- زاد إيران - المحرر
- 52 Views
كتب- محمد علي
قال الدكتور محمد مرندي، أستاذ الأدب الإنجليزي والاستشراق في جامعة طهران والمستشار السابق لفريق المفاوضات النووية الإيراني، خلال لقاء أجراه معه كاران ثاپار محاور موقع ذا واير The Wire يوم السبت 17 اغسطس/ آب 2024، حول الرد الإيراني على إسرائيل: “إيران سترد بالتأكيد، وتشعر بأنها ملزمة بالرد على هذا الاعتداء. يجب أن نتذكر أن النظام الإسرائيلي هو نظام مارق يحظى بدعم كامل من الغرب حتى عندما يرتكب إبادة جماعية في غزة. وبينما هو يقوم بذلك يتلقى تمويلًا وأسلحة وذخائر بشكل يومي، وهذا يُظهر أن الغرب سيدعم النظام بغض النظر عما يفعله”.
في مقابلة استمرت قرابة 40 دقيقة، تحدث السيد محمد مرندي بخصوص الهجوم الذي تنوي إيران شنه على إسرائيل ردًا على مقتل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السابق. فعند سؤاله عن نية إيران في شن هجوم على إسرائيل في الوقت الذي تسعى فيه دول كمصر وقطر والولايات المتحدة إلى تهدئة الأوضاع ونزع فتيل الأزمة عن طريق الدعوة لمفاوضات بين حماس والكيان المحتل، وأيضًا في ظل دعوة رئيس الوزراء البريطاني للرئيس الإيراني بضبط النفس، رد مرندي قائلًا: “بالطبع إيران سترد، يجب على إيران أن تحمي نفسها، وكذلك على دول المنطقة وشعوبها، لأن الغرب سيسمح للإسرائيليين بالقيام بما يريدون”.
أضاف: “إذا عدنا إلى أبريل، وتذكرنا بعد أن قصف النظام الإسرائيلي القنصلية الإيرانية في دمشق وقتل 12 شخصًا، قامت إيران بإحالة القضية إلى مجلس الأمن الدولي. ولكن ماذا حدث هناك؟ عارضت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا إدانة النظام الإسرائيلي. حينها شنت إيران هجومًا مباشرًا، كان أول هجوم مباشر من إيران، وكان ردًا على الهجوم على سيادة إيران. كانت الاستجابة الإيرانية دقيقة للغاية بحيث يرى المجتمع الدولي أن التركيز سيبقى على النظام الإسرائيلي بسبب ما يرتكبه، وأرادت إيران أيضًا أن تظهر لشركائها الدوليين، بما في ذلك الهند، أننا لا نسعى إلى حرب إقليمية قد تدمر الاقتصاد العالمي. أنفق النظام الإسرائيلي، بالطبع، مليارًا و400 مليون دولار لمحاولة إسقاط مجموعة من الطائرات المسيرة الرخيصة، وأنفقت أمريكا أكثر من ملياري دولار للقيام بنفس الشيء، بينما استخدمت إيران مجموعة من الأسلحة الأكثر تقدمًا التي اخترقت نظام الدفاع وضربت أهدافها”.
كذلك قال: “بعد ذلك، لم تشعر إيران أنها بحاجة إلى ضرب النظام الإسرائيلي مرة أخرى. لكن مؤخرًا، نفذ النظام اغتيالًا في طهران، حيث استهدف مبنىً ضيافة رسمي يقيم به القادة الأجانب، بما في ذلك القادة الهنود. في هذا المبنى، قتلوا مسؤولًا فلسطينيًا رفيع المستوى، كبير المفاوضين الفلسطينيين، وأهانوا شرف إيران وانتهكوا سيادتها. لذا، فإن الرد قادم بالتأكيد، ولكن إيران لديها العديد من الحسابات في استجابتها وتوقيت ردها”.
