إيران بين هشاشة الفائض التجاري وتقلبات صادرات الزعفران.. قيود مؤسسية تُعيق الحرية الاقتصادية والتنمية

نشرت صحيفة “آرمان امروز” الإيرانية الإصلاحية، الجمعة 23 مايو/أيار 2025 تقريرا استعرضت فيه الوضع الاقتصادي لإيران في بداية عام 2025، حيث يظهر فائضا تجاريا هشا يعتمد على تصدير المواد الخام، مع تراجع وزن صادرات الزعفران وتقلبات في الأسواق المستهدفة. كما سلطت الضوء على تصنيف إيران المتدني في مؤشر الحرية الاقتصادية نتيجة المعوقات المؤسسية والهيكلية التي تحد من التنمية الاقتصادية.

ذكرت الصحيفة في تقريرها الاقتصادي الأخير، أن الاقتصاد الإيراني حقق فائضا تجاريا خلال شهر أبريل/نيسان  2025، إلا أن مجلة “اقتصاد سنج” الصادرة عن غرفة تجارة طهران أشارت في أحدث تقاريرها، إلى أن هيكل الصادرات الإيرانية لا يزال يرتكز بشكل رئيسي على تصدير المواد الخام. وأضافت المجلة أن السوق التقليدية للزعفران تشهد انخفاضا ملحوظا في حجم الصادرات، إلى جانب تغير مفاجئ في الوجهات التصديرية، مما يعكس تحديات جديدة تواجه القطاع التصديري في إيران.

وأضافت أن إيران لا تزال تحتل موقعا متأخرا في التصنيفات العالمية لمؤشر الحرية الاقتصادية، ما يُعد مؤشرا على وجود معوقات هيكلية ومؤسسية تُقيّد فرص التنمية الاقتصادية.

وتابعت أن هذا التقرير يعرض صورة متعددة الأبعاد لكنها مقلقة عن الوضع الاقتصادي للبلاد. فبالرغم من أن الميزان التجاري خلال هذا الشهر كان إيجابيا، متجاوزا قيمة الواردات، إلا أن هذا التقدم يُعزى في الغالب إلى النمط الموسمي للتجارة والانخفاض التقليدي في حجم الواردات بشهر أبريل/نيسان 2025، وليس إلى تحولات بنيوية أو نجاحات في السياسات التصديرية.

فائض تجاري هش وسط اعتماد على المواد الخام

أوضحت الصحيفة أن إجمالي التجارة السلعية غير النفطية لإيران بلغ في أبريل/نيسان 2025 نحو 8.5 مليارات دولار، بانخفاضٍ قدره نحو 3 بالمئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي التي سجلت 8.7 مليارات دولار. في الوقت نفسه، بلغت قيمة الصادرات 4.3 مليارات دولار والواردات 4.2 مليارات، ما أسفر عن فائض تجاري قدره 170 مليون دولار.

وأضافت أن هذا الفائض قد يبدو إيجابيا في النظرة الأولى، إلا أن التحليلات الموسمية تشير إلى أن شهر فروردين غالبا ما يشهد انخفاضا في الواردات، مما يعني أن هذا الفائض لا يعكس بالضرورة اتجاها دائما. 

وتابعت أن الصادرات الإيرانية لا تزال تتركز في المواد الخام ونصف المصنعة مثل البروبان، القير النفطي، والميثانول، ما يوضح أن ارتفاع قيمة الصادرات يعود لتقلبات الأسعار العالمية وليس لجهود إنتاجية أو سياسية ممنهجة.

الزعفران.. انخفاض في الوزن وارتفاع غير مستقر في الأسعار

ذكرت الصحيفة أن صادرات الزعفران الإيراني، التي لطالما عُدت إحدى أبرز مزايا البلاد النسبية، شهدت خلال السنوات الأخيرة تقلبات حادة، حيث انخفض وزن صادرات الزعفران في عام 2024 إلى نحو 228 طنا، وهو تراجع ملحوظ مقارنة بالسنوات السابقة، رغم بقاء قيمة الصادرات مرتفعة والتي قدرت بـ203 ملايين دولار.

وأوضحت أن ذروة هذه القيمة كانت في عام 2022 عندما بلغت صادرات الزعفران 224 مليون دولار، وذلك بالتزامن مع قفزة كبيرة في السعر الدولاري للكيلوغرام الواحد من الزعفران، إذ ارتفع من 974 دولاراً في 2020 إلى 1621 دولاراً في 2021 ثم واصل ارتفاعه ليبلغ 1974 دولاراً في 2022 قبل أن يتراجع نسبياً إلى 1792 دولاراً في 2024.

وأشارت إلى أن هذا التراجع قد يكون مؤشرا على بداية دورة جديدة من التقلبات السعرية، التي قد تؤثر سلبا على مستقبل صادرات الزعفران الإيراني.

أضافت الصحيفة أن التغيرات الجغرافية في وجهات تصدير الزعفران الإيراني تسجل مؤشرات مقلقة. إذ خرجت هونغ كونغ، التي كانت عام 2020 أكبر مستورد للزعفران الإيراني بقيمة 48.6 مليون دولار، من قائمة الوجهات الخمس الأولى عام 2024.

وتابعت أن الإمارات تصدرت القائمة بـ50.3 مليون دولار، تلتها إسبانيا بـ40.2 مليون دولار، ثم الصين بـ30 مليون دولار، وأفغانستان وتايوان بـ13.1 و11.1 مليون دولار على التوالي.

وأوضحت أن هذه التغيرات السريعة، خاصةً خروج هونغ كونغ من السوق، تعكس هشاشة موقع إيران في السوق العالمية للزعفران، ما يعزز المخاوف من غياب استراتيجية واضحة للتسويق والتعبئة وتطوير العلامة التجارية الوطنية، ويهدد التنافسية الإيرانية في هذا المجال الحيوي.

موقع متدنٍ في مؤشر الحرية الاقتصادية

أفادت الصحيفة بأن غرفة تجارة طهران استندت إلى بيانات “مؤسسة هيريتيج” لعام 2025 لتقييم موقع إيران في مؤشر الحرية الاقتصادية، حيث حصلت البلاد على درجة متدنية بلغت 42.5 من أصل 100، وجاءت في المرتبة 169 عالميا من بين 184 دولة، مصنفة ضمن الدول “المكبوتة اقتصاديا”.

وأضافت أن هذه المرتبة تُعد متأخرة حتى بالمقارنة مع دول الجوار، حيث جاءت الإمارات في المرتبة 23، قطر 27، سلطنة عمان 58، السعودية 62، وتركيا حوالي 111. كما تفوقت الصين وروسيا على إيران بترتيب 151 و135 على التوالي.

وتابعت أن أضعف الجوانب لدى إيران في هذا المؤشر يتعلق بحرية الاستثمار، والحرية المالية، ونزاهة الحكومة، وهي مؤشرات تعكس غياب الشفافية، والضبابية المؤسسية، وهيمنة البنى غير التنافسية على الاقتصاد الإيراني.