- يارا حلمي
- 26 Views
نشر موقع “فرارو” الإيراني الإصلاحي، السبت 3 مايو/أيار 2025، تقريرا تناول فيه تأثير المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة على سعر الدولار في السوق الإيرانية، مستعرضا ثلاثة سيناريوهات محتملة مرتبطة بتطورات سياسية وأمنية.
ذكر الموقع أن الدولار بدأ هذا العام بقفزة مبهجة، إذ دخل بسهولة في قناة المليون ريال أي ما يعادل 1.15 دولار، وسجّل يوم الثلاثاء 8 أبريل/نيسان أعلى مستوى له عند مليون و555 ريالا أي ما يعادل 1.21 دولار. وفي تلك الفترة، بدا أن سوق الصرف قد تخلّى عن كل معايير الحذر والانضباط.
وتابع أن ظهور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المفاجئ، وإعلانه خبر بدء المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة في سلطنة عُمان، صبّا دلوا من الماء البارد على أجواء التوتر في السوق، والوحش الذي كنا نظنه قد انفلت من عقاله، هدأ بشكل لافت خلال فترة قصيرة.
وأضاف أنه في اليوم التالي للجولة الأولى من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، تراجع سعر الدولار نحو 200 ألف ريال أي ما يعادل 23 سنتا أمريكيا، ثم سرعان ما انخفض إلى أدنى مستوى في قناة الـ800 ألف ريال، أي ما يعادل 92 سنتا أمريكيا.
وأوضح أن هذا الانخفاض السريع في سعر الدولار بدا حينها كأنه معجزة، إلا أن بعض الخبراء والناشطين في السوق حذّروا من احتمال انقلاب اتجاه الدولار في ظل هيمنة الأجواء العاطفية على السوق، مشيرين إلى أن لا الاتجاه الصعودي ولا الاتجاه النزولي كان له أساس اقتصادي، بل إن الأخبار السياسية أو المواجهات العسكرية ستبقى اللاعب الأهم.

وأشار إلى أنه حين وقع انفجار بندر عباس الأسبوع الماضي، وظهرت حوله شائعات متعددة، تحققت تلك التوقعات، ومع انتشار خبر تأجيل المفاوضات لاحقا، اغتنم سوق الصرف الفرصة مجددا، فتقدّم سعر الدولار يوم السبت 3 أيار/مايو إلى حدود 870 ألف ريال.
وبين أنه من المحتمل أن تعود إيران والولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات في نهاية هذا الأسبوع، وبالتأكيد فإن الدولار سيرسم مساره المقبل بناء على السيناريوهات المختلفة المحتملة.
السيناريوهات قصيرة المدى لتأثير المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة على سعر الدولار
ذكر الموقع أن سوق الصرف في الظروف الراهنة يخضع للأخبار السياسية لا للوقائع الاقتصادية، وبالتالي، يجب على المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين أن يكونوا مستعدين للرد السريع على أي تغيّر في اتجاه الأخبار السياسية، ذلك لأن السوق، في ظل غياب الأسس التحليلية الاقتصادية، يميل إلى تقلبات سريعة وعنيفة.
السيناريو الأول: انخفاض سعر الدولار مع إحراز تقدم في المفاوضات
وتابع أنه يمكن اعتبار استئناف المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة حتى نهاية هذا الأسبوع سيناريو متفائلا، وفي هذه الحالة، من المتوقع أن ينخفض سعر الدولار، وقد نشهد عودته إلى نطاق 800 ألف ريال أي ما يعادل 92 سنتا أمريكيا أو حتى أدنى من ذلك؛ في مشهد يشبه إلى حد كبير الهبوط الذي بلغ 200 ألف ريال أي ما يعادل 23 سنتا أمريكيا عقب الإعلان عن الجولة الأولى من المفاوضات.
وأضاف أن انطلاق الجولة الثانية رسميا في سلطنة عُمان، والتغطية الإعلامية الإيجابية، وتراجع التوترات، قد تسهم جميعها في خلق أجواء من التفاؤل، وفتح آفاق سياسية، وزيادة احتمالات الإفراج عن الأصول الإيرانية المجمدة، ما يؤدي إلى تراجع في الطلب المضاربي.
وأوضح أنه في هذا السيناريو، قد يؤدي الهبوط السريع والحماسي لسعر الدولار إلى عودته إلى نطاق يتراوح بين 800 و850 ألف ريال.
السيناريو الثاني: ارتفاع سعر الدولار في حال تأجيل المفاوضات أو غموضها
ذكر الموقع أنه إذا لم تُعقد المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة هذا الأسبوع، أو تأجّلت مجددا، أو بدأت لكن واجهت عقبات فنية أو سياسية أضعفت آفاقها الإيجابية، فسيتجه الدولار صعودا، باعتبار أن المعطيات لا تبعث على التفاؤل.
