ارتفاع أسعار منتجات الألبان في إيران يشكل أزمة اقتصادية

كتبت / يسرا شمندي

تواجه إيران أزمة متزايدة في أسعار الحليب ومشتقات الألبان، حيث أكد علي إحسان ظفري، رئيس مجلس إدارة اتحاد منتجات الألبان أن الحكومة لم تتخذ قراراً رسمياً بعد بشأن هذه المسألة، وأوضح ظفري أن ارتفاع الأسعار لا يجلب أي فائدة بل يؤدي إلى تراجع الاستهلاك والإنتاج، مما يضع الأسر تحت ضغط تراجع القوة الشرائية. في ظل هذه الظروف، يدعو الخبراء إلى ضرورة تدخل القطاع الخاص لضمان توفير منتجات الألبان الصحية بأسعار مناسبة.

وفقاً لتقرير كتبه موقع أرمان امروز بتاريخ 18 سبتمبر/أيلول 2024 قال إحسان ظفري: “إن الزيادة في سعر الحليب لا تجلب لنا أي فائدة، وتقلل من الاستهلاك وبالتالي تقلل من الإنتاج والأرباح”. وأضاف إحسان ظفري: “لم تعلن الحكومة رسمياً بعد قراراً بشأن هذه المسألة”، كما أكَّد على زيادة أسعار منتجات الألبان، قائلاً: “مع زيادة سعر الحليب الخام، ستواجه منتجات الألبان أيضاً زيادة في السعر. فإذا ارتفع سعر الحليب الخام بنسبة 20 في المائة، فستشهد مشتقات الألبان زيادة بنسبة 25 في المائة، ومن بينها الجبن كما ذكر: أنَّ أقل سعر بين هذه المنتجات هو الحليب نفسه”.

وفي إشارة إلى تأثير الزيادة في الأسعار على استهلاك الناس، تابع ظفري قائلاً: “إذا استمر هذا الاتجاه المتزايد، فسوف نشهد انخفاضاً إضافياً في استهلاك الألبان”، وأقرَّ: “إن السبيل لمنع انخفاض استهلاك الناس هو تخصيص الدعم لهذه المنتجات”، كما صرّح: “الزيادة في الأسعار ليست في مصلحتنا على الإطلاق، حيث تقل كمية الاستهلاك والإنتاج وتتكبد شركات الإنتاج خسائر فادحة”، وأخبر: “أعتقد أن الحكومة يجب أن تفكر أولاً في وقف الزيادة في أسعار الألبان وليس لديها خيار سوى تخصيص الدعم لمنتجيها”.

التخفيض التدريجي لمنتجات الألبان 

وبصدد ذلك يتم نشر هذه الإحصاءات في وضع كان فيه نصيب الفرد من استهلاك منتجات الألبان في عام 2010 أعلى من 180 كيلوغرامًا. كما أعلن ظفري عن انخفاض استهلاك الألبان في البلاد قائلاً: “وطبقاً لأحدث الإحصاءات، بلغ نصيب الفرد من استهلاك منتجات الألبان من 55 إلى 60 كيلوغراماً بسبب انخفاض القوة الشرائية للأسر”.

            والجدير بالذكر أنه يمكن اعتبار الانخفاض في إحصاءات استهلاك الألبان في البلاد بمثابة الإحصاءات المتناقصة الثانية فيما يتعلق بالعناصر المهمة جداً من حيث القيمة الغذائية. ففي السابق، تم النظر في انخفاض استهلاك الفرد من اللحوم في البلاد، وقال الرئيس التنفيذي لاتحاد الثروة الحيوانية أفشين صدر دادراس: “وبموجب إحصائيات 10 أشهر من العام الماضي، بلغ استهلاك الفرد من اللحوم الحمراء 7.1 كيلوغرام، وهو انخفاض مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2022”. وفي نفس الوقت الذي ترتفع فيه أسعار سلع مثل اللحوم ومنتجات الألبان، فإن القوة الشرائية تتناقص أيضاً يوماً بعد يوم. يقول ممثل القوى العاملة وعضو المجلس الأعلى للعمل، علي رضا ميرغفاري، في هذا الشأن: “انخفض استهلاك اللحوم الحمراء والبيضاء وأصبح الناس يشترون سلعاً أخرى للتعويض عن البروتين”. ولكن انخفاض كمية الاستهلاك في المجتمع، لا يعني أن هذه السلعة ضارة بالجسم أو أن الشخص لديه القدرة على الشراء ولكنه لم يشتريها، إنما حدث ذلك نتيجةً لانخفاض قوته الشرائية بناءً على أجره الذي يتقاضاه من عمله، لذا تم استبعاد المنتج من ميزانية الأسرة.

