- زاد إيران - المحرر
- 8 Views
ترجمة: يسرا شمندي
أفادت صحيفة فرهيختكان، في تقرير لها بتاريخ 1 مايو/أيار 2025، بأنه بعد بدء المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، أثير سؤال حول مصير الدور الأوروبي الذي كان طرفا في الاتفاق النووي في أعقاب المحادثات الأخيرة بين إيران وأمريكا في روما، وقد ظهرت تكهنات حول احتمال عقد لقاء بين إيران والأطراف الأوروبية في الجولة المقبلة من المحادثات.
وفي هذا السياق، صرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، ردا على سؤال حول استبعاد أوروبا من المفاوضات، بأن الأوروبيين أنفسهم لم يُبدوا رغبة في المشاركة.
لكن في النهاية، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، عن بدء المحادثات بين إيران وأوروبا في روما، وهو ما يُعد إعلانا رسميا عن مكان انعقاد الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة. إن المفاوضات بين إيران وأوروبا حول الاتفاق النووي وآلية الزناد دخلت مرحلة حساسة، إذ تُعد هذه الآلية أداة خطيرة من شأنها أن تهدد جميع المكاسب الدبلوماسية التي حققتها إيران.
وبمناسبة انطلاق هذه الجولة من المفاوضات بين إيران والطرف الأوروبي، نُسلّط الضوء على الوضع الحالي للمفاوضات، ومطالب الأطراف، ونقاط الخلاف، ودور آلية “سناب باك” في هذا المسار.
من إسقاط النظام إلى العودة للمفاوضات في 3 سنوات فقط
وتابعت الصحيفة أنه بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وعدم وفاء الأطراف الأوروبية بالتزاماتها، ردّت إيران على هذا التنصل من خلال قانون “التحرك الاستراتيجي الفعال لرفع العقوبات”، لتنهي بذلك حالة ضبط النفس غير الضرورية.
كما أن الأوروبيين، الذين صعّدوا من مستوى التوتر مع إيران إلى أعلى درجاته خلال اضطرابات عام 2022 وذهبوا حتى إلى دعم المعارضة علنا على أعلى المستويات، حاولوا في عهد إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، التهرب من التفاوض مع إيران، بهدف تجنب زيادة التوتر في المنطقة دون الدخول في سياسة بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو المتشددة.
وأوضحت أن نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي، كان قد أجرى سابقا جولة تمهيدية من المحادثات مع الأوروبيين في نيويورك. وفي الجولة الثانية من المفاوضات، أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، أنه “إذا لم تتمكن إيران من حل مشكلاتها مع أمريكا، فلن يكون بإمكاننا فعل شيء”. إن هذا النهج استمر حتى بعد وصول ترامب إلى السلطة وبدء المفاوضات بين إيران وأمريكا في مسقط، على الرغم من إرسال إيران رسائل للأوروبيين تحثهم على مواصلة مفاوضاتهم، إلا أن الأوروبيين اختاروا إظهار عدم رغبتهم في المشاركة.
وعليه يمكن تحديد عدة أسباب لهذا الموقف الأوروبي: أولا، شعورهم بالاستياء لأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يستشرهم في قراراته. ثانيا، عدم مشاركتهم في المفاوضات الجارية، مع توقعهم أن تبذل إيران جهدا أكبر لإشراكهم أو على الأقل توفير أرضية لحضورهم. ثالثا، الانتقادات الأوروبية المستمرة للتعاون بين إيران وروسيا، خاصة مع توجيه اتهامات لإيران بالمشاركة في الحرب في أوكرانيا، وهو ما اعتبرته أوروبا تهديدا لأمنها.
وأردفت الصحيفة بالقول إنه في هذا الإطار، أكد وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، خلال اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الاثنين، على خطر تهديد أمن أوروبا، موجهًا اتهامات محددة لإيران. وهدّد بارو بتفعيل “آلية الزناد” في حال لم تلبِّ المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة المصالح الأمنية الأوروبية. إلا أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، كريستوف لوموان، صرّح في مقابلة مع قناة “العربية” يوم الثلاثاء، بأن “الدبلوماسية هي الحل الوحيد للملف النووي الإيراني”.
