- شروق حسن
- 9 Views
في حوار أجرته وكالة “خبر أونلاين” الإيرانية المعتدلة يوم الأربعاء 4 يونيو/حزيران 2025، استعرض محمد علي رحماني، وهو أحد طلاب الخميني ومن المقربين منه، رؤيته الشخصية لبدايات الثورة الإسلامية في إيران ومسارها، من وجهة نظره كمشارك وشاهد على الأحداث
نص الحوار:
هل بدأت الثورة الإسلامية عام 1963، أم أن مسارها الثوري الحقيقي لم يبدأ إلا عام 1977 عندما تحوّل موقف الخميني من النصح إلى الدعوة الواضحة لتغيير النظام؟
الذين قالوا إن الخميني لم يكن منذ البداية يسعى إلى تغيير النظام، هم من لا يملكون اطلاعا على سيرته.
يجب أن أوضح هذه المسألة قليلا حتى تزول هذه الشبهة، الخميني شخصية امتلكت منذ دخوله إلى ساحة الحوزة العلمية شمولية خاصة، عندما تأسست الحوزة العلمية في قم، جاء الخميني إلى قم شأنه شأن سائر المراجع في عصره، وأصبح أحد التلامذة البارزين للشيخ الحائري؛ مؤسس الحوزة العلمية، وفي سن السابعة والعشرين، بل حتى قبل ذلك، أي حتى نهاية دراسته في سن الخامسة والعشرين، أكمل معارفه على مستوى عال، وبدأ منذ ذلك الوقت تدريس الفلسفة، وهذه إحدى النقاط التي أثارت مواجهة بعض المتحجّرين معه.
الشخص الذي يبدأ بتدريس الفلسفة يجب أن يكون هو نفسه قد بلغ درجة عالية من الاستاذية، والخميني كان كذلك.
كان يدرّس العلوم المنقولة، وبحسب اصطلاحنا “خارج الفقه والأصول”، كما كان يسعى ليكون متفوّقًا في مختلف العلوم.
في تلك السنوات نرى أن الخميني كتب أفضل الكتب في الفلسفة والأصول والفقه، ولا تزال إلى اليوم مرجعا في الحوزة.
كما كتب في الرجال وغير ذلك من الأمور الضرورية، وكانت معرفته بالمعارف في أعلى المستويات، بحيث عندما رأى أن هناك فراغا في عالم التشيّع بعد رحيل الأصفهاني في النجف، شعر بالتكليف.
كان الأمر كذلك: عندما كان يتوفى مرجع تقليد في النجف، كانت تُعرّف على الفور شخصية بارزة في الفقه والأصول كمرجع جديد للعالم الشيعي، كما حصل مع الميرزا الشيرازي والنائيني في سامراء، وشخصيات أخرى في أماكن مختلفة.
الأصفهاني نفسه كان شخصية شاملة، وكان الخميني يعلم أن مشكلة إيران وعالم التشيّع هي أن المرجعية ليست مستقرة في إيران.
هل كنت أيضا من تلامذة الخميني؟
لقد جئت في المراحل المتأخرة، أما أولئك الأشخاص فكانوا من تلامذته القدامى.
كان الخميني يرسل هؤلاء التلامذة إلى بروجرد، وكان يقول لهم: اذهبوا واطّلعوا على دروس البروجردي.
البروجردي كان قبل سنوات من تلامذة المرحوم الآخوند الخراساني، الذي كان له دور مهم في الثورة الدستورية، وعندما دخل إلى إيران في عهد رضا شاه، أرسل الشاه شخصا إلى حدود خسروي لاستقباله، ورافقوه حتى قصر شيرين، وهناك قالوا له: ابقَ هنا، لأن الشاه قال: إذا جئت إلى إيران وتريد مواصلة توجهات أستاذك الآخوند الخراساني الدستورية، فارجع من هنا.
سألوه: لماذا جئت؟ فقال: إن والديّ وأقاربي وذويّ في إيران، وقد كنت لسنوات في النجف، والآن جئت لزيارة أقاربي.
