البيت الأبيض يختار القوة.. ترامب يتحدى الخطوط الحمراء لفرض المفاوضات وحماية أمن إسرائيل

نشرت صحيفة شرق الإصلاحية، الأحد 22 يونيو/حزيران 2025، تقريرا أفادت فيه بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان يتحدث عن مهلةٍ مدتها أسبوعان لامتثال طهران لمطالب واشنطن؛ لكن في يوم السبت 21 يونيو/حزيران 2025، ومن ناديه الخاص في نيوجيرسي، أصدر الأمر النهائي، لتبدأ بعد ساعات فقط عملية عسكرية واسعة وغير مسبوقة ضد المنشآت النووية الإيرانية. 

وأضافت الصحيفة أن الهدف، وفقا لأحد كبار المسؤولين في الإدارة، كان تنفيذ الهجوم في ظرف غير متوقَّع.

وتابعت أنه عقب صدور هذا الأمر، دخلت عملية تم التخطيط لها على مدى أشهر في أعلى مستويات السرية حيّز التنفيذ. فقد اخترقت قاذفات الشبح الأمريكية B-2 الأجواء الإيرانية وأسقطت اثنتي عشرة قنبلة خارقة للتحصينات على المنشآت النووية تحت الأرض في فردو. وفي الوقت نفسه، أطلقت الغواصات الهجومية الأمريكية صواريخ كروز من طراز توماهوك باتجاه أهداف في أصفهان ونطنز.

وأردفت أنه في تلك الليلة، وصف ترامب في خطابه من البيت الأبيض هذا الهجوم بأنه نجاح عسكري باهر، وادّعى أن المواقع النووية الإيرانية تم تدميرها بالكامل.


تفاصيل الهجوم العسكري الأمريكي على إيران

قالت الصحيفة إن الولايات المتحدة استخدمت، للمرة الأولى في سياق الحرب، القنابل الخارقة العملاقة من طراز GBU-57 لتدمير أهداف تحت الأرض، حيث أصابت اثنتا عشرة قنبلة منشأة فوردو المدفونة تحت الجبل، بينما استهدفت قنبلتان إضافيتان منشأة نطنز. كما أُطلقت صواريخ توماهوك من غواصات أمريكية باتجاه نطنز وأصفهان.

غرفة القرار؛ الشخصيات الرئيسية

أوضحت الصحيفة أنه في الاجتماع الطارئ بالبيت الأبيض لاتخاذ قرار الهجوم، حضر إلى جانب ترامب كل من نائبه جي دي فانس، ووزير الدفاع بيت هجست، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كين، ومديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، ومدير وكالة المخابرات المركزية جون راتكليف، ومستشار الأمن القومي ووزير الخارجية ماركو روبيو، ومديرة مكتب الرئيس سوزي وايلز، إضافة إلى عدد من كبار مسؤولي الإدارة.


غموض يكتنف تداعيات الهجوم

أوردت الصحيفة أن هناك قضايا محورية لا تزال غير واضحة؛ إذ لم يُعرف بعد ما إذا كان البرنامج النووي الإيراني قد دُمر بالكامل، كما لم يُحسم ما إذا كانت طهران سترد على الهجوم أم لا. وتشير التقديرات إلى أن إيران قد تُقدم على رد متقابل يستهدف المصالح الأمريكية أو حلفاء واشنطن، أو قد تسعى إلى إغلاق مضيق هرمز.

وأشارت إلى أن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أكدت في بيان رسمي أنها لن تسمح بتوقّف هذا القطاع الوطني، الذي بُني على دماء شهداء البرنامج النووي.

وأضافت أنه في الوقت الذي كان فيه ترامب يتحدث ليلا بنبرة منتصرة من المكتب البيضاوي، كانت هناك مشاعر قلق عميقة بين أعضاء الإدارة حيال ردّ الفعل الإيراني المحتمل.

اختيار الهدف والأبعاد الاستراتيجية للهجوم الأمريكي على إيران

أبرزت الصحيفة أن قرار إرسال قاذفات B-2 يُعدّ أهم عملية عسكرية في عهد ترامب حتى الآن، وقد يُدخل الولايات المتحدة في صراع جديد في الشرق الأوسط؛ وهو ما كان ترامب ونائبه جي دي فانس قد تعهدا مرارا بتجنّبه. وقال أحد كبار مسؤولي الإدارة لا نعلم إلى أين ستقود هذه الخطوة. في الوقت الحالي، رسالتنا واضحة نريد إنهاء القدرات النووية الإيرانية وتحويل التركيز نحو المفاوضات.

وأكَّدت أنه في الأيام الأخيرة، ازداد اقتناع ترامب بأنه يملك فرصة استثنائية لتدمير البنية التحتية النووية لطهران بأقل قدر من المخاطر على القوات الأمريكية.