عواقب إزالة منتجات الألبان من سلة الغذاء

        والمسألة المهمة هنا هي أنه يمكن أن يساعد الاستهلاك اليومي للحليب ومشتقات الألبان ووضع هذه المنتجات الصالحة للأكل في سلة الغذاء في الحفاظ على الصحة البدنية والعقلية للناس في المجتمع. ويمكن أن يحدث العكس أيضاً. بمعنى آخر، إذا تم التخلص من استهلاك الحليب ومنتجات الألبان من طاولات الناس، في المستقبل غير البعيد، سنرى أشخاصاً يعانون من ضعف جسدي وعقلي.

وفي ضوء ذلك        تُظهر نتائج الدراسات الطبية أن استهلاك منتجات الألبان عالية الدسم مثل الجبن واللبن والحليب كامل الدسم يساعد على منع النوبات القلبية والسكتات الدماغية وأمراض القلب والأوعية الدموية الأخرى. ومن المؤكد أن تكاليف علاج الأمراض أعلى بكثير وأثقل من الاستثمار في التغذية الصحية في المجتمع. وبشأن هذا الأمر، ينصح خبراء التغذية بضرورة استهلاك الحليب وبالطبع منتجات الألبان الأخرى يومياً، وعلى رأسها الحليب المبستر الذي يحمي الجسم من الجراثيم. مع ذلك، في حقيقة الأمر، لا يمكننا شرب كوب من الحليب يومياً، لأنه سيتعين علينا التخلي عن نفقات المعيشة اليومية الأخرى، وهو أمر غير ممكن.

واستناداً لرأي الخبراء، فعندما تكون ظروف التضخم في الاقتصاد في الشكل الحالي وتضع الكثير من الضغط على خط العرض، سنرى في الواقع استمرار التضخم. الركود التضخمي هو أسوأ وضع يحدث في الاقتصاد الكلي. في هذه الحالة، تكون الأسرة تحت ضغط التضخم، ومن ناحية أخرى، يكون المنتج تحت ضغط تكاليف الإنتاج. كما أن التغير في السوق ومشاكل نقص القوة الشرائية لدى الناس تزعج المنتج أيضاً. يمكن أن يؤدي تقليل هوامش المبيعات إلى خسائر شركات الإنتاج وحتى الإغلاق. لهذا السبب نرى آثار التضخم ليس فقط على جانب الطلب، ولكن أيضاً على جانب العرض”.

إجراءات الحكومة ومسؤولية القطاع الخاص في توفير السلع الأساسية

            وبمقتضى تقرير نشره موقع اقتصاد 24 بتاريخ 1 يونيو/حزيران 2024، قال المتحدث باسم جمعية صناعات منتجات الألبان الإيرانية بني طبا “إن الحكومة اتخذت سلسلة من الإجراءات لحل المشكلة، لكنها لم تحقق النتائج المرجوة، ومن بين هذه الإجراءات، يمكننا أن نذكر إزالة العملة المفضلة البالغة 4200 ريال إيراني أي ما يعادل 0.10 دولار أمريكي في عام 2022، التي بالرغم من إيقافها، إلا أنها لا تزال موجودة”. وبخصوص ما يتعلق بدور ومسؤولية القطاع الخاص في زيادة نصيب الفرد من استهلاك منتجات الألبان صرَّح طبا قائلاً: “إن مسؤولية القطاع الخاص هي توفير السلع الأساسية للبلاد، لأنه يجب أن يحصل الناس على منتجات ألبان صحية ومعتمدة بأسعار وخصائص مختلفة في كل مكان في البلاد. حاليا، من الممكن الوصول إلى منتجات الألبان المبسترة الصحية في جميع أنحاء البلاد.

        وفي سياق الأمور المتعلقة بواجبات نظام صنع السياسات في البلاد، أوضح: “يجب أن يتخذ نظام صنع السياسات خطوات لحماية القوة الشرائية للمستهلكين ووعي المستهلك. في هذه الحالات، سيكون القطاع الخاص أيضاً إلى جانب نظام صنع السياسات”.

استراتيجيات لزيادة استهلاك الفرد من منتجات الألبان

            والجدير بالملاحظة أن بني طبا قدم اقتراحاً لزيادة استهلاك الفرد حيث قال: “يجب القضاء على العملة التفضيلية، وتعزيز القدرة التنافسية للسلسلة الصناعية لحل المشاكل”. وأكد على أهمية توفير المدخلات بسعر العملة الحرة، حيث يتحتم على نشطاء الصناعة مثل مربي الماشية وأصحاب المصانع استيراد الموارد بعملة حرة وبيعها لمزارع الماشية والمصانع. كما يتعيَّن تخصيص الموارد المحررة من العملة التفضيلية للفئات الأقل دخلاً في المجتمع. ونصح بضرورة إصلاح السياسات الداعمة مثل الحليب المدرسي، ومشاريع بطاقات الدعم العيني. ومن اللازم أن تكون هناك منافسة في سلسلة الصناعة بأكملها، وليس فقط في الإنتاج. ولابد أن يشمل المنتج سعر الإنتاج، وأن تحدد المتاجر سعر المستهلك.