أهمية دور إيران القيادي في مواجهة ظاهرة العواصف الترابية الإقليمية

نشر موقع عصر إيران المعتدل، الجمعة 23 مايو/أيار 2025، تقريرا أفاد فيه بأن العواصف الترابية أصبحت جزءا من الأخبار اليومية في إيران. وتنتشر بين الناس من حين إلى آخر، مقاطع فيديو قصيرة تُظهر سحابة سوداء أو برتقالية أو بنية تحوم فوق المدينة، ثم يُنسى الأمر مجددا إلى أن تأتي موجة جديدة من الغبار، ولم يعد هناك فرق إن كانت هذه العواصف من داخل إيران أو من خارجها.

وأضاف الموقع أنه “يجب أن ندرك أن الأوضاع ستزداد سوءا عاما بعد عام”، وقال أستاذ كلية الموارد الطبيعية في جامعة طهران حسين مرادي، إنه في ظل الظروف الحالية، لا يوجد أمل كبير في حل مشكلة العواصف الترابية في المستقبل.

وأفاد حسين مرادي، بخصوص ظاهرة العواصف الترابية في إيران، بأن “جزءا كبيرا من مصادر هذه العواصف هو الأراضي الرطبة التي جفّت داخل إيران. وقد أدت سوء إدارة الموارد المائية إلى جفاف هذه المناطق وتحولها إلى بؤر نشطة للغبار، إضافة إلى أن الأراضي الزراعية التي تُركت جافة تشكل العامل الثاني الأكثر تأثيرا في تشكل العواصف الترابية”.

وتحدث عن عدد مراكز مصادر الغبار في إيران، قائلا: “إن العواصف الترابية في إيران لها مصدران، داخلي وخارجي، ولدينا عدة مناطق كبيرة داخل البلاد تحتوي بدورها على مراكز أصغر لتشكل الغبار”.

وأضاف أن خلال الأيام القليلة الماضية، أصبحت مراكز العواصف الترابية على سطح الأرض نشطة بشكل جدي ضمن حزام محدد. والجدير بالذكر أن هذا الحزام يمتد فوق جنوب العراق، وسوريا، ومصر، وهناك احتمال أن يشمل إيران أيضا ويتسبب بتأثرها.

وأكد أن العواصف الترابية ظاهرة عالمية، لكن منطقة الشرق الأوسط تحتوي بشكل خاص على أكبر عدد من مراكز الغبار في العالم.

في أي المدن تكون العواصف الترابية أكثر انتشارا؟

ثم أشار مرادي إلى المدن التي تتعرض أكثر للعواصف الترابية وقال: “في شرق طهران وفي مناطق من السهل المركزي في إيران، وكذلك في جنوب العاصمة في حوض السلطان أو بحيرة ملح قم، نواجه مصادر العواصف الترابية. وفي غرب طهران، أي في كرج، توجد أيضا مستنقعات صالحية، وهذه المستنقعات في طريقها للجفاف ويمكن أن تخلق غبارا”.

وأضاف أن “في خوزستان لدينا واحدة من أهم مراكز العواصف الترابية، وهذه المراكز نشأت بسبب بناء السدود على نهر كارون وسدود أخرى، مما منع تدفق المياه إلى المستنقعات والأراضي الزراعية”.

وأوضح أن بحيرة هامون في سيستان وبلوشستان قد جفّت، كما تم بناء سدود على نهر سرباز مما منع دخول المياه إلى منطقة باهوكلات، وهذه العوامل خلقت مراكز للعواصف الترابية في تلك المنطقة. كما توجد مراكز غبار في جنوب شرق إيران في منطقتي جواطر وجازموريان.

وشدد على أنه في وسط إيران هناك مركز كبير وخطير جدا للعواصف الترابية يسمى مستنقع جاوخوني، وهو أكثر خطورة حتى من المركز الموجود في منطقة بلوشستان. إن مستنقع جاوخوني يمتد على مساحة واسعة، إضافة إلى أن مجرى نهر زاينده‌رود، يُعد مصدرا آخر لجزيئات الغبار.

وقال إن الأراضي الزراعية شرق أصفهان ومؤخرا الأراضي غرب المدينة أيضا أصبحت جافة وتحولت إلى مراكز للعواصف الترابية. والخطر هنا يكمن في أن مجرى النهر والمستنقعات كانت سابقا تنقل مياه الصرف الصحي، لذلك تحتوي على مركبات ملوثة مستمرة ومعادن ثقيلة.

