- زاد إيران - المحرر
- أزمة الكهرباء, إيران, ترجمات, كهباء
- 87 Views
ترجمة: يارا حلمي
نشرت صحيفة “جوان آنلاين” الإيرانية المحسوبة علي الحرس الثوري، السبت 15 مارس/آذار 2025، تقريرا تناولت فيه أزمة الكهرباء في إيران، ووعود الحكومة “غير المحققة” في أن يمر شتاء العام المقبل 2025 دون انقطاعات كهربائية،، كما تناولت السياسات الذكية لبعض الدول لحل أزمة الطاقة.
تداعيات اقتصادية وتضخم متزايد
ذكرت الصحيفة أن الانقطاعات المتكررة للكهرباء في المراكز الصناعية الإيرانية لم تؤدِ فقط إلى ركود الإنتاج، بل كان لها تأثير مباشر على ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والمواد الأساسية.
وأضافت أن الوعود التي قدمتها الحكومة ووزارة الطاقة وشركة توزيع الكهرباء وشركات الخدمات في المدن الصناعية وغيرها من الجهات المعنية بتوفير الطاقة أو حماية حقوق المنتجين لم يتم الوفاء بها على الإطلاق، مما أدى إلى استمرار الأزمة وتفاقمها.
وتابعت موضحة أن أزمة الطاقة، تسببت في انخفاض القدرة التنافسية الاقتصادية للعديد من المصانع، مما أجبر عدداً كبيراً من الوحدات الإنتاجية على التوقف عن العمل، الأمر الذي زاد من الضغوط الاقتصادية في البلاد.
مصادر إنتاج الكهرباء
أشارت الصحيفة إلى أن توفير الكهرباء بشكل مستقر وكافٍ للمجتمع والاقتصاد والصناعة يعد أحد المتطلبات الأساسية لأي دولة، ولهذا تلجأ الحكومات إلى مصادر متعددة للطاقة وفقًا لإمكانياتها الطبيعية والتقنية.
وأضافت أنه استنادًا إلى تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة ، فان الفحم الحجري لا يزال المصدر الرئيسي لإنتاج الكهرباء عالميًا، حيث يستحوذ على نسبة 38.1% من إجمالي الإنتاج، يليه الغاز الطبيعي بنسبة 23.2%، بينما تحتل الطاقة الكهرومائية (الهيدروإلكتريك) المرتبة الثالثة بنسبة 15.9%.
أما في إيران، فقالت الصحيفة إن عوامل مثل الموارد الطبيعية والتكنولوجيا المتاحة، إضافة إلى العقوبات الاقتصادية والاستثمارات الأجنبية، تلعب دورًا حاسمًا في اختيار مصادر إنتاج الكهرباء.
وأوضحت أن محطات الطاقة الحرارية، التي تعتمد على الوقود الأحفوري، تمثل المصدر الأساسي للكهرباء في البلاد، حيث توفر نحو 80% من إجمالي الإنتاج بطاقة تصل إلى 30 ألف ميغاواط يوميًا.
كما أشارت إلى أن محطة بوشهر للطاقة النووية(جنوب إيران)، التي تعتمد على انشطار اليورانيوم، تساهم في إنتاج 2000 ميغاواط من الكهرباء يوميًا، بينما تنتج المحطات الكهرومائية حوالي 1000 ميغاواط يوميًا، في حين توفر مزارع الرياح قرابة 600 ميغاواط يوميًا.
وأكدت أن محطات الطاقة الشمسية، رغم نموها في السنوات الأخيرة، لا تزال محدودة الإنتاج، حيث تنتج ما يقارب 200 ميغاواط يوميًا، بينما لا تزال مشروعات توليد الكهرباء من الطاقة البحرية في إيران في مراحلها التجريبية، ولم تحقق إنتاجًا يُذكر بعد.

كما أوضحت أن الدول المتقدمة استثمرت بشكل كبير في تطوير الطاقات المتجددة، بينما لا تزال حصة هذه الطاقة في إيران أقل من 2% من إجمالي إنتاج الكهرباء، رغم امتلاك البلاد موارد ضخمة من الطاقة الشمسية والرياح.
وأشارت إلى أن السياسات الخاطئة وغياب الدعم للاستثمارات المحلية والأجنبية تسببت في توقف العديد من مشروعات الطاقة المتجددة أو عدم تنفيذها أساسًا، مما أدى إلى استمرار هيمنة الوقود الأحفوري على إنتاج الكهرباء في البلاد.
وتابعت أن إجمالي إنتاج الكهرباء في إيران يعتمد بنسبة 71.8% على الغاز الطبيعي، و26.2% على النفط، و0.7% على الفحم، و0.7% على الطاقة النووية، و0.4% على الطاقة الكهرومائية، و0.2% فقط على مصادر الطاقة المتجددة.
استهلاك الكهرباء
ذكرت صحيفة أن معدل استهلاك الطاقة عالميًا شهد ارتفاعًا ملحوظًا خلال العام الماضي، وذلك وفقًا لآخر البيانات الصادرة عن منصة “انرداتا” المتخصصة في تحليل أسواق الطاقة.
