العمل في منطقة الأزمات

كتبت: آية السيد

تسعى الحكومة الإيرانية جاهدة لتوفير فرص عمل لشباب واتخذت عبارة (توفير مليون وظيفة سنوياً) شعاراً لها، ولكن وعلى الرغم من كل هذه الجهود والوظائف لا يوجد تحسن في الوضع الاقتصادي.

وفقاً لتقرير نشرته وكالة أنباء هم مهين، 29 أغسطس/آب 2024، تم الإعلان عن أن معدل البطالة في آخر فصل من وجود الحكومة الثالثة عشرة بلغ نحو 8%، وهو معدل وصف بأنه رقم تاريخي. لكن الحقائق المخفية وراء هذا الرقم تشير إلى أنه لا ينبغي الاطمئنان لهذا الرقم ولا اعتباره دليلاً على تحسن الوضع الاقتصادي والمعيشي. فهناك وظائف تسمى وظائف لكنها ليست كذلك؛ لأنها لا تساهم في الإنتاج والتنمية.

تكررت عبارة “إيجاد مليون وظيفة سنوياً” عدة مرات خلال السنوات الثلاث الماضية، وتفاخرت الحكومة السابقة بها كإنجاز، ولكن لماذا على الرغم من إنشاء مليون وظيفة سنوياً لم يتغير الوضع الاقتصادي ولم تتحسن أوضاع المعيشة؟

تشير الدراسات إلى أن الوظائف التي تم إنشاؤها غالباً ما تكون غير منتجة، حيث أوضح حسن طائي الأستاذ في جامعة علامة طبطبائي، أن فرص العمل المنتجة نادرة في البلاد، حيث إنها تنشأ من خلال تعزيز قدرات الوحدات الصغيرة والمتوسطة، وتدريبات للتوظيف، وإزالة معوقات البطالة الهيكلية. ومع ذلك، الإحصائيات الحالية تركز فقط على عدد العاملين والعاطلين دون النظر إلى جودة الوظائف.

وظائف غير تخصصية

فرشاد مومني، أستاذ الاقتصاد في كلية علامه طبطبائي، أشار في ملف أرسله إلى صحيفة (هم مهين)، إلى التقارير الرسمية لمركز الإحصاء الإيراني، معرباً عن أسفه تجاه هذه التقارير، حيث تشير الإحصاءات إلى مشكلة خطيرة في هيكل التوظيف، حيث إن أكثر من 70% من الأفراد لا يعملون في تخصصهم الدراسي . بل في بعض المهن تصل نسبة هذا التناقض بين المجالين الدراسي والوظيفي إلى أكثر من 90%، مما يؤدي إلى خلق مافيات تضر بعملية الإنتاج.

  معدل البطالة الخفي ضعف معدل البطالة المعلن

وأضاف: “في جميع الإحصائيات التي أجريناها كان معدل البطالة الخفي يزيد عن ضعف معدل البطالة المعلن رسمياً، وهذا يعني أن النظرة إلى الوظائف أصبحت تعتمد على المحسوبية والواسطة، حيث يسعى بعض المسؤولين إلى إخفاء الإحصاءات الرسمية لتقديم صورة إيجابية عن وضع التوظيف في البلاد”.

كما أشار فرشاد مومني إلى فرض القوى العاملة من قبل المسؤولين، وسرد هذه القصة: “في عام 2004، قمنا بزيارة أحد المجمعات الصناعية الكبيرة في البلاد مع بعض الزملاء، وهناك قيل لنا إن لدينا 3500 موظف، ولكن 2000 منهم زائدون، وهذا يعني أن كل شخص صاحب نفوذ قد فرض شخصاً على المصنع بدون داعٍ”.

وأضاف مؤمني: “يمكن رؤية وضع أسوأ من هذا في مؤسسة رئاسة الجمهورية، حيث سمعت من مسؤولين كبار في الدولة أن حجم القوى العاملة في مؤسسة رئاسة الجمهورية يزيد بأكثر من 10 أضعاف على الحاجة الفعلية”.

 الاتساع الحكومي

وفقاً للإحصاءات السنوية الإدارية والتنظيمية، فإن الحكومة تضم نحو 23 مليون موظف حكومي، ويتطلب دفع رواتبهم نحو 500 ألف مليار تومان، وهذا هو “الإنجاز” الناتج عن سنوات من برامج تقليص حجم الحكومة. فقد زاد عدد الموظفين العاملين في الأجهزة الحكومية من عام 1979 إلى عام 1993 بنسبة 109%، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو السياسات العامة المتعلقة بتثبيت عدد كبير من موظفي الحكومة وتحويل بعض المؤسسات التعليمية وبعض المستشفيات الخاصة إلى مؤسسات حكومية، إضافة إلى زيادة الهجرة إلى المدن وتقليل مستوى التوظيف في القطاع العام بسبب الحرب.