وبيَّنت أن خيار الهجوم قد طُرح عندما صرّح ترامب بأنه سيتّخذ قرارا خلال الأسبوعين المقبلين بشأن انخراط الولايات المتحدة في جهود إسرائيل لتدمير المواقع النووية الإيرانية.

وذكرت أنه بالتوازي مع تقديم ترامب وعودا بخفض التوتر ومحاولته خداع الطرف المقابل، كان يدرس سيناريوهات متعددة للهجوم. وفي النهاية، اختار حزمة أهداف محدودة ومركّزة؛ وهي حزمة، بحسب ما قاله مسؤولون في الإدارة، لا تُعرّض الجنود الأمريكيين لخطر مباشر، وتنسجم مع وعود ترامب بتجنّب الحروب الطويلة الاستنزافية، تلك الوعود التي تحظى بدعم واسع من غالبية الشعب الأمريكي.

وأوضحت أنه في خطاب قصير، أعلن ترامب انتهاء الهجمات الأمريكية على إيران في الوقت الحالي، ووجّه الشكر للقوات المسلحة، معربا عن أمله في ألّا تكون هناك حاجة لعودتهم مجددا. لكنه في المقابل، وجّه تحذيرا لطهران مفاده أن عدم اختيار طريق السلام سيُعرّضها لكارثة أكبر من تلك التي وقعت خلال الأيام الثمانية الماضية، بالتزامن مع الهجمات الإسرائيلية على المنشآت العسكرية والنووية الإيرانية.

ردود الفعل والسيناريوهات المحتملة

وذكرت أن الأنظار الآن متجهة نحو الرد المحتمل من جانب إيران. فهناك أكثر من 40 ألف جندي وموظف في وزارة الدفاع الأمريكية منتشرين في المنطقة، ويمكن أن يصبحوا أهدافا لهجمات انتقامية من قبل طهران.

وأضافت أن الإدارة الأمريكية تعتمد على الضربات القوية التي وجهتها إسرائيل في الأيام الأخيرة، وتعتقد أن قدرة إيران على الرد وإشعال حرب أوسع قد تراجعت بشكل كبير. وقال أحد المسؤولين الأمريكيين أن هناك احتمال واقعي أن تتراجع إيران أو ترد بشكل محدود، مما يُبقي الباب مفتوحا أمام حل دبلوماسي.

ونوَّهت إلى أن القلق يسود داخل إدارة ترامب من احتمال تصاعد التوتر. فإذا نُفِّذ هجوم انتقامي كبير ضد الأمريكيين وأسفر عن خسائر فادحة، فستتزايد الضغوط على واشنطن للانخراط بشكل أوسع في الحرب.

وواصلت أن مصادر مطلعة على النقاشات داخل الإدارة كشفت أن البنتاغون قدّر، في وقت سابق، أن تدمير المنشآت النووية الإيرانية بالكامل يستلزم ثلاثين يوما من القصف المتواصل، بسبب العمق الكبير لتلك المنشآت تحت الأرض وامتدادها على رقعة جغرافية واسعة.

إبلاغ الكونغرس والحلفاء

لفتت الصحيفة إلى أن البيت الأبيض أبلغ قادة الكونغرس– من الجمهوريين والديمقراطيين على حدّ سواء– قبل بدء الهجوم؛ إلا أن القادة الديمقراطيين، ومن ضمنهم الأعضاء البارزون في لجان الاستخبارات بمجلس النواب ومجلس الشيوخ، صرّحوا بأنهم لم يُبلغوا بالتفاصيل قبل تنفيذ العملية. كما تلقى السيناتور تشاك شومر، زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، إشعارا موجزا وخاليا من التفاصيل قبل دقائق فقط من الإعلان الرسمي.

وأكَّدت أن إدارة ترامب وضعت حلفاء الناتو، ومن بينهم بريطانيا وفرنسا، في صورة التطورات.

أهداف ودوافع الهجوم الأمريكي على إيران

سلّطت الصحيفة الضوء على الوثائق المقدّمة إلى الكونغرس والتقارير الرسمية، والتي طُرحت فيها خمسة أسباب رئيسية دفعت ترامب إلى اتخاذ قرار بشنّ هجوم على المنشآت النووية الإيرانية.

1- منع إيران من امتلاك سلاح نووي، كرّر ترامب مرارا أن إيران يجب ألا تمتلك سلاحا نوويا، لأن ذلك يُشكّل تهديدا خطيرا للولايات المتحدة وحلفائها، وخاصة إسرائيل. وقد أظهرت المعلومات الاستخباراتية الجديدة أن إيران، من خلال تراكم مخزون اليورانيوم المخصّب وتقدمها السريع في منشأة فوردو، ستكون قادرة على إنتاج قنبلة نووية خلال أسابيع قليلة. لذلك، كان الهدف الأساسي من الهجوم هو تأخير هذا البرنامج أو تدمير قدرته بالكامل.