وأضافت أن دول مجموعة “بريكس”، التي تستحوذ على 42% من إجمالي استهلاك الطاقة العالمي، سجلت زيادة بنسبة 1.5% في استهلاكها، مما جعلها المساهم الأكبر في هذا النمو العالمي.
وتابعت موضحة أن الصين شهدت زيادة بنسبة 6.6% في استهلاك الطاقة، أي ما يعادل الضعف مقارنة بمتوسط نموها خلال الفترة بين 2010 و2019، كما ارتفع الاستهلاك في الهند والبرازيل بنسبة 1.5% و3.3% على التوالي، بينما ظل معدل استهلاك الطاقة في روسيا مستقرًا تقريبًا بزيادة طفيفة بلغت 0.3%.
وأشارت كذلك إلى أن الولايات المتحدة حافظت على استهلاكها دون تغيير، نتيجة لزيادة استخدام النفط في قطاع النقل، مقابل انخفاض استهلاك الكهرباء في أنظمة التبريد، وتقليل الاعتماد على الفحم الحجري، وفي المقابل، سجلت جنوب إفريقيا انخفاضًا بنسبة 2.1% في استهلاكها بسبب مشكلات تتعلق بإمدادات الطاقة.
وأكدت أن دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية شهدت انخفاضًا بنسبة 5.1% في استهلاك الطاقة، وذلك للعام الثاني على التوالي، بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي وضعف النشاط الصناعي. وأضافت أن الاتحاد الأوروبي، اليابان، وكوريا الجنوبية سجلوا تراجعًا بنسب 2.4%، 5.3%، و8.2% على التوالي.
وفي المقابل، قالت الصحيفة إن منطقة الشرق الأوسط شهدت زيادة ملحوظة بنسبة 7.3% في استهلاك الطاقة، خصوصًا في إيران والإمارات العربية المتحدة. وأضافت أن استهلاك الكهرباء في المدن الصناعية الإيرانية شهد تغيرات كبيرة خلال السنوات الأخيرة، إذ أدى نقص الإمدادات والانقطاعات المتكررة إلى تقليص القدرة الإنتاجية للعديد من المصانع.
كما أكدت أنه في صيف عام2024، تسببت أزمة نقص الكهرباء في انخفاض الإنتاج الصناعي بنسبة 30%، كما اضطرت بعض المصانع إلى الإغلاق المؤقت بسبب عدم توفر الكهرباء الكافي.
وأوضحت أن المدن الصناعية الإيرانية تستهلك يوميًا حوالي 3000 ميغاواط من الكهرباء، وهو ما يمثل نحو 5.4% فقط من إجمالي استهلاك الكهرباء في البلاد.
السبب الحقيقي وراء الانقطاعات
أشارت الصحيفة إلى أن الاستهلاك الكهربائي في إيران يشهد منحنى تصاعديًا، وتساءلت :هل يُعد هذا السبب الوحيد وراء الانقطاعات المستمرة؟
أضافت أن وزير الطاقة الإيراني عباس علي آبادي أعرب مؤخرًا عن استيائه من ارتفاع استهلاك الطاقة في البلاد، مقارنة بالمعدلات العالمية، موضحًا أن معدل استهلاك الطاقة في إيران يبلغ ضعف المتوسط العالمي، وأربعة أضعاف استهلاك الدول المتقدمة.
وتابعت أن الزيادة في الاستهلاك ليست بالضرورة ظاهرة سلبية، بل يمكن أن تعكس نموًا اقتصاديًا وارتفاع مستوى المعيشة، لكن إذا لم تكن هذه الزيادة مدروسة، فقد تؤدي إلى أزمات حقيقية.
وأوضحت أن خفض استهلاك الطاقة قد يكون إيجابيًا إذا نتج عن تحسين الكفاءة وتقنيات حديثة، لكنه قد يكون سلبيًا إذا تسبب في تعطيل الإنتاج الصناعي وزيادة معدلات البطالة وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي.
كما أكدت أن عدة عوامل رئيسية ساهمت في تفاقم أزمة انقطاع الكهرباء، وليس فقط ارتفاع الاستهلاك، مشيرة إلى أن العديد من محطات توليد ونقل الكهرباء في إيران أصبحت قديمة وبحاجة ماسة إلى تحديث.
وتابعت أن قدرة إنتاج الكهرباء في إيران لم تواكب الطلب المتزايد، كما أن مشكلات في شبكات النقل وارتفاع نسبة الفاقد الكهربائي ساهمت في تعميق الأزمة.
وأضافت أن العقوبات الاقتصادية وغياب الاستثمارات الأجنبية زادت من صعوبة إصلاح البنية التحتية الكهربائية، وهو ما جعل البلاد تواجه تحديات كبيرة في تطوير قدراتها الإنتاجية.
كما أشارت الصحيفة إلى أن الاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري مثل الغاز والنفط يُعد من أبرز المعوقات أمام إنتاج كهرباء مستدامة، موضحة أن إيران لم تستثمر بالشكل الكافي في مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ما أضاع عليها فرصة تحسين التوازن بين الإنتاج والاستهلاك.
وأكدت على أن الإدارة السيئة لقطاع الكهرباء في السنوات الأخيرة لعبت دورًا أساسيًا في الأزمة الحالية، حيث أن التأخير في تنفيذ مشروعات توسعة المحطات، وضعف الاستثمارات في قطاعي الإنتاج والتوزيع، إلى جانب غياب التنسيق بين الجهات المعنية في وزارة الطاقة، كلها عوامل ساهمت في هشاشة شبكة الكهرباء الوطنية.
أزمة الكهرباء في المدن الصناعية
ذكرت الصحيفة أن علي تقي نهسي، احد العاملين في المدينة الصناعية “شمسآباد”، صرّح في حديثه لـ”جوان” بأن انقطاع الكهرباء كان في السابق يقتصر على فصول الصيف، لكنه هذا العام أصبح غير متوقع، حيث واجهت المصانع أيضًا انقطاعًا في الكهرباء والغاز خلال الشتاء.
وتابعت نقلًا عن نهسي قوله: “في البداية، كان انقطاع الغاز يؤثر حتى على التدفئة، ولم يكن بالإمكان تدفئة المباني، ناهيك عن استخدام الغاز عالي الضغط في العمليات الإنتاجية. وفي الوقت الحالي، خلال شهر مارس 2025، يتم قطع الكهرباء يوميًا من الساعة الخامسة مساءً حتى العاشرة ليلًا”.
وأوضح أنه منذ أسبوعين، تم تخصيص يوم كامل لانقطاع الكهرباء أسبوعيًا، ثم في الأسبوع الماضي تقرر زيادة الانقطاع إلى يومين كاملين، بالإضافة إلى الانقطاع اليومي المعتاد من الخامسة إلى العاشرة مساءً.
وشدد نهسي على أن هذا الوضع، الذي يأتي في نهاية العام، يعني تقليص أو توقف الإنتاج، وهو ما لا يؤثر فقط على المصنعين، بل يؤدي أيضًا إلى نقص المعروض في الأسواق، مما يرفع الأسعار ويضر بالمستهلكين.
وعود غير محققة وإصلاحات بلا أثر
قالت الصحيفة أن وزير الطاقة الإيراني، عباس علي آبادي، صرح مؤخرًا بأن الحكومة تتوقع، من خلال تنفيذ البرامج المخطط لها والتعاون مع وزارة النفط في تأمين الوقود اللازم لمحطات الطاقة، أن يمر شتاء العام المقبل 2025 دون انقطاعات كهربائية، كما أعرب عن أمله في أن يتم حل مشكلة عدم التوازن في الكهرباء بحلول صيف 2025.
وأضافت أن المتحدث باسم الحكومة أعلن عن اعتماد حزم دعم لتعويض الخسائر الناجمة عن انقطاع الكهرباء والغاز، والتي تتضمن تأجيل جزء من القروض المصرفية للوحدات الإنتاجية، وتقسيط الضرائب، بالإضافة إلى إصدار سندات ودائع خاصة للوحدات المدينة لمؤسسة الضمان الاجتماعي.
دروس مستفادة من تجارب دول أخرى
أوضحت الصحيفة أن دولًا عدة، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط وشرق آسيا، اعتمدت سياسات ذكية لإدارة أزمات الطاقة وحققت بذلك تقدمًا ملحوظًا في مسار التنمية المستدامة.
وأشارت إلى أن المملكة العربية السعودية وقطر، رغم اعتمادهما على الموارد النفطية، تسعيان إلى تقليل هذه التبعية من خلال استثمارات ضخمة في مشاريع الطاقة الشمسية والرياح.
التجربة اليابانية والصينية
ذكرت الصحيفة أن اليابان، التي كانت تعتمد بشكل كبير على الطاقة النووية قبل كارثة فوكوشيما عام 2011، تحولت نحو الطاقة الشمسية والرياح، بالإضافة إلى تطوير تقنيات تخزين الطاقة.
وأضافت أن الصين، من جهتها، أصبحت أكبر منتج للطاقة المتجددة في العالم، حيث تستثمر بشكل واسع في الألواح الشمسية، محطات طاقة الرياح، والسدود الكهرومائية.
وأضافت أن الصين تبنت مفهوم “الشبكات الكهربائية الذكية”، الذي ساهم في تقليل هدر الطاقة وتحسين كفاءة توزيع الكهرباء.
كما اختتمت الصحيفة التقرير بالإشارة إلى أن الصين أطلقت في السنوات الأخيرة مشاريع كبرى لإنتاج واستخدام “الهيدروجين الأخضر”، وهو وقود خالٍ من الكربون يمكن أن يحل محل الوقود الأحفوري في الصناعات الثقيلة وقطاع النقل.