- يسرا شمندي
- 15 Views
ترجمة: يسرا شمندي
أجرت صحيفة أرمان ملي الإصلاحية في 9 مايو/أيار 2025 حوارا مع المحلل السياسي الإيراني قاسم محب علي، ناقشوا فيه أهمية تطوير الدبلوماسية الإيرانية لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، وأثر المفاوضات النووية على العلاقات الإيرانية الأمريكية، مع الإشارة إلى التباين في المواقف داخل الإدارة الأمريكية وتأثير زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المقبلة على سير المفاوضات. وفيما يلي نص الحوار:

ما عواقب تأجيل المفاوضات لمدة أسبوعين؟
قال محب علي: “إذا كان تأجيل الجولة الرابعة من المفاوضات بسبب زيارة ترامب للشرق الأوسط، فهذا موضوع مختلف، ولكن إذا كان بسبب الخلافات الداخلية، فالأمر سيكون مختلفا، وفي جميع الحالات، إيران تواجه وضعا صعبا بسبب القرار 2231 وكذلك التحديات الدولية والمحلية، ولديها وقت محدود للتوصل إلى اتفاق.
وأضاف محب علي أن الوضع الحالي لا يسمح بوجود وقت طويل، وفي الوقت نفسه يجب على إيران الوصول إلى تفاهم مع الولايات المتحدة قبل الاجتماع المقبل لمجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لتجنب احتمالية عودة العقوبات التي تم تعليقها بموجب الاتفاق النووي، لذلك يجب عدم إضاعة الوقت، بل يجب السعي لإتمام المفاوضات في أقرب وقت ممكن والتوصل إلى نتيجة واضحة.
هل كانت إدارة ترامب منقسمة بشأن إيران حين أرسل رسالته، كما هو الحال الآن مع التناقضات حول التفاوض؟
أكد محب علي أن ترامب، مثل أوباما، يُعدّ ظاهرة في المجتمع الأمريكي، ففي عهد أوباما، عندما تم توقيع الاتفاق النووي، كان الكونغرس يعارض الحكومة، حتى إن أوباما، في رسالة وجهها إلى القيادة الإيرانية، أوضح أن الاتفاق ليس بين أمريكا وإيران، بل بين أوباما وإيران، والوضع ذاته يتكرر اليوم مع ترامب؛ فمواقفه تختلف عن مواقف بعض المسؤولين داخل الحكومة، وكذلك عن مواقف الكونغرس والتيارات السياسية الأمريكية.
وأفاد بأن هذه الانقسامات لا تقتصر على الملف الإيراني فقط، بل تشمل ملفات روسيا، والصين، وكوريا الشمالية، بل حتى إسرائيل، ومع ذلك، يبقى القرار النهائي بيد رئيس الولايات المتحدة، ومن النقاط المهمة في فترة رئاسة ترامب أن أغلبية الكونغرس تدعمه، وهو ما يشكل فرصة استثنائية لإيران، حيث يمكن لترامب أن يمرّر اتفاقا محتملا مع إيران داخل الكونغرس ليكتسب صفة الإلزام للحكومة الأمريكية.
كيف يمكن لمساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، في ظل هذه الظروف، أن يحقق أهداف ترامب في التفاوض مع إيران؟
أشار محب علي إلى أن أحد التحديات التي يواجهها ترامب في ما يتعلق بالتفاوض مع إيران هو ضغوط لوبيات إسرائيل والمطالب التي يطرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عليه بشأن إيران، ولا يمكن تجاهل هذه الحقيقة، كما أن ويتكوف، بصفته يهوديا مهاجرا، يتمتع بعلاقات وثيقة مع كل من ترامب وإسرائيل، وبالتالي لا يستطيع أن يخرج كثيرا عن الأطر التي تم تحديدها له.
وذكر أنه في مثل هذا الوضع، إذا تم التوصل إلى اتفاق بين إيران وترامب، فمن المرجح أن تحظى الدول الأوروبية بدورها بدعم لهذا الاتفاق، ومع ذلك، وبالنظر إلى الخلافات الكبيرة بين إيران والولايات المتحدة وكذلك بين إيران والدول الأوروبية في مختلف المجالات، سيكون من الصعب جدا التوصل إلى اتفاق يمكن تنفيذه من دون دعم ترامب.
