- زاد إيران - المحرر
- 8 Views
ترجمة دنيا ياسر نورالدين
أجرت وكالة “خبر أونلاين” الإيرانية المحافظة المحسوبة على مكتب علي لاريجاني، الخميس 24 أبريل /نيسان 2025، حوارا مع الدكتورة الهه كولايي، أستاذة العلوم السياسية في كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة طهران، حول مواقف القوى الدولية من مفاوضات إيران والولايات المتحدة، بما في ذلك دعم روسيا والصين لهذه المفاوضات، واختلاف أهداف أوروبا عن الولايات المتحدة، وموقف السعودية، وتأثير إسرائيل المحتمل على مسار المفاوضات.
ذكرت الوكالة أن الجولة الثالثة من مفاوضات بين إيران والولايات المتحدة سوف تبدأ السبت 26 أبريل /نيسان 2025، ويعدّ غالبية المحللين السياسيين هذه الجلسة التمهيدية نقطة انطلاق لمسار متصاعد في المفاوضات. يأتي هذا التصاعد في وقت كانت فيه روسيا والصين رغم غيابهما عن هذه الجولة قد أعلنتا دعمهما لتلك المفاوضات.
وأضافت أنه يبدو أن كلا البلدين يسعيان، في ظل ضغوط الحد الأقصى التي فرضها ترامب، إلى إزالة الغموض عن البرنامج النووي الإيراني، وإبعاد شبح الهجوم العسكري، والحدّ من تصاعد التوتر وانعدام الاستقرار في المنطقة.
وتابعت أن الأوروبيين، رغم امتعاضهم من إدارة ترامب في ما يتعلق بقضاياهم الأمنية، ولا سيما الحرب في أوكرانيا ودور إيران في دعم روسيا في تلك الحرب، ليسوا راضين عن إدارة الأزمة الحالية باستخدام أدوات سياسية فقط.
وذكرت الدكتورة الهه كولايي في حوار لها مع الوكالة “يجب أن تُمنح الثقة لإمكانات الشعب الإيراني، ولمصادر القوة في البلاد، ولقدرات المفاوضين، ولحكمتهم ووعيهم، ويجب أن يسود الواقعية مسار التفاوض. ومن اللافت أنه لا يمكن التعويل على أيّ قوة خارجية لتحقيق مصالح الشعب الإيراني، سواء كانت شرقية أم غربية.

وفيما يلي نص الحوار :
ما أسباب دعم روسيا والصين للمفاوضات الثنائية بين إيران والولايات المتحدة، رغم غيابهما عن هذه الجولة بعد أن كان لهما دور محوري في مفاوضات 5+1؟
في الجولات السابقة من المفاوضات المتعلقة بالبرنامج النووي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، أدّت كلّ من روسيا والصين دورا جادا وحاسما. وفي ظل الظروف الراهنة، التي تغيّرت فيها السياسات في الولايات المتحدة بعد وصول دونالد ترامب إلى الحكم، وكذلك التغيرات التي طرأت على منطقة الشرق الأوسط بعد أحداث أكتوبر 2022، تسعى كلّ من روسيا والصين في ظل ضغوط الحد الأقصى التي فرضها ترامب، إلى إزالة الغموض عن البرنامج النووي الإيراني، وإبعاد خطر الهجوم العسكري، والحد من تصاعد التوتر وانعدام الاستقرار في المنطقة؟.
فكلا البلدين يسعيان لتحقيق مصالح متعدّدة في هذه المنطقة من العالم، وهي مصالح شديدة الأهمية لكل منهما. وتحقيق هذه المصالح يفرض عليهما أن يتعاملا بإيجابية مع القضايا المتعلقة بإيران والولايات المتحدة، وأن يقدّما مواقف داعمة للمفاوضات الجارية، التي لا يشارك فيها الطرف الأوروبي بشكل مباشر.
إنهما يريدان دعم أولئك الذين يرون أن الحل للمشكلات بين إيران والولايات المتحدة يجب أن يكون دبلوماسيا، ويطمحان للمساهمة في دعم هذا التوجه.
بمعنى آخر، هل يمكن القول إن هذين البلدين يعارضان أي نوع من التوتر في الشرق الأوسط؟
نعم، كلّ من الصين وروسيا يتبعان نهجًا دبلوماسيا وسياسيا في هذه المنطقة من العالم استنادا إلى أهدافهما الخاصة، وذلك في مواجهة الضغوط التي يمارسها دعاة الحرب والعسكريون الساعون إلى إشعال صراعات مسلحة شاملة.
وبما أن كلا البلدين وقّعا اتفاقيات سياسية واقتصادية شاملة مع إيران، فإنهما يسعيان للاستفادة من تنفيذ هذه الاتفاقيات. ومن ثم، فإنهما لا يشعران بالقلق فقط من تصاعد التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، بل يرحّبان جدا بمسار المفاوضات، إذ إنهما يريان أن مصالحهما ستكون أكثر قابلية للتحقق عبر هذا المسار، مقارنة بما يخطط له المتشددون في واشنطن أو تل أبيب أو أيّ مكان آخر.
