- زاد إيران - المحرر
- 8 Views
كتب: أمير عباس هدايت
أجرى موقع زاد إيران حوارا مع أكبر معصومي، الخبير في الشؤون الدولية، حول مقترح في البرلمان يدعو إلى انسحاب إيران من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وردود الفعل المتوقعة من الدول الغربية حال حدوث هذا الأمر، وفيما يلي نص الحوار:
اقترح ثلاثة نوّاب بالبرلمان الإيراني مشروعا يدعو إلى انسحاب إيران من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT). ما مدى احتمال إقرار هذا المشروع في البرلمان برأيك؟
قبل الخوض في موقف إيران بشأن الانسحاب من معاهدة NPT، من الضروري الإشارة إلى عدة نقاط أساسية:
أولا، تنص بنود هذه المعاهدة على التزام الدول المالكة للأسلحة النووية وغير المالكة بها، بمبادئ عدم انتشار تلك الأسلحة. ويعني ذلك أن الدول النووية لا يحق لها نقل هذه الأسلحة إلى دول أخرى. إلا أن الأدلة المتوافرة تشير إلى أن الولايات المتحدة الأميركية سلّمت هذه الأسلحة إلى الاحتلال الإسرائيلي، ما مكّنه من امتلاك ترسانة نووية توفر له شعورا بالأمان، وتدفعه إلى ارتكاب اعتداءات متكررة ضد دول المنطقة، واستهداف بنيتها التحتية دون رادع.
وفي السياق الراهن، أقدم الاحتلال، بدعم غير مشروط من الولايات المتحدة، على شنّ هجوم مباشر على البنية التحتية النووية في إيران، دون أي التزام بالمواثيق الدولية. في الوقت نفسه، روّجت الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لاتهامات مفادها أن إيران تسعى لامتلاك سلاح نووي، لتُضفي بذلك شرعية سياسية على العدوان الإسرائيلي وتدعمه.
النقطة الثانية، أن إيران، خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، ومن موقعها كعضو في معاهدة NPT، خضعت لأعلى مستويات الرقابة والتفتيش من قِبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ووفقا لبنود معاهدة NPT واتفاقيات مثل FATF، فإن الدول النووية مُلزَمة بمشاركة التكنولوجيا النووية السلمية مع الدول الأخرى. ومع أن إيران التزمت تماما بالنهج السلمي في تطوير الطاقة النووية – وهو ما أكده 15 تقريرا رسميا للوكالة الدولية خلال تنفيذ اتفاقية “البرنامج الشامل المشترك” (برجام) – فإنها، رغم امتلاكها فقط 3٪ من القدرات النووية العالمية، خضعت لأكثر من 20٪ من عمليات التفتيش العالمية، وهو ما يدل على شفافية برنامجها وغياب أي انحراف عن المسار السلمي.

علاوة على ذلك، فإن فتوى المرشد الأعلى علي خامنئي بتحريم إنتاج أو استخدام الأسلحة النووية، تُعد دليلا شرعيا وأخلاقيا على التزام إيران الثابت بالنهج السلمي للطاقة النووية.
واستنادا إلى المادة العاشرة من معاهدة NPT، فإن لكل دولة عضو الحق في إعادة النظر في عضويتها إذا شعرت بأن أمنها القومي مهدد. وفي ظل الظروف الراهنة، حيث يقوم الاحتلال الإسرائيلي– بدعم تسليحي مباشر من الولايات المتحدة – بشن هجمات على المنشآت النووية السلمية الإيرانية، فإن أمن إيران القومي بات مهددا بالفعل.
ومع مرور ربع قرن من التعاون الإيراني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمفاوضات مع القوى الكبرى، دون تحقيق مكاسب ملموسة، بل مع استمرار التحيّز السياسي ضد إيران، وتكرار اتهامات الغرب، فإن فكرة الانسحاب من NPT باتت مطروحة بجدية كخيار لإعادة تقييم العلاقة مع الوكالة الدولية.
