراني، أحد رموز التيار المتشدد، وسيد محمود نبويان، النائب المتشدد عن طهران، إلى جانب أسماء أخرى أكثر اعتدالا مثل منوجهر متكي وعلاءالدين بروجردي. لكنها أكدت أن الرهان الحقيقي للمتشددين هو على آقاتهراني وبويان، في محاولة لترسيخ هيمنتهم البرلمانية.

لا عقلانية لدى المتشددين

في هذا السياق، نقلت الصحيفة عن الناشط السياسي الإصلاحي آقايي قوله إن التيارات التي تعودت على التواجد في السلطة وترعرعت فيها لا تقبل بسهولة الخروج منها، لأن وجودها وبقاءها مرتبطان بالسلطة نفسها.

وأضاف أن ما جرى في العام الماضي كان بمثابة زلزال سياسي سحب البساط من تحت أقدام هذا التيار، ما دفعهم إلى ردود فعل غاضبة وغير مدروسة، حيث بدأوا استهداف الحكومة الجديدة منذ أيامها الأولى، واستطاعوا إقالة وزير في وقت قياسي.

وأكد آقايي أن هذا السلوك يُظهر أن هؤلاء المتشددين لا يمتلكون أدوات الفهم السياسي، بل ينتهجون طرقًا متهورة يمكن أن تؤدي إلى انهيارهم السياسي، مشددا على أنهم “يقطعون الغصن الذي يجلسون عليه”، لأن الناس الذين صوتوا لهذه الحكومة قد يفقدون ثقتهم بالكامل في العملية السياسية إذا استمر النهج ذاته.

وتابع أن التيار المتشدد لم يحقق شيئا يُذكر لصالح الشعب، ولا يبدو أنه استطاع كسب الرأي العام، بل إن مستقبله السياسي يبدو قاتما، خاصة إذا ازداد دور الشعب في الإدارة والحكم. وأشار إلى أن الحكومة الحالية، ورغم التحديات المتراكمة التي ورثتها، ما زالت تحاول ترتيب أوضاعها، خصوصا في ملفات المياه والكهرباء وغيرها من الأزمات المزمنة.