“إنذار جاد” من إيران للأمم المتحدة بعد تهديد اسرائيل بضرب طهران 

ربيع السعدني 

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، أصدرت إيران تحذيرا شديد اللهجة للأمم المتحدة، مؤكدة استعدادها للرد بقوة على أي تهديد إسرائيلي بضرب منشآتها النووية، وتأتي هذه التطورات وسط جولة خامسة من محادثات نووية بين طهران وواشنطن تجري اليوم الجمعة 23 مايو/أيار 2025 في روما، حيث تتبنى إسرائيل موقفا متشددا وتلوح بخيار عسكري، بينما تؤكد إيران سيادتها وحقها في تخصيب اليورانيوم.

تواجه المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة تعقيدات جديدة، وقد اتخذ الرئيس الأمريكي نهجا أكثر حذرا، في حين تظل إسرائيل ملتزمة بسياستها الحازمة ضد إيران، واتخذ المبعوث الخاص لترامب، ستيف ويتكوف، مواقف متناقضة بشأن تخصيب اليورانيوم الإيراني.

إيران تحذّر إسرائيل 

ويعتقد الخبراء أن إدارة ترامب قد تكون مستعدة لقبول تخصيب محدود إذا حصلت على تنازلات غير مسبوقة من إيران، لكن طهران لا تزال تعارض تفكيك برنامجها النووي بالكامل. فيما هددت إيران، الخميس 22 مايو/أيار 2025، وفقا لـ”أكسيوس“، بنقل موادها النووية إلى مواقع غير معلنة لحمايتها من ضربة عسكرية إسرائيلية محتملة، وقال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن الولايات المتحدة ستتحمل المسؤولية القانونية في حالة شن إسرائيل هجوما على منشآت نووية إيرانية.

وذكر عراقجي في رسالة موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش:
“تحذّر إيران بشدة من أي مغامرة من جانب النظام الإسرائيلي، وسترد بقوة على أي تهديد أو عمل غير قانوني من هذا النظام.”

وأضاف أن إيران ستعتبر واشنطن “مشاركة” في أي هجوم من هذا القبيل، وسيتعين على طهران اتخاذ “تدابير خاصة” لحماية المواقع والمواد النووية لديها في حال استمرار التهديدات، وسيتم إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية لاحقا بتلك الخطوات.

وأوضح وزير الخارجية: “لقد قلنا بوضوح، إن أي هجوم على منشآتنا النووية سيقابل برد فعل فوري وحاسم، لكنني لا أعتقد أنهم سيفعلون شيئا مجنونا إلى هذا الحد. هذا الحدث سوف يحوّل المنطقة بأكملها إلى كارثة سيئة للغاية.”

ولم يحدد عراقجي أي تدابير، إلا أن مستشارا للمرشد الإيراني قال في أبريل/نيسان 2025، إن طهران قد تُعلّق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو تنقل المواد المخصبة إلى مواقع آمنة وغير معلنة.

وفي مقابلة حصرية سابقة لعراقجي مع شبكة ناطقة باللغة الإنجليزية، حول التهديدات ضد المنشآت النووية الإيرانية، أكد وزير الخارجية الإيراني:
“لقد أعلنا بوضوح أن أي هجوم على منشآتنا النووية سيقابل برد فعل فوري وحاسم، لكنني لا أعتقد أنهم سيفعلون شيئا مجنونا كهذا. وهذا من شأنه أن يحوّل المنطقة بأكملها إلى كارثة سيئة للغاية”.

إسرائيل تستعد لتوجيه ضربة عسكرية لإيران 

يأتي ذلك في الوقت الذي أفاد فيه تقرير لشبكة (سي.إن.إن) بأن إسرائيل ربما تستعد لشن ضربات على إيران.

وتُجري إسرائيل استعدادات لتوجيه ضربة سريعة لمنشآت إيران النووية إذا انهارت المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، وفقا لما أفاد به مصدران إسرائيليان مطّلعان لموقع “أكسيوس“. وقال المصدران إن الاستخبارات الإسرائيلية غيّرت اعتقادها بأن التوصل لاتفاق نووي بات وشيكا إلى الاعتقاد بأن المحادثات على وشك الانهيار. وأشار أحد المصدرين إلى أن الجيش الإسرائيلي يعتقد أن “نافذة الفرصة” لتنفيذ ضربة ناجحة قد تُغلق قريبا، لذا إذا فشلت المفاوضات، سيتعيّن على إسرائيل التحرك بسرعة، فيما رفض المصدر الإفصاح عن سبب اعتقاد الجيش بأن فعالية الضربة ستقل لاحقا.

تحذير المرشد للأمريكيين 

وبحسب موقع “همشهري أونلاين“قلا عن وكالة تسنيم للأنباء، فإنه بعد تصريحات المرشد وتأكيده على مواصلة التخصيب، اتخذت وسائل الإعلام الغربية إجراءات، وخلال الساعات القليلة الماضية كانت تحاول خلق تكتيك إعلامي لإعادة إرساء ما يسمى بثنائية “الحرب أو الاستسلام” مرة أخرى.

