الدبلوماسية المسلحة: إيران في مواجهة الولايات المتحدة 

ترجمة: يارا حلمي

نشر موقع “مشرق” الإيراني الأصولي، الثلاثاء 8 أبريل/ نيسان 2025، تقريرا تناول فيه رسالة قصيرة من المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، وجهها الى  وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي ، وردود الفعل الأمريكية والإيرانية تجاه الملف النووي وتأثير ذلك على العلاقات الإقليمية.

في وسط التوترات المتزايدة بين الأمريكيين وإيران، جذبت رسالة قصيرة من المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في شؤون الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وقد وجهها لعباس عراقجي، انتباه المراقبين، لكن هذه الرسالة تم حذفها بسرعة، ومن ثم بدأ صمت ثقيل في السياسة بين الطرفين.

رسالة ويتكوف المحذوفة

ذكر الموقع أن القصة بدأت بتغريدة خاصة كتبها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في إحدى الشبكات الاجتماعية، حيث ذكر أن إيران تؤكد مرة أخرى أنه تحت أي ظرف من الظروف، لن تسعى أبدا إلى بناء أو تطوير أو الحصول على سلاح نووي، وهذا الالتزام من إيران ظل ساريا حتى بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.

وبعد نشر هذه التغريدة بفترة قصيرة، كتب ويتكوف كلمة واحدة تحت هذه التغريدة قصيرة جدا وبسيطة: “ممتاز!”

وتابع أن هذه الرسالة التي قد تبدو بسيطة وقصيرة، لكن المحللين اعتبروها ردا ضمنيا وإيجابيا على الموقف النووي الإيراني، خاصة في ظل تزايد حدة الخطاب الأمريكي، وكان البعض يعتقد أن احتمال حدوث حرب أصبح مرتفعا، وكانت هذه الرسالة تشير إلى أن الطبل الأمريكي ليس فارغ فحسب، بل وإن في عملية المفاوضات غير المباشرة في عمان، الكرة في ملعب واشنطن(أي أن الولايات المتحدة هي الطرف الذي يجب أن يقدم تنازلات أو مقترحات جديدة لتحقيق تقدم في المفاوضات).

وأضاف أن النقطة المهمة أن رسالة ويتكوف كانت أول تعليق علني من قبل مسؤول في الحكومة الأمريكية ردا مباشرا على موقف إيران بشأن برنامجها النووي؛ لكن قبل أن يكتسب هذا الحدث معناه السياسي في وسائل الإعلام، تم حذف التغريدة، ودخل الأمريكيون في موقف من الصمت التام.

الصمت الأمريكي

ذكر الموقع أنه تم تقديم العديد من التحليلات حول هذا الصمت، حيث رأى البعض أنه إشارة إلى الضوء الأخضر أمريكي من عمان.

وتابع أن آخرون اعتبروا أن هناك اختلافا عميقا بين عناصر البيت الأبيض في تفسير سلوك إيران إلى درجة أن مجموعة من الفريق الأمني لترامب كانوا يعتبرون الحرب الخيار الوحيد على الطاولة، بينما يرى البعض الآخر أن المواجهة مع طهران تعني الانتحار الجماعي في البيت الأبيض، هذا الاختلاف دفع المبعوث الأمريكي إلى التغريد، ثم حذف التغريدة بسرعة.

وأضاف أن بعض الأشخاص اعتبروا رد ويتكوف تهكما، رغم أن ذلك لا يتماشى مع التقارير الأمريكية، حيث كتبت وكالة الاستخبارات الأمريكية في تقرير نشرته في وقت سابق من هذا الأسبوع أن إيران لا تسعى إلى بناء سلاح نووي. 

وفي هذا التقرير، وردت معلومات تفيد بأن العنوان المتعلق بالقنبلة النووية في إيران كان خاطئا، وأن الصين هي التهديد الرئيسي الوحيد للأمن القومي الأمريكي.

كما قال أن البعض الآخر، قارنوا ويتكوف مع ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأمريكية السابق، وميزوا نبرته عن باقي رفقائه في فريق ترامب، معتبرين أن تباين نبرة ويتكوف مع فريق ترامب كان واضحا، حيث سبق أن تبنى مواقف أكثر ليونة مقارنة بالجو السائد في فريق ترامب، لدرجة أن البعض كان يطالب بإقالته. 

لكن من هم الأشخاص أو الجماعات الذين ضغطوا لكي يحذف ويتكوف رده؟ 

ذكر الموقع أن الإجابة على هذا السؤال ليست صعبة، ويمكن مناقشتها في ترتيب مساعدي ترامب، كما أن الإجابة على هذا السؤال مهمة في تقدير المستقبل القريب للتفاعل أو التصادم بين طهران وواشنطن، بحيث أن هذا الجواب سيكشف أيضا نتيجة المفاوضات غير المباشرة في عمان.

وتابع أن تجربة ترامب أظهرت أنه حساس للغاية تجاه تقديم رسائل موحدة ومتناسقة من داخل حكومته إلى الخارج، حيث يعتبر ترامب الرسالة أداة للضغط، ولغته ستكون علامة على موقفه، وبالتالي فإن شخصا مثل ويتكوف لا يتسرع في اتخاذ خطوات ولن يرسل إشارات خاطئة.

 من المؤكد أن نشر وحذف رسالة يجب أن يُعتبر علامة على حدوث اضطراب جديد في عملية اتخاذ القرار في الولايات المتحدة، وهو أمر سيؤثر على المعادلات، الحسابات، وتفضيلات ترامب.

وأضاف أن اللافت في الأمر هو أن هذه القيود علي وسائل التواصل(القيود علي التعبير عن موقفها بشكل واضح تجاه إيران) قد أثرت أيضا على النظام الإسرائيلي بشكل مثير، فبيئة الداخل في الكيان الصهيوني لم تكن أبدا بهذا القدر من الشك تجاه تحركات أمريكا. 

وأوضح أن الفجوة التي نشأت بين تل أبيب وواشنطن امتدت من قاعدة الشعيرات الجوية في دمشق إلى طهران، وعمقها يصل إلى حد درعا (سوريا) حتى حماة(وسط سوريا)، هذه الوضعية الهشة تؤدي إلى اتخاذ قرارات من قبل الصهاينة التي ستزيد من إرباك ترامب، ويمكن النظر إلى زيارة نتنياهو إلى أمريكا من هذا المنظور.

الدبلوماسية المسلحة

ذكر الموقع أنه في نفس الوقت الذي تتشكل فيه القيود على الفضاء في أمريكا، تم تفعيل نسخة جديدة من الدبلوماسية في إيران التي تختلف تماما عن سابقاتها ولديها طابع خاص ينبعث منها طاقة قوية، نموذج من هذا الشكل من السياسة الخارجية عرضها رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة في باسارغاد(إيران)، الذي يروي قصة “الدبلوماسية المسلحة”.

وتابع أن في هذا الشكل الجديد، حتى على طاولة المفاوضات، يد إيران على الزناد، ولكن نوع السلاح المرافق للمفاوضات يعتمد على نوع التهديدات التي تشكلت في جزيرة دييغو غارسيا (قاعدة عسكرية أمريكية تقع في المحيط الهندي)، الآن، يمكننا فهم لماذا يكتب المبعوث الأمريكي في شؤون المنطقة تغريدة ثم يحذفها!