السفير الإيراني السابق لدى أذربيجان: توسيع العلاقات بين إيران وأذربيجان ضرورة مُلحة

أجرت صحيفة ” آرمان ملي” الإيرانية الإصلاحية، السبت 26 أبريل/ نيسان 2025، حوارا مع محسن باك ‌آيين، السفير الإيراني السابق لدى جمهورية أذربيجان، ناقشت فيه معه أهمية زيارة الرئيس الإيراني إلى أذربيجان لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات الطاقة والاقتصاد، وكذلك التحديات السياسية والمداخلات الخارجية التي قد تؤثر على العلاقات بين البلدين. 

ذكرت الصحيفة أن عشية زيارة مسعود بزشكيان، الرئيس الإيراني، إلى جمهورية أذربيجان، تحدث محللون عن احتمال حدوث انفراج في العلاقات الثنائية التي شهدت خلال السنوات الأخيرة تحديات جدية بسبب سوء الفهم السياسي، وتدخلات اللاعبين من خارج المنطقة، والتغيرات الجيوسياسية في منطقة جنوب القوقاز.

وتابعت أن العلاقات بين طهران وباكو، التي تستند إلى روابط تاريخية ودينية وجغرافية، تعرضت مرارا للتأثر بسبب قضايا ثانوية متبادلة، رغم الإمكانات الواسعة للتعاون بين الطرفين، ورأى خبراء أن إيران ليست خصما ولا منافسا لأذربيجان، معتبرين أن الجوار الجغرافي، المصالح المشتركة، والتهديدات المتشابهة تفرض حتمية استمرار الحوار والتعاون الاستراتيجي بين البلدين. 

وأضافت أنه بناء عليه، ينبغي لإيران أن تستفيد من فرصة تغيير الحكومة في طهران ورغبة باكو في تحسين العلاقات، لتهيئة أرضية تقلل من نفوذ القوى الثالثة المدمرة في علاقات البلدين.

وأوضحت أن طهران وباكو تستطيعان عبر حوارات سياسية منتظمة، تعزيز التعاون الاقتصادي، وتفعيل الدبلوماسية الثقافية، أن تحققا موقعا أكثر استقرارا وبناء في منطقة القوقاز، وزيارة بزشكيان إلى باكو، إذا ما رافقها عزم حقيقي على تبني دبلوماسية نشطة، وهو ما يتوافر حاليا، يمكن أن تكون الخطوة الأولى نحو إعادة بناء العلاقات الاستراتيجية بين إيران وجمهورية أذربيجان.

وأردفت أن السنوات الأخيرة شهدت جهودا متبادلة لزيادة التعاون بين الطرفين، ويبدو أن زيارة بزشكيان إلى أذربيجان ستؤدي إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي والثقافي بين الجانبين، وإذا تمكن الطرفان من توسيع علاقاتهما على أساس حسن الجوار، فلا شك أن العلاقات الاقتصادية بينهما ستشهد تطورا ملحوظا.

نص الحوار:

في ضوء زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لأذربيجان، كيف تقيّم العلاقات بين البلدين وتطورها؟

أهمية هذه الزيارة في زوايا متعددة، تعكس الإرادة العميقة للجمهورية الإيرانية لتعزيز علاقاتها مع دول الجوار في مختلف المجالات، لا سيما في القطاع الاقتصادي، وأرى أن التفاعلات التجارية والثقافية وحتى الأمنية شكّلت في السابق نقاطا بارزة في العلاقات بين إيران وأذربيجان، وشهدت السنوات الأخيرة تركيزا متزايدا على الإمكانات الاقتصادية للبلدين، خصوصا في مجالي الطاقة والنقل.

وهذه الزيارة تكتسب أهمية من عدة جوانب، حيث أن الخلافات التي نشبت إثر الهجوم الذي نفذه أحد الأفراد بدوافع شخصية على سفارة أذربيجان في طهران، قد تمت معالجتها بذكاء وإرادة مشتركة لتعزيز العلاقات، مما أدى إلى استئناف نشاط السفارة مجددا واستمرار الزيارات المتبادلة للمسؤولين رفيعي المستوى.