وردًا على سؤال المحاور الذي أشار إلى تصريح الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، بأن بلاده لا تريد توسيع رقعة الحرب، لكن في الوقت نفسه يجب الرد على وقاحة إسرائيل، وكيف لإيران أن تتأكد أن ردها لن يسفر عن رد إسرائيلي آخر مما سيجعل المنطقة تغرق في حرب إقليمية، قال: “يجب أن نضع في اعتبارنا أن الإيرانيين لم ينفذوا هذا الهجوم، كما أن الإيرانيين لم ينفذوا هجومًا في أبريل. في كلتا الحالتين، كان الهجوم من النظام الإسرائيلي. الرد الإيراني حتمي وضروري ببساطة لأننا نعلم أنه إذا لم ترد إيران، فإن النظام الإسرائيلي سيفعل ذلك مرة أخرى. إذا كنت تعتقد أن إيران، بعدم ردها، ستكون آمنة، فأنت مخطئ. دون شك، سيرى الإسرائيليون ذلك كعلامة على ضعف إيراني وسينفذون هجومًا آخر، ربما يكون أكثر دموية، خلال شهرين أو ثلاثة أو خمسة أشهر”.
وأتبع: “تذكر أن النظام الإسرائيلي يرتكب مجازر ضد النساء والأطفال ليلًا ونهارًا، ويغتصب الرجال في السجون دون أن يُعاقب أحد. لذا، ليس من الصعب الانتقال من الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين بدعم كامل من الغرب إلى قصف أو اغتيال قائد إيراني أو قتل مسؤول إيراني رفيع المستوى أو قصف منشأة إيرانية. إذا أرادت الولايات المتحدة منع توسيع الحرب، فيمكنهم فعل ذلك اليوم، لكنهم لم يظهروا حتى الآن الإرادة لذلك بسبب النفوذ الكبير لمجموعة الضغط الصهيونية في واشنطن، والتي تضم الصهاينة المسيحيين واليهود”.”
وأضاف على سؤال أن إيران تعيش معضلة بين الرد والمخاطرة وتوسيع رقعة الحرب، الأمر الذي ربما يريده نتانياهو، مما قد يدفع بواشنطن للتدخل لحماية حليفها، وبين عدم الرد والإضرار بالمصداقية الإيرانية مما سيؤثر أيضًا على الرئيس الإيراني في الداخل: “إدارة الرئيس بزشكيان لديها مسؤولية تجاه الشعب الإيراني. هذه ليست مسألة تفرق بين الإيرانيين العاديين، بل هي مسألة سيادة وأمن قومي، والشعب الإيراني يشعر بشكل كبير بضرورة حماية كرامته ومقامه. وقد رأينا ذلك عندما قُتل قاسم سليماني على يد النظام الإسرائيلي، حيث شارك ملايين الناس في جنازته، وكان يحظى باحترام كبير في البلاد”.”
مضيفًا: ” هذه هي المشكلة التي يتعين على الولايات المتحدة حلها، والكرة في ملعبهم الآن كما يقولون. إيران ليست مسؤولة عن هذا الوضع، وعليها أن تضمن أن إسرائيل لن تعيد ارتكاب مثل هذه الأفعال. في أبريل، قامت إيران بشن هجوم كإجراء رادع، لكن هذا الردع استمر لثلاثة أشهر فقط. إذا لم تقم إيران بعمل ردع قوي، فسيتكرر هذا الأمر، وقد تتسع الأزمة”.
وعند سؤاله عن مدى جدوى الرد الإيراني في حين أن الهجوم السابق لم يحقق أية خسائر بالنسبة لإسرائيل تقريبًا، ولم يؤدِّ لنتيجة بدليل القيام باغتيال هنية في قلب طهران، رد قائلاً ” أعتقد أن تقييمك لأبريل غير دقيق. النظام الإسرائيلي أنفق ما يقارب 1.4 مليار دولار لإسقاط تلك الطائرات المسيَّرة الرخيصة بالنسبة لإيران، والتي لم تكلف إيران شيئاً. وقد أنفقت أمريكا نحو 2.5 مليار دولار، مما يرفع الإجمالي إلى حوالي 4 مليارات دولار من قبل تحالف غربي واسع لإسقاط تلك الطائرات المسيَّرة والصواريخ القديمة. لكن، كما ذكرت سابقاً، الصواريخ الأكثر تطوراً قد عبرت الدفاعات الأمريكية، وضربت قاعدة جوية في الجنوب استخدمتها إسرائيل لضرب السفارة الإيرانية، وأيضاً قصف غزة، والصواريخ الأخرى أصابت القاعدة الموجودة في هضبة الجولان المحتلة، وكلاهما ضرب الهدف، كذلك كان لهذا الهجوم أهداف أخرى قد تحققت وهي جمع معلومات حول بعض الأنظمة العسكرية الأمريكية.”
