- محمد علي
- 24 Views
تستمر التوترات بين إيران والولايات المتحدة في ظل محاولات التفاوض الدبلوماسي، حيث تزداد الشكوك حول نوايا واشنطن الحقيقية. وعلى الرغم من تصريحات السلام والمفاوضات، تبقى سياسة الضغوط الاقتصادية سائدة، مما يثير تساؤلات حول فعالية الحوار في معالجة القضايا الأساسية. هذا الوضع يعكس التحديات المستمرة في العلاقات بين البلدين، ويزيد من تعقيد الخيارات أمام طهران في التعامل مع الضغوط الدولية.
وبهذا الشأن، انتقدت صحيفة كيهان الأصولية، في عددها الصادر السبت 3 مايو/أيار 2025، النهج الأمريكي في فرض العقوبات على الاقتصاد الإيراني وذلك في ظل جولات المفاوضات غير المباشرة بين البلدين، حيث كتبت انه خلال أول مئة يوم من ولاية ترامب الثانية، فرضت الولايات المتحدة 182 عقوبة جديدة على أفراد ومؤسسات إيرانية، في تصعيد وصف بأنه موجة عدائية جديدة ضد إيران. وفي أحدث هذه الإجراءات، أُعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في 30 مايو/أيار 2025 عن إضافة سبع مؤسسات جديدة، إيرانية وغير إيرانية، إلى قائمة العقوبات، بسبب تورطها في تجارة المنتجات النفطية والبتروكيماوية الإيرانية.

