- دنيا ياسر
- 55 Views
ترجمة: دنيا ياسر نور الدين
أجرت صحيفة “هم ميهن” الإيرانية الإصلاحية، الجمعة 23 مايو/أيار 2025، حوارا مع صادق زيبا كلام، الأكاديمي والناشط السياسي، حول أسباب فشل تنفيذ سند “الرؤية 2025” في إيران. تناول الحوار العلاقة بين غياب الإصلاح السياسي واستمرار هيمنة الاقتصاد الحكومي وتعثّر التنمية في البلاد.
أشار زيباكلام إلى ضرورة التنمية السياسية التي تُعد شرطا أساسيا للتنمية الاقتصادية وتطبيق وثيقة الرؤية المستقبلية في البلاد، معتبرا أن هذه التنمية بلغت ذروتها فقط خلال فترة حكومة الإصلاحات، ثم تراجعت لاحقا، ومن ثم لا ينبغي توقّع تنمية اقتصادية أو تنفيذ سليم لتلك الوثيقة.

وفي ما يلي نص الحوار:
تم إصدار وثيقة الرؤية 2025 خلال رئاسة السيد خاتمي، ما رأيكم في إعداد مثل هذه الوثيقة في تلك الفترة؟
الوثيقة التي كلف إعدادها مليارات الريالات ، لم يكن لحكومة خاتمي دور فيها أساسا، بل كانت تُعد وتُنفّذ خارج نطاق حكومته والسلطة التنفيذية، وكان مجلس تشخيص مصلحة النظام، بقيادة اللواء محسن رضائي، وقسمه الاقتصادي، هو المسؤول عنها.
أم خاتمي وفريقه الحكومي فلم يكن لهم دور يُذكر في إعدادها. ومن ناحية أخرى، كانت تلك الوثيقة مجرد مجموعة من الآمال والطموحات غير الواضحة من حيث آلية التحقيق.
كيف ترون تأثير قرارات الحكومات اللاحقة على عدم تحقيق أهداف الوثيقة؟
خاتمي لم يعارض تنفيذ الوثيقة أبدا ولم يتخذ أي موقف ضدها، لكن أحمدينزاد، الذي أصبح رئيسا عام 2005 وكانت سلطته ونفوذه أكبر بكثير من خاتمي، لم يُبدِ أي استعداد للتعاون بشأن تنفيذ الوثيقة، وبسبب نفوذه الكبير لم يكن أحد يستطيع مساءلته عن هذا الموقف.
وعندما وُجهت إليه انتقادات غير مباشرة، قال عبارته الشهيرة:البلاد لا تملك البنية التحتية اللازمة لتحقيق أهداف وطموحات وثيقة الرؤية.
كان أحمدينزاد مدركا لعدم وجود البنية التحتية الكافية، لكن كل هؤلاء المتخصصين والأكاديميين الذين أعدّوا الوثيقة لم يدركوا هذا الأمر. أما في عهد السيد روحاني، فلم تُبدَ معارضة أيضا، لكنه، كخاتمي، لم يتدخل. أما في عهد أحمدينزاد، فقد رفض حتى مناقشة الوثيقة، بسبب خلافاته السياسية مع محسن رضائي وسائر المعنيين بها.
إلى أي مدى أثرت الأحداث التي وقعت بعد حكومة خاتمي في عدم تنفيذ الوثيقة؟
أول وأهم وأخطر مشكلة في هذه الوثيقة هي الأهداف والطموحات المحددة فيها، والتي تقوم على أساس أن التقدم الاقتصادي يجب أن يكون حكوميا. في عهد خاتمي، دعيت إلى ندوة حول الوثيقة، وقلت عبارة مفادها: لا يمكن لأي خطة أو برنامج اقتصادي أن ينجح في الجمهورية الإسلامية ما دام الاقتصاد فيها اقتصادا حكوميا فاسدا وغير فعّال. حتى أفضل البرامج تُجهَض ما لم يتم تحرير الاقتصاد من قبضة الدولة.
فشل وثيقة الرؤية بعد عشرين عاما وعدم تحقق أي تقدم اقتصادي أمر طبيعي ما دام الاقتصاد حكوميا. للأسف، زاد الطابع الحكومي للاقتصاد في هذه السنوات، وهذا عائق رئيسي يحول دون نجاح أي وثيقة تنمية في إيران. ومن وجهة نظري، كانت الرؤية العشرينية حلما منذ البداية.