وقال خامنئي:
“أود أن أوجه تحذيرا للطرف الآخر، ينبغي على الجانب الأمريكي الذي يشارك في هذه المفاوضات غير المباشرة أن يتحدث ويتفاوض، ويحاول عدم التحدث هراء. إن القول بأننا لن نسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم هو خطأ كبير. لا أحد ينتظر الإذن لهذا أو ذاك، إيران لها سياسة ولها منهج، وهي تنتهج سياستها الخاصة”.

وكتبت “رويترز”، نقلا عن مصادر أوروبية، أن الدول الأوروبية ستفعل بالتأكيد آلية الزناد إذا فشلت المفاوضات. وقالت ويندي شيرمان، رئيسة فريق التفاوض الأمريكي في مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة، إنه إذا أصرت إيران على حقها في تخصيب اليورانيوم، فإن “الحرب محتملة”.

وقال المسؤولون الذين لم تُكشف هوياتهم لشبكة “سي إن إن” الإخبارية، بحسب وكالة فارس:

“حصلنا على معلومات تشير إلى أن إسرائيل تستعد لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية.”

يذكر التقرير المزعوم: “إذا هاجمت إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية، فسيكون ذلك بمثابة قطيعة تامة مع الرئيس ترامب. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان القادة الإسرائيليون قد اتخذوا قرارا نهائيا بشأن هذا الهجوم.”

وذكرت شبكة “سي إن إن”، نقلا عن هؤلاء المسؤولين الأمريكيين، أن “الهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية قد يؤدي إلى إشعال صراع إقليمي أوسع في الشرق الأوسط.” ويتابع التقرير:
“هناك خلاف عميق داخل الحكومة الأمريكية بشأن احتمال أن تقرر إسرائيل شن هجوم، ومن المرجّح أن يعتمد قرار إسرائيل بالهجوم على وجهة نظرها بشأن المفاوضات التي تجريها واشنطن مع طهران.”

جولة خامسة من المحادثات اليوم

وتعقد طهران وواشنطن جولة خامسة من المحادثات النووية، الجمعة 23 مايو/أيار 2025، في روما، وسط خلافات حادة بشأن تخصيب اليورانيوم في إيران، والذي تقول الولايات المتحدة إنه قد يفضي إلى تطوير قنابل نووية، فيما تنفي إيران أي نية لذلك.

ونقلت شبكة “سي.إن.إن”، الثلاثاء 20 مايو/أيار 2025، عن مسؤولي مخابرات القول إنه لم يتضح بعد ما إذا كانت إسرائيل اتخذت قرارا نهائيا بشأن اتخاذ إجراء عسكري، مشيرة إلى وجود خلاف في الآراء داخل الحكومة الأمريكية بشأن ما إذا كانت إسرائيل ستقرر في نهاية المطاف تنفيذ هجوم.

مخاوف أمريكية 

وأضاف مصدر إسرائيلي آخر:
“بنيامين نتنياهو ينتظر انهيار المحادثات النووية، ولحظة خيبة أمل ترامب من المفاوضات، حتى يكون منفتحا لإعطاء الضوء الأخضر.” وأفاد مسؤول أمريكي لـ “أكسيوس” بأن إدارة ترامب قلقة من احتمال أن يُقدِم نتنياهو على تنفيذ الضربة دون الحصول على موافقة مسبقة من الرئيس الأمريكي.

وقال إيلي جارانمايه، الخبير البارز في سياسة الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية:
“إن من مصلحة إسرائيل أن يصل الحوار بين الإيرانيين والولايات المتحدة إلى طريق مسدود.”

عقاب شديد ينتظر إسرائيل

وعلى الجانب الآخر حذر المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني العميد علي محمد نائيني، الخميس 22 مايو/أيار 2025، من رد مدمر على أي تصرف إسرائيلي “متهور”، وسط حديث عن توجيه ضربة لإيران. وأضاف:

“إذا أقدم النظام الإسرائيلي المتهور على فعل أحمق وهاجم، فسيقابل برد مدمر وحاسم داخل حدوده الجغرافية الضيقة.”

وأكد نائيني أن القوة العسكرية الإيرانية تطورت بشكل كبير ومذهل مقارنة بالماضي، مشيرا إلى أن استقرار المنطقة والعالم لن يتحقق إلا بإبادة إسرائيل.

وفي سياق متصل حذر العميد كيومرث حيدري، قائد القوات البرية للجيش الإيراني، قائلا:
“سنعاقب بقوة لا مثيل لها أيّ عدو، على أي مستوى وبأي حجم، تسوّل له نفسه تجاوز حدوده أو ارتكاب أي خطأ، أو حاول إيذاءنا بأي طريقة. وأي اعتداء على أراضي البلاد، بقوتنا التي لا مثيل لها.”ومن جانبه، قال رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية:
“سنرد على أي تهديد بشكل متناسب وعلى مستواه. قدرات الجيش تتضاعف شهرا بعد شهر. اليوم يتم إنتاج طائرات مسيّرة متنوعة داخل قواتنا المسلحة.”