وتتابع: “يرى مراقبون أن واشنطن لا تتعامل مع إيران من باب سوء الفهم، بل من نية عدائية واضحة، إذ تستمر في استخدام سياسة العقوبات رغم انخراط طهران في مسار الحوار بجدية وحسن نية. ويُعتبر الجمع بين إصدار العقوبات وإرسال رسائل دبلوماسية محاولة مكشوفة لممارسة الضغط الأقصى تحت ستار التفاوض”.
وأوضحت أن “العقوبات المفروضة لا تُعدّ مجرد إجراءات اقتصادية، بل يُنظر إليها كوسيلة لإضعاف سيادة إيران واستهداف رفاهية شعبها. وتشمل هذه العقوبات شركات فاعلة في قطاعي النفط والبتروكيماويات، مما يعيق التقدم في أي مفاوضات غير مباشرة، ووفق التحليل الإيراني، فإن الرسالة الأمريكية باتت واضحة، فترامب لا يسعى إلى اتفاق، بل إلى فرض إرادة بالقوة الاقتصادية والدبلوماسية”.
عصا في اليد وبسمة على الشفاه
كذلك، فقد انتقدت الصحيفة المقربة من المرشد الإيراني، علي خامنئي، العقوبات الأخيرة حيث ذكرت أنه “في أحدث جولة من العقوبات الأمريكية، استهدفت واشنطن مؤسسات تجارية تنشط في الإمارات وتركيا وإيران، تتهمها وزارة الخزانة الأمريكية بالتورط في معاملات كبيرة تخص بيع ونقل المنتجات البتروكيماوية الإيرانية. كما أدرجت شركة بحرية في القائمة السوداء، واحتجزت سفينتين تابعتين لها، مدعية أنها ساهمت في تحقيق مئات الملايين من الدولارات لأنشطة مزعزعة للاستقرار”.
وأكملت: “في المقابل، أكدت الخارجية الإيرانية في بيان رسمي التزام طهران بمسار الدبلوماسية، لكنها رفضت بشدة أي تهديدات أو ضغوط تتعارض مع القانون الدولي، مشيرة إلى أن تكرار الأساليب الفاشلة لن يؤدي إلا إلى إخفاقات جديدة”.
وقد وصفت الصحيفة السياسة الأمريكية الحالية بسياسة العصا والجزرة، الأمر الذي دعا الصحيفة لتتسأل: “بأي لغة يجب أن يقول ترامب أو بايدن إنهم لا يملكون حسن نية حتى يُصدّق البعض ذلك؟”.
لا اشتراط ولا تفاؤل ساذجا
وذكرت موقف القيادة الإيرانية من تلك السياسة فقالت: “من جانبها شددت القيادة الإيرانية، خاصة القائد الأعلى، على أن قضايا البلاد لا ينبغي أن تُربط بنتائج المفاوضات، محذرا من تكرار أخطاء الماضي كما حدث في اتفاق 2015. ودعا إلى اعتبار التفاوض مسارا مساعدا، لا محوريا، في السياسة الخارجية”.
لماذا يخاف روبيو من تخصيب إيران؟
أيضا، انتقدت الصحيفة تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، بشأن الملف النووي الإيراني، فذكرت أنه “في سياق آخر، عاد روبيو ليهاجم حق إيران في تخصيب اليورانيوم، متهما إياها بالسعي نحو إنتاج سلاح نووي، رغم أن طهران عضو في معاهدة الحد من الانتشار النووي (NPT)، وتتمتع بسجل تعاوني واسع مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.
وتتابع: “المفارقة أن الساسة أنفسهم الذين يضغطون على إيران، لا يوجهون أي انتقاد لترسانة إسرائيل النووية غير الخاضعة لأي اتفاق أو رقابة، والتي تضم ما بين 80 و90 رأسا نوويا. هذا التناقض يُبرز حقيقة أن الغرب لا يخشى التخصيب بحد ذاته، بل يخشى استقلال إيران، ونجاح نموذجها الثوري المعادي للهيمنة”.
أما مطالبة روبيو بتفتيش المواقع العسكرية الإيرانية، فهي بنظر طهران إهانة سافرة وتكشف عن نوايا خفية لا علاقة لها بالأمن، بل بمحاولات اختراق أمني وتخريبي. وقد رأى الإيرانيون في هذه التصريحات امتدادا لسياسة اغتيال العلماء وتخريب المنشآت التي تُمارسها إسرائيل وحلفاؤها بصمت دولي.
مفاوضات؟ نعم، لكن ليست أي مفاوضات
ختاما، فقد وصفت “كيهان” العقوبات الأمريكية في فترة ترامب الثانية، والتي بلغت 182 عقوبة خلال 100 يوم فقط بمعدل عقوبة كل 13 ساعة، بأنها غطاء لمواصلة الضغط تحت مسمى نافذة دبلوماسية، وأن التجربة الإيرانية أثبتت أن الابتسامة الأمريكية ليست دليلا على تغيير النهج، بل وسيلة لفرض شروط جديدة.
وأكدت أن الاستراتيجية الإيرانية الحالية يجب أن تركز على الثبات على المبادئ، ورفض التنازل عن حقها في التخصيب، ورفض إدراج ملفها الصاروخي ضمن التفاوض. وهذا النهج يبقى الطريق الأنسب لضمان المصالح الوطنية من وجهة نظرها.
ترامب والعقوبات.. تاريخ يعيد نفسه
منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025، انتهجت إدارته سياسة تصعيدية جديدة تجاه إيران، أعادت إحياء استراتيجية الضغط الأقصى، ففي غضون أيام من توليه المنصب، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية حزمة عقوبات استهدفت قطاعات حيوية من الاقتصاد الإيراني، شملت شركات شحن وشبكات تمويل مرتبطة بالحرس الثوري، وتوسعت لاحقا لتشمل البنك المركزي، رغم الاعتراضات الأوروبية.

كما امتدت هذه العقوبات لتطول شركات صينية وروسية يُزعم أنها تساعد إيران في الالتفاف على القيود، خاصة في مجالي النفط والتكنولوجيا الدفاعية، ما شكّل تصعيدا دبلوماسيا مع قوى كبرى.
وفي مارس/آذار، فرضت الإدارة الأمريكية الحزمة التصعيدية الثالثة التي استهدفت قطاع البتروكيماويات وشركات النقل البحري، مما أدى إلى انخفاض الصادرات النفطية الإيرانية بأكثر من 30%.

وفي أبريل/نيسان، شددت إدارة ترامب تهديداتها، معلنة منع أي دولة تشتري النفط الإيراني من التعامل تجاريا مع الولايات المتحدة، وفرضت عقوبات إضافية على صادرات النفط وشركائها، ومن ضمنها مصادرة سفن متورطة في التجارة المحظورة.
