- زاد إيران - المحرر
- 46 Views
ترجمة: دنيا ياسر نور الدين
أجرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الإصلاحية، يوم السبت 15 مارس/آذار 2025، حوارا مع الخبير البارز في الشؤون الدولية، إبراهيم متقي، تناول فيه الجدل حول المسار الدبلوماسي الذي اتبعته واشنطن في نقل رسالة ترامب إلى إيران عبر الإمارات، رغم توافر قنوات مباشرة مثل مكتب التمثيل الإيراني في الولايات المتحدة.
كان ترامب قد أعلن، في مقابلة يوم الجمعة 14 مارس/آذار 2025، أنه بعث برسالة إلى قادة إيران، وعلى رأسهم المرشد الأعلى علي خامنئي، داعيا إلى التفاوض بشأن اتفاق نووي جديد، ومشددا على ضرورة منع طهران من امتلاك سلاح نووي.
في المقابل، أكد خامنئي، خلال لقاء جمعه برؤساء السلطات ومسؤولين كبار في البلاد، أن بعض القوى الأجنبية تصر على المفاوضات، لكن هدفها الحقيقي ليس حل المشكلات، بل فرض شروطها والهيمنة.
وأضاف أن هذه الدعوات المتكررة للتفاوض تهدف إلى التأثير على الرأي العام وإثارة الشكوك حول رفض طهران لها، بينما الهدف الحقيقي للطرف الآخر هو الإملاء وليس التفاوض.
تم تسليم الرسالة إلى إيران عبر أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، في حين لا يزال محتواها الدقيق غير معروف، مما يثير تساؤلات حول المسار الذي ستتخذه العلاقات بين طهران وواشنطن بعد هذه التطورات.

وفي ما يلي نص الحوار:
لماذا اختارت واشنطن الإمارات لإيصال رسالة ترامب إلى إيران؟
بعد أكثر من أسبوع على إعلان دونالد ترامب عزمه على إرسال رسالة إلى إيران، وصلت الرسالة أخيرا عبر الإمارات، مما يثير تساؤلات حول سبب اختيار أبوظبي كوسيط، رغم وجود دول أخرى لعبت أدوارا بارزة في الوساطة بين طهران وواشنطن، مثل عُمان وقطر.
يرى محللون أن اختيار الإمارات يعكس استراتيجية أمريكية لاختبار أدواتها الدبلوماسية وإبرازها في المشهد الإعلامي.
إلا أن هناك نقطة أكثر تعقيدا تتعلق بالمقاومة، وهو مفهوم ناقشه الفيلسوف ميشيل فوكو، حيث اعتبر أن الفاعلين الأقل قوة، الذين يمتلكون إرادة البقاء، يشكلون محورا في العلاقات الدولية.
هذا البعد قد يفسر حالة الغموض التي خيمت على التواصل بين إيران والولايات المتحدة خلال الأيام الماضية. أما من ناحية المسار الدبلوماسي، فهناك رأيان رئيسيان حول كيفية نقل الرسالة:
- الرأي الأول يشير إلى أن واشنطن لم تختر القناة الأكثر فاعلية، إذ تملك إيران مكتب تمثيل في الولايات المتحدة كان يمكن أن يُستخدم لهذا الغرض، خاصةً أنه لعب دورا نشطا في ملفات مختلفة خلال الأشهر الماضية.
- الرأي الثاني يتمثل في القناة السويسرية، حيث تُعتبر سويسرا الممثل الرسمي للمصالح الأمريكية في إيران، وكان من الممكن أن يكون هذا المسار أكثر موثوقية ووضوحا، إلا أن الأجواء الحالية يلفّها الغموض، مما دفع واشنطن إلى اختيار مسار غير تقليدي.
وبالنظر إلى أن إرسال رسالة في عصر الاتصالات الحديثة يجب أن لا يستغرق أكثر من أسبوع، يرى البعض أن هذا التأخير يعكس نوعا من الارتباك أو عدم الكفاءة في إدارة الملف.
وفي ظل زيارة أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى طهران، تتزايد التوقعات بأن المهمة لم تقتصر على نقل الرسالة، بل ربما تحمل في طياتها إشارات دبلوماسية تتجاوز مجرد الوساطة.
هل كانت روسيا خيارا لنقل رسالة ترامب إلى إيران؟
بعد المكالمة الهاتفية بين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، توقع العديد من المراقبين أن تلعب روسيا دور الوسيط بين واشنطن وطهران، بل ذهب البعض إلى أن الرسالة الأمريكية قد تصل إلى المسؤولين الإيرانيين عبر موسكو.
