“المرأة الحديدية” فاطمة مهاجراني.. صوت إيران الدبلوماسي الناعم في الحكومة

كان اسم فاطمة مهاجراني مألوفا في السابق لدى العاملين في مجال التعليم أو الذين يرتادون المراكز العلمية والبحثية.

ولكن خلال الحملات الانتخابية لعام 2024 كان المهتمون بالسياسة إما أنهم يسمعون اسمها في مقر حملة مسعود بزشكيان أو يستمعون إلى خطاباتها في اجتماعات الحملة الرئاسية في تلك الأيام. 

فاطمة مهاجراني هي المرأة الرابعة في حكومة بزشكيان، والآن أصبحت أول امرأة تصبح متحدثة باسم الحكومة لمحاسبة الحكومة الرابعة عشرة (حكومة بزشكيان) أمام الرأي العام.

مسيرتها تجسد التزاما بتمكين المرأة وتعزيز مكانة إيران على الساحة الدولية.

وُلدت فاطمة مهاجراني في  أغسطس/آب 1960 في أراك ونشأت في بيئة شجعت على التعليم والتفكير النقدي، وفي عام 1989 حصلت على درجة البكالوريوس والماجستير في الميكانيكا والهندسة من جامعة باهنر في كرمان، وبدأت التدريس في عام 1995 بعد حصولها على درجة الماجستير.

من رفض روبوتات لندن إلى الدراسة في أسكتلندا

في منتصف السبعينيات كان الالتحاق بكلية الدراسات العليا أمرا صعبا، وكان الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للنساء، خاصة في مجال الهندسة، وفي عام 1995، كانت مهاجراني واحدة من امرأتين تم قبولهما في برنامج الماجستير في الهندسة الميكانيكية، وبدأت أيضا التدريس في العام نفسه.

وفي المجال الأكاديمي، حصلت مهاجراني على منحة دراسية للدكتوراه من جامعة بونيل في لندن في مجال الروبوتات، لكن بحسب قولها، لم تتمكن من مواصلة دراستها لأسباب عائلية لاحقا، لم تتناسب دراسة الميكانيكا مع شغفها وموهبتها، فقررت دراسة العلوم التربوية، ولكنها لم تحصل على شهادة في هذا المجال.

رئيس مركز المواهب 

وفي وقت لاحق، درست مهاجراني للحصول على درجة الماجستير في الاستراتيجية من جامعة هيريوت- وات في إدنبره، اسكتلندا وواصلت دراستها للدكتوراه في إدارة الأعمال، وهي تشغل منصب رئيسة مركز المواهب المتميزة منذ عام 2017، وقبل ذلك كانت تشغل منصب رئيسة كلية الشريعة التقنية والمهنية للبنات.

مهاجراني هي عضو هيئة التدريس في معهد دماوند ارشاد للتعليم العالي ونشرت 12 ورقة مؤتمر ومقالة واحدة في مجلات محلية، على مدى السنوات الـ11 الماضية، كان لها تعاون علمي مباشر مع 3 باحثين مختلفين، وأهمها كان مع بهمن حاجي بهمن بور (أستاذ مشارك، قسم إدارة الأعمال، جامعة الشهيد بهشتي، طهران، إيران) في نشر مقال علمي واحد. 

ثم حصلت مهاجراني على شهادة جامعية متقدمة في مجال العلوم السياسية أو الإدارة العامة، مما أهّلها لتولي مناصب قيادية، تُظهر خطاباتها ومواقفها ثقافة واسعة وفهما عميقا للديناميكيات السياسية الداخلية والخارجية.

قبل سنوات عديدة، كانت مهاجراني رئيسة كلية شريعتي التقنية والمهنية للبنات، ولكن في أكتوبر/تشرين الأول 2017، تم تعيينها رئيسا لمركز المواهب من قبل محمد بطحائي، وزير التعليم آنذاك، وفي السنوات الأخيرة، عملت أيضا عضو هيئة تدريس في معهد إرشاد للتعليم العالي غير الربحي في مجال إدارة الأعمال.

وأدرجت فاطمة مهاجراني أيضا في قائمة أعضاء المجلس التوجيهي الحاكم في حكومة بزشكيان التي كان يرأسها محمد جواد ظريف وهو من أصغر الشخصيات في الحكومة، وبصرف النظر عن أنشطته السياسية الأخيرة، فقد أولى اهتماما أكبر للقضايا العلمية والتعليمية مثل استخراج البيانات، واستراتيجيات التعلم الإلكتروني، والأنظمة الهجينة، ورضا الطلاب.