في العام الماضي، تم تخصيص نحو 400 ألف مليار تومان لدفع رواتب موظفي الحكومة، وقد أفاد تقرير مركز البحوث في مجلس الشورى بأن هناك احتمالاً أن يكون نمو تكلفة تعويضات الموظفين لهذا العام أعلى من نمو تكاليف الحكومة العامة، حيث قد تصل إلى 500 ألف مليار تومان.

القصور الكبير في الإحصاءات

النفقات المتعلقة بالعاملين في خدمة التعويضات ـ مبالغ تصل إلى مليار تومان.

السنة نفقات العاملين في خدمة التعويضات النسبة
2019 97546 / 2,23 دولار 32%
2020 2,83/118670 دولار 22%
2021 203509/ 4,85 دولار 71%
2022 299939/ 7,14 دولار 35%
2023 406103/ 9,67 دولار  
2024 ….  

عدد المناصب التنظيمية في الأجهزة التنفيذية حسب نوع المنصب (2022).

المناصب التعداد
إدراج 62392
إشرافي 233970
التخصصي 935881
غير التخصصي 327558
الإجمالي 1559801

في ظل هذه الأزمات، نحن بحاجة إلى وظائف منتجة وذات جودة، لكن وفقاً لدراسة أجراها حسن طائي الأستاذ في جامعة علامه طبطبائي، لم يتم تخصيص أي أموال للتوظيف من عائدات الخصخصة في إيران خلال الأعوام الـ35 الماضية.

النمو السلبي في التوظيف الصناعي

فرشاد مومني أشار إلى أنه رغم ضخ 620 مليار دولار في الاقتصاد الإيراني بين عامي 2006 و2011، فإن القطاع الصناعي قد شهد تراجعاً في فرص العمل بلغ 415 ألف وظيفة. كما بيّن أن النفقات الكبيرة التي تجاوزت 5000 مليار دولار منذ عام 1959 لم توفر فرص عمل كافية، حيث لم تتجاوز الزيادة السنوية 300 ألف وظيفة بين عامي 2004 و2015. كما أوضح أن إهدار 1000 مليار دولار على مدى 30 عاماً أسهم في تدهور الحافز لدى الشباب ودفعهم إلى الهجرة، مع العلم أن أغلب الفقراء في إيران من العاملين وليس العاطلين عن العمل، مما يدل على أن الوظائف المتاحة لا تكفي لتوفير حياة كريمة.

خلق فرص للعمل أثناء الأزمات

إحصائيات العاملين بالجهاز الإدراجي للدولة حسب السلطات التنفيذية لعام (2022)

مؤسسات خاضعة لإشراف الرئيس 31919
وزارة الاتصالات والتكنولوجيا 18040
وزارة الشئون الاقتصادية والمالية 128634
وزارة الخارجية 3362
وزارة التربية والتعليم 931523
وزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي 481244
وزارة التعاون والعمل والرعاية الاجتماعية 101910
وزارة الجهاد 79362
الزراعة ووزارة العدل 3309
وزارة الطرق والتنمية الحضرية 55887
وزارة الصناعة والتعدين و التجارة 22329
وزارة العلوم والبحوث والتكنولوجيا 76284
وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي 17604
وزارة الداخلية 27534
التراث الثقافي والسياحة والحرف اليدوية 7655
وزارة النفط 94173
وزارة الطاقة 37294
وزارة الشباب والرياضة 6859
وزارة القضاء 89165
القوة التشريعية 4213
المؤسسات الخاضعة لإشراف المرشد الأعلى 14590
مؤسسات خارج السلطة 22967
الإجمالي 2246397

وفقاً لإحصاءات يوليو/تموز 2024، فقد بلغ عدد العاملين في إيران 24.7 مليون، بزيادة 440 ألف عن العام السابق، مع استحواذ قطاع الخدمات على 52.4% من التوظيف.  أشار حسن طائي، الأستاذ في جامعة علامة طبطبائي، إلى أن تحقيق نمو بنسبة 4% كان يمكن أن يرفع الناتج المحلي الإجمالي إلى 2300 مليار دولار ويخلق 18 مليون وظيفة، لكن تم خلق 3 ملايين وظيفة فقط منذ عام2004. وذكر طائي أن تحسين الأجور يحتاج إلى تنسيق دقيق للسياسات الاقتصادية، موضحاً أن الأجور الحالية لا تكفي لتحسين الظروف المعيشية؛ نظراً إلى تقلص الفارق بين الأسر العاملة وغير العاملة.