والأسابيع الأخيرة شهدت انعقاد اللجنة الاقتصادية المشتركة بين إيران وأذربيجان بمشاركة فرزانه صادق، وزيرة الطرق والتنمية العمرانية ورئيسة الجانب الإيراني في اللجنة، حيث جرى توقيع اتفاقيات مهمة بين الجانبين، والتي ستتم متابعة تنفيذها خلال زيارة بزشكيان، وهذه التطورات تؤكد أن علاقات البلدين تتجه نحو بناء شراكات طويلة الأمد.

وتأتي زيارة بزشكيان في وقت تشهد فيه العلاقات الثنائية حالة من التقدم، خصوصا في مجالات الطاقة والنقل والتقنيات الحديثة، وهذه الزيارة تشكل نقطة تحول مهمة في العلاقات بين إيران وأذربيجان، وتوفر فرصة ثمينة لتوسيع مجالات التعاون والتقارب بين البلدين في القضايا الاقتصادية والثقافية والعلمية.

ما أهمية زيارة بزشكيان لأذربيجان في ظل التفاهم والصلح الذي تم بين أذربيجان وأرمينيا مؤخرا؟

كما أشرت، فقد شهدت الأوضاع الإقليمية، خاصة بين أذربيجان وأرمينيا، تحسنا ملحوظا في الآونة الأخيرة، وهاتان الدولتان الجارتان لإيران تسيران على طريق التوصل إلى اتفاق سلام دائم من خلال الاعتراف المتبادل بالحدود الإقليمية لكل منهما. 

كما أن تحرير منطقة قره باغ، التي كانت من أبرز النزاعات في المنطقة، يعد خطوة كبيرة نحو تحقيق السلام والاستقرار في منطقة جنوب القوقاز، ومنطقة القوقاز، التي شهدت في السنوات الماضية توترات وصراعات متعددة، تتحرك الآن نحو تحولات إيجابية، ما يعِد بتحقيق الأمن في المنطقة. 

وبطبيعة الحال، سيرافق هذا الأمن تعزيزا للتعاون الاقتصادي، حيث تذهب الاستثمارات إلى المناطق التي تتمتع بالأمن، لذلك، لعبت الجمهورية الإيرانية دورا مهما في دعم الأمن والاستقرار في المنطقة من خلال مواقفها الحاسمة، حيث يتوجه بزشكيان الآن إلى أذربيجان في هذه المرحلة. 

وتكتسب هذه الزيارة أهمية كبيرة من هذا المنظور، فهي يمكن أن تعزز العلاقات الثنائية بين إيران وأذربيجان من جهة، وتفتح المجال أمام دول أخرى في المنطقة لتطوير علاقاتها في إطار أكثر بناء استنادا إلى المصالح المشتركة، وقد وفرت التطورات الأخيرة في منطقة جنوب القوقاز، لا سيما تقليل التوترات والتفاهمات بين أذربيجان وأرمينيا، الفرصة لإيران، كلاعب رئيسي في المنطقة، للدخول في مرحلة جديدة من الدبلوماسية النشطة.

أهمية تطوير العلاقات بين أذربيجان وإيران بالنسبة لأذربيجان وسيادتها؟

تطوير العلاقات مع إيران يمثل أهمية كبيرة بالنسبة لأذربيجان، خاصة من الناحية الاقتصادية، فقد تعتبر إيران لأذربيجان جسرا مهما يربط بين القوقاز وأوروبا وآسيا، وفي السنوات الأخيرة، وبخاصة بعد حرب قره باغ، باتت أذربيجان بحاجة ماسة لتطوير بنيتها التحتية الاقتصادية ووسائل النقل، ويمكن لإيران أن تكون شريكا استراتيجيا مهما في هذا المجال. 

كما توفر إيران لأذربيجان منفذا إلى مياه الخليج العربي وبحر عمان، ومن حسن الحظ أن الربط بين ميناء كاسبين وميناء أنزلي (إيران) عبر مسار سككي إلى ميناء عباس (إيران) قد أتاح فرصة كبيرة لدول حوض بحر قزوين، بما في ذلك أذربيجان، للاستفادة من هذه الفرصة النقلية. 

