- يسرا شمندي
- 16 Views
ترجمة: يسرا شمندي
أجرت صحيفة اعتماد الإصلاحية، في 12 مايو/أيار 2025، حوارا مع الخبير الإيراني في شؤون البيئة، محمد درويش، حول أزمة المياه في إيران، ناقشت فيه أزمة نقص المياه في ايران وتأثير ذلك على كافة القطاعات.
قالت الصحيفة إنه في عام 2021 أظهرت دراسات أن إيران استنزفت كميات كبيرة من المياه الجوفية بين 2002 و2015، وحذر المركز الوطني للجفاف من الاعتماد على الأمطار فقط.
وتم تبني “خارطة طريق المياه” في 2022 لتقليل استهلاك المياه إلى 95 مليار متر مكعب سنويا، لكن السياسات الحالية قد تزيد الاستهلاك إلى أكثر من 105 مليارات متر مكعب. وبعض الخبراء يعزون الجفاف إلى التغيرات المناخية، بينما يلوم آخرون سوء إدارة المياه.
في ما يلي نص الحوار:
لماذا لا تزال الآراء متباينة بشأن ما إذا كانت إيران ستتجاوز مرحلة الجفاف وتدخل في فترة وفرة مائية، أم أن الجفاف سيستمر؟
في الواقع هذه الآراء غير واقعية وغير طبيعية؛ إذ أن من يعرف إقليم إيران يدرك أن الإقليم، بالنظر إلى موقعه بين خطي عرض 25 و40 درجة شمالا، ويعاني دائما من ظروف الجفاف، وفي بعض الأحيان، نواجه فترة قصيرة من الوفرة المائية. ويتضح أن المقولة الشهيرة للملك الفارسي التي تقول: اللهم احفظ هذا البلد من الكذب، والعدو، والجفاف، تشير إلى قدم مشكلة الجفاف في بلادنا، حيث إن 89.7% من أراضينا جافة أو شبه جافة.
ويجب ألا نخلق آمالا زائفة بأننا سندخل في فترات وفرة مائية وأن فترات الجفاف ستنتهي. إن متوسط هطول الأمطار في إيران لا يتجاوز ربع المتوسط العالمي، وكان في وقت من الأوقات ثلث المتوسط، ولكن بسبب تغير المناخ أصبح الآن ربع المتوسط العالمي، أي نحو 210 إلى 215 ملم، مع تباين في هذا الرقم بين 5 إلى 10 ملم فقط.
وفي ضوء ذلك يجب علينا أن نكون واقعيين ونقبل بهذه الحقيقة ونصمم استراتيجيات التنمية بناء على هذا المعدل من هطول الأمطار.

هناك دول في العالم لا تتلقى حتى ربع كمية الأمطار التي نتلقاها، حيث تعيش بعض الدول مع هطول أمطار يبلغ 50 ملم سنويا، ومع ذلك فهي من أغنى الدول في العالم. وهناك دول أخرى في العالم تتلقى عشرة أضعاف هذه الكمية من الأمطار ومع ذلك هي من أفقر الدول.
إن ربط الواقع بالظروف الجافة أو الرطبة يُعد شكلا من أشكال الهروب إلى الأمام، ويعكس غياب الفهم الحقيقي لدى المسؤولين في المناصب الحساسة.
هل كان من الممكن بالفعل تحسين هذه الظروف من خلال التخطيط السليم خلال هذه السنوات، أم أن المشكلة ليست فقط في التخطيط، بل كان من الضروري أيضا التوعية الثقافية؟
إن أكثر من 300 إلى 400 خبير متخصص في البلاد عملوا على هذا الموضوع على مدى ست سنوات، وأسفر ذلك عن إعداد الوثيقة الوطنية للأمن الغذائي، التي أُبلغ بها رسميا من قبل الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي في يوليو/تموز 2022. وتنص الوثيقة على ضرورة خفض استهلاك المياه في القطاع الزراعي بمقدار 30 مليار متر مكعب بحلول عام 2032.
ولقد نصت الوثيقة على تقليص العجز المائي إلى 105 مليارات متر مكعب، وتقليص معدل تآكل التربة من 16 طنا للهكتار إلى 13 طنا للهكتار. إذا تم تنفيذ بنود هذه الوثيقة، يمكننا بسهولة تجاوز هذه الأزمة.
وقد مضى نحو عامين على إبلاغ هذه الوثيقة، والحكومة لم تقدم أي تقرير عن تنفيذها، وبعض الجهات القوية في الحكومة مثل وزارة الطاقة ووزارة الزراعة لا يبدو أنهم مهتمون بأن يتذكر الإعلاميون والناشطون والشعب هذه الوثيقة الموقعة، حتى يتمكنوا من الاستمرار في أساليبهم الحالية، ويتفاخرون بتصدير المنتجات الزراعية لتحقيق مكاسب شخصية قد تؤدي إلى زيادة عدم الاستقرار في البلاد.
إن أفضل عمل يمكنكم القيام به في وسائل الإعلام هو تحدي وزير الزراعة ووزير الطاقة حول سبب عدم تقديم تقرير عن تنفيذ الوثيقة الوطنية للأمن الغذائي.