على أي حال، لم يقتنع رجال النظام، وأبقوه لمدة ستة أشهر تحت المراقبة في قصر شيرين، كي لا يتواصل مع أحد ولا يذهب إلى أي مكان، وأخيرا، بعد ستة أشهر اقتنع النظام بأنه لا يعتزم الدخول في تحرك خاص أو التورط في مسألة سياسية معينة، فقالوا له: يُسمح لك فقط بالإقامة في بروجرد.

رضا خان؟
نعم، البهلوي الأول.
في ذلك الوقت، كان الخميني أحد الأساتذة الشباب البارزين في الحوزة العلمية في قم، وبعد بعض المشاورات، ذهب بنفسه إلى بروجرد.
وعندما دخل إلى بروجرد، وكان ذلك مثلا يوم أربعاء، وكان البروجردي يُدرّس، جلس الإمام عند الباب وانتظر، وهذا الأمر موثّق ومسجَّل.
وبمجرّد انتهاء الدرس، همس أحد تلامذة البروجردي في أذنه قائلا: السيد الذي يجلس عند الباب هو آقا روح الله، أحد أساتذة قم.
البروجردي، الذي كان قد سمع عن الإمام وعلِمَ أنه يدير الحوزة ويُخرّج تلامذة كثر، وأنه فقيه بارع، نهض من مكانه وتوجه إلى الباب، وقال للخميني: تفضّل اجلس مكاني.
فأجابه الخميني: أبدا، جئت لأتشرف بلقائكم، وعندما أصرّ عليه، ولم يقبل، قال له البروجردي: هذا المكان الذي تجلس فيه هو بيتي، وأنا غير راضٍ بجلوسك هنا، اذهب واجلس مكاني، فجلس الخميني درجةً أسفل منه، وكان البروجردي طاعنا في السن، فجلس هو في مكانه.
قال البروجردي للخميني: كنت أودّ رؤيتك، لكن من الجيد أنك جئت، كم ستمكث هنا؟ فأجابه الخميني: إلى متى ما تفضلتم، لكن لدي دروس يوم السبت، فيجب أن أعود يوم الجمعة، فقال له البروجردي: إذن، الليلة وغدا ستكون ضيفي.
تحدث الخمني معه، وقال له: إن الأصفهاني حالته الصحية غير جيدة، ونتمنى من الله أن يطيل في عمره، لكن حاليا هو في حالة احتضار، وسنّه لا يسمح بأن يعيش أكثر من سنة أو سنتين.
أرجو منك أنه إذا وقع ذلك الحدث، أن تصبح أنت المرجع للتقليد، ففي النجف يُنتَخب مرجع تقليد، ويتكرر ما حدث لإيران، إذ لم يكن هناك مرجع أو زعيم أو قائد شيعي داخل هذا البلد الشيعي، باختصار، أنا قلق من أن يُعيَّن هناك مرجع، فتصبح قم وإيران تابعة لمكان آخر من جديد…

من يقول هذا؟ البروجردي أم الخميني؟
الخميني.
ويواصل قائلا: جنابكم متقدّم على جميع من هم في النجف، لأنكم كنتم طيلة 17 عاما من تلامذة المرحوم الآخوند الخراساني، وأجبركم الحكم بالقوة على البقاء في بروجرد.
إن حضرتم إلى قم، فإن زعامة الشيعة ستنتقل إليكم فورا بعد رحيل الأصفهاني، ونحن أيضا سنبذل جهدنا لتحقيق ذلك.
لهذا الأمر آثار؛ أولا تصبح إيران مركز ثقل التشيع، وثانيا يمكن من هنا تقديم خدمات مبدئية إلى العالم.
قال البروجردي: في قم هناك أشخاص مثل الصدر، وسيد محمد تقي الخوانساري (وكان الخوانساري نفسه من أساتذة الخميني منذ أكثر من ثلاثين عاما).
فقال الخميني: لقد التقيت بجميعهم، ودعوتهم إلى بيتي، وأقنعتهم بأن إيران يجب أن تكون مركز التشيع.
– هذه الرواية التي تذكرونها، لأي سنة تعود؟
لسنة 1945 أو 1946.
– أي حتى قبل 19 أغسطس/آب 1953؟
نعم، بالتأكيد، ولهذا فإنالبروجردي كان في إيران، لم يقبل بالأمر، ولجأ إلى الاستخارة فجاءت نتيجتها غير جيدة، الخميني كان يسعى إلى الثورة في إيران حتى قبل عام 1963.
