الدبلوماسية الإعلامية الإيرانية في المفاوضات.. نجاح في إدارة الرواية الرسمية رغم التحديات

ترجمة: دنيا ياسر نور الدين 

تناولت صحيفة “عصر إيرانيان” الإيرانية الأصولية  في تقرير لها، الاثنين 28 أبريل/نيسان 2025، أداء الدبلوماسية الإعلامية الإيرانية خلال المفاوضات الأخيرة مع التركيز على نجاح الفريق الإعلامي في إدارة الرواية ونقل الرسائل بدقة رغم التحديات والقيود. 

ذكرت الصحيفة أن “الدبلوماسية في عصرنا الراهن لا يمكن أن تتحقق بدون الإعلام، كما أن الإعلام من دون سرد للروايات يفقد تأثيره. وفي سياق المفاوضات الأخيرة، نجح الفريق الإعلامي الإيراني في توجيه معركة السرديات لصالح المصالح الوطنية عبر تبني رواية هادفة ومدروسة”.

تكامل الإعلام والدبلوماسية

أضافت الصحيفة أن التناغم بين الإعلام والدبلوماسية كان دوما من المبادئ الأساسية لتعزيز المصالح الوطنية، ومع تطور الإعلام وظهور وسائل الإعلام الحديثة، ترسخ هذا المبدأ أكثر من أي وقت مضى. 

وأشارت إلى أن  عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، كان قد تحدث مرارا عن العلاقة التكاملية بين الإعلام والدبلوماسية ودورهما في تحقيق الأهداف الوطنية. 

وأوضحت  أن الأسابيع الأخيرة التي شهدت مفاوضات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة جسدت هذا التكامل بشكل واضح.

وتابعت أن بعض الانتقادات الموجهة للفريق الإعلامي، والتي تصفه بعبارات مبالغ فيها مثل “ضعف مفرط في الهندسة الإعلامية”، تفتقر إلى الرؤية الشاملة للواقع. وأكدت أن هذه الانتقادات تقوم على تحليلات سطحية وغير منصفة، وتسعى لتغيير حقيقة المشهد الإعلامي المرتبط بالمفاوضات.

الإنجازات الإعلامية رغم القيود

أردفت الصحيفة أن أهم إنجازات الفريق الإعلامي الإيراني تمثلت في إيصال الرسائل الأساسية للمفاوضات بدقة وذكاء إلى جمهور واسع يشمل الرأي العام الداخلي والخارجي، وأطراف المفاوضات، وسائر الفاعلين الدوليين. 

وشددت على أن هذا الإنجاز تحقق دون الإضرار بسير المفاوضات أو تسريب معلومات استراتيجية، مع الالتزام بالمعايير المهنية للدبلوماسية الإعلامية. كما أثنت الصحيفة على قدرة الفريق على بناء روايات فعّالة بلغات مختلفة وإدارة الرأي العام داخليا وإقليميا.

أشارت الصحيفة إلى أن بعض المطالبات الداخلية باعتبار اختلاف التغطيات الإعلامية ضعفا للفريق الإعلامي، تتجاهل واقع وجود آلاف الوسائل الإعلامية النشطة في البلاد. وأضافت أن في ظل مبدأ حرية الصحافة، لا يمكن تحقيق توحيد كامل للأصوات الإعلامية، كما أنه أمر غير مرغوب فيه أساسا.

أوضحت الصحيفة أن إدارة المعلومات في المسارات الدبلوماسية المعقدة والحساسة أمر لا مفر منه. ولفتت إلى أن التسريبات المدارة بعناية تُعد ممارسة مقبولة ومهنية، تتيح للفريق التفاوضي مرونة في اتخاذ القرارات بعيدًا عن الالتزامات الإعلامية الضاغطة، وتحد من قدرة الطرف الآخر على شن حروب نفسية عبر أدواته الإعلامية.

وأكدت أن التسريب المُدار لا يمثل ضعفا، بل يدل على نضج دبلوماسي وتخطيط دقيق لصون المصالح الوطنية.

استخدام الإعلام الجديد بوعي

ذكرت الصحيفة أن مقارنة الأدوات الإعلامية المتوافرة للفريق الإيراني بتلك التي يمتلكها الجانب الأمريكي، الذي يحتكر المشهد الإعلامي العالمي عبر قنوات مثل CNN وBBC وواشنطن بوست ونيويورك تايمز وغيرها، تظهر حجم التحدي. وأشارت إلى أن الفريق الإيراني، رغم هذا التفاوت، نجح في كسر هذا الاحتكار عبر مقالات مثل ما كتبه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في صحيفة واشنطن بوست، واستخدام الإعلام البديل واسع الانتشار في المنطقة والعالم، بالإضافة إلى توظيف الشبكات الاجتماعية لتعزيز الحضور الإعلامي الإيراني.

الدبلوماسية الإعلامية الخفية

أضافت الصحيفة أن هناك أبعادا خفية للدبلوماسية الإعلامية غالبا ما تغيب عن التحليلات السطحية. من هذه الأبعاد تنظيم جلسات إحاطة إعلامية (بريفينغ) مع بعض وسائل الإعلام المختارة قبل وأثناء وبعد كل حدث دبلوماسي، والتي تُستخدم لتوجيه الرأي العام بشكل غير مباشر. كما أوضحت أن من أدوات الدبلوماسية الخفية إرسال إشارات غير مباشرة للطرف الآخر، وتوجيه الخطوط الخبرية، وخلق غموض متعمد بهدف تعزيز القدرة التفاوضية، بل وحتى التخطيط لفترات “صمت مدروس” وفق الحاجة.

وأكدت أنه على الرغم من إمكانية تحقيق مزيد من الفاعلية عبر الاستخدام الأوسع للإعلام الجديد وإنتاج محتوى إبداعي أكثر، فإن الأداء الإعلامي الحالي للفريق التفاوضي الإيراني يتماشى على الأقل مع المعايير الدولية إن لم يتفوق عليها.

وشددت على أن بعض الانتقادات ناتجة عن مصالح شخصية أو تنظيمية، أو عن عدم اطلاع كافٍ على تفاصيل الأداء الإعلامي وأبعاده غير المعلنة، إضافة إلى تجاهل الفارق الهائل في أدوات الإعلام بين طرفي المفاوضات.

 وذكرت أن التقييم الواقعي يظهر أن الفريق الإعلامي الإيراني، رغم القيود المفروضة عليه، استطاع أن يتحرك بمسؤولية عبر تكتيكات مدروسة، ويحقق خطوات ملموسة في مجالات الإعلام، السرد، التصدي للحرب النفسية، وتهيئة الظروف لدعم جهود الفريق التفاوضي بما يخدم المصالح الوطنية العليا.