إن مصدرنا الرئيسي الذي نعتمد عليه هو وزارة الطاقة، فما ذكرته وزارة الطاقة العام الماضي هو أن ما بين 88 و92 في المائة من موارد المياه المتجددة والموارد المائية الجوفية تُستخدم في القطاع الزراعي، وفي السنوات التي كنت أكتب فيها بشكل تخصصي عن البيئة، أذكر أنه كان يقال ذلك من قبل جميع هؤلاء الأشخاص، سواء في الحكومات السابقة أو الحكومة الحالية.
لماذا في جميع هذه السنوات لم يتم التفكير على الأقل في هذا الأمر؟
لقد تم التفكير في ذلك.
لماذا لم يتم التوجه إليه من قبل؟
إن توقيع هذه الوثيقة قوبل بمقاومة شديدة استمرت لمدة ست سنوات كاملة، وفي الحكومة الثانية للرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني، كنا نرغب في توقيع الوثيقة، لكنهم رفضوا ذلك، بحجة أن تنفيذها قد يؤدي إلى خسارتهم في انتخابات عام 2021 دون أن يدركوا أن أيّا من مرشحيهم لن تتم الموافقة عليه.
وفي الحقيقة، إن المقاومة استمرت رغم كل ذلك، مشيرا إلى وجود أموال وأرباح طائلة تذهب إلى جيوب العاملين في تصدير المنتجات الزراعية، والذين يمتلكون لوبيا قويا. وأوضح أنه من يقفون خلف مشاريع نقل المياه، وبناء السدود، وتوسيع الزراعة، ترتبط مصالحهم، بالكامل بعدم تنفيذ هذه الوثيقة.
تخيلوا لو تم توقيع هذه الوثيقة، وحسب هذه الوثيقة، يجب توفير ما بين 5.6 إلى 7 مليارات متر مكعب من المياه سنويا، ولن يكون هناك أي مبرر لوزارة الطاقة، أو بناء السدود، أو محطات تحلية المياه، أو مشاريع نقل المياه. هذا يعني أنك ستسحب مليارات من الأموال من هؤلاء الأشخاص، وكذلك في الهولدينغات الزراعية الواسعة والمافيا الزراعية، يجب على جميع الشركات التي تعمل في مجالات الزراعة أن توقف أعمالها.
ومن الواضح أن هؤلاء سيقاومون ولن يسمحوا بتنفيذ الوثيقة، وستسعى لوبياتهم القوية إلى الالتفاف على القانون. وأشار إلى أن الوضع مشابه في ما يتعلق بالوثيقة الوطنية للأمن الغذائي، إذ لم يُنشر حتى الآن أي تقرير يطرح تساؤلات على الجهات المعنية بشأن عدم تقديم تقارير أداء عن تنفيذ الوثيقة، رغم مرور عامين على إبلاغها، متسائلا عما إذا كان أحد قد اطلع فعليا على مضمون هذه الوثيقة.
إن هذه المافيا القوية تعمل بطريقة تجعل حتى الأشخاص الذين كانوا ناشطين في مجال البيئة لسنوات، غير مدركين لتفاصيل وجود الوثيقة الوطنية للأمن الغذائي، مؤكدا أن هذه هي المشكلة الأساسية التي نواجهها.
كيف تعتقد أنه يمكننا حل هذه المشكلة ونكون متفائلين بأن كل شيء سيكون جيدا بحلول عام 2032؟
من الضروري طلب لقاء مع وزير الزراعة، ورئيس لجنة الزراعة، ورئيس كتلة البيئة في البرلمان، ورئيس منظمة البيئة، ووزير الطاقة، لمساءلتهم عن سبب عدم تنفيذ الوثيقة. وأشار إلى أن الوثيقة تم إبلاغها في قاعة المشروطية أمام رؤسائهم، وتساءل عن سبب عدم تنفيذها.
إذا لم يتم توقيع الوثيقة من أجل عدم كتابتها أو تنفيذها، فإن القلم وتوقيع رئيس الجمهورية لهما احترام، فما الذي حال دون تنفيذها؟ وأكد أنه من واجب الصحافة والإعلام طرح هذا السؤال البسيط.
هل يمكننا أن نكون متفائلين بتحقيق الظروف المثالية بحلول عام 2034 بدلا من 2032، أم أن العائق الرئيسي يكمن فقط في هذه الوثيقة؟
إن الظروف المثالية تتمثل في تقليص العجز المائي إلى صفر. وحاليا، يبلغ العجز المائي 152.5 مليار متر مكعب. وتنص الوثيقة على أنه بحلول عام 2032 يجب تقليص هذا العجز إلى 105 مليار متر مكعب، إلا أن هذا العجز لا يزال قائما حتى الآن.
وفي الواقع، إنه لأول مرة بعد الثورة، يتم اتخاذ خطوة كبيرة تتمثل في تقليص استهلاك المياه بالقطاع الزراعي بمقدار 30 مليار متر مكعب. وستكون هذه خطوة كبيرة ومبشّرة، حيث ستؤدي إلى تحسين تكنولوجيا الزراعة وزيادة الإنتاج، مما سيمكننا من وداع الأساليب التقليدية مثل الري بالغمر بشكل نهائي.