أي أن الخميني كان يسعى إلى الثورة قبل أحداث يونيو 1963؟
نعم، قبل ذلك بكثير.
على أية حال، لم يوافق البروجردي، وفي تلك السنوات، بسبب مرض في عينيه، ذهب إلى طهران، ونُقل إلى مستشفى فيروزآبادي في مدينة ري.
وذهب الخميني أيضا مع أحد فضلاء قم لعيادته.
وكان الطباطبائي، أحد زعماء الثورة الدستورية الذين كانوا لا يزالون أحياء، ذكّر الشاه بأن البروجردي من كبار فقهاء الشيعة، وقد نذر زيارة ضريح على بن موسى الرضا، فرفعوا هذا المنع الذي فرضه والده عليه.
فقال الشاه: لا بأس، لا يوجد سبب ليكون في عزلة، ذلك كان في زمن والدي، ومنذ عام 1920، رأت دول الحلفاء أن من المناسب أن أكون أنا الشاه، وقد أخذ الإنجليز والده إلى جزيرة موريشيوس.
في الحقيقة، كان الشاه شابا، ولم تكن أركان حكمه مستقرة بعد، على أي حال، كان شابا قليل الخبرة، غير مطّلع، لكنه كان يملك مستشارين وكان هناك كبار يحترمهم، حتى تتخلّص البلاد من الفوضى.
سمح له الشاه بذلك، فاستعاد البروجردي عافيته، وعاد إلى بروجرد، وفي طريق العودة، مرّ بمدينة قم، الخميني بجمع الكبار والفضلاء وكثيرين آخرين ليقوموا بزيارة تكريمية له في قم.
بعد ذلك، عاد البروجردي إلى بروجرد، وجهّز أغراضه وسافر لزيارة ضريح الرضا.
سافر الخميني أيضا إلى مشهد وقال له: “قم بالاستخارة، وإذا جاءت نتيجتها طيبة، فليكن جوابك بالإيجاب للانتقال إلى قم.”
وبعد التوسل، قام بالاستخارة، وكانت نتيجتها أن عليه الذهاب إلى الحوزة العلمية في قم.
كان البروجردي المحرّك الرئيسي، وعندما أدرك الكبار هذا الأمر، اهتزّت الحوزة العلمية في قم.

وألف بعدها الخميني كتاب “كشف الاسرار” وتحدث فيه عن الاستبداد حيث أن الملكية لكي تحافظ على سلطتها، تُضطر إلى التبعية لبريطانيا أو روسيا أو أمريكا أو فرنسا وتطلب دعمهم، والتاريخ يشهد على ذلك، فقد كتب الجميع أن رضا خان بعد سقوط القاجاريين، تم نصبه على العرش بدعم من الإنجليز، الذين رأوا أنه الشخص القادر على السيطرة على الفوضى التي كانت تعم البلاد، فدعموا وصوله إلى الحكم، حتى المعارضين من عملائهم سكتوا عن الأمر.
كان الشاه يسعى لجعل إيران مثل تركيا، حيث يُفصل الدين عن الدولة.
منذ عهد سابق، كان الشيخ خزعل يطمح للسيطرة على خوزستان، وكان هو وأمثاله عملاء للإنجليز، وكلما رفع حكّام القاجار صوتهم، وقالوا مثلا إن أفغانستان جزء من إيران ويجب ألا تُفصل عنها، كان عملاؤهم يهاجمون من العراق ويحتلون خرمشهر، فيرضخ الإيرانيون.
وفي عهد محمد علي شاه، كانت فقط مدينة هرات (وهي من الأقاليم المجاورة لإيران في أفغانستان) تُعتبر جزءًا من إيران، وأعلنوا أنهم لن يتخلوا عنها، لكن الإنجليز جاؤوا بقوات من الهند واحتلوا بوشهر، فأُجبرت إيران في النهاية على التنازل حتى عن هرات.
كان الخميني دوما يتحدث عن استبداد رضا خان، لأنه كان يسعى لجعل إيران نسخة عن تركيا، حيث يُفصل الدين عن الدولة، فليكن للشعب دين، لكن لا شأن له بالحكومة، وهذا هو حال معظم الدول الإسلامية اليوم.

