- شروق حسن
- 63 Views
ترجمة: شروق حسن
نشرت صحيفة فرهيختكان الإيرانية تقريرا تحذيريا يرصد تبعات الارتفاع الحاد في استهلاك الكهرباء بنسبة 10% خلال ربيع 2025، مشيرة إلى أن البلاد دخلت مرحلة جديدة من الانقطاعات التي طالت هذه المرة القطاع السكني، في سابقة مقلقة لم يشهدها المواطنون منذ أعوام.
تبعات ارتفاع استهلاك الكهرباء
نشرت الصحيفة الإيرانية “فرهيختكان”، في تقرير لها يوم الجمعة 2 مايو/أيار 2025، أنه في 7 أبريل/نيسان 2025، انتشر خبر صادم في وسائل الإعلام يظهر جدول الانقطاعات المخططة للمناطق السكنية، ففي السنوات الماضية كان يُعلن عن جداول الانقطاع في فصل الصيف وللقطاعات الصناعية فقط، لكن ابتداء من هذا التاريخ شمل القطاعات السكنية أيضا.

تشير بيانات شركة إدارة كهرباء إيران إلى أن ذروة الاستهلاك بلغت في 26 أبريل/نيسان 2025، أكثر من 55 ألف ميغاواط، وبلغت ذروة قياسية فوق 57.3 ألف ميغاواط في بعض الأيام.
وفي أبريل/نيسان 2025 وحده وصل الاستهلاك إلى 48 ألف ميغاواط، ما أدى إلى انقطاع التيار عن المنازل، ورغم بُعد فصل الصيف لا يزال منحنى الاستهلاك في تصاعد مقلق.
وأضافت أن الإحصاءات تكشف كذلك، أن استهلاك الكهرباء في بداية عام 2025 ارتفع بنحو 40–50% مقارنة بالفترة نفسها في عامَي 2020 و2021، رغم أن جزءا من هذا الارتفاع يعود إلى تداعيات جائحة كورونا وتراجع نشاط بعض القطاعات آنذاك، فإن هذه الزيادة الحادة لا يمكن تجاهلها.
زيادة 10%
في دراسة لمركز أبحاث مجلس الشورى حول توازن الكهرباء عام 2023–2024، أوضح أن الطاقة الاسمية لمحطات التوليد زادت بنسبة 1.7%، في حين نمت ذروة الطلب في أثناء الفترات الحرجة بنسبة 5.8%، ما عمّق الفجوة بين العرض والطلب.
وإلى جانب ذلك، لم تتجاوز حصة صادرات الكهرباء 1% من الإنتاج الكلي رغم فوائدها الاقتصادية والاستراتيجية.
وتابعت أنه بحسب تقرير وزارة الطاقة، فقد بلغت القدرة المركبة الإجمالية لمحطات التوليد حتى نهاية مارس/آذار 2025 نحو 94,579 ميغاواط، بزيادة 2,292 ميغاواط (أي 2.4%).
وفي المقابل، أظهرت بيانات شركة إدارة شبكة الكهرباء أن الاستهلاك خلال الفترة من 14 إلى 29 أبريل/نيسان 2024 ارتفع بنحو 5,000 ميغاواط، أي ما يعادل 10% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
نتيجة لذلك، يزداد احتمال استمرار أو تصاعد انقطاعات الكهرباء في القطاع المنزلي خلال صيف 2024. بل إن بعض الجهات، بنظرة متشائمة، تتوقع انقطاعا يصل إلى أربع ساعات يوميا.
وتابعت الصحيفة أنه رغم هذه الأزمة، تحتل إيران مكانة متقدمة عالميا في إنتاج الكهرباء، فقد أنتجت 383 تيراواط ساعة في عام 2023، ما يجعلها في المرتبة الحادية عشرة بين أكبر منتجي الكهرباء على مستوى العالم بحصة تزيد على 1% من الإنتاج الإجمالي.
عجز الكهرباء
كشف مركز أبحاث مجلس الشورى أن عجز شبكة الكهرباء خلال عام 2024 بلغ نحو 15.4 ألف ميغاواط، مقارنة بأقل من 9.7 ألف ميغاواط في العام 2023، أي ارتفاع يقارب 60% في غضون عامين فقط، وحسب التقديرات، تسبّب هذا العجز في خسائر بنحو 3 مليارات دولار خلال العام الماضي، أي ما يعادل عائدات بيع النفط لشهر كامل.
وفي مشروع الحكومة الخاصّ بـ«إعادة توزيع حصة الطاقة» تحذّر الوثيقة أيضا من تفاقم استهلاك الكهرباء. فبينما تقدر القدرة القصوى للتوليد في ذروة الطلب بنحو 62 ألف ميغاواط، تطلّبت تلبية الاستهلاك المتزايد رفع هذه القدرة إلى 79 ألف ميغاواط، مما يعني أن عجز التوليد في صيف 2024 وصل إلى نحو 17 ألف ميغاواط.
ويشير التقرير إلى أنه في حال استمرار وتيرة الاستهلاك الحالية، سيصعد العجز إلى أكثر من 30 ألف ميغاواط خلال السنوات الخمس المقبلة، ويعيد أسباب المشكلة إلى الاستهلاك غير الأمثل، والأرقام العالمية تظهر أن مؤشر كثافة الطاقة في العالم انخفض بنسبة 37% خلال الأعوام الثلاثين الماضية، بينما ارتفع في إيران بنسبة 68% خلال الفترة نفسها!