وبينت أنه عقب هذه التصريحات، أعلن عراقجي أن الجولة الرابعة من المفاوضات التي ستعقد في روما ستشهد محادثات بين إيران والدول الأوروبية. ومن المرجّح أن يكون “آلية الزناد” أحد أبرز القضايا المطروحة، إذ إنها أداة قد تُستخدم لإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران.
أوروبا تسعى لجذب انتباه ترامب
وذكرت الصحيفة أن الأوروبيين الذين يرون أنفسهم مستبعدين من استراتيجية ترامب في السياسة الخارجية– وقد أظهر ترامب هذا الاستبعاد بوضوح من خلال حذف مقعد ماكرون من المفاوضات مع زيلينسكي على هامش جنازة البابا فرانسيس– يسعون الآن للعودة إلى صلب عملية اتخاذ القرار. وفي ضوء ذلك، يُعتبر التهديد بتفعيل آلية الزناد خطوة تهدف من جهة إلى التأثير على مفاوضات طهران وواشنطن لتعويض تهميشهم في مفاوضات أمريكا وأوكرانيا، ومن جهة أخرى إلى ممارسة الضغط على إيران على طاولة المفاوضات، وجذب انتباه ترامب.
وبالتالي، سواء كانت الولايات المتحدة على علم بالمواقف الأوروبية الحالية أم لا، فإنها ترى في هذا التوجه خطوة تصب في مصلحتها، ولمواجهة هذا التحدي، يتعين على إيران أن تعتمد استراتيجية واضحة بشأن تأجيل أو تعليق هذه الآلية، وقد تشمل هذه الاستراتيجية التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة وطرح مطلب مفاده أن واشنطن يجب أن تثني حليفها عن تفعيل آلية الزناد.
وأوضحت أنه يجب التنبيه إلى أن إيران لا تعتبر تفعيل هذه الآلية خطوة أوروبية منفردة، بل تراها سياسة منسقة مع الولايات المتحدة، وسترد عليها بإجراءات مناسبة، إن هذا الموقف من شأنه أن يدفع الجانب الأمريكي إلى التخلي عن هذا التكتيك، الذي يقوم على ممارسة الضغط عبر آلية الزناد، بينما يتظاهر بأنه ليس طرفا في التصعيد؛ ذلك أن الدول الأوروبية، بحكم تبعيتها السياسية والاستراتيجية للولايات المتحدة، لا تستطيع اتخاذ قرارات مستقلة تماما عنها.
مطالب الطرفين
أضافت أنه من أجل فهم أفضل لنقاط الخلاف في المفاوضات مع الجانب الأوروبي، من الضروري إجراء تحليل دقيق لمطالب الطرفين. وتسعى إيران من خلال هذه المفاوضات إلى رفع كامل للعقوبات الاقتصادية والمالية التي فُرضت وشُددت بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عام 2018.
وقد شكلت هذه العقوبات عبئا ثقيلا على الاقتصاد الإيراني، مما جعل رفعها أولوية قصوى لطهران. كما تطالب إيران بضمانات قوية من أوروبا تضمن التزامها بأي اتفاق جديد، لمنع تكرار تجربة الانسحاب الأمريكي الأحادي، ومن المطالب الأساسية الأخرى لطهران، منع تفعيل آلية الزناد التي من شأنها إعادة فرض العقوبات الدولية، إلى جانب خلق مناخ يسمح بتعاون اقتصادي مستدام مع أوروبا، وتعكس هذه المطالب تركيز إيران على الأمن الاقتصادي واستقرار الاتفاق.