في بداية النهضة، من هم الذين اصطفوا إلى جانب الخميني أولا، وكانوا واسطة بينه وبين الناس؟
رغم وحدة الخميني في بدايات النهضة، إلا أنه كان يمتلك أساليب خاصة في التواصل مع المجتمع، دون أن تكون لديه وسيلة إعلامية كالراديو أو التلفزيون أو صحيفة.
كان يعرف جيدا أين يضع إصبعه، على نقطة توقظ كل فئات المجتمع، سواء في المدينة أو القرية، الجامعة أو السوق، بين الأساتذة والطلاب والمثقفين.
على سبيل المثال، والدي كان تاجرا بسيطا، لكنه كان مستعدا، إذا دعا الخميني إلى النهوض، أن يتحمّل نفقات ثلاثمئة من أصدقائه للدخول في التظاهرات، هذه هي طبيعة التأثير الذي أحدثها الخميني.
ولم يكن الخميني بلا سند شعبي أو اجتماعي، بل على العكس، فقد دعمته شخصيات بارزة من التجار، مثل أعضاء “هيئة مؤتلفة الإسلامية”، منهم السيد عراقی وغيرهم، وأيضًا فدائيو الإسلام الذين كانوا يسيرون على نهج المرحوم كاشاني.
كاشاني، بدوره، كان من الشخصيات البارزة في مقاومة الاستعمار، وقد أجبر على مغادرة العراق بعد أن أصبح مهددا بالقتل، فاستقر في إيران، وهو من الذين دعموا الدكتور مصدق في البداية، خاصة في معركة تأميم النفط، لأنه كان يرى فيه شخصية قانونية قادرة على الدفاع عن حقوق إيران.
في حديثك أشرت إلى بعض أعضاء جماعة مؤتلفة الإسلامية، ما هو موقف الخميني من الكفاح المسلح وعمليات الاغتيال؟
لم يكن الخميني يؤمن بالكفاح المسلح كوسيلة للتغيير، أما اغتيال حسنعلي منصور، فكان حالة منفصلة ولم يتم بأمر مباشر من الخميني، من نفّذ هذه العملية كانوا مجموعة من المتدينين المنظمين من سوق طهران، يتمتعون بخلفية سياسية ودينية، وكانوا على صلة بـنواب صفوي وفدائيي الإسلام، كما عملوا سابقًا مع كاشاني وتلقّوا.
عندما رأى هؤلاء أن مرجعهم (الخميني) قد نُفي، وأن نظام الشاه فرح بهذا النفي واستغلّه لقمع الحراك، تحركوا بمفردهم، الخميني في تلك الفترة لم يدعُ إلى العنف، بل كان يُركّز على تعبئة الجماهير فكريا وسياسيا.
ويتابع الراوي الذي كان حينها طالبا في مشهد: بعد نفي الخميني، بدأ النظام حملة قمع ممنهجة شاملة، فقد هاجموا الحوزات العلمية، واعتقلوا الشباب بحجة الخدمة العسكرية، حيث كانوا يمزقون ملابسهم ويضربونهم أمام الناس لإرهاب الطلاب.
لم تكن المسألة خدمة عسكرية بقدر ما كانت رسالة واضحة: “لا يحق لكم الدفاع عن الإمام أو الوقوف مع المراجع الذين يصدرون بيانات.”
في الوقت نفسه، كان التجار المتدينون في مختلف المدن، مثل طهران وتبريز وخراسان، يتعرضون للقمع الاقتصادي والمضايقات، فمثلا، أُغلقت محلات التجار أمثال الحاج عراقي، وفرضت قيود على أعمالهم، وأُرسل بعضهم إلى السجون.
ذروة هذا القمع ظهرت في مجزرة مدرسة “فيضية”، حيث قُتل طلاب الحوزة وأُلقوا من فوق الأسطح، ثم جاءت انتفاضة 5 يونيو/حزيران 1963 التي شهدت قمعا دمويا واسعا.
وعندما حلّ عيد النيروز في السنة التالية، دعا الخميني إلى مقاطعته وقال: “نحن في حداد، ولن نحتفل.” وفعلا، لم تُقم أي مظاهر احتفال في ايران، ما يدل على عمق تأثير الإمام ومكانته بين الناس.