لقد أدى نهج الدول الغربية إلى تسريب معلومات فنية حساسة تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني إلى الاحتلال الإسرائيلي ، ما مكّنه من تنفيذ هجماته على المنشآت الحيوية. بناء عليه، يمكن القول إن الانسحاب من معاهدة NPT لم يعد خيارا إيرانيا مستقلا فحسب، بل أصبح مسارا فرضه الغرب على إيران، ودفعها إليه، في إطار سعيها لحماية أمنها القومي وردع أي تهديدات مستقبلية.
ما هي ردود الفعل المتوقعة من الدول الغربية والوكالة الدولية للطاقة الذرية إزاء انسحاب إيران من معاهدة NPT؟
انسحاب إيران من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) يعني عمليا أن 25 عاما من الشفافية والتعاون الوثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تثمر أية نتائج إيجابية. ويمكن اعتبار هذا الانسحاب انتصارا سياسيا لإيران وفشلا ذريعا للدول الغربية والولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية. فالأداء الراهن للوكالة ومديرها العام، رافائيل غروسي، أظهر أن هذه المؤسسة لم تعد كيانا موثوقا بالنسبة للدول التي تسعى إلى الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وهو ما يُلحق ضررا كبيرا بمصداقية الوكالة وكذلك بصورة الدول الغربية.
ومع ذلك، تظل أولوية إيران هي الحفاظ على أمنها القومي. وفي ظل تعرض البلاد لتهديدات مباشرة، فإنها لن تعير اهتماما كبيرا لمواقف الوكالة أو ردود أفعال الدول الغربية. فبالنسبة لإيران، الأمن الوطني، ومستقبل الدولة، وخلق حالة من الردع الفعّال في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، تُعد أولويات قصوى. إذ لا يمكن السماح لهذا الكيان بالاستمرار في سياساته العدوانية دون ردع.
لذلك، يبدو أن إيران ماضية في هذا المسار، دون أن تأبه كثيرا بالمواقف الغربية، باعتبار أن هذا القرار هو نتيجة طبيعية لتعامل الوكالة والدول الغربية مع البرنامج النووي السلمي الإيراني طيلة ربع قرن.

أحد البلدان التي أعلنت دعمها العسكري لإيران بشكل علني هو باكستان، بل صرّحت بأنها مستعدة لتزويد إيران بأسلحة نووية إذا لزم الأمر. كيف تُقيّمون تصريحات المسؤولين الباكستانيين؟
تُدرك الدول الإسلامية تماما أن نجاح الاحتلال الإسرائيلي في توجيه ضربة قاصمة لإيران سيُفضي إلى تهديد أمن باقي دول المنطقة، باعتباره كيانا متمرّدا يسعى إلى فرض هيمنته. فهزيمة إيران أمام إسرائيل لا تعني مجرد خسارة لطهران، بل تمثل هزيمة للعالم الإسلامي بأسره، بما في ذلك دولة مثل باكستان.
وقد سبق لرئيس وزراء الكيان، بنيامين نتنياهو، أن صرّح بشكل واضح بأن باكستان ستكون الهدف التالي بعد إيران، وهو ما يسلّط الضوء على طبيعة العقيدة الأمنية الإسرائيلية التي تقوم على إضعاف الدول الإسلامية في المنطقة لمنع نشوء أي قوة منافسة أو موازية.
إن دعم باكستان لإيران ينبع أولا من العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية المتينة بين البلدين، وثانيا، يمكن تفسيره في إطار وحدة الصف الإسلامي والتضامن بين شعوب المنطقة. وأخيرا، فإن أمن إيران يُعَدّ جزءا لا يتجزأ من أمن باكستان، لأن إضعاف إيران لن يبقى محصورا داخل حدودها، بل قد يشكّل تهديدا وجوديا للأمن القومي للدول الإسلامية الأخرى، وعلى رأسها باكستان.