في المقابل، من المرجح أن تؤكد أوروبا ضرورة عودة إيران إلى الالتزام الكامل ببنود الاتفاق النووي، وضمن ذلك خفض نسبة تخصيب اليورانيوم، وتحديد كمية المخزون من اليورانيوم المخصب، والتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لضمان الرقابة الشفافة على البرنامج النووي الإيراني.
وقد تسعى أوروبا أيضا إلى توسيع نطاق المفاوضات لتشمل قضايا غير نووية، مثل برنامج إيران الصاروخي ودورها الإقليمي في الشرق الأوسط، وهي قضايا أمنية حساسة بالنسبة للغرب. كما يُرجح أن تسعى أوروبا إلى الحفاظ على آلية الزناد كوسيلة ضغط لضمان التزام إيران بالاتفاق.
إن هذا التباين في الأولويات يزيد من تعقيد المفاوضات، ففي حين تركز إيران على رفع العقوبات والحصول على ضمانات اقتصادية، تسعى أوروبا إلى تقييد البرنامج النووي الإيراني والتطرق إلى قضايا أمنية أوسع، كما يعتمد نجاح هذه المفاوضات على قدرة الطرفين على إيجاد توازن يلبي المخاوف المتبادلة.
نقطة النزاع الرئيسية
أضافت الصحيفة أن النقطة الرئيسية للنزاع في المفاوضات الحالية تتمحور حول آلية الزناد ونتائج تفعيلها، إن آلية الزناد التي تم التنبؤ بها في البنود 36 و37 من الاتفاق النووي، تمنح كل طرف في الاتفاق الحق في رفع قضية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إذا كان هناك ادعاء بانتهاك أحد الأطراف للالتزامات، ويمكن أن يؤدي هذا الإجراء إلى إعادة فرض العقوبات الدولية ضد إيران تلقائيا.
إن هذه الأداة تشكل نقطة حساسة لإيران من عدة جوانب، كما أن تفعيل آلية الزناد قد يقضي على جميع الإنجازات الاقتصادية والسياسية التي حققتها إيران من خلال الاتفاق النووي في فترة زمنية قصيرة. ومع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، تخشى إيران من أن الولايات المتحدة قد تستخدم حلفاءها الأوروبيين بشكل غير مباشر لتفعيل آلية الزناد.
وتابعت بالقول إنه علاوة على ذلك، تعتبر إيران أن أوروبا لم تفِ بالتزاماتها لتعويض الخسائر الناتجة عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، مما قلل من ثقة إيران في أوروبا وجعل تقديم مقترحات للتغلب على هذه الفجوة أكثر صعوبة. إن أحد العوامل التي تعقد المفاوضات هو تأثير أزمة أوكرانيا على العلاقات بين إيران وأوروبا.
وأضافت أنه بسبب دعم أوروبا لأوكرانيا والصراع مع روسيا، ترى أوروبا في إيران لاعبًا قريبًا من روسيا في هذه الأزمة. هذا الرأي جعل أوروبا تتصرف بحذر أكبر في مفاوضاتها مع إيران وتستمر في الحفاظ على آلية الزناد كأداة ضغط على إيران. بالنظر إلى أهمية آلية الزناد ومخاطرها على إيران، يجب أن تكون إحدى أولويات المفاوضات هي إدارة هذه الأداة. يمكن لإيران اقتراح تأجيل أو تعليق مؤقت لآلية الزناد كجزء من المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة مع الولايات المتحدة.
لكن تنفيذ هذا الاقتراح يواجه تحديات متعددة. لدى الدول الأوروبية وجهات نظر مختلفة حول كيفية التعامل مع إيران وآلية الزناد، وقد تطلب الولايات المتحدة من أوروبا الاحتفاظ بآلية الزناد كأداة ضغط حتى اللحظات الأخيرة قبل وصول الموعد المحدد للبنود المنتهية، لتفعيلها في اللحظة الأخيرة إذا لم تتمكن من إقناع إيران بتقديم التنازلات، وبالتالي إعادة فرض العقوبات الدولية ضد إيران.