النظام لم يتوقف عند ذلك، بل اعتقل العديد من الأساتذة والطلاب وقادة الفكر والسياسة، مثل المهندس بازرجان، سحابي، طالقاني وغيرهم، وقدمهم للمحاكمات العسكرية، في محاولة لإسكات كل صوت معارض.
في هذا السياق، يُشار إلى أن قرار نفي الخميني لم يكن قرارا داخليا بحتا، بل جاء استجابة لضغط خارجي، خصوصا من الولايات المتحدة الأمريكية التي طلبت رسميًا من نظام الشاه عدم إعدام الخميني خشية اندلاع ثورة داخلية، ولذلك، أعلن رئيس الوزراء حسنعلی منصور في بيان رسمي عبر الإذاعة، تنفيذ القرار بنفي الخميني إلى تركيا، وهو ما وافق عليه الشاه.
في أعقاب ذلك، انطلقت في مختلف أنحاء البلاد حركات شعبية عفوية، وتوزيع منشورات احتجاجية.
بناءً على هذا التقييم، قام أحد أعضاء مؤتلفة الإسلامية، وهو شاب يُدعى صفار هرندي، بتنفيذ عملية اغتيال حسنعلی منصور عند مدخل البرلمان، في خطوة هدفت إلى توجيه رسالة قوية للنظام.
هل وافق الخميني على هذا الاغتيال؟
حين سُئل الراوي عن موقف الخميني من هذه العملية، أجاب بإيجاز:
“الخميني لم يُعلّق على الأمر، لا تأييدا ولا رفضا”.
هذا الصمت فُسّر آنذاك بطرق مختلفة، لكن من المؤكد أن العملية لم تكن بتوجيه مباشر من الخميني، بل كانت مبادرة مستقلة من قِبَل إحدى الأفراد.

هل التزموا الصمت؟
لم يتحدث الخميني مطلقًا عن هذا الموضوع حتى لا يعطي ذريعة للحكومة، لكن في سياق استمرار النضال، وقعت حركات مسلّحة في البلاد.
كل من اليساريين وبعض الأشخاص الذين توصلوا بأنفسهم إلى هذه القناعة، وخاصة الجماعات السياسية مثل منظمة مجاهدي خلق، فدائيي الإسلام الذين كانوا ينقسمون إلى جناحين: الأكثرية والأقلية، إضافة إلى الشيوعيين وبعض العناصر المتطرفة في صفوفهم، قاموا بأعمال مسلّحة.
كنتُ في العراق حين بدأ هؤلاء حركاتهم المسلحة، ومن بينها اختطاف الطائرات.
هل كنت في ذلك الوقت رئيس مكتب الخميني؟
كلا، كنتُ في النجف أحد أفراد بيت الخميني.
ولذا، كان الإمام كلما سُئل عن الكفاح المسلح، يجيب: إذا بدأتم من زاوية ما بمحاربة النظام، فإنكم أولا ستقتلون قواتنا المسلحة، وهؤلاء أبناء هذا الوطن.
وثانيًا، هل نحن شيوعيون لنبدأ كما فعلت الصين من زاويةٍ ما لتسوية الأمر؟ كم من الناس سيُقتلون؟ نحن لا نقوم بهذا العمل.
الخميني منذ البداية كان يقول إن الثورة ثورة ثقافية، ويجب أن يستيقظ الناس. وعندما يستيقظ الناس ويولد فيهم الحس الديني، ويطالبون بحكومة مستقلة، حرة، ومبنية على الدين، حينها لن يستطيع الشاه أن يفعل شيئا، وهذا ما حدث فعلا.
وكان الخميني يقوم بإيقاظ الناس من خلال البيانات والخُطب، رغم أنه كان في المنفى في العراق ولم يكن يُسمح له بنشرها هناك، وكان أنصاره، كلٌّ بحسب طاقته، يقومون بذلك.
كنا نوصل رسائل الخميني حتى الحدود، وكانوا يأتون من الجانب الآخر ليأخذوها منا، ويتم طبعها وتوزيعها داخل إيران، حتى الأجانب الذين كتبوا عن أسلوب نضال الخميني، جميعهم يرون أنها الثورة الوحيدة التي استطاعت أن تقاوم ظلم الشاه ومجازره وتحقق النصر دون إراقة دماء.