وتابع أنه في الأسبوع الماضي، أدّى خبر تأجيل المفاوضات إلى ارتفاع سعر الدولار حتى 870 ألف ريال، واستمرار هذا الوضع أو ظهور أخبار سلبية جديدة قد يعزز الاتجاه التصاعدي، وفي هذه الحالة، قد يواصل الدولار مساره الصاعد، وربما يعود إلى مستويات عليا مثل نطاق مليون ريال.
غياب الإعلان الرسمي عن استئناف المفاوضات أو إطالة أمدها: المؤشرات الأولى لهذا السيناريو
وأضاف أن عدم صدور إعلان رسمي بشأن العودة إلى طاولة المفاوضات، أو إطالة مسار المحادثات، يُعد أولى الإشارات الدالة على تحقق هذا السيناريو، وعلى الرغم من أنّ مثل هذه الأخبار تُذكي مشاعر الشك وانعدام الثقة في الأوساط الاقتصادية، فإن تأثيرها لا يبلغ حدّ إحداث قفزة حادة في الأسعار.
وأوضح أنه في حال تحقق هذا السيناريو، من المتوقع أن يشهد سعر الدولار تقلبا ضمن النطاق الحالي، أي بين 850 و900 ألف ريال، مع ميل طفيف نحو الارتفاع أو الانخفاض حسب المستجدات اللحظية، دون اتجاه حاسم أو سريع.
السيناريو الثالث: قفزة في سعر الدولار في حال تصاعد التوتر أو وقوع أحداث أمنية
ذكر الموقع أنه إذا تكررت حادثة مشابهة لانفجار بندر عباس، أو شهدت الساحة أحداثا أمنية أو عسكرية جديدة، وانتشرت شائعات مرتبطة بها، فإن المشهد سيتغيّر تماما، وفي مثل هذا الوضع، ينبغي الاستعداد لاحتمال تعثّر المفاوضات وتصاعد الخلافات، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في سعر الدولار.
وتابع أن الانفجار الذي وقع في بندر عباس، والشائعات التي أحاطت به، كانا عاملين أساسيين في صعود السعر، وإذا تكررت مثل هذه الحوادث، فقد نشهد قفزة جديدة في سعر الدولار واستمرارا في الاتجاه التصاعدي، وكذلك، في حال لم تُنشر خلال الأيام المقبلة أخبار حاسمة بخصوص المفاوضات أو الوضع الأمني، وبقي السوق في حالة ترقّب وغموض، فقد يستقر سعر الدولار في النطاق الحالي، أي قرابة 870 ألف ريال، مع تقلبات طفيفة فقط.
وأضاف أنه في هذه الحالة، يبقى الدولار مترقبا لورود خبر سياسي أو أمني جوهري يحدد اتجاهه المستقبلي، وصعود السعر إلى ما فوق 900 ألف ريال، واقترابه من مليون ريال، يظل احتمالا قائما.
تحليل العوامل الأساسية المؤثرة على سعر الدولار على المدى الطويل
وأوضح أن ارتفاع سعر الدولار وضعفه أمام الصدمات الإخبارية لا يمكن فصلهما عن جملة من العوامل البنيوية، أبرزها: معدل التضخم المرتفع والمستمر عند مستويات مزدوجة، والنمو المتزايد في الكتلة النقدية، والعجز في موازنة الدولة، وطريقة تمويل هذا العجز.
وأشار إلى أن هذه العوامل مجتمعة تجعل الدولار عرضة للارتفاع الحاد مع أي خبر سلبي، وتميل به إلى الهبوط المؤقت مع أي خبر إيجابي، والعودة إلى مستويات متدنية جدا، كأقل من 500 ألف ريال، تبدو أمرا غير مرجح دون إصلاحات اقتصادية هيكلية.
كما أكد أن وضع الصادرات غير النفطية، وسعر النفط عالميا، وحجم صادرات إيران النفطية رغم العقوبات، ومدى الوصول إلى العائدات بالعملة الأجنبية، من العوامل التي تحدد قدرة الجهات المنظمة للسوق على التحكم في مساره.
وتابع أنه بعدها فقط قد يكون للبنك المركزي فرصة للتأثير في سعر الصرف عبر أدوات مثل بيع العملة في السوق الرسمي أو منصة “نيما”، أو عبر السياسات النقدية الانكماشية أو التوسعية، أو عبر تحديد أسعار صرف رسمية.
وبيَّن أن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة قد تُحدث تغييرا مؤقتا في الأجواء، غير أن استمرار العقوبات البنيوية، واستمرار المخاطر السياسية والاقتصادية، سيُبقي الضغط قائما على الريال، وحتى الاتفاق المؤقت أو المحدود قد لا يكون كافيا لإزالة كل تبعات العقوبات.
وذكر الموقع في ختام التقرير، أن حجم السيولة الكبير داخل الاقتصاد الإيراني، والتي يسعى أصحابها في الغالب إلى أرباح قصيرة المدى، يجعل من أسواق مثل العملة والذهب شديدة الحساسية تجاه الأخبار، وهذه السيولة تتحرك بسرعة كبيرة بين الأسواق المختلفة، ويمكنها أن تخلق فقاعات سعرية مؤقتة.