خاتمي أشار مؤخرا في ندوة مع المعلمين بمناسبة أسبوع المعلم إلى وثيقة الرؤية، قائلا إن إيران لم تعد القوة الأولى في المنطقة بل تراجعت حتى من حيث القوة. ما هو أثر رئاسته التي دامت ثماني سنوات في تحقيق الوثيقة؟
ما دام الاقتصاد الإيراني حكوميا فلا يمكن توقع المعجزات أو التقدم. هناك نقطة أخرى أثيرت في زمن خاتمي، وهي ما إذا كان يجب البدء بالتنمية السياسية أولا ثم الاقتصادية، أو العكس. أنا أرى أن كل الدول التي خرجت من دائرة الدول النامية خلال العقود الأربعة الماضية وتحولت إلى اقتصادات ناجحة مثل ماليزيا وتركيا وتشيلي والأرجنتين تمتعت بحد أدنى من التنمية السياسية. فلا يمكن تحقيق تنمية اقتصادية من دون تقدم سياسي. وإن قال البعض انظر إلى الصين، فأقول إن قصة الصين لم تنته بعد.
أشرتم إلى التنمية السياسية. فترة الذروة في هذا المجال بعد الثورة كانت في عهد خاتمي…
بالضبط. أعتقد أن كل سنوات ما بعد الثورة الـ46 من جهة، والثماني سنوات من رئاسة خاتمي من جهة أخرى. يكفي إلقاء نظرة على الجامعات في تلك الفترة لترى كم كان النشاط الطلابي نشطا، أو النظر إلى الصحافة، حيث ولأول مرة بعد الثورة الإسلامية ظهرت جيل من الصحف غير الحكومية، وساد جو سياسي منفتح، ولم تعد الصحف محصورة في كيهان والجمهورية الإسلامية، بل ظهرت الصحف الإصلاحية وتوسعت.
كذلك الانتخابات؛ أجريت في تلك الفترة أكثر الانتخابات حرية بعد الثورة، باستثناء واحدة أو اثنتين في بدايات الثورة. كما انخفض عدد السجناء السياسيين والقضايا السياسية، وتوفرت أجواء دفعت حتى بعض الإيرانيين الذين هاجروا لأسباب سياسية واجتماعية للتفكير الجدي في العودة إلى البلاد.
صحيح أن المعارضين اليوم يصفون الإصلاحيين بـ«الإصلاحيين الحكوميين»، لكن الواقع أن واحدة من أكثر فترات ما بعد الثورة فخرا كانت تلك السنوات الثماني من حكم خاتمي.
لو استمرت التنمية السياسية التي شهدناها في عهد خاتمي بعد حكومته، هل كنا سنشهد تحقيقا لجزء كبير من الوثيقة؟
لو استمر المسار الذي بدأ في عهد خاتمي، لاضطرت السلطة عاجلا أو آجلا إلى حسم مسألة الاقتصاد وإنقاذ البلاد من قبضة الاقتصاد الحكومي المخيفة.
هل كانت الوثيقة قابلة للتنفيذ في عهد خاتمي أو غيره، أم أنها كانت تعاني من إشكالات بنيوية؟
بما أن الوثيقة بنيت على أساس اقتصاد حكومي، فإنها لم تكن قابلة للتحقيق، سواء استمرت حكومة خاتمي أم لا، إلا إذا استمرت التنمية السياسية التي بدأت في عهده، وتمخض عنها ضغط سياسي واجتماعي يُحدث تحولا جذريا في الاقتصاد نحو اقتصاد حر. لكننا بعد خاتمي شهدنا تراجعا سياسيا، وضاعت الآمال في أن تؤدي التنمية السياسية إلى تفكيك الاقتصاد الحكومي وتحويله إلى اقتصاد حر.
خاتمي عبّر مؤخرا عن هواجسه السياسية، ووضع شرطين لحل مشكلات البلاد: أن تقبل السلطة بضرورة التغيير والإصلاح، وأن تلتزم بمتطلباته. ما مدى جدّة هذه الهواجس؟ وهل تعتقدون أن التغيير من حكومة روحاني إلى حكومة بزشكيان بعث الأمل فيه؟
أعتقد أن الآمال التي كانت معلّقة على حكومة بزشكيان تتضاءل يوما بعد يوم، وهو أصبح أكثر حيادية. النقطة الثانية هي أن المؤشر الوحيد لنجاح حكومته يتمثل في بعض التعيينات التي أجراها، وإذا أُزيلت هذه، فلن يبقى شيء إيجابي يُذكر من حكومته. صحيح أن الجميع ينتقد الإصلاحات الآن، لكنني أؤمن بأنه لا أمل لنا في التقدم والتنمية والازدهار سوى من خلال الإصلاحات.