وصرّح بأن بحيرة أرومية في شمال غربي إيران، التي تحتوي على أكثر من 100 سد في حوضها، قد جفت، وهذا يُعد من أخطر مراكز العواصف الترابية، والخطر يكمن في تأثيرها على عدد كبير من السكان. وأضاف أن هذا المركز أصبح نشطا إلى حد ما، وأن السبب الوحيد لمنع وقوع كارثة حتى الآن هو أن موسم الربيع جارٍ، ورواسب التراب لا تزال رطبة.

العواصف الترابية ليست أمرا يمكن التهاون فيه

أكد مرادي أن مراكز العواصف الترابية ليست أمورا يمكن الاستهانة بها، وقال: “للأسف، ولعدة أسباب، لا نأمل في تحسن الوضع في المستقبل. أولا، لا يوجد برنامج إداري للتحكم في وضع المياه وتحسينه”.

وتابع أنه “على الرغم من أنه يُقال على الورق إن هناك برامج، فإنه في الواقع لم يحدث بعد أي برنامج يمنحنا الأمل”.

وذكر أن “السبب الآخر هو عدم تفاؤلنا بتحسن معدلات الأمطار في المستقبل، لأن اتجاهات التغير المناخي تشير إلى تدهور حالة الهطول، وارتفاع درجات الحرارة في العالم بأسره. والعواصف الترابية تُعد من نتائج تغير المناخ، كما أن سوء إدارة الموارد المائية زاد من تفاقم هذه المشكلة بشكل كبير”.

تركيا هي سبب نشوء العواصف الترابية في غرب إيران

تحدث مرادي عن المصدر الخارجي للعواصف الترابية في إيران، وأورد أن هناك حاليا مركزا نشطا للعواصف الترابية في سوريا يغطي العراق بالكامل، وفي الواقع كانت إيران محظوظة؛ لأن اتجاه الرياح ليس نحو الشرق.

وبرهن على أن تأثير إيران من العواصف الترابية القادمة من دول أخرى يعتمد على قوة وشدة ذلك المركز الخارجي. وقبل عدة سنوات، وصلت العواصف الترابية القادمة من العراق إلى مشهد في إيران، مما يعني أن بعض هذه الجزيئات يمكنها أن تنتقل لمسافة تصل إلى ألفي كيلومتر. ويعتمد ذلك على شدة الرياح واتجاهها وقوة المركز.

وأوضح أن “مراكز العواصف الترابية في الدول الواقعة غرب إيران قوية جدا لدرجة أنها قد تؤثر على غرب إيران، ولا نرى مستقبلا جيدا في هذا الشأن، لأن تركيا بنت العديد من السدود على نهري دجلة والفرات، مما سيؤدي إلى جفاف جزء كبير من الأراضي الزراعية والمستنقعات في العراق”.

وشدد على أنه في ظل الوضع الحالي، على دول المنطقة أن تأخذ التغيرات المناخية على محمل الجد أكثر من أي وقت مضى، وأن تتباحث حول عواقب الوضع الراهن، لأن تصرفات دولة واحدة قد تؤثر على أجزاء أخرى من المنطقة. وركز على ضرورة البدء في الدبلوماسية البيئية بأسرع وقت ممكن، مشيرا إلى أننا متأخرون بالفعل عقودا في هذا المجال ولم نتحرك بعد.

وأوضح أن الدبلوماسية البيئية ليست مجرد مسؤولية منظمات البيئة أو وزارة الخارجية فقط، بل تتطلب تشكيل فريق مشترك من هاتين الجهتين لاتخاذ القرارات الرئيسية.

وبيَّن أن “إيران ودول المنطقة للأسف لم توقع على عدد من الاتفاقيات والمواثيق البيئية الدولية. على سبيل المثال، اتفاقية أور هاوس (OUR HOUSE) المتعلقة بتأثيرات المشاريع العابرة للحدود على البيئة، لم توقع عليها أي من دول المنطقة”.

وفي الختام أكَّد مرادي أن إيران يمكن أن تكون رائدة في هذا المجال، لأنها تمتلك القوة الجيوسياسية الأقوى في منطقة الشرق الأوسط، ويمكنها أن تستثمر هذه القوة في القطاع البيئي أيضا.