لجنة دعم المرأة 

وقد أدى نشاط مهاجراني في لجنة دعم المرأة لمسعود بزشكيان إلى تقديمها إلى وسائل الإعلام المحلية والدولية كشخصية تسعى إلى تحقيق مطالب المرأة وتهتم بالتحقيق في أسباب الضرر الاجتماعي الذي تتعرض له المرأة والقضاء عليها.

وفي 28 أغسطس/آب 2024 انتخبت فاطمة مهاجراني، التي تتولى رئاسة مركز المواهب المتميزة، بصفتها متحدثة باسم الحكومة، بحسب وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا).

ويعد انتخابها، بعد 17 متحدثا من الرجال في الفترات السابقة، اختيارا مثيرا للقلق، بحسب تقرير لصحيفة “اعتماد أونلاين” ويبدو أنها تواجه مهمة ومسؤولية ثقيلة كممثلة للمرأة، وقالت مهاجراني: “إننا نسعى إلى تقديم نموذج عالمي للمرأة يعزز مسؤولياتها الاجتماعية ويعزز مكانتها في مؤسسة الأسرة”.

وأكدت المتحدث باسم الحكومة أيضا أهمية تمكين المرأة في المجتمع، بقولها: “التركيز على تنمية القدرات الفردية، وتعزيز مهارات التفاوض، والتسامح مع النقد، والقدرة على التعريف بالنفس، هي سمات ينبغي تعزيزها لدى النساء في المجتمع”.

المسؤوليات والمهام

تُعتبر مهاجراني الوجه الإعلامي الناعم للحكومة، حيث تنقل سياساتها ومواقفها ببلاغة، تشمل مهامها:

  • التواصل مع الإعلام المحلي والدولي لتوضيح المواقف الحكومية، مثل العلاقات مع سوريا والمفاوضات النووية.
  • الإعلان عن المبادرات الحكومية، مثل منح دراسية للطلاب الموهوبين وتطوير قطاع النفط.
  • الدفاع عن السياسة الخارجية القائمة على “العزة، الحكمة، المصلحة”.

تشير بعض المصادر إلى خبرتها في الإدارة الحكومية، حيث ساهمت في صياغة سياسات تهدف إلى تحسين الأداء الحكومي ودعم الفئات المهمشة، منذ تولي منصب المتحدث الإعلامي لحكومة بزشكيان خلفا لعلي بهادوري جهرمي الذي كان يشغل هذا المنصب في الحكومة الثالثة عشرة (حكومة إبراهيم رئيسي).

الدور الحكومي

فاطمة مهاجراني ليست مجرد متحدثة إعلامية، بل صانعة رأي عام وجسر تواصل بين الحكومة والشعب، دورها يتجاوز الإعلانات والبيانات الرسمية إلى:

  • تمكين المرأة: أكدت في خطاباتها على تعزيز دور المرأة في المجتمع الإيراني، مشيرة إلى السعي لتقديم نموذج عالمي يوازن بين المسؤوليات الاجتماعية والأسرية.
  • ساهمت في توضيح موقف إيران من قضايا إقليمية ودولية، مثل العلاقات مع سوريا والاستخدام السلمي للطاقة النووية.
  • من خلال الإعلان عن مشاريع مثل إطلاق قطار طهران-فان وتطوير البنية التحتية، تُظهر التزاما بتحسين مستوى المعيشة.

وفي وقت سابق أوصت مهاجراني بأنه يجب على المرأة أن تساعد مجتمعها على تمكين النساء الأخريات وتدريبهن على المهارات المتعلقة بمجالهن، والتصرف بشكل احترافي، ووضع التعليم دائما في مقدمة عملهن.

وأضافت: “أجريتُ بحثا قبل فترة، ودرستُ 180 شركة عاملة في إحدى الفعاليات، ومن بين هذه الشركات، كانت 100 شركة مُدرجة، و515 عضوا في مجلس الإدارة، لكن 3 منها فقط كنّ نساء، في حين ينبغي زيادة حصة المرأة في الإدارة، لما تتمتع به من قدراتٍ وإمكاناتٍ عاليةٍ جدا في مجال الإدارة”.

تعزيز صورة المرأة كصانع للقرار

فاطمة مهاجراني تجسد الجيل الجديد من القيادات الإيرانية التي تجمع بين القوة والحكمة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، بصوتها الواثق ومواقفها العلمية المدروسة، أسهمت في تعزيز صورة المرأة الإيرانية كشريك أساسي في صنع القرار، ومسيرتها، التي تمتد من الإدارة إلى الدبلوماسية العامة، تعكس رؤية طموحة لبناء إيران قوية ومستقلة، مما يجعلها نموذجا ملهما للقيادة النسائية في المنطقة.