كيف يمكن لإيران والولايات المتحدة، في مثل هذه الظروف، أن تحصلا على دعم الدول الأوروبية للتفاهم الذي قد يتم التوصل إليه؟
وأوضح محب علي، أنه في الواقع أن الولايات المتحدة هي الطرف الرئيسي في أي اتفاق مع إيران، وينطبق هذا على دول أخرى أيضا مثل كوريا الشمالية، والهند، والعراق وغيرها، ومع ذلك، إذا تم التوصل إلى اتفاق بين إيران وأمريكا، فإن الدول الأوروبية، وروسيا، والصين، والدول العربية المعنية ستكون مهتمة أيضا، فمثلا، روسيا، وفرنسا، هما عضوان دائمان في مجلس الأمن الدولي.
وواصل محب علي حديثه قائلا: إنه إذا تم التوصل إلى اتفاق، يجب أن يُصادق عليه مجلس الأمن، كما كان الحال مع الاتفاق النووي، لذلك، يجب أن يكون للدول الأوروبية دور في أي اتفاق محتمل.
وصرح بأنه من الناحية الجغرافية، تعد الدول الأوروبية جيران للشرق الأوسط، وتؤثر فيها قضايا مثل أزمة أوكرانيا ودور إيران في دعم الهجوم الروسي على أوكرانيا. ولهذا، إذا أرادت إيران علاقات شاملة، فعليها التواصل الفعّال مع جميع الدول المؤثرة في المعادلات الدولية، ولا يمكن السير في اتجاه تعزيز العلاقات مع دولة واحدة وقطعها مع الدول الأخرى.
وشدد على أن النقطة الأهم التي يجب أخذها في الاعتبار هي أنه عندما يتعلق الأمر بالحرب أو السلام، فإن الطرف الحاسم هو الولايات المتحدة، وفي ملفين أساسيين هما الملف النووي وقضية إسرائيل، يجب على إيران أن تتوصل إلى تفاهم مع أمريكا. ورغم أن بقية الدول معنية أيضا بهذه الملفات، فإن تأثيرها لا يوازي تأثير الولايات المتحدة.
ما مدى احتمال أن تقوم إسرائيل بتصرفات خطرة ضد إيران خلال المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة؟
أشار محب علي إلى أن هذا الأمر يعتمد على طبيعة الاتفاق الذي يُحتمل أن يُبرم بين إيران والولايات المتحدة. فإذا شعرت إسرائيل بأن هذا الاتفاق لن يكون في صالحها، فإنها ستحاول تعطيل المسار. وقد حدث هذا سابقا مع الاتفاق النووي. وفي الواقع أن هجمات الحوثيين، وحزب الله في لبنان، وعمليات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ساعدت إسرائيل في توسيع نفوذها الإقليمي والحصول على مساعدات كبيرة من الولايات المتحدة.
وأفاد بأهن في الظروف الحالية، يسعى نتنياهو جاهدا لاستغلال عمليات الحوثيين لصالحه، سواء عبر زيادة الدعم الأمريكي أو محاولة جر الدول العربية إلى المواجهة. ومن المؤكد أن مضيقي باب المندب وقناة السويس يُعدّان ممرين مائيين دوليين، وأي تصعيد في أوضاعهما سيهدد مصالح الجميع.
ما أبرز أهداف ترامب لزيارة الشرق الأوسط، وضمن ذلك السعودية وقطر والإمارات؟
أبرز محب علي أنه في المرحلة الأولى، تعتبر هذه الزيارة رحلة عمل وتجارية إلى الدول الشريكة للولايات المتحدة. فالدول مثل السعودية تشارك أمريكا في مشاريع كبيرة في مجالات الطاقة والنفط، كما أن أمريكا قد استثمرت بشكل كبير في هذه الدول. من جهة أخرى، تعتبر السعودية أكبر مستورد للأسلحة من الولايات المتحدة في المنطقة والعالم.
وفي الختام أكَّد محب علي، أن التكهنات تشير إلى استثمار سعودي بقيمة تريليون دولار في أمريكا، وهو رقم كبير بالنسبة لترامب الذي يسعى لتعزيز الاقتصاد الأمريكي، كما أن موقف ترامب تجاه القوى الاقتصادية العالمية والتحديات التي نشأت في الأشهر الماضية قد جعلا السعودية خيارا جيدا للاستثمار في الاقتصاد الأمريكي في الوقت الحالي. ولهذا، يسعى ترامب لتعزيز العلاقة بين أمريكا والسعودية.