ورغم أهمية الدور الروسي في السياسة الدولية، يرى محللون أن موسكو ليست مجرد ناقلة رسائل، بل قوة عظمى قادرة على لعب دور الوسيط المباشر، إلا أن مثل هذه العمليات تُدار غالبا عبر جهات إقليمية أكثر ارتباطا بالملف.
في هذا السياق، تبرز الإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية كأطراف فاعلة تدرك أن أي تصعيد في التوتر بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل قد ينعكس على أمن المنطقة، مما يدفعها إلى البحث عن وسائل للحد من المخاطر المحتملة.
ووصول أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى طهران يسهل إيصال الرسالة الأمريكية، كما يعزز دور أبوظبي كوسيط إقليمي في مثل هذه القضايا.
ومع ذلك، يبقى نجاح أي جهود دبلوماسية رهنا بحسن النية بين الأطراف المعنية، حيث إن غياب هذا العنصر قد يؤدي إلى مزيد من التعقيدات بدلا من تحقيق اختراق في مسار التفاوض.
كيف ستتعامل الولايات المتحدة مع استئناف المفاوضات بين إيران والدول الأوروبية الثلاث؟
رغم تباين المواقف بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة في بعض الملفات، مثل التجارة العالمية والرسوم الجمركية، فإن هذا الخلاف لا يمتد إلى التعامل مع إيران، حيث يبدو أن هناك توافقا استراتيجيا بين الجانبين.
استدعاء سفراء ألمانيا وفرنسا وبريطانيا إلى وزارة الخارجية اليوم يعكس تنسيقا مشتركا بشأن فرض مزيد من الضغوط على طهران داخل مجلس الأمن.
وبالنظر إلى المحادثات الأخيرة مع الأوروبيين، لم تخرج المفاوضات بنتائج واضحة، مما يشير إلى أن هامش تحرك الترويكا الأوروبية في مواجهة السياسة الأمريكية يبقى محدودا.
حتى في فترة ولاية ترامب الأولى، عندما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، لم تتمكن الدول الأوروبية من تنفيذ آليات اقتصادية حقيقية لدعم إيران، مما يثبت أن تحالفها مع واشنطن في هذا الملف لا يزال قائما.
لماذا هذا التحالف قائم؟
لأن أوروبا تتحالف حتما مع الولايات المتحدة بشأن إيران. إن الجبهة الأمريكية والدول الأوروبية الثلاث، وبالتالي مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، متشابهة نسبيا مع بعضها البعض.
ما المسار الذي ينبغي لإيران أن تتبعه لمواجهة الضغوط الدولية؟
لمواجهة الضغوط المتزايدة، يجب على إيران تعزيز تعاونها مع القوى الكبرى مثل روسيا والصين، حيث بات هذا التعاون ضرورة حتمية وليس مجرد خيار دبلوماسي.
في بيئة دولية تسودها التحالفات المناهضة، يصبح من المنطقي أن تسعى طهران للاستفادة من آليات التحالف مع شركاء استراتيجيين. وفي ظل التهديدات المتعددة، فإن توسيع نطاق التعاون متعدد الأطراف يُعدّ خطوة أساسية لتعزيز مكانة إيران على الساحة الدولية.
كيف يمكن تقييم الدور الروسي في الملف الإيراني؟
تلعب روسيا دورا محوريا في بناء مستوى من الثقة الدبلوماسية لإيران، وذلك لعدة اعتبارات استراتيجية. فالمحادثات بين الرئيسين الأمريكي والروسي، كما ظهر في الاتصال الهاتفي بين ترامب وبوتين، تضمنت ملف إيران باعتباره إحدى القضايا الرئيسية، مما يعكس أهمية هذا الموضوع في العلاقات بين البلدين.
كما أن المحادثات التي جمعت بوتين وترامب خلال اجتماعهما في السعودية، تناولت الملف الإيراني بجدية، ما يبرز موقع إيران كعامل مؤثر في المعادلة الإقليمية والدولية.
في هذا السياق، يصبح التعاون مع روسيا والصين ضرورة استراتيجية لطهران، وليس مجرد خيار دبلوماسي، لضمان مصالحها وتعزيز موقعها في ظل التطورات الجيوسياسية المتسارعة.