تعرفة الكهرباء المحلية
وتابعت الصحيفة بالقول إنه من الطبيعي أن تكون الحوافز السعرية إحدى أهم أدوات «ضبط الاستهلاك»، لكن فجوة الأسعار حاليا شاسعة مقارنة بكلفة إنتاج كلّ كيلوواط·ساعة.
فبحسب البيانات المالية لشركة «توانير»، بلغ متوسط سعر بيع الكهرباء في السوق المحلية خلال العام مارس/آذار 2023 نحو 275 تومان لكل كيلوواط·ساعة. ومن حيث القطاعات، تسجّل التعرفة التجارية الأعلى عند 754 تومان، فيما تبلغ تعرفة القطاع الزراعي الأدنى عند 44 تومان.
وأضافت أن سعر تصدير كل كيلوواط·ساعة كهرباء إيرانية فيُحسب بنحو 3,228 تومان، أي أكثر من 11 ضعف متوسط السعر المحلي و20 ضعف تعرفة المنازل.
وفي المقابل، تقدر تكلفة إنتاج كل كيلوواط·ساعة للمستهلكين بـ1,092.5 تومان، بينما لا يحصل المشترك السكني إلا على 161.9 تومان. والفارق الكبير بين السعر المحلي والتكلفة الحقيقية يؤكد تراجع السعر النسبي للطاقة ويقضي عمليا على الحوافز الرادعة للإسراف في الاستهلاك.
محطات التوليد الحراري
وتابع الصحيفة بالقول إن هيمنة الغاز الطبيعي على مزيج إنتاج الكهرباء في إيران تُعدّ أحد أسباب العجز المتواصل بين العرض والطلب. يوضّح الشكل (2) تطور هذا المزيج في إيران والعالم خلال الفترة من 1364 إلى 1401 هـ.ش. (1985–2022م).
ففي حين ارتفعت حصة الغاز في إنتاج الكهرباء العالمي من 14% إلى 23%، قفزت حصته في إيران من 35% إلى 86%.
اضافت الصحيفة أنه لا مكان في خريطة التوليد الإيرانية الحالية للطاقة الشمسية أو الريحية أو النووية أو الفحمية. ويعزو الخبراء السبب الرئيسي وراء هذا الاعتماد شبه الحصري على الغاز إلى سعره المدعوم عبر صيغ المقايضة مع الدولة، ما يجعله شبه مجانيٍّ من وجهة نظر المستثمر.
وأردفت بالقول إنه حين يصبح سعر الغاز صفرا تقريبا، يفضّل مطورو المشاريع إقامة محطات غازية رخيصة التكاليف وميسورة الوقود على غيرها كالطاقة الشمسية أو الرياح.
هدر وقود بقيمة 10 مليارات دولار
وتابعت الصحيفة أن عاملا آخر للعجز هو انخفاض كفاءة المحطات الإيرانية، فبحسب بيانات شركة «بي بي»، لا تتجاوز كفاءة المحطات في إيران 39.1%، فيما يبلغ المتوسط العالمي 48.2%، أي أعلى بنحو 9 نقاط مئوية.
وأضافت: “وحسب الحسابات، لو وصلت كفاءتها إلى المتوسط العالمي لَما استُهلك سنويا إلا نحو 18 مليار لتر من الوقود السائل، بقيمة تقارب 10 مليارات دولار. ومبلغ مماثل يكفي لتمويل بناء 10 آلاف ميغاواط من القدرة التوليدية خلال عامين، ما كان سيقضي عمليا على العجز”.
ويرجع خبراء، انخفاض الكفاءة إلى نظام المقايضة المالية مع الدولة الذي يقضي على العوائد الاستثمارية لمحطات التوليد، فتُجبر بعضها على تغطية مصروفاتها الجارية جزئيا من خلال تهريب جزء من الوقود المخصص لها.
وأضافت الصحيفة أن الهدر ليس مقصورا على المحطات فقط، بل يمتد إلى شبكات النقل والتوزيع.
يقول داود منظور، رئيس منظمة التخطيط والميزانية الإيراني الأسبق: «هناك نحو 10 آلاف ميغاواط قدرة توليدية قائمة منذ أكثر من 50 عاما، بكفاءة لا تتجاوز 20–25%”.
بينما يمكن لتوربينات الفئة F الجديدة- التي تبنيها شركة مپنا- رفع الكفاءة إلى 58%. وفي شبكات النقل والتوزيع وحدها يهدر 14% من الكهرباء المنتجة، بسبب قدم الشبكات وعدم تجديدها.
واختتمت الصحيفة بالقول إن العجز الكهربائي في إيران يُعزى إلى أربعة عوامل رئيسية: الزيادة المفرطة في الاستهلاك، وافتقار مزيج التوليد إلى التنوع، وانخفاض كفاءة المحطات، وهدر الطاقة في نقل وتوزيع الكهرباء. وإذا لم تُدخَل حلول مركبة- سعرية وتنظيمية- لعلاج كل هذه الثغرات، فستستمر الخسائر في التفاقم.