2- ضمان أمن إسرائيل، لطالما اعتبرت إسرائيل البرنامج النووي الإيراني تهديدا مباشرا، وقد شنت في الأيام الأخيرة هجمات على منشأتي نطنز وأراك. لكن عمق وتحصين مواقع مثل فوردو جعل استهدافها ممكنا فقط عبر القاذفات والأسلحة الأمريكية المتقدمة. وكان ضغط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل دخول واشنطن بشكل مباشر في العمليات، إلى جانب أن دعم ترامب غير المشروط لإسرائيل كان من أبرز دوافع القرار.

3- فشل المفاوضات والمساعي الدبلوماسية، في الأشهر الأخيرة، حاول ترامب فتح قنوات حوار مع إيران، سواء من خلال وساطة روسيا وسلطنة عمان أو عبر التفاوض المباشر، لكن إصرار طهران على مواصلة تخصيب اليورانيوم أدى إلى طريق مسدود. وقد حذّر مرارا من أنه في حال عدم التوصّل إلى اتفاق، فإن الخيار العسكري سيكون مطروحا. وفي نهاية المهلة التي حدّدها ترامب بـ60 يوما، بدأت إسرائيل عملياتها العسكرية.

4- استعادة الردع والهيبة الإقليمية لأمريكا، جاء الهجوم الأمريكي كمحاولة لإعادة فرض هيبة واشنطن ونفوذها في الشرق الأوسط، ورسالة واضحة إلى إيران وحلفائها بأن الولايات المتحدة ستواجه تنامي القدرات النووية أو أي تصرفات مزعزعة للاستقرار.

5- الرد على الضغوط الداخلية والسياسية، سعى ترامب من خلال هذا القرار إلى تحقيق توازن بين ضغوط التيار الجمهوري المتشدد وقاعدته المناهضة للحروب. فالهجوم المحدود والمركّز يُظهر القوة دون التورّط في حرب شاملة. كما أن الدعم الشعبي والكونغرس لوقف إيران عن أن تصبح نووية، وفر له الغطاء السياسي اللازم.


ردود الفعل السياسية في الولايات المتحدة

أوردت الصحيفة أن السيناتور مارك وارنر، نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، اعتبر أن هذا الإجراء تم دون استشارة الكونغرس ويفتقر إلى استراتيجية واضحة، محذرا من انزلاق الولايات المتحدة إلى حرب جديدة. ودعا ترامب إلى تقديم أهدافه وخططه الاستراتيجية للكونغرس في أسرع وقت ممكن.

وأبلغت أن الجمهوريين، ومنهم السيناتور مارك وين مولين، عبّروا عن دعمهم للهجوم معتبرين إياه ضمن الصلاحيات الكاملة لرئيس الولايات المتحدة، ودليلا على مبدأ السلام من خلال القوة. وأضافوا أن حلفاء أمريكا في المنطقة يقدّرون هذا التحرك، بينما يخشاه أعداؤها.

وأوضحت أن الديمقراطيين اتهموا ترامب بالتخلي عن وعوده المناهضة للحروب، وطالبوا بإحالة الموضوع سريعا إلى الكونغرس. وأشار رئيس اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، كِن مارتن إلى تصريحات ترامب في حفل تنصيبه التي تعهّد فيها بتجنّب الدخول في حروب جديدة، مؤكّدا أن غالبية الشعب الأمريكي يعارض الانخراط في حرب، وأن اتخاذ قرار بشأن هذه الهجمات يجب أن يتم داخل الكونغرس.

التداعيات الإقليمية والدولية

بيّنت الصحيفة أنه تزامنا مع الهجمات الأمريكية، أطلقت إيران صواريخ باتجاه إسرائيل استهدفت ما لا يقل عن عشرة مواقع، وأدّت إلى إصابة أكثر من خمسة عشر شخصا. ويحذّر الخبراء من أن أي هجوم إيراني مضاد قد يُعرّض أمن القوات والمصالح الأمريكية وحلفائها للخطر.

وفي الختام أخبرت بأن شركات الأمن البحري أوصت السفن التجارية بتغيير مسارها بعيدا عن مضيق هرمز والمياه القريبة من إيران، نظرا لارتفاع احتمالات الهجمات الانتقامية أو وقوع أخطاء في تحديد الأهداف، مما يزيد من مستوى الخطر على الأساطيل التجارية والسفن المرتبطة بالولايات المتحدة.