وإن استكمال خط السكك الحديدية بين أنزلي وأستارا، الذي يمثل الحلقة المفقودة في ممر النقل الشمالي-الجنوبي، بالتعاون بين البلدين وروسيا، التي تُظهر رغبتها في الاستثمار في هذا المسار، يمكن أن يزيد من دور البلدين في تطوير وسائل النقل. 

كما أن أذربيجان تعد الطريق الذي يتيح لإيران الوصول إلى البحر الأسود، وكذلك وسيلة الوصول إلى روسيا عبر داغستان، وتعتبر هذه القضايا في غاية الأهمية بالنسبة لتطوير وسائل النقل، ويمكن أن تساهم بشكل كبير في تعزيز التبادل التجاري والاقتصادي بين الدولتين. 

وبالتالي، فإن هذه الشراكة وتوسيع العلاقات بين إيران وأذربيجان يمثلان أهمية حيوية لكلا البلدين، ويبدو أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بينهما ستشهد قفزات كبيرة في المستقبل القريب.

أهمية التعاون بين إيران وأذربيجان في مجال الطاقة؟

تتمتع إيران وأذربيجان، بفضل حدودهما المشتركة في بحر قزوين، بإمكانات واسعة للتعاون في مجال الطاقة، ويمكن للبلدين استثمار الموارد المشتركة في بحر قزوين بشكل مشترك، فعلى سبيل المثال، في مجال تطوير الحقول النفطية والغازية المشتركة، يمكن لكلا البلدين الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة والاستثمارات المشتركة. 

إضافة إلى ذلك، يمكن لإيران وأذربيجان التعاون في مجالات الابتكار في صناعة الطاقة، لا سيما في مجالات الطاقة المتجددة، ومن شأن هذا التعاون أن يسهم في تحقيق الأهداف الطويلة الأمد لكل من البلدين لتحسين كفاءة الطاقة، مما يساعد في تعزيز العلاقات بينهما، كما أن التعاون في المجالات العلمية والتكنولوجية المتقدمة يمكن أن يخلق فرصا جديدة لتوسيع العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.

هل هناك عوائق أمام تطوير العلاقات بين إيران وأذربيجان خارج إطار الأعراف الدولية؟

بشكل عام، تتمثل العوائق أمام تطوير العلاقات بين إيران وأذربيجان بشكل رئيسي في الجوانب السياسية، تليها التدخلات الخارجية، لا سيما من قبل النظام الصهيوني وبعض الدول التي تسعى لتحقيق مصالح خاصة في المنطقة، والتي قد تؤدي إلى تعطيل تطور العلاقات بين البلدين. 

وقد يسعى اللاعبون الخارجيون إلى إحداث خلل في علاقات إيران وأذربيجان ومنع التقارب بينهما، ومع ذلك، فإن إيران وأذربيجان يدركان جيدا أن هذه التدخلات لن تفيد مصالحهما الوطنية، لذلك، يجب على البلدين أن يكونا حذرين ويتصرفا بحذر لضمان عدم تأثير التدخلات الخارجية سلبا على مسار التعاون بينهما.

هل يمكن أن تحقق زيارة رئيس الجمهورية لأذربيجان نجاحات في ظل وجود “عدو” مشترك؟

في ظل الظروف الحالية، تعد هذه الزيارة بالتأكيد فرصة يمكن أن تسهم في تعزيز العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية، وتكمن أهمية زيارة الرئيس لأذربيجان في أنه يمكن للبلدين الاستفادة من إمكاناتهما السياسية والاقتصادية والثقافية لتطوير العلاقات الثنائية بما يخدم مصالحهما المشتركة. 

وفي الوقت الذي أصبح فيه البلدان يدركان أهمية استراتيجيتهما المتبادلة، يمكن أن تسهم هذه الزيارة في تقوية التعاون وتقليل التدخلات الخارجية في المنطقة، لذلك، يبدو أن هذه الزيارة يمكن أن تحقق نجاحات كبيرة لإيران وأذربيجان، وتكون خطوة هامة نحو تحقيق المصالح المشتركة بين البلدين.