وأكد أنه لن يضر الهجوم الإيراني بالسياسات الخارجية الإيرانية وعلى رأسها العقوبات التي تسعى الحكومة الحالية لرفعها في قوله ” إن السيد بزشكيان يضع نصب عين حكومته طمأنة الشركاء الدوليين، وكذلك مرشحًا لحقيبة الخارجية، فالسيد عراقجي صاحب خبرة طويلة في هذا المجال، وعلى عكس ما يأمله البعض، فالسيد عراقجي ليس مؤيداً للغرب، بل هو مفاوض جيد، وقد عبر عن آرائه بوضوح في البرلمان وفي مناسبات أخرى، وهناك تشكك عام في إيران تجاه الغرب لأن الغرب قد انتهك اتفاقياته مع إيران مراراً وتكرارًا، والاتفاق النووي هو مثال كبير على ذلك، لكنه ليس المثال الوحيد. عندما كانت الولايات المتحدة بحاجة إلى مساعدة من إيران لتحرير رهائنها في لبنان، كان ذلك قبل ظهور حزب الله، ساعد الإيرانيون الأمريكيين وساهموا في تحريرهم بتكلفة سياسية كبيرة، وأمريكا قدمت وعوداً لإيران وانتهكت كل واحدة منها، وتجاهلتها جميعاً. فلا مفر من حقيقة أن الولايات المتحدة خانت إيران في كل مرة، وبالتالي فإن مؤسساتنا السياسية بما في ذلك كبار المسؤولين في وزارة الخارجية لا يظنون أن الولايات المتحدة ستتصرف بشكل مختلف، وهم ليسوا تحت أي أوهام بأن أوروبا لن تنحرف عن الولايات المتحدة بغض النظر عما تفعله.
وفي ختام اللقاء وجه له المحاور ثلاثة أسئلة ، وهي هل تعتقد أن إيران سترد خلال هذا الأسبوع؟، وما هو رأي الحكومة الإيرانية في التعزيزات الحربية التي أرسلتها أمريكا إلى الشرق الأوسط من حاملة الطائرات والصواريخ وغيرها؟ وهل أحرج اغتيال إسماعيل هنية إيران، بمعنى اغتيال هنية في مبنى ضيافة في قلب طهران ووسط العديد من الشخصيات الهامة، ألم يحرج هذا إيران ويظهر فشلها في حماية ضيوفها؟ في حين رد موضحًا” أعتقد أن واحدًا من الأشياء الذكية التي قام بها الإيرانيون هو عدم الإفصاح عن موعد الرد على إسرائيل، فهذا يسبب حربًا نفسية ضارية على إسرائيل واقتصادها بأكمله، أما عن التجهيزات العسكرية فبالطبع تعلم إيران أن أمريكا سترسل مثل تلك التجهيزات، لأن أمريكا تدعم وبشكل كامل ما يحدث في غزة من قتل ومذابح، وعند وقوع الهجوم ستحاول أمريكا بكل الطرق حماية إسرائيل، وهذا ما تفعله أمريكا أيضًا في غزة، هي تحمي كيان الاحتلال وتحثه على مواصلة الحرب والمجزرة هناك. أما عن سؤالك الأخير فقبل عدة أسابيع تعرض المرشح الرئاسي دونالد ترامب إلى حادث إطلاق نار كاد أن يؤدي بحياته، هل نستطيع أن نعتبر ذلك فشلًا أمنيًا في دولة كأميركا؟ عندما تقوم إسرائيل بعمل مثل هذا داخل إيران، فإنها تكون مدعومة بشبكة مخابراتية قوية مكونة من أجهزة الولايات المتحدة وسفارات بعض الدول الغربية، وكذلك بعض الجيران، أعتقد أن المخزي حقًا أن تقوم إسرائيل باستهداف مكان يقيم فيه مسؤولون هنديون، ويقوم بارتكاب مثل تلك الجريمة فيه. إن إيران تحارب تحالفًا ضخمًا من الدول الغربية مع أمريكا وإسرائيل ولكن ستدور الدوائر على إسرائيل، والعالم الآن يعرف مدى الجرائم التي ترتكبها، والوحيد الذي يجب أن يخجل هو الإدارة الأمريكية التي تسبب مثل تلك الأحداث”.