علاقتنا مع الصين تُفهم أساسا ضمن إطار الدبلوماسية الاقتصادية. نحن لا نثق بالولايات المتحدة، ولذلك نرغب – في حال الوصول إلى اتفاق محتمل – بالحصول على ضمانات من هذين البلدين العضوين في مجلس الأمن وصاحبي حق النقض، في حال عدم التزام أمريكا بتعهداتها. ما رأيكم في هذا الطرح؟
خلافا لما يعتقده البعض في البلاد، فإن علاقة الجمهورية الإسلامية لا مع الصين ولا مع روسيا تُعدّ علاقة استراتيجية. فالعلاقة الاستراتيجية لها معنى وتعريف خاص. وبالنظر إلى سياسات الصين وروسيا في إدارة علاقاتهما مع الدول الأخرى، والتي قد تتعارض أحيانا مع مصالح إيران، لا يمكن وصف هذه العلاقات بأنها استراتيجية.
فعلى سبيل المثال، صرّحت روسيا بوضوح أنها، في حال حدوث هجوم عسكري على إيران، لا ترى نفسها ملزمة بالدفاع عنها، وهذا يتعارض تماما مع مفهوم التحالف الاستراتيجي.
أما بالنسبة للصين، فإن سياساتها المتعددة تشير أيضا إلى أن علاقاتها مع إيران تُفهم تماما في إطار الدبلوماسية الاقتصادية، ولا يمكن تفسيرها كعلاقة استراتيجية على أي نحو.
ولذلك، فإن كلا البلدين – وكما هو متوقَّع – يريان أن مصالحهما تتحقّق من خلال التركيز المستمر على الأدوات الدبلوماسية. وفي الواقع، فإن الإفراط في التفاؤل تجاه هذا النوع من العلاقات قد يكون له نتائج كارثية.
لقد أشرتم إلى المصالح، وبالنظر إلى تاريخ روسيا في يوغوسلافيا، العراق وسوريا، هل يمكن الوثوق بها في ما يتعلق بالسياسات الاستراتيجية؟
يجب أن توجَّه الثقة إلى إمكانيات الشعب الإيراني، وإلى مصادر القوة داخل البلاد، وقدرات المفاوضين، وحكمتهم ووعيهم، مع التحلي بالواقعية في مسار التفاوض.
ومن المهم التأكيد على أن لا يمكن الاعتماد على أي قوة خارجية لتحقيق مصالح الشعب الإيراني، لا شرقية ولا غربية…
كيف ترون مستقبل المفاوضات؟
رغم التقدم الحالي في المحادثات بين ممثلي البلدين، فإن الاستمرار في هذا المسار سيصبح أكثر تعقيدا عندما تبدأ مناقشة الموضوعات الدقيقة والمحددة.
والتهديد الرئيسي الذي يواجه استمرار هذا المسار هو دور وتأثير إسرائيل، في ظل التيارات المتطرفة المسيطرة فيها، التي تشعر بقلق شديد وغضب من احتمالية توصّل إيران والولايات المتحدة إلى اتفاق، ومن المرجّح أن تعمل هذه الأطراف على إحداث اضطراب جاد في هذا المسار المتقدّم.
في ظل غياب الترويكا الأوروبية، ما هو الموقف الذي ستتخذه في نهاية المطاف هذه الدول، وكذلك الاتحاد الأوروبي؟
رغم استياء أوروبا من إدارة ترامب في تعاملها مع القضايا الأمنية الأوروبية، وخاصة الحرب في أوكرانيا، ودور إيران في دعم روسيا بهذه الحرب، إلا أن أوروبا لا تمانع استخدام الأدوات السياسية لإدارة الأزمة الحالية، فالتصعيد الأمني وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط قد تكون لهما آثار مدمّرة على أوروبا، ورغم الأسباب المتعدّدة، فإن أهداف أوروبا في إيران تتضمّن قضايا أكثر تنوعا مما تسعى إليه الولايات المتحدة.
ما هو موقف السعودية من هذه المسألة؟
السعودية، كغيرها من دول الخليج، تعتبر أن تصعيد الاضطرابات وعدم الاستقرار في المنطقة يشكّل عائقا كبيرا أمام تنفيذ خططها الطموحة للتنمية وازدهار اقتصادها.
وبعد المجازر الإسرائيلية في غزة، أصبحت السعودية ترى أن تحسين العلاقات مع إسرائيل أمر في غاية الصعوبة، ولا ترغب في أن يؤدي فشل المسار الدبلوماسي إلى اتساع رقعة عدم الاستقرار في المنطقة.
لقد ساهمت الوساطة الصينية في تحسين العلاقات بين السعودية وإيران، ما خلق مناخا إيجابيا يفتح آفاقا واعدة لتحقيق أهداف السعودية في النمو السريع والتنمية، وهي تسعى